رئيس التحرير: طلعت علوي

الديون المتعاظمة .. وآثارها المخيفة

الإثنين | 23/07/2018 - 11:37 صباحاً
الديون المتعاظمة .. وآثارها المخيفة

كلمة الاقتصادية
تخشى المؤسسات الاقتصادية العالمية من تبعات الديون المتصاعدة على الساحة الدولية عموما، وفي البلدان الناشئة خصوصا. وهذه الديون، تسهم - كما هو معروف - في تقويض النمو العالمي، الذي يمضي بشكل مستقر، لكن ليس بالمستوى المطلوب، خصوصا مع وجود ضغوط كبيرة من جانب ارتفاع الفائدة الأمريكية وقوة الدولار الأمريكي. يضاف إلى ذلك، أن العالم لا يزال يعيش مخاوف الأزمة الاقتصادية العالمية، التي انفجرت عام 2008. فعلى الرغم من أنه تجاوزها، غير أنه لا تزال هناك آثار لها، وإن كانت بسيطة. هذه الأزمة انفجرت أساسا نتيجة تزايد خيالي للديون العامة والخاصة، ما أدى إلى فقدان الحكومات السيطرة على الوضع، بما فيها حكومات الدول المتقدمة. حجم الديون حاليا بلغ أكثر من 25 تريليون دولار، وهو يواصل الارتفاع، ففي الربع الأول من العام الجاري ارتفع ثمانية مليارات دولار.

والديون العالمية نمت قياسا إلى الناتج المحلي الإجمالي لتصل إلى 318 في المائة! اللافت أنها ارتفعت لأول مرة منذ عام 2016، ما يعني مزيدا من الضغوط على الاقتصادات العالمية. وتبقى البلدان الناشئة في دائرة الخطر في هذا المجال، الأمر الذي يدفع إلى القيام بخطوات عملية، إما للتوقف عن الاستدانة، أو للسيطرة على الديون بما يتفق مع المعايير العالمية المعمول بها. فالديون المرتفعة أصابت حتى البلدان المتقدمة الغنية باضطرابات اقتصادية كبيرة، دفعت الحكومات الرأسمالية إلى تأمين مؤسسات وشركات كان من الصعب عليها أن تدعها تغرق وتنهار. لهذه الأسباب وغيرها، يتفق الخبراء المستقلون على أن العالم يزرع بذور أزمة مالية مقبلة إذا لم يتخذ الإجراءات الكفيلة بالسيطرة على هذه الديون.

فعلى صعيد الاقتصادات الناشئة، يكمن الخطر في أن الديون الهائلة ترتفع، بينما لا تزال هناك بلدان تمضي في مجال "صناعة" اقتصادات مستدامة. وهذا النوع من الاقتصادات يخفف - كما هو معروف - أعباء الديون بصرف النظر عن أسباب وجودها أصلا. ولذلك، ينبغي الحذر الشديد. بالطبع، تعد مشكلات ديون البلدان المتقدمة كبيرة، لكنها تتميز بأنها مسنودة إلى اقتصادات مستدامة متنوعة المصادر، إضافة إلى عملات وطنية مستقرة، ومن هنا تأتي المخاوف بالنسبة لديون الاقتصادات الناشئة. وفي كل الأحوال، لا تزال هناك فرص لتصحيح الأوضاع. صحيح أن ديون البلدان الناشئة أقل من ديون الدول المتقدمة، وهذا يعني عند بعضهم أن المشكلة الأكبر تكمن عند النوع الثاني من البلدان، لكن الصحيح أيضا أن وضعية الاقتصادات لدى الطرفين مختلفة؛ بمعنى أن الاقتصادات المستدامة الكلية يمكنها أن توفر أرضية مطمئنة بعض الشيء في حالة وجود ديون مرتفعة بشكل غير طبيعي، والأمر ليس كذلك بالنسبة لتلك الاقتصادات الماضية قدما للوصول إلى المستوى المستهدف، وهو الاستدامة. وفي كل الأحوال، لا توجد ديون جيدة إذا كانت الأوضاع الاقتصادية صعبة. كما أنه ليست هناك ديون سيئة إذا ما كان الاقتصاد المعني بها قويا مزدهرا، ويحقق نسبة نمو مقبولة محليا وعالميا. فالديون في كل الحالات لا بد من السيطرة عليها، خصوصا عندما تصل في بعض البلدان إلى أكثر من حجم الناتج المحلي الإجمالي نفسه. المشكلة الأكبر هنا، تكمن في أن تعافي الاقتصاد العالمي بدأ يتأثر بحجم الديون المتصاعدة، وهو ما لا يتحمله هذا الاقتصاد في هذا الوقت بالذات.

©جريدة اعرب الاقتصادية الدولية

التعليـــقات