رئيس التحرير: طلعت علوي

أضواء على الصحافة الإسرائيلية 13-14 نيسان 2018

السبت | 14/04/2018 - 10:46 صباحاً
أضواء على الصحافة الإسرائيلية 13-14 نيسان 2018

 

هجوم أمريكي- فرنسي- بريطاني على سوريا وتفجيرات في دمشق وحلب وحمص
يكتب موقع "هآرتس" أن الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، قصفت فجر اليوم (السبت) قواعد عسكرية ومعاهد أبحاث ومستودعات أسلحة كيميائية في سورية. وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ورئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي عن العملية المشتركة. وقال وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، إن روسيا لم تتلق بلاغا مسبقا حول الهجوم. وتم تنفيذ هذا الهجوم ردا على الهجوم الكيماوي الذي نفذه نظام الأسد في دوما، والذي أسفر حسب التقارير عن مقتل 70 مواطنا.
وقال ترامب إن الولايات المتحدة نفذت هجوما دقيقا، ضد أهداف في سوريا، ترتبط بقدرة نظام الأسد على استخدام أسلحة كيماوية. وقال مصدر في الإدارة إنه تم إطلاق صواريخ كروز من طراز توماهوك، كما في الهجوم الأمريكي السابق، قبل سنة. وقال السفير الروسي في واشنطن، اناتولي انطونوف، إن "روسيا تتعرض مرة أخرى للتهديد. لقد حذرنا من أنه ستكون عواقب لهذه العمليات".
وتم التبليغ عن سماع دوي انفجارات قوية في دمشق وحلب وحمص. وتم الهجوم على مركزين للأبحاث الكيميائية في دمشق - جمرايا وبرازة. وفي الماضي، نسب إلى إسرائيل مهاجمة هذين المعهدين. كما تم الهجوم على مطارين عسكريين في دمشق وقاعدتين تستخدمهما القوات الإيرانية وقوات حزب الله. وأطلقت بريطانيا صواريخ على منشأة عسكرية قرب حمص، يشتبه في استخدامها لتخزين الأسلحة الكيميائية. وطبقاً للتقارير، فقد تم أيضاً الهجوم على قاعدة للجيش السوري في منطقة القلمون على الحدود اللبنانية، والتي استخدمها حزب الله وفقاً لمصادر المعارضة. وأفاد التلفزيون الرسمي السوري أن أنظمة الدفاع الجوي اعترضت 13 صاروخاً في منطقة الكسوة.
وحمل ترامب المسؤولية عما يحدث في سوريا لروسيا، وقال: "الهجوم الكيماوي الذي نفذه الأسد، وردنا اليوم، هما نتاج مباشر لفشل روسيا في تنفيذ وعدها بتفكيك الأسد من السلاح الكيماوي. يجب على روسيا أن تقرر ما إذا كانت تريد مواصلة المسار الحالي". ودعا ترامب الرئيس الروسي بوتين، إلى إعادة التفكير بدعمه للأسد.
وقالت ماي إن "طابع السلوك هذا يجب أن يتوقف، ليس فقط من أجل حماية الأبرياء في سوريا من الموت الرهيب والإصابة بالسلاح الكيماوي، وإنما، أيضا، لأننا لن نسمح بالمس بالمعايير الدولية التي تمنع استخدام هذا السلاح".
وقال وزير الدفاع الأمريكي ماتيس، إن الهدف من العملية هو "منع نظام الأسد من استخدام الأسلحة الكيميائية مرة أخرى". وأضاف أن هذه الهجمات كانت هدفها هذا الغرض فقط. وقال: "نظام الأسد لم يفهم الرسالة في العام الماضي."
إيران تهدد بالرد على القصف الإسرائيلي لسوريا: سيتم شطب تل أبيب وحيفا من الوجود"
تكتب "يسرائيل هيوم" أن علي شيرازي، المسؤول الإيراني الكبير، المقرب من الزعيم الروحي، علي خامنئي، حذر إسرائيل، أمس، بأن "إيران تملك القدرة على إبادة إسرائيل، واذا أعطتنا المبرر، فسيتم شطب تل أبيب وحيفا حتى الأساس".
وتطرق شيرازي، المسؤول عن التنسيق بين مكتب الزعيم وبين الحرس الثوري، بشكل غير مباشر إلى الهجوم الذي نسب إلى إسرائيل (حسب مصادر أجنبية)، في الأسبوع الماضي، على أهداف إيرانية في قاعدة T-4 في سوريا، وقال إن "إيران ليست سوريا، وإذا أرادت إسرائيل البقاء في الوجود لبضعة أيام أخرى، فان عليها أن تكف عن ألاعيبها الصبيانية".
ومن المحتمل أن يكون هذا التهديد قد جاء ردا على تصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في مراسم ذكرى المحرقة في "يد فاشيم"، حيث قال: "لدي رسالة لحكام إيران – لا تختبروا تصميم دولة إسرائيل".
وقال مصدر سياسي رفيع المستوى ردا على هذه الأقوال إن "ما يضعضع الاستقرار في سوريا هو العدوان الإيراني ومحاولتها تثبيت وجودها العسكري في سوريا كي تهدد إسرائيل ودول أخرى".
إلى جانب ذلك، هدد رئيس مجلس الأمن القومي الإيراني، علي ولاياتي، الذي وصل في زيارة رسمية إلى سوريا، القدس وقال في مؤتمر صحفي في دمشق، متناولا الهجوم المزعوم إن "جرائم الصهيونية لن تبقى بلا رد مناسب".
وصرح الرئيس السوري بشار الأسد، في ختام اجتماعه بولاياتي، أنه "كلما واصل الجيش السوري تحقيق الانتصارات على المتمردين ستتعاظم محاولات الغرب لهز استقرار النظام في سوريا".
وفي هذه الأثناء أفادت وسائل الإعلام العربية بان السكان في دمشق بدأوا يستعدون لهجوم أمريكي محتمل في الأيام القادمة. وجاء في التقارير انه شوهدت طوابير طويلة في مخابز العاصمة السورية وان السكان يخزنون المؤن استعدادا للطوارئ، كالأدوية، المياه، الغذاء المعلب، الكبريت، الفوانيس والبطاريات.

استشهاد فلسطيني وإصابة قرابة ألف خلال مظاهرات الأسبوع الثالث من مسيرة العودة في غزة
يكتب موقع "هآرتس" الإلكتروني أن أكثر من عشرة آلاف فلسطيني شاركوا، الجمعة، في تظاهرات الاحتجاج قرب السياج الحدودي في غزة، والتي تجري للأسبوع الثالث على التوالي. وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة عن استشهاد شخص واحد وإصابة 969 آخرين، بينهم 233 جريحا أصيبوا بالرصاص الحي. ووفقا للجنة المنظمة للمسيرات فقد وصل 30 ألف مواطن إلى الحدود مع إسرائيل. وقال الجيش الإسرائيلي إنه استخدم النيران ووسائل تفريق المظاهرات.
وقالت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة إن حالة 15 جريحا بالغة الخطورة، و58 متوسطة. وأضافت أن بين المصابين 14 جريحا من أفراد الطواقم الطبية وصحفيان، أحدهما أصيب بجراح خطيرة في صدره.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أن الفلسطينيين حاولوا عدة مرات مهاجمة السياج الحدودي وعبوره، وقاموا برشق عبوة ناسفة وزجاجة مولوتوف وتفجير عبوة في منطقة معبر كارني. كما حولوا إرسال طائرة ورقية موصولة بزجاجة مولوتوف باتجاه إسرائيل، لكنها سقطت في قطاع غزة ولم تسبب إصابات.
وأشار وزير الأمن أفيغدور ليبرمان على حسابه على تويتر إلى العدد القليل نسبيا من المتظاهرين. وكتب قائلا "من أسبوع لآخر يقل عدد مثيري الشغب على حدودنا مع غزة. تصميمنا مفهوم جيدا في الجانب الآخر. أشكر جنود الجيش وقادته على عملهم المهني والأخلاقي في حراسة الحدود. شكراً لكم، يمكن لمواطني إسرائيل مواصلة حياتهم الروتينية، ويمكن لأقلية صغيرة ومنافقة أن تحتج ضدكم. سبت سلام!"
يشار إلى أنه تم قتل 34 فلسطينيا منذ بداية الأحداث في غزة قبل ثلاثة أسابيع، وتحتجز إسرائيل جثتين. وأصيب أكثر من ألف متظاهر بنيران الجيش الإسرائيلي.
أوغندا تدرس استقبل 500 طالب لجوء من إسرائيل
نشرت صحيفة "هآرتس" على موقعها الإلكتروني، أن أوغندا تدرس قبول حوالي 500 طالب لجوء من أصل إريتري وسوداني من إسرائيل، حسب ما قاله وزير الأوضاع الطارئة واللاجئين في أوغندا موسى أشفارو، صباح الجمعة. وقال الوزير في محادثة مع "هآرتس" إن بلاده ستستقبل فقط اللاجئين الراغبين في الوصول إلى أوغندا، ولن تستوعب أي شخص سيتم نقله إليها بالقوة.
وبحسب أشفارو، فقد قدمت إسرائيل طلبًا، الشهر الماضي، للسماح لنحو 500 لاجئ إريتري وسوداني بالانتقال إلى أوغندا. وردا على سؤال حول ما إذا كانت حكومته مستعدة لقبول طالبي اللجوء الذين سيأتون بالقوة، أجاب: "لا يمكننا قبول اللاجئين بالقوة، وإنما فقط الأشخاص الذين يريدون الوصول. لا أعتقد أن إسرائيل تفعل مثل هذا الشيء". وشدد على أن الاتصالات تجري بين الحكومات، وأنه لا يعرف عن مبعوث خاص.
ونفت أوغندا مراراً وتكراراً في الأسابيع الأخيرة أنها تجري اتصالات مع إسرائيل لاستيعاب طالبي اللجوء. وفي الأسبوع الماضي، وردا على استفسار "هآرتس"، قالت المتحدثة باسم الرئيس إن "أوغندا ليست مستعدة لقبول ملتمسي اللجوء من إسرائيل دون موافقتهم، وهو أمر أوضحه وزير خارجيتنا". وكان وزير الخارجية هنري أوكلو أوريام قد أعلن بأن بلاده لم توقع "اتفاقا أو تفاهمات مع إسرائيل، رسمية أو غير رسمية".
وعلى الرغم من نفي أوغندا الشديد لاستعدادها لاستيعاب طالبي اللجوء من إسرائيل، فقد أصرت إسرائيل على الادعاء أمام المحكمة العليا، هذا الأسبوع، أنها على اتصال دائم مع السلطات هناك، وكتبت في ردها على التماس إلى المحكمة أن "الدولة الثالثة الثانية ملتزمة باتفاق معها، وهو التزام تم التعبير عنه حتى في الآونة الأخيرة".
وحددت المحكمة العليا هذا الأسبوع، بأنه لا يوجد حاليا أي اتفاق يسمح بالترحيل القسري لطالبي اللجوء إلى أوغندا، حتى بعد أن قدمت الدولة وثائق سرية خلال الجلسة التي عقدت بحضور طرف واحد. وقرر قضاة المحكمة العليا بأنه لا يوجد أي مخطط يسمح بترحيل طالبي اللجوء إلى الهدف الذي تم تعريفه بـ "الدولة الثالثة الثانية".
وحدد القضاة أنه إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق مع أوغندا، حتى يوم الأحد القريب، يجب على الدولة إطلاق سراح طالبي اللجوء الذين رفضوا طردهم، وتم إرسالهم إلى معتقل سهرونيم. وحتى إذا تم التوصل إلى مثل هذا الاتفاق، فسيظل الأمر الذي يحظر ترحيل طالبي اللجوء ساريا خلال الأسبوعين المقبلين. ومع ذلك، أكد القضاة أنهم لم يعبروا عن "أي موقف يتعلق بصحة أو قانونية مثل هذا الاتفاق، إن وجد".
تسليم رئيس بلدية دبلن أمرا يقيد دخوله إلى إسرائيل
كتبت "هآرتس" على موقعها الإلكتروني، أن رئيس بلدية دبلن ميشال ماك دونشا، غادر إسرائيل، صباح الجمعة، بعد زيارته إلى الضفة الغربية، رغم قرار إسرائيل منعه من الدخول. ولدى وصوله إلى مطار بن غوريون لمغادرة إسرائيل، طولب ماك دونشا بالتوقيع على وثيقة أعدتها سلطة الإسكان والهجرة، يصرح فيها بأنه تم اطلاعه على أنه إذا كان يرغب بدخول إسرائيل في المستقبل، يجب عليه تقديم طلب مسبق، وانه يعرف بأنه إذا لم يفعل ذلك فقد يتم منعه من دخول البلاد.
وكان ماك دونشا قد دخل إلى إسرائيل، يوم الثلاثاء، في طريقه إلى رام الله، على الرغم من صدور أمر رسمي يمنعه من دخول البلاد بسبب دعمه لمقاطعة إسرائيل. وكانت وزارة الداخلية قد أعلنت أن دونشا تمكن من دخول البلاد بسبب خطأ في تهجئة اسمه على أمر المنع، فيما حمّلت وزارة الشؤون الاستراتيجية المسؤولية لوزارة الداخلية وقالت إنها حولت لها اسم دونشا بشكل صحيح، كما ورد على صفحته على الشبكة الإلكترونية.
وقد استدعت وزارة الخارجية، يوم الخميس، سفيرة إيرلندا في إسرائيل، أليسون كيلي، لجلسة توضيح عقب مشاركة دونشا في مؤتمر عقد في رام الله، وصدور قرارين عن بلديته هذا الأسبوع، يدعم أحدهما مبادئ حركة المقاطعة BDS. كما دعم رئيس البلدية دونشا طرد السفير الإسرائيلي من إيرلندا.
عريقات لسفراء أوروبا: "غرينبلات يعمل ناطقا لإسرائيل"
كتبت "هآرتس" أن أمين سر اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، بعث يوم الخميس، برسالة إلى كل الدبلوماسيين الأجانب في رام الله، هاجم فيها بشدة المبعوث الأمريكي الخاص بالعملية السلمية، جيسون غرينبلات. وطلب عريقات من الدبلوماسيين في رام الله الوقوف إلى جانب الفلسطينيين في المؤسسات الدولية، بما في ذلك المحكمة الدولية، ودعم التحقيق في "جرائم إسرائيل المتواصلة ضد الشعب الفلسطيني".
ويترأس عريقات دائرة المفاوضات في منظمة التحرير وسبق أن اجتمع عدة مرات بغرينبلات. وكتب عريقات في رسالته أنه في الأسابيع الأخيرة، وفي ظل المظاهرات على حدود غزة، تحول غرينبلات إلى ناطق باسم "السلطات الإسرائيلية" بحيث "يقتبس من صفحة الرسائل الإسرائيلية".
ويقتبس عريقات في الرسالة، ما نشره غرينبلات حول الأحداث في غزة، والتي حذر فيها المتظاهرين الفلسطينيين من الاقتراب من السياج - دون الإشارة إلى التزامات إسرائيل بالحفاظ على أنظمة إطلاق النار، كما فعل ممثلو الدول الأخرى والهيئات الدولية.
وكتب عريقات مرة أخرى أن الفلسطينيين لا يوافقون على أن تتوسط الولايات المتحدة بين إسرائيل والفلسطينيين، منذ أن اعترف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل. "من الواضح أن أولئك الذين لا يؤمنون بأن حياة الفلسطينيين والإسرائيليين ذات قيمة متساوية، لا يمكن لهم أن يدفعوا بأي شكل من الأشكال خطة تكون قريبة من سلام عادل ودائم بأي شكل من الأشكال. إدارة ترامب تواصل تبني مواقف إسرائيلية."
وأكد مسؤول فلسطيني كبير مطلع على التفاصيل، لصحيفة "هآرتس"، أن السلطة الفلسطينية تحاول الإشارة إلى السلك الدبلوماسي، خاصة الاتحاد الأوروبي، إلى أنه لا داعي لانتظار خطة سلام ترامب قبل اتخاذ موقف بشأن الخطوات التي يخطط لها الفلسطينيون على الساحة الدولية. وقال المسؤول "نحن نسمع مقولة دعونا ننتظر مبادرة ترامب، لكن أمام مثل هذه المواقف التي يقدمها غرينبلات، لا يوجد ما يمكن توقعه ".
مستوطنون يحرقون مسجد عقربة
كتبت "هآرتس" على موقعها الإلكتروني، أن مجهولين أقدموا، فجر الجمعة، على إحراق مدخل مسجد في قرية عقربة في منطقة نابلس. وقد اكتشف بعض السكان ذلك لدى وصولهم في ساعات الفجر إلى المسجد، وعثروا على شعارات كتبها المعتدون على جدران المسجد باللغة العبرية، من بينها "الموت" و"بطاقة الثمن".
وقد وصل زخاريا سادة، الباحث من جمعية "حاخامات لحقوق الإنسان"، إلى المكان واستدعى شرطة شاي. ويظهر شخصان في التوثيق الذي التقطته كاميرا الحراسة في المسجد، لدى قيامهما بإحراق مدخل المسجد. لكنهما كانا ملثمين.
يشار إلى أن قرية عقربة هي قرية صغيرة نسبيا، يعود تاريخها إلى مئات السنين، ويعمل سكانها بشكل خاص في الزراعة. وقال سكان من المنطقة إن هذا المسجد تعرض لاعتداء مماثل في السابق، وأن حقيقة عدم فرشه بالسجاد منعت حدوث كارثة أكبر. كما قالوا إنهم يقدرون بأن هذا الاعتداء جاء انتقاما للعملية التي نفذها ابن القرية عبد الرحمن فاضل، الذي قتل المستوطن عديئيل كولمان.
وقالت الحكومة الفلسطينية في رام الله: "تتحمل الحكومة الإسرائيلية كامل المسؤولية عن إحراق المسجد هذا الصباح في قرية عقربا. تحريض حكومة نتنياهو والكراهية التي تنشرها تغذي هذا الإرهاب وتؤدي إلى مثل هذه الجريمة".
ويستدل من بيانات وزارة الأمن الداخلي، التي نُشرت في العام الماضي في "هآرتس"، أنه منذ 2009 وحتى تموز 2017، تم في إسرائيل والضفة الغربية إحراق وتخريب 53 دار عبادة للمسيحيين والمسلمين. وفي الأشهر التسعة التي مرت منذ ذلك الحين، تم تخريب مواقع أخرى. لكنه تم تقديم 9 لوائح اتهام فقط على خلفية هذه الجرائم. ووفقاً لحركة "بطاقة النور"، فإن الحالتين الوحيدتين اللتين تم حلهما، منذ عام 2009، هما إحراق الكلية المسيحية بالقرب من كنيسة نيّاحة العذراء في القدس، وحرق كنيسة الطابغة في طبريا في عام 2015.
71 جنيدا أضيفوا إلى قائمة قتلى الجيش الإسرائيلي
تكتب "هآرتس" أنه يستدل من معطيات وزارة الأمن الإسرائيلية أن 71 جنديا أضيفوا إلى قائمة "شهداء الجيش الإسرائيلي" منذ يوم ذكرى قتلى الجيش في 2017 وحتى يوم أمس، عشية يوم الذكرى 2018. وأضيف إلى هذا الرقم 30 جنديا معاقا توفوا نتيجة إعاقاتهم وتم الاعتراف بهم "كشهداء في الجيش".
ووفقا للمعطيات الشاملة للوزارة، فقد قتل منذ عام 1860 وحتى اليوم، 23.645 شخصا في معارك إسرائيل. ويشمل هذا الرقم قتلى الجيش والشاباك والموساد والشرطة وسلطة السجون وقتلى العمل السري واللواء اليهودي.
ووفقا لمعطيات التأمين الوطني فقد قتل في السنة الأخيرة 12 مواطنا في العمليات المعادية، بينما يبلغ عدد الإسرائيليين الذين قتلوا في عمليات عدائية منذ قيام إسرائيل 3.134. ويشمل هذا الرقم 122 مواطنا أجنبيا قتلوا في عمليات وقعت في إسرائيل، و100 إسرائيلي قتلوا في عمليات وقعت في الخارج.
ووفقا للمعطيات فقد خلفت العمليات العدائية 3175 يتيما، بينهم 114 يتيما فقدوا الوالدين، و822 أرمل وأرملة، و926 والدين ثكالى.
تدريب لطائرات إسرائيلية يصيب سكان تل أبيب بالذعر
تكتب "يديعوت أحرونوت" أن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، اعتذر أمس (الخميس)، عن حالة الذعر التي سببتها طائرتان من طراز إف -15 لسكان تل أبيب، خلال قيامهما بمناورات مكثفة على شاطئ المدينة استغرقت ربع ساعة.
فعلى خلفية التوتر مع إيران وتوقع الهجوم الأمريكي الأخير على سوريا في أعقاب استخدام نظام الأسد للأسلحة الكيميائية ضد مواطنيه، أثارت الطائرتان القلق والخوف بين الكثير من السكان والسياح، الذين سارعوا إلى الاتصال بالشرطة.
وأوضح سلاح الجو أن الطيران الذي سبب ضجيجا صاخبا، بفعل التحليق على مستوى منخفض، بشكل غير عادي، كان جزءًا من التدريب الخاص باستعراض يوم الاستقلال، لكن سلاح الجو لم يوضح سبب عدم تحذيره المسبق للجمهور. ويرجع الخوف الذي أصاب الجمهور إلى حقيقة أن طائرات F-15 ذات المحرك المزدوج، من النموذج القديم المعروف باسم "الصقر" في سلاح الجو، تسبب ضوضاء عالية بشكل غير عادي، وأدى إطلاق المادة المتوهجة إلى زيادة الخوف بين الجمهور من أن يكون المقصود حدث حربي.
وجاء من الناطق العسكري: "في الأيام الأخيرة، يقوم سلاح الجو الإسرائيلي بإجراء تدريبات للاستعراض الجوي الذي سيجري في يوم الاستقلال، كجزء من برنامج التدريب السنوي. الجيش يعرب عن أسفه لحالة الذعر التي سببها." ونتيجة للدرس المستفاد من هذا الحدث، كشف الجيش عن الجدول الزمني للتدريبات التي ستجري خلال الأسبوع المقبل. ووفقا للجيش فإن الطائرات المشاركة في الاستعراض الجوي ستمر في يوم الاستقلال في أجواء أكثر من 49 مدينة وبلدة من كريات شمونة في الشمال وحتى إيلات في الجنوب.

مقالات
الهدف: تصفية القضاء
تكتب "هآرتس" في افتتاحيتها الرئيسية، أن ​احتفالات السبعين لاستقلال إسرائيل ستأتي في ظل المحاولات المتكررة للمس باستقلالية القضاء. ويتبين مرة أخرى أن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ورفاقه في الائتلاف، يسعون إلى خرق التوازن الحساس والحرج السائد بين السلطتين القضائية والتشريعية.
التهديد الذي ينطوي عليه سن "فقرة التغلب"، والتي ستعطي قوة هائلة للكنيست تتيح لها سن كل قانون تهواه، بأغلبية عادية، تلقى هذا الأسبوع انعطافا آخر. فقد تقرر في جلسة الحكومة إجراء نقاش، يوم الأحد القريب، حول "النموذج البريطاني لفقرة التغلب". ويدور الحديث عمليا عن نموذج سيتم في إطاره انتزاع صلاحية المحكمة العليا في مراقبة القوانين – والاهم من ذلك القدرة على إلغاء قوانين تتناقض مع القوانين الأساس – ومن هنا سيتم إلغاء التفوق الطبيعي لكل القوانين الأساس، بما في ذلك تلك التي تعنى بصلاحيات الحكم، بإجراء الانتخابات وما شابه.
مثل هذا الوضع، الذي "تشير" فيه المحكمة فقط إلى أن القانون لا يستوي مع قانون آخر، مناسب بالفعل لدولة مثل بريطانيا، التي تعتبر الدولة الوحيدة، تقريبا، في العالم الديمقراطي التي ليس لديها دستور أو قوانين أساس. ومفهوم أيضا، أنه لا توجد في بريطانيا فقرة تغلب - لأنه لا يوجد دستور للتغلب عليه – وعليه فان هذا التعبير ليس ذا صلة على الإطلاق.
صحيح أن المحكمة العليا البريطانية لا تتمتع بصلاحية لإلغاء القوانين، ولكن التوازنات والكوابح في بريطانيا تعمل بشكل مختلف عما هو في إسرائيل. ففي بريطانيا يوجد مجلسان تشريعيان ومجلس أعلى يمكنه أن يلطف ويؤخر تشريع شعبوي. هناك لجنة في البرلمان البريطاني تفحص إذا كانت القوانين تمس بحقوق الإنسان. وتخضع بريطانيا للميثاق الأوروبي لحقوق الإنسان، وكل مواطن أو إنسان يخضع لسلطاتها يمكنه أن يلتمس إلى المحكمة الأوروبية في ستراسبورغ بدعوى أن بريطانيا تخرق حقوقه.
أما في إسرائيل، فتكاد لا تقوم مثل هذه التوازنات والكوابح. في إسرائيل يوجد مجلس تشريعي واحد، والدولة لا تخضع لميثاق حقوق الإنسان الأوروبي ولمثل هذه الصلاحيات القضائية الدولية. مفهوم أنه في وضع ينتزع فيه من المحكمة العليا قوتها الأهم، ستكون للكنيست وللحكومة قوة غير محدودة. وقد اظهر التاريخ بانه لا يوجد وضع أخطر من وضع يكون فيه الحكم غير مكبوح وبلا رقابة. من المفضل شطب تشريع فقرة التغلب أو كل شكل آخر للمس بصلاحيات المحكمة في توفير الرقابة الدستورية، عن جدول الأعمال في أقرب وقت ممكن.
جموع اللاجئين وغلاء المعيشة – تثير الأسئلة حول الهوية في الأردن
يكتب تسفي برئيل في "هآرتس": يشير إسماعيل إلى صلعته الصغيرة التي بدأت تتسع على جمجمته والى الشارب الرفيع الذي يزين شفته العليا ويتساءل اذا كنت أعرف عمه، الذي كان في السابق أحد رجال الأمن الكبار في السلطة الفلسطينية: “إنه يشبهني، نفس الصلعة ونفس الشارب، لكنه كسب المال أكثر مني”.
​إسماعيل يعيش في الأردن منذ ما “قبل قيام المملكة”، منذ عام 1948، بعد أن أدت النكبة إلى اقتلاع عائلته من قرية الدوايمة، التي تسمى اليوم أمتسيا في منطقة لخيش. منذ ذلك الحين تقدم ودرس العلوم السياسية في جامعة عمان، وحصل على اللقب الثاني وعمل في احدى الوزارات الحكومية. خلال الفترة الجيدة التي سبقت حرب الخليج الأولى، عمل بضع سنوات في البحرين، إلى أن اضطر إلى مغادرتها مع عشرات آلاف الأردنيين كعقاب على دعم دولته لغزو صدام حسين للكويت.
“عدت مع مبلغ جيد من المال، اشتريت شقة في منطقة راقية في عمان، وأعمل اليوم في فرع البنك الكويتي في منطقة الشميساني. حتى الآن لم أقم بزيارة الداخل وأكتفي بالذكريات، ليس ذكرياتي، بل ذكريات الوالدين، ربما لم تكن تلك القصص حقيقية ولم تحدث، وكانت مجرد خليط من الواقع والخيال". "في الداخل"، تعني في فلسطين قبل 1948، كما يُسمى عرب إسرائيل بـ “عرب الداخل” أو “عرب 1948”. "أنا لم أحاول الدخول. قالوا لي أن من لديه قريب في القوات المسلحة للسلطة الفلسطينية لا يمكنه الحصول على تأشيرة دخول إلى إسرائيل. لم أفحص إذا كان هذا صحيح أو أنه مجرد كلام. ولكن هكذا بقي الأمر."
​عندما جلسنا في ساعات الظهر، في المطعم اللبناني المعروف في عمان، مع ثلاثة من أصدقاء إسماعيل، سمير وراتب وعز الدين، وجميعهم في العقد السادس من أعمارهم، ومن أبناء الطبقة الوسطى – العليا، كان يمكننا التحدث بهدوء، فعلى الرغم من أن الوقت كان وقت ذروة، إلا أن المطعم كان شبه فارغ. قبل بضع سنوات كان يجب أن تحجز مسبقا، وفي هذه المرة دخلنا مباشرة من الشارع واستقبلنا بحفاوة من قبل ثلاثة نادلين أصابهم الملل. وشرح راتب أن هذا هو الوضع الآن في جميع أرجاء الأردن. "لا توجد حركة، لا يوجد مال ولا يوجد مزاج جيد. وحتى من يملك المال لا يسارع إلى إنفاقه، الناس يخافون".
ويضيف إسماعيل: "قبل ثلاثة أشهر كان البنك يعج بالزبائن الذين جاءوا للحصول على قروض لشراء سيارة جديدة، انظر ما الذي يحدث في الشوارع، الكثير من السيارات الجديدة، وكأنه سقطت على الدولة أموال من السماء، لكن الحقيقة هي أن كل ذلك قروض. من يعرف من أين سيحضر هؤلاء الناس المال لتسديد القروض. منذ كانون الثاني الماضي تغير كل شيء، الميزانية الجديدة رفعت أسعار الوقود والخبز ارتفع ببساطة بنسبة 30 في المئة، التعليم في الجامعة يكلف الطالب حوالي 800 دينار للفصل الواح، والرواتب بقيت في نفس المستوى، في المتوسط 400 دينار لموظف بدرجة متوسطة، 200 دينار منها تذهب لأجرة السكن و50 دينار للكهرباء والماء التي ارتفعت أسعارها أيضا. كيف سيعيش الناس بما تبقى؟”. راتب قال إنه يوجد في الأردن فقط قطاع واحد يتدبر جيدا، وهو قطاع اللاجئين السوريين: “لا ينقصهم أي شيء، إنهم يحصلون على المساعدات من الأمم المتحدة، ومن الجمعيات الخيرية، يتعلمون بالمجان، ومن يعيش في مخيمات اللاجئين لا يدفع ثمن الكهرباء والماء ولا يدفع أجرة للشقة ويستخدمون جميع خدمات الدولة على حساب المواطنين".
رحلة قصيرة إلى المجمع التجاري “تاج مول” الذي يعتبر الأكبر والأحدث في عمان تثبت أقواله. المحلات مليئة بالماركات والبضائع والتنزيلات تصل إلى 70 في المئة، لكن عدد الحراس وعمال النظافة أكثر من عدد الزبائن. "يأتون إلى هنا لإشباع عيونهم، ربما لشرب القهوة في “ستار باكس”، الذي يكلف ثمن فنجان القهوة فيه دينارين، لكنهم يقومون بالتسوق من سوق البالة. اللاجئون العراقيون فقط، يستطيعون السماح لأنفسهم بالشراء هنا"، شرحت البائعة الشابة في محل H&M الفارغ. اللاجئون العراقيون؟ "نعم، هؤلاء الذين وصلوا إلى هنا في حرب الخليج الثانية وجلبوا معهم الكثير من المال وبقوا في الأردن، فتحوا مصالح تجارية واشتروا محلات واستثمروا الأموال. نصف المحلات هنا هي ملك للاجئين العراقيين”، قالت بكل راحة. الوقت لا ينقص هنا.
"من الخطأ إنشاء مجمعات تجارية في عمان"، حلل عز الدين هذه الظاهرة، "لا يوجد مال لدى المواطنين من اجل شراء ماركات ثمينة، والأثرياء يسافرون إلى الخارج ويشترون هناك، السياح لا يحتاجون إلى هذه الماركات، وهم بالكاد يشترون الأشياء التذكارية، وحتى هذه يفضلون شراءها في مدينة البتراء أو العقبة. فلماذا إذا كل هذه الاستثمارات؟ انظر إلى خط أفق عمان، لن تشاهد فيه عمال يعملون في البناء ويصبون الأساسات أو الأعمدة. هناك طلب كبير على الشقق التي يمكن الحصول عليها، لكنهم لا يبنون لأنه لا يوجد مشترين بالأسعار الجنونية التي يطلبها المقاولون. لقد قاموا ببناء فنادق في كل زاوية، لكن لا يوجد من ينام فيها. صدقني، لا أعرف كيف تعيش هذه الدولة. كل واحد منا يتوق إلى الهجرة إلى الخارج. ولداي درسا الهندسة والكهرباء، ولكن أحدهما يعمل موظف استقبال في فندق، والآخر يعمل مصمما في مكتب هندسي. بذلت كل ما يمكن من محاولات لكي يتمكنوا من الحصول على تصريح عمل في كندا، لكني فشلت. ربما نحاول هذه السنة في السويد، لكنهم لا يريدون ذلك بسبب الطقس واللغة. بالنسبة لي هذا أمر مستبعد. لا يروق لي أن أكون لاجئا مرة أخرى، العائلة سبق لها وهربت مرة من قرية الولجة قرب القدس، عشنا في مخيم للاجئين وبعد ذلك انتقلنا للعيش في المدينة. هذا هو، لم تعد لدينا قوة للانتقال".
​من بدأوا رحلة اللجوء لتوهم هم حوالي 800 ألف سوري الذين اجتازوا الحدود إلى الأردن بعد هربهم من النظام، حوالي 80 ألف منهم يعيشون في مخيم الزعتري للاجئين قرب مدينة المفرق. 6 مسافرين، 5 رجال وامرأة مسنة، حشرنا أنفسنا داخل سيارة تندر قديم كي تنقلنا إلى مدخل المخيم. طوابير طويلة من الكرفانات تضم عشرات آلاف اللاجئين في الصيف القائظ وفي الشتاء الصحراوي الصعب.
"الحياة جميلة"، قالت حياة عليان، التي أمسكت بيد حفيدها إبراهيم، "يوجد طعام وماء، توجد حراسة من الشرطة الأردنية، فتحوا دكاكين ومحلات في المخيم، توجد مدارس مع معلمين، غالبيتهم من الأردنيين والبعض من السوريين، الطلاب يستطيعون الدراسة في الجامعات الأردنية، ويحصلون أيضا على بطاقة لشراء السلع الأساسية. كل شيء جيد. لا نتذمر". تعيش عليان في المخيم منذ ست سنوات مع 50 شخص من أبناء عائلتها. قسم من العائلة ما زال يعيش في درعا، وهم يحافظون على اتصال هاتفي، الحدود بين سوريا ولبنان مغلقة والأردن لا يستقبل أي لاجئين جدد. لقد حصل زوجها على تصريح عمل، ويساهم قليلا في توفير احتياجات العائلة. وهي لا تفكر بالعودة إلى درعا: “لماذا نحلم إذا كنا لا نعرف أن الحلم سيتحقق؟ وضعنا أفضل من النصف مليون سوري الذين قتلوا. الأردن هو وطننا الآن".
​ثلاثة شباب يرتدون الكوفيات الحمراء وينظرون إلى حياة عن قرب، عندما سئلوا منذ متى يتواجدون في المخيم أجاب أحدهم "منذ اليوم الذي خدعونا فيه للقيام بالثورة ضد الأسد". من الذي خدعكم؟ "من أراد استغلال سوريا واستغلالنا، كلهم خدعونا، أمريكا، المليشيات، أوروبا، كلهم قالوا إن من الأفضل تنحية الأسد. الآن نتكبد الثمن. الأسد هو عدو، لكن معه على الأقل عرفنا من هو العدو. اليوم كل شخص في سوريا هو عدوك. لم يبق لنا أي شيء".
أمام المخيم في الجانب الغربي للشارع الذي يخترق قرية الزعتري، تم زرع صف من الخيام للبدو، والى جانبها تم إنشاء عدد من بيوت الصفيح التي تعيش فيها عائلات بدوية سورية. سكانها يفضلون العيش خارج المخيم لا داخله. "يصعب العيش في مخيم للاجئين"، قالت هالة، "تحتاج إلى بطاقة من اجل الدخول والخروج، تخضع للرقابة طوال الوقت، وليس دائما يوجد كهرباء. نحن نأخذ الكهرباء من الجيران، وفي الأساس نستطيع الحركة هنا في كل لحظة، هذه هي حريتنا". هالة تشتاق لسوريا، "هناك عرفنا من نكون، من هي قبيلتنا، من يدير الأمور. أما هنا فقد تدمر كل شيء. الرجال ليسوا هنا، عدد منهم هربوا إلى أماكن أخرى، وعدد آخر انتقلوا جنوبا للبحث عن عمل، طبيعة الحياة تغيرت. الأطفال يتسكعون في الشارع، تحولوا إلى متسولين. لم يبق شيء من الكرامة".
​"نحن لم نعد نعرف من هو أردني ومن هو لاجئ”، قال محاضر في جامعة عمان، عاش في السابق في إسرائيل، وانتقل منها إلى الولايات المتحدة وتزوج هناك امرأة يهودية قبل عودته إلى الأردن. "الدولة فقدت هويتها. صحيح أنه من ناحية اقتصادية اللاجئون يساهمون في اقتصاد الأردن، عدد منهم يعمل وبفضلهم يحصل الأردن على المساعدات الحيوية. ولكن إذا كانت حتى حرب الخليج قد ألقت على كاهل الأردن مليون لاجئ عراقي، فان الأردن يناضل ضد تشخيصه كدولة للفلسطينيين بسبب الأغلبية، حيث أنه بعد السيل العراقي وإضافة اللاجئين السوريين، يصبح الأردنيون الأصليون بمثابة محمية طبيعية بشرية.
نحن نسأل أنفسنا ما هو الأردن ومن هم مواطنوه. عندما درست في جامعة حيفا سمعت محاضرين إسرائيليين يقولون إن الأردن هو دولة مصطنعة، لا يمكن تعريفها كدولة قومية لأنه لا توجد قومية أردنية. دائما اعترضت على هذه النظرية. لقد ناقشت المحاضرين وزملائي وقلت إن إسرائيل، أيضا، لا يمكن تسميتها بدولة قومية، إذا كان الاختبار هو الهوية الثقافية لمواطنيها، فما هو القاسم المشترك بين المهاجرين من روسيا والمهاجرين من أثيوبيا عدا الدين؟ الآن أجد صعوبة أكثر في تشخيص الماهية الأردنية لدينا. مثلا، مواطنون أردنيون يتبنون اللهجة العراقية أو السورية لأن هذا هو الأمر الطبيعي عندما تعيش في وسط متعدد الثقافات كهذا".
​في الجامعة يدرس طلاب من العراق وسوريا ومن الضفة الغربية ومواطنون أردنيون. الأردنيون يدفعون رسوم تعليم كاملة، السوريون يدرسون بالمجان، العراقيون يحصلون على المساعدات الدولية. العراقيون والأردنيون يقفون على رأس لائحة العلامات، وبعدهم يأتي الفلسطينيون وعلى بعد كبير منهم يأتي السوريون. "إذا كنت سأتصرف حسب معيار أكاديمي واحد، فان كل السوريين كانوا سيفشلون"، اعترف المحاضر. "ولكن لا يمكن أن نعاملهم هكذا، فقد فقدوا البيوت والعائلات. فكيف يمكن أن نسلبهم مستقبلهم أيضا؟".
سيل الحديث توقف عندما وصل الحديث إلى البلاط الملكي والملك. "الملك جيد، لكن الذين حوله فاسدون"، قال نائب وزير سابق يعمل اليوم في العقارات. "من هو رئيس الحكومة هذا، هاني الملقي؟ هو في الأصل سوري، ما له وللمواطنين الأردنيين؟ انظر إلى النخبة السياسية التي تلبس جيدا وتسافر في سيارات فاخرة. ماذا ساهموا للدولة؟ كل واحد منهم يعرف أن فترة ولايته ستنتهي في لحظة، هو يستغل مكانته من اجل أن يهتم بمستقبله. في الحقيقة، أنا أيضا، كنت واحدا منهم. أنت تُجر إلى داخل ثقافة وعليك الانصياع لها، أن تصمت وتهتم بمصلحة معينة جيدة، يمكنها أن توفر لك العيش عندما يقولون لك إن دورك انتهى".
لقد تشكلت 12 حكومة في الأردن، منذ تتويج الملك عبد الله الثاني. في بداية عهده وعد الملك بأن يتم في عهده تغيير الحكومة فقط بعد إجراء انتخابات برلمانية، لكنه لم ينجح في الوفاء بوعده هذا. ومثلما كان الأمر في عهد والده الحسين، هكذا يعتبر الآن تغيير الحكومات بمثابة حبة مهدئ لاستياء محتمل من قبل الجمهور. "عندما تمت إقالة وزيري قالوا له "متأسفون"، هذه تعليمات من مكتب الملك، لكن لا تقلق، فبعد جولة أو جولتين ستعود للحكومة"، قال نائب الوزير، "ربما أعود أنا أيضا، إلى وظيفة في الحكومة. الأمر يحتاج فقط إلى الصبر. وفي الحقيقة لا يتغير أي شيء لدينا".
ثلاثة إخفاقات نووية والرابع على الطريق
يكتب حاييم رامون، في "هآرتس" أن الرئيس الليبي السابق معمر القذافي أعلن في كانون الأول 2003، أنه قرر تصفية المشروع النووي في بلاده. ونزل هذا الإعلان على الاستخبارات الإسرائيلية مثل الرعد في يوم صاف. لم تكن لدى إسرائيل أي فكرة عن كون ليبيا عملت بجدية على تطوير قدرات نووية عسكرية في عدة مواقع، ووصلت إلى مراحل متقدمة جدا. الأجهزة الاستخبارية الأمريكية والبريطانية لم تشرك إسرائيل في المعلومات التي توفرت لديها عن المشروع النووي الليبي، حتى أنها أخفت عنها خطواتها من اجل تفكيك صناعة الذرة الليبية.
إذا كانت دولة معادية مثل ليبيا، التي يترأسها طاغية غير متوقع مثل القذافي، تطور قدرة نووية دون أن تلاحظ الأجهزة الاستخبارية لدينا ذلك أو تشك فيه، فان هذا فشل استخباري خطير. حسب رأيي، كان هذا هو الفشل الأكبر منذ فشل حرب يوم الغفران، الذي أجبر الأجهزة الاستخبارية على إجراء فحص داخلي جدي.
الفشل الليبي كان الأول من بين حالات الفشل في موضوع السلاح غير التقليدي في الدول العربية. أما الفشل الثاني فكان في تقييمات أجهزة الاستخبارات العسكرية بشأن حرب الخليج الثانية. في ذروتها، في 8/4/2003، مثل أمام لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، رئيس الاستخبارات العسكرية وقال: "أنا أقدر بصورة معقولة جدا وجود سلاح غير تقليدي لدى العراق". كما قالت الاستخبارات العسكرية إنه يوجد لدى العراق بين 50 – 100 صاروخ. وفي نهاية الحرب، أيضا، وبعد هزيمة الجيش العراقي تماما أمام جيش الولايات المتحدة وحلفائه، امتنعت الاستخبارات العسكرية عن توصية المستوى السياسي بإلغاء حالة التأهب وتحرير مواطني إسرائيل من الكمامات التي كانت ترافقهم. لقد خاف جهاز الاستخبارات من تعرض إسرائيل لهجوم من منطقة شمال غرب العراق التي لم يتم احتلالها في ذلك الوقت. هذا القرار جسد الاعتقاد الراسخ لدى شعبة الاستخبارات بوجود سلاح غير تقليدي وصواريخ ارض – ارض لدى النظام العراقي.
في الفترة التي سبقت حرب الخليج الثانية، وفي منصبي كرئيس لجنة الخارجية والأمن، حتى شباط 2003، وعضو في اللجنة بعد ذلك، عارضت هذه النتيجة بشكل علني. فقد استندت إلى حقيقة أنه رغم الجهود الكبيرة التي بذلتها أفضل الأجهزة الاستخبارية في العالم، بما فيها الاستخبارات الإسرائيلية، إلا أنه لم تتم ملاحظة أو تشخيص أي إشارة تدل على وجود صواريخ ارض – ارض بعيدة المدى ومنصات لإطلاقها. كما لم يكن هناك أي دليل آخر على وجود سلاح غير تقليدي. بناء على ذلك اعتقدت أنه لا يوجد للعراق قدرة على مهاجمة دولة إسرائيل: "إما أنه لا يوجد لديه صواريخ ومنصات اطلاق وسلاح غير تقليدي، أو اذا كانت هناك وسائل كهذه فهي مفككة ومدفونة، وعمليا غير مؤهلة للعمل".
كان ادعائي هو أن صدمة حرب يوم الغفران تركت أثرا عميقا في وعي وتفكير الاستخبارات الإسرائيلية. في أعقاب تلك الحرب مالت إلى تفسير الوقائع بصورة خطيرة بسبب الخوف من فشل إنذاري، واتبعت سياسة "حماية الذات". توصية الاستخبارات للحكومة بأن تأمر بفتح الكمامات (بتكلفة أكثر من 100 مليون شيكل) كانت نتيجة حذر مبالغ فيه ومحاولة للامتناع عن مخاطرة كان احتمال تحققها ضئيلا. لقد كان التعبير عن رؤية الاستخبارات "لظل الجبل كجبل" يكمن في التوصية بتطعيم مواطني إسرائيل ضد الجمرة الخبيثة. حتى جنود جيوش التحالف الذين شاركوا في الحرب العراقية لم يتم تطعيمهم ضد "الجمرة الخبيثة".
في نهاية الحرب قرر رئيس لجنة الخارجية والأمن، الذي حل مكاني، عضو الكنيست يوفال شتاينيتس، تشكيل لجنة لفحص جهاز الاستخبارات بعد الحرب العراقية. وقدمت اللجنة استنتاجاتها في آذار 2004. وتطرقت في التقرير إلى حالات الفشل في تقديرات الاستخبارات العسكرية، والتي تبين أنها بعيدة عن الواقع. على ضوء حالات الفشل الاستخبارية في كل ما يتعلق بالسلاح غير التقليدي، سواء في ليبيا أو العراق، قررت اللجنة عقد لقاء كل ستة أشهر مع رئيس الموساد ورئيس الاستخبارات العسكرية، يتم فيه مناقشة إمكانية وجود سلاح نووي لدى الدول العربية بشكل عام، ولدى سوريا بشكل خاص.
​في النقاش الذي جرى في نهاية 2004 طرح أعضاء اللجنة وعلى رأسهم رئيسها شتاينيتس احتمال وجود سلاح نووي لدى سوريا. وكان رد رئيس الاستخبارات: "سيدي الفيلسوف، بصفتي رئيس استخبارات عسكرية ومهني، أقرر أنه لا يوجد احتمال لتقديرك". وأجابه رئيس اللجنة: "سيدي رئيس الاستخبارات العسكرية، بصفتي فيلسوف فقد تعلمت متى يجب عليّ أن أثير الشك. وأنا أشك بتقديرك الاستخباري". بهذا تم التعبير عن الفشل الثالث للاستخبارات العسكرية والموساد في موضوع وجود السلاح النووي لدى الدول العربية.
اليوم بات من المعروف أن سوريا بدأت في بداية سنوات الألفين بإقامة مفاعل بلوتونيوم. ليس هناك خلاف حول أنه حتى منتصف 2006 لم تكن هناك أي فكرة، لا لدى الاستخبارات العسكرية أو الموساد، بأن مفاعل كهذا تتم إقامته من قبل السوريين بمساعدة كوريا الشمالية في منطقة دير الزور. ولا يوجد خلاف حول أن الأمر يتعلق بفشل كان يمكن أن تكون له تداعيات مصيرية على دولة إسرائيل. لحسن حظنا، في منتصف 2006 أشارت الاستخبارات العسكرية إلى احتمال وجود مفاعل نووي سوري، وفي آذار 2007 احضر الموساد "الدليل الذهبي" على وجود هذا المفاعل. وفي أيلول 2007 قررت الحكومة الإسرائيلية برئاسة إيهود أولمرت قصف هذا المفاعل، وقام سلاح الجو بتنفيذ المهمة بنجاح.
في الحالات الثلاثة التي ذكرتها فشلت الاستخبارات الإسرائيلية، ولم تحضر في الوقت الصحيح معلومات صحيحة عن برامج سلاح غير تقليدي في الدول العربية. أنا لا أنوي المحاسبة على أمور من الماضي، بل أريد التحذير بالنسبة للمستقبل. الأمر الذي يدور الحديث عنه يتعلق كما هو معروف بالمشروع النووي الإيراني. في 2008، وفي نهاية نقاش الطاقم الوزاري في حكومة أولمرت، الذي عالج المشروع النووي الإيراني، والذي كنت عضوا فيه، توجهت لرئيس الموساد في حينه مئير دغان وسألته "مئير، انظر إلى خارطة إيران، مليون كم مربع، هل لديك شك وخوف من أن الإيرانيين يخفون جزء من المنشآت النووية الخاصة بهم، لا سيما منشآت أجهزة الطرد المركزي، التي ليس لدينا أي فكرة عنها؟”، وكان جوابه “هذا الأمر محتمل بالتأكيد".
​كما هو معروف، في الأعوام 2011 – 2012، كان بنيامين نتنياهو وايهود براك ينويان القيام بعملية عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية. خطة الهجوم ارتكزت إلى الافتراض بأنه توجد لدينا معلومات صحيحة عن كل المنشآت النووية الإيرانية. هذه كانت فرضية خاطئة تماما. حسب تجربة الماضي، كان يجب الأخذ في الحسبان أنه يوجد لدى الإيرانيين منشآت نووية، لا تتوفر لدينا ولا لدى الغرب أي فكرة حول مكان إخفائها. لو أننا قمنا بتنفيذ الهجوم ودمرنا المواقع المعروفة، فيمكن الافتراض بأن الإيرانيين كانوا سينجحون في إعادة بناء قدرتهم النووية بسرعة كبيرة بواسطة نفس تلك المواقع، التي لم نعرف عنها، وكانوا سيطورون السلاح النووي خلال فترة قصيرة. بناء على ذلك فان الطريقة الوحيدة للعمل ضد التسلح الإيراني هي بالوسائل الدبلوماسية، مثل التي أدت إلى التوقيع على الاتفاق النووي الحالي رغم نواقصه. هذه هي الطريقة التي يجب على المجتمع الدولي اتباعها مستقبلا مع أخذ العبر من الاتفاق الحالي.
في سوريا يجري عرض واحد: حرب ثنائية بين الدولتين العظميين
يكتب عاموس هرئيل، في "هآرتس" أنه قبيل نهاية الأسبوع واجه التوتر المتزايد بين إسرائيل وإيران، ظل قصة إخبارية أكبر. تهديد الولايات المتحدة بمعاقبة نظام الأسد على قتل مواطنيه بالسلاح الكيميائي، والأزمة التي اشتدت في أعقاب ذلك بين واشنطن وموسكو. في العالم الذي يسير الآن مثل فصل في المسلسل التلفزيوني "24" الذي خرج عن السيطرة، لا يزال رئيس الولايات المتحدة ترامب هو السيناريست المميز. كان يكفي نشر تغريدة صبيانية توعد فيها الروس بصواريخ "جميلة وجديدة وذكية"، من اجل التوضيح للجميع أنه يوجد في سوريا الآن عرض واحد فقط، حرب ثنائية بين الدولتين العظميين.
المجتمع الدولي في هذه الحالة يصدق ترامب، رغم تصريحاته بأنه ينوي بإخراج كل القوات الأمريكية من سوريا، فقط قبل أسبوع. بريطانيا تحرك غواصات مع صواريخ إلى الشرق الأوسط، فرنسا مستعدة للقصف العقابي، السعودية تعطي إشارات حول رغبتها في الانضمام، وروسيا تخلي طائراتها إلى قاعدة حميميم في شمال غرب سوريا، بعيدا عن جنود الأسد المكشوفين مثل الإوز في مرمى الهدف. والأمر الأكثر أهمية هو أن الهجمات الجوية القاتلة للنظام ضد المواطنين المساكين في جيوب المتمردين، تضاءلت هذا الأسبوع، لأن الأسد يستعد للضربة التي سيتلقاها.
لقد بحثت روسيا، حتى أمس (الخميس) عن طرق لإقناع الولايات المتحدة بالتراجع أو على الأقل تقليص حجم الهجوم. لكن ترامب، بما يتفق مع ذلك، استيقظ مع مزاج أكثر متسامح قليلا، وغرد بأن كل شيء ما زال ممكنا، لكنه لم يتعهد بالتوقيت. على كل حال، هناك شك بأنه إذا تحقق الهجوم الأمريكي، فسيكون عملية تغير الواقع. ترامب قصف سوريا أيضا، قبل سنة ولم يتغير أي شيء. وحتى الآن يبدو أن هناك أهمية معينة كامنة في الرد الجزئي والمتأخر جدا للغرب على الفظائع التي يرتكبها الرئيس الأسد.
في الأحداث في سوريا، كما كتب هذا الأسبوع العميد (احتياط) أساف أوريون، والجنرال (احتياط) عاموس يدلين، من معهد دراسات الأمن القومي، تتكتل معا ثلاثة تطورات متوازية: الرد العالمي على المذبحة الكيميائية التي نفذها نظام الأسد، معارضة إسرائيل لتمركز للتوطيد الإيراني في سوريا بصورة، وبشكل غير مباشر - القرار الأمريكي بالتخلي عن الاتفاق النووي مع ايران في منتصف أيار. أعضاء المجلس الوزاري المصغر الذين اجتمعوا أول أمس (الأربعاء) استمعوا من رجال الاستخبارات إلى تقدير يقول إن ترامب مصمم على الهجوم، وبنفس الدرجة، إيران معنية بالثأر من إسرائيل على قصف القاعدة الجوية T4 قرب حمص، في بداية الأسبوع.
"إيران ليست سوريا"، قال أمس (الخميس) المسؤول الكبير في الحرس الثوري الإيراني، علي شيرازي. "إذا أرادت إسرائيل البقاء في الوجود لبضع أيام قادمة، فعليها التوقف عن لعبة الأطفال هذه. يوجد لإيران قدرة على تدمير إسرائيل، وعندما يأتي المسبب، سيتم شطب تل أبيب وحيفا من الوجود". في هذه الأثناء وبصورة رسمية، تواصل إسرائيل تجاهل ادعاءات طهران وموسكو بشأن مسؤوليتها عن الهجوم، الذي قتل فيه سبعة مستشارين إيرانيين، وتم تدمير بنى تحتية ووسائل قتالية.
​تهديد مباشر
لقد ردت إسرائيل على التهديد الجديد من إيران بالتلميح إلى قدرتها على التسبب بضرر شديد للوجود العسكري الإيراني في سوريا، وكما ور د في صحيفتين ومن قبل مصدر أمني رفيع المستوى، هددت بشكل مباشر بتصفية نظام الأسد وحتى الرئيس نفسه. درجة فاعلية الثرثرة الأخيرة، أصيبت بالخلل قليلا، على خلفية البقاء الطويل لزعيم حماس إسماعيل هنية.
مع ذلك، يبدو أنه في المواجهة مع إيران في سوريا، تبث القيادة الإسرائيلية، من رئيس الحكومة فما دون، عدوانية استثنائية. بنيامين نتنياهو الذي يحظى في هذه الحالة (خلافا للخلاف حول المشروع النووي الإيراني) بدعم كامل من المستوى المهني، مصمم على عدم تمكين طهران من تحويل سوريا إلى لبنان ثان: حدود طويلة مع إسرائيل تنتشر على طولها قوات بتمويل إيراني، في الوقت الذي تتراكم فيه في عمق المنطقة ترسانة من الصواريخ والقذائف. ادعاء نتنياهو هو أن إسرائيل، أولا في عهد سلفه إيهود أولمرت، أخطأت لأنها لم تحبط عمليات تهريب آلاف الصواريخ لحزب الله، خلافا لقرار مجلس الأمن 1701، وحسب رأيه، يجب عدم تكرار هذا الخطأ.
​وزير الأمن افيغدور ليبرمان أعلن هذا الأسبوع أن إسرائيل ستوقف التوطيد الإيراني في سوريا. "مهما كان الثمن". عندما يتحدث الدبلوماسيون الأوروبيون في هذا السياق ويمتدحون الصبر الاستراتيجي واستغلال قنوات سياسية، فان محدثيهم في إسرائيل يردون بالرفض. يبدو أنه في كل ما يتعلق بالشمال فانه يسود في القدس مزاج ترامبي تقريبا، وهو متأثر كما جاء، أيضا، مما يجري في الساحتين الأخريين، ترامب ضد الأسد وبوتين والولايات المتحدة ضد الاتفاق النووي.
​لقد سبقت الهجوم على القاعدة الجوية T4 هذا الأسبوع، على الأقل ثلاث هجمات نسبت لإسرائيل، منذ أيلول الماضي، ضد مواقع كان فيها تواجد إيراني واضح. ولكن T4 كانت أكثر من ذلك. تقوم القاعدة على بعد أكثر من 250 كم عن الحدود الإسرائيلية، وهوجمت في الوقت الذي كان فيها ضباط كبار إلى جانب منظومات قتالية. ليس لدى طهران أي بديل سوى أن ترى في ذلك استعراض قوة إسرائيلي، عملي واستخباري، إلى جانب إعطاء إشارات – نحن لن نسمح لكم بأي شكل بالرسوخ في سوريا، في كل الأراضي السورية. القرار الإيراني بالإعلان عن سقوط قتلى ونشر أسماءهم، والتهديد الذي جاء في أعقاب ذلك، لا يترك أي مجال للشك. طهران تنوي القيام بهجوم عقابي.
​في محاولة لتقدير ما هو متوقع حدوثه، يمكن العودة إلى أحداث كانون الثاني 2015. حسب ادعاء إيران وحزب الله، هاجمت إسرائيل في حينه من الجو قافلة كان يسافر فيها جهاد مغنية، ضابط حزب الله (نجل عماد مغنية، القائد الكبير في المنظمة الذي قتل في دمشق في 2008) مع جنرال إيراني من الحرس الثوري. وقد قتل سبعة أشخاص في تلك الحادثة قرب القنيطرة في هضبة الجولان. بعد عشرة أيام جاء الرد، كمين لحزب الله من الأراضي اللبنانية، شمال قرية الغجر، تم خلاله إطلاق صواريخ مضادة للدبابات على دورية للجيش الإسرائيلي قرب منحدرات جبل روس. وقتل ضابط وجندي من لواء جفعاتي، فيما نجا بقية الجنود في القافلة لأنهم تمكنوا من القفز من المركبة قبل إصابتها.
ميزان القتلى، جنديين إسرائيليين مقابل سبعة أشخاص من الطرف المعادي، سمح للمستوى السياسي في إسرائيل بإنهاء التوتر رغم الثمن. إن الفهم بأن استمرار تبادل اللكمات يضع الطرفين على شفا خطر حرب حقيقية، ساهم في ضبط النفس. ولكن توجد هنا نقطة هامة أخرى. لقد قرر أحدهم، في سلسلة قيادة حزب الله إطلاق سبعة صواريخ على الأقل. أي أنه قصد، سواء بمعرفة المسؤولين عنه أو بقرار شخصي، قتل عدد أكبر قدر الإمكان من الجنود. مع نتيجة كهذه، في ضوء الحساسية البالغة التي يرد بها المجتمع الإسرائيلي اليوم على خسارة الجنود، كان يمكن اندلاع حرب.
النتيجة المطلوبة من ذلك هي أنه بالنسبة للمسؤولين في الطرفين هناك صعوبة في السيطرة الكاملة على ارتفاع اللهب. الحرب ليست علم دقيق والمستوى التكتيكي لا يؤثر بالمرة على المستوى الاستراتيجي في ظروف ليس بالإمكان توقعها مسبقا. عمليا، يؤثر التكتيك على الاستراتيجية. إسرائيل تفاخر بنضال ناجح، شمل حسب شهادتها، عشرات الهجمات الجوية ضد قوافل ومستودعات سلاح في سوريا، كانت مخصصة لحزب الله في لبنان. لقد خلقت هذه النجاحات العسكرية لدينا مستوى معين من الشعور بأن سماء سوريا هي منطقة مباحة. ولكن جيش سوريا يستيقظ بدعم روسي بعد انتصاره في الحرب الأهلية، وكانت هذه هي الرسالة التي بعث بها النظام عندما أسقط طائرة إف 16 الإسرائيلية في يوم القتال السابق في الشمال في 10 شباط. يمكن لإيران أن ترسل الآن رسالة خاصة بها حول نفس الموضوع.
​مرحلة الأسئلة
هذا كله، يثير التساؤلات بخصوص فهم الاستراتيجية الإسرائيلية الحالية في الشمال. هل من المنطقي التوقع بأنه سيتم تطبيق الخط الأحمر ضد التوطيد الإيراني في كل الأراضي السورية وليس في جنوب الدولة، مثلا، على مسافة حوالي 50 – 60 كم عن الحدود في هضبة الجولان؟ هذا هو الخط الذي حاولت إسرائيل تجنيد الدول العظمى لدعمه، في الاتفاق على تقليص الاحتكاك في جنوب سوريا في السنة الماضية، وحتى في حينه تم الرد عليه بالرفض. كما تثور أسئلة أخرى: هل نملك الحق المقدس بقصف كل الأراضي السورية، ويجب علينا الحفاظ عليه بكل ثمن؟ ألم يسبب النجاح التكتيكي المؤثر بعض الدوران في رؤوس المخططين والمقررين؟ وهل توجه المضي على الحافة ضد إيران في سوريا مبررا، حتى بثمن اندلاع الحرب، كما يعتقدون في مكتب رئيس الحكومة؟ هناك ما يجب التفكير فيه أيضا، بشأن ميل إسرائيل المتعاظم لرؤية قوة واحدة في إيران، بحيث لا يتم إعطاء أهمية للتوتر بين الحرس الثوري المتطرف وبين الرئيس حسن روحاني الذي لا يشعر بالرضى عن التورط العسكري في أرجاء الشرق الأوسط.
أول أمس تحدث نتنياهو هاتفيا مع الرئيس الروسي بوتين. وقد سبق أن أجريا محادثة مشابهة بعد الحوادث الجوية في شباط. حسب الكرملين، بوتين طلب هذه المرة من نتنياهو الامتناع عن ضعضعة الوضع في سوريا، ورئيس الحكومة كرر وعده بمنع التوطيد الإيراني في سوريا.
أساف أوريون يقدر أن المحادثة، إلى جانب الهجوم الأمريكي المخطط ضد الأسد، يمكنها المساعدة في تهدئة النفوس بين إيران وإسرائيل. حسب أقواله "الاحتجاج الروسي يلمح لإسرائيل بأن حرية عملها في سوريا يمكن أن تتقلص، إيران من ناحيتها يجب أن تسأل نفسها إذا كان هذا هو الوقت المناسب للتصادم مع إسرائيل، في الوقت الذي تهددها فيه إسرائيل بضربة قاسية أخرى، ومن جانب آخر ينوي ترامب مهاجمة الأسد ويناقش الانسحاب من الاتفاق النووي". اجتماع هذه الأزمات في نقطة زمنية واحدة، من شأنه أن يحث طهران على التفكير مرتين حول طابع وتوقيت ردها.
استراتيجية الأنف النازف
امنون لورد، في "يسرائيل هيوم"، أن دونالد ترامب يستعد للهجوم على سوريا. وبدأت عاصفة الحرب في سوريا تجرف المزيد من الدول والمنظمات إلى حركتها الطردية – إلى الخارج. ولكن في إسرائيل – وبقدر كبير في أوروبا، أيضا، دارت عاصفة أنباء ملفقة غير مسبوقة. وهذا يشبه دوما الظاهرة غير المسبوقة. صور القناص الإسرائيلي وهو يطلق النار المبررة قبل بضعة أشهر على الحدود.
​هذه علامات الموسم. الرئيس ترامب يعلن بانه سيسحب قريبا القوات الأمريكية من سوريا. ولكن بعد نحو أسبوع يقع حدث فظيع، فتجده يُجتذب إلى الداخل بالذات. إلى هجوم آخر، لم يتحقق بعد حتى لحظة كتابة هذه السطور. في نظرة تاريخية، تحطمت محظورات الحرب ليس فقط في الهجمات الكيماوية. فهجوم قوات روسية قبل نحو شهرين على قاعدة أمريكية في سوريا، بينما لا يرتدي الجنود ملابس الجيش الروسي، يعتبر كسرا لقواعد أساسية في الحرب.
​عندما هاجمت إسرائيل (سوريا) في بداية الأسبوع، وفقا للمنشورات، لم يكن واضحا بعد على الإطلاق ما الذي يعتزم الأمريكيون عمله ردا على المذبحة الكيماوية المتكررة لبشار الأسد. إسرائيل، التي تنسق مع روسيا، تجد نفسها رغم أنفها خلف المتراس الأمريكي. ما كان مختلفا في الهجوم الليلي، حسب منشورات اجنبيه، لسلاح الجو ليلة الاثنين من هذا الأسبوع – هو التأكيد الجارف في المنطقة على أن إسرائيل هي التي نفذت الهجوم.
​تفضل القيادة الأمنية منذ زمن بعيد الحفاظ على الغموض في الهجمات التي تستهدف فرض الخطوط الحمراء الإسرائيلية. ولكن يحتمل أنه منذ الهجوم السابق، الذي كان شبه يوم قتال، تحطم الغموض. في حينه تم إسقاط طائرة إيرانية غير مأهولة تسللت إلى أراضينا، وتم إسقاط طائرة اف 16 تابع لسلاح الجو الإسرائيلي.
​هذا الأسبوع، لم يتوقف الأمر على قيام الروس باتهام إسرائيل علناـ بل أكدت الولايات المتحدة أن سلاح الجو هاجم T4. ففي ردهم على سؤال صحفي، أكد مسؤولون كبار في البنتاغون أن إسرائيل أطلعت الولايات المتحدة قبل تنفيذ الهجوم. ولم يحب وزير الأمن افيغدور ليبرمان ذلك. والتصريح المعروف لديه هو أنه بالنسبة لإسرائيل فإن من هاجم سوريا هو سلاح الجو في ليختنشتاين.
​البعد الإضافي لحرب الصد، إذا كان ممكنا أن نسميها هكذا، هو “منع التوطيد الإيراني في سوريا”. هذا يتجاوز جدا الخط الأحمر المتمثل بنقل السلاح المتطور، محطم التعادل، إلى حزب الله. فالاحتكاك يرتفع درجة. والقيادة الأمنية تقدر بان الإيرانيين مصممون على توطيد وجودهم في سوريا و"نحن نقول إننا لن نسمح باي توطيد إيراني".
وهكذا يتعاظم احتمال الاحتكاك. وهذا هو تقدير اعلى المحافل. ينبغي القول – في نهاية المطاف، إن الإيرانيين باتوا يرسخون وجودهم في سوريا. والسؤال الوحيد هو ما هو نوع الرد الذي يمكن أن نتوقعه من إيران، ومتى سيتحقق.
كل الجهات في المنطقة المحيطة تريد تحدي إسرائيل – من حماس وحتى إيران، سوريا، حزب الله والسلطة الفلسطينية ومعاونيها. ولكن أحدا لا يريد حربا مع إسرائيل. هذا هو التقدير الذي يوجه إسرائيل عندما تأخذ القيادة الأمنية المزيد فالمزيد من المخاطر في الهجمات المختلفة.
بالنسبة لإيران – يجب أن يكون الردع ضدها عدوانيا أكثر مما هو ضد جهات أخرى. في حديث مع خبراء سياسيين مقربين من رئيس الوزراء ذكروا حتى قبل الهجوم الأخير استراتيجية يسمها الأمريكيون "الأنف النازف". إذا استفزك أحد ما في الشارع أو هددك أو حاول الاعتداء عليك، فإنك تلكمه في الأنف. الاستفزاز لا يساوي أن تطعنه بسكين أو أن تطلق عليه الرصاص.
​هكذا في سوريا. فما يفعله الإيرانيون لا يبرر هجوما شاملا لإبادة كل التواجد الإيراني؛ ولكن من المجدي جدا أن يؤلمهم، وان ينزفوا. الهجوم هذا الأسبوع، الذي نسب لإسرائيل، لا بد أنه يؤلمهم إذا كانت قاعدة الطائرات غير المأهولة قد دُمرت وقتل بعض رجال الطاقم، بينهم ضابط برتبة عقيد.
لا توجد أخلاق للمصالح
​لقد بدأت الحرب في سوريا بانهيار داخلي. وهي اليوم كالإعصار الدائر نحو الخارج. من الصعب إحصاء الجهات التي تدير الحروب بهذا القدر أو هذه الكثافة في سوريا ومحيطها.
لا نتذكر مثل هذه الحرب، التي لا يوجد فيها طرفان ولكل طرف حليفه الخاص. كلما عمقت تركيا تدخلها عبر الحرب ضد الأكراد، هكذا تصبح إسرائيل، أيضا، أكثر ضالعة. لم يعد الأمر يتوقف على هجمات موضعية على قافلة ما، أو ضربات ضد طرف نشط في الحرب – إيران.
​من المشكوك فيه أن تكون التقديرات الاستخبارية الاستراتيجية لإسرائيل، قد توقعت تطورا كهذا. فالمبرر الأساس لمعارضي الهجوم على المنشآت النووية، كان أنها ستبدأ حربا ضد إيران ونقائلها، لا سيما حزب الله. إنهم لم يتوقعوا أن يجعل الاتفاق النووي سوريا ثقبا اسود على حافة بيتنا، ويفتح جبهة ساخنة مباشرة بين إسرائيل وإيران. الآن أيضا، تواصل المؤسسة الأمنية الدفاع عن الاتفاق النووي وتشدد على أن الإيرانيين يحترمون الاتفاق. فهل يتواجد رئيس الوزراء ورئيس الموساد في رأي اقليه في هذا الموضوع؟
ما يمكن أن نراه هو أن جهود إسرائيل للحفاظ على الردع في الشمال تتطلب ضربات أكثر قاسية وبوتيرة متزايدة. السؤال هو هل ستتحول الأعمال المتواصلة إلى حرب حقيقية. النائب عوفر شيلح قال انه لأسباب تاريخية كان ينبغي لإسرائيل أن تعمل أكثر في سوريا. أما رجال أمن آخرون فيستخدمون الأسباب الأخلاقية. والمقصود هو شل جيش الأسد ومعاقبته على الاستخدام للغازات السامة.
يؤمن نتنياهو وليبرمان بانهما إذا نفذا عملية في سوريا فيجب أن تتوافق مع مصلحتنا الواضحة. "عدم إدخال الرأس السليم إلى سرير مريض". سلاح الجو السوري لا يشكل تهديدا لإسرائيل. ولهذا لا يبذرون عليه الذخيرة. توقيت الهجوم ضد القاعدة الإيرانية يرتبط بالهجوم الكيماوي في دوما. ولكن العملية كانت مثابة استغلال للفرصة. ليس ناجعا التفريق بين أجزاء الحلف السوري الشرير. ضرب الإيرانيين هو عقاب جيد بما يكفي، وترامب وماكرون سيعالجان الأسد. على أي حال لا يعرض أحد أن تتخلى إسرائيل عن الاتصال الاستراتيجي المجدي مع روسيا بسبب جرائمها في سوريا.
من الأفضل لنا أن ننظر بقلق - أو ربما بفزع – إلى المنطقة الكبيرة، سوريا، حيث فقدت فيها الحياة البشرية كل قيمة. هذا الوضع الذي حتى في منطقة موبوءة بالعنف والحروب مثل الشرق الأوسط، لا نذكر حدوث شبيه له في القرن الأخير.
الصراع العالمي إلى أين؟
يكتب الجنرال (احتياط) يعقوب عميدرور في "يسرائيل هيوم": التأثير السوري. التوتر المتصاعد حول سوريا ينبع من سببين. الأول هو الصدام العسكري بين إيران، التي تبني قوتها هناك – وبين إسرائيل، التي تحاول منع ذلك. والثاني هو العمل المتوقع أن تنفذه الولايات المتحدة ردا على الاستخدام الوحشي للغاز من جانب نظام الأسد ضد المواطنين. أما روسيا، التي تنتشر قواتها في المنطقة، فتخشى من التدهور في أعقاب الحدث الأول، ولا تريد أن يتضرر الأسد، الذي ترعاه، بسبب الحدث الثاني.
حرب اقتصادية. لقد جاء هذا التوتر على خلفية قضيتين مختلفتين زادتا مؤخرا من الاحتكاك العالمي. فقد قرر الرئيس الأمريكي بان المنظومة الاقتصادية التي تبلورت خلال عشرات السنوات الأخيرة، تمس بالمواطنين الأمريكيين. ويزعم ترامب، أن الولايات المتحدة أخطأت في تأييدها "للاقتصاد العالمي"، والذي تقوم كل دولة في إطاره بتخفيض جمارك الحماية عند الدخول إليها. نتيجة هذا الاقتصاد مخيبة جدا للآمال، ظاهرا، من زاوية نظر الولايات المتحدة، التي تشتري أكثر بكثير مما تبيعه. والنتيجة هي أن الكثير من المواطنين الأمريكيين فقدوا عملهم في ضوء عدم قدرة المصانع في الولايات المتحدة على منافسة مصانع مشابهة، في الصين مثلا، حيث ينتجون بسعر أرخص وبالتالي يبيعون منتوجهم في الولايات المتحدة، وليس العكس.
​يكافح ترامب هذه الظاهرة، وقام برفع الضرائب على الفولاذ والألومنيوم المستورد إلى الولايات المتحدة، على أمل أن ترتفع أسعار هذه المنتجات، وعندها تتمكن المصانع الأمريكية من منافستها. أما الدول التي تعاني من فرض هذه الجمارك، فقد ردت بالمثل، والصين أعلنت بانها ستفرض جمارك على المنتجات التي تصدرها الولايات المتحدة إليها، وهكذا تتقلص الصادرات الأمريكية التي ستصبح أغلى، وهكذا دواليك. في الواقع المتبلور لا يوجد سبيل لوقف التدهور نحو "حرب اقتصادية" إلا على أساس تسوية تشبه تلك التي كانت موجودة قبل قرار ترامب.
دائرة النزاع. هناك توتر دولي آخر ينشأ حاليا، إذ أن بريطانيا تشتبه بان روسيا اغتالت بالغاز السام جاسوسا روسيا، جعله البريطانيون جاسوسا مزدوجا، وقد اعتقل في وطنه وتم إطلاق سراحه في إطار تبادل للجواسيس. ووفقا لادعاء البريطانيين، فان نوع الغاز الذي أدى إلى تسميم الجاسوس لا يوجد إلا في روسيا، التي تملك وحدها الدافع لتصفيته. وعلى الرغم من أن البريطانيين لا يملكون، اغلب الظن، الدليل الواضح على أن السلطة الروسية هي التي أرسلت القتلة، إلا أن لديهم أدلة ظرفية تعتمد على آثار تركت في ساحة الجريمة، وربما أيضا، معلومات استخبارية. بريطانيا وحلفاؤها الغربيون قرروا طرد أكثر من 100 دبلوماسي روسي كعقاب، في رد استثنائي في حجمه. كما أن الولايات المتحدة فرضت عقوبات على المقربين من بوتين، فردت موسكو على ذلك بالإعلان عن طرد عشرات الدبلوماسيين الغربيين، وليست هناك نهاية للنزاع.
المشكلة النووية. في الشهرين القريبين يتوقع حدثان سيضيفان إلى التوتر في العالم. الأول هو لقاء ترامب وزعيم كوريا الشمالية، كيم يونغ أون. إذا أقام الرجلان قناة حوار، فسيقل التوتر الدولي جدا. نأمل ألا يحصل العكس، والا فستعود كوريا الشمالية إلى التجارب النووية.
​كما يرتبط الحدث الثاني بالنووي، الإيراني. إذا ابلغ الرئيس الأمريكي الكونغرس، مثلما وعد في الانتخابات، بان إيران لا تنفذ الاتفاق الموقع في 2015، وبذلك يؤدي ربما إلى إلغاء الاتفاق، فسيزداد التوتر في المنطقة وفي العالم بشكل عام. وبشكل غير مخطط له يمكن للولايات المتحدة أن تحسن جدا مكانتها حيال كوريا الشمالية وإيران، إذا ما عملت ضد الأسد بسبب استخدامه للسلاح الكيميائي، بقوة تناسب القوة العظمى.
المصلحة الإسرائيلية. إسرائيل أصغر من أن تؤثر على الحرب التجارية، ولكنه من المفضل لاقتصادها وجود عالم بلا قيود. ومن المهم، أيضا، وجود منظومة العلاقات الخاصة لإسرائيل مع الروس، الذين يعملون في منطقة لنا فيها مصلحة أمنية – وعليه فان إسرائيل لا تتدخل في صراع الغرب مع روسيا. وبالمقابل، توجد لإسرائيل مصلحة في الوضع بين إيران والولايات المتحدة، ولا توجد لديها، أغلب الظن، سياسة واضحة بالنسبة لوضع يتم فيه إلغاء الاتفاق، ومن شأن إسرائيل أن تجد نفسها منعزلة، سواء في الصراع لمنع تحول إيران إلى بلد نووي، أم في محاولة احتوائها في سوريا.
ريفلين انتقد والرئيس البولوني تحدث عن جدته
يكتب ناحوم برنياع، في "يديعوت أحرونوت"، أن "مسيرة الأحياء" (زيارة الإسرائيليين إلى معسكرات الإبادة في ذكرى الكارثة) هي حدث مربك: فمن جهة، يشكل تظاهرة قوة مثيرة للتضامن اليهودي وفرصة لإشراك آلاف الشبان اليهود البعيدين عن التاريخ اليهودي، في ذكرى الكارثة؛ ومن جهة أخرى، هو مهرجان. يجب زيارة معسكر أوشفيتس بهدوء، بالتوحد مع القتلى، وليس في حشد بهيج.
كان الجو حارًا أمس في "أوشفيتس". درجة الحرارة 24، والشمس تبهر البصر – حالة خمسينية تقريبًا بالمصطلحات البولندية. طقس رائع للنزهة في الغابة، لكنه مضلل حين تحتضن الغابة معسكر بيركينو، الأرض التي قتل عليها مليون يهودي.
لقد أحيت مسيرة الأحياء، هذا العام، ثلاث مناسبات سنوية: مرور 75 سنة على انتفاضة غيتو وارسو، 70 سنة على قيام دولة إسرائيل، و30 سنة على تنظيم مسيرة الأحياء. لكنها بشكل يفوق حدوثها في ظل هذه الأحداث، جاءت في ظل القانون البولندي الجديد الذي يحظر اتهام البولنديين بالكارثة. لقد قال الرئيس رؤوبين ريفلين كلمات قاسية حول هذا الموضوع من على المنبر، في مهرجان بيركينو الذي أنهى المسيرة. وقال كلمات لا تقل في قسوتها خلال الاجتماع مع الرئيس البولندي أندريه دودا في ساعات الظهر في أوشفيتس.
كان اللقاء بينهما مثل حوار الصم. لقد قال ريفلين، إن "العلاقات الثنائية بين إسرائيل وبولندا ممتازة. لكن يجب أن أخبركم بأن ظلالاً كثيفة تثقل على علاقاتنا، يجب أن تفهم شعور الشعب اليهودي – لقد نمت المحرقة على الأرض البولندية، نحن نقدر كل أولئك الذين ضحوا بحياتهم لإنقاذ اليهود، لكن كانت هناك ظواهر أخرى، أناس قتلوا سولبوا. أعلم أن هناك رأي عام وأحيانا هناك رغبة في إرضائه وأحيانا لتغيير القوانين، لكن قانون الكارثة يسبب أزمة خطيرة، وهذا القانون يمكن أن يدفع الناس إلى الاعتقاد بأنكم غير مستعدين للتعامل مع ماضيكم في الكارثة.
ولم يرد الرئيس البولندي في الواقع على مزاعم ريفلين. وفضل أن يحكي للرئيس عن جدة زوجته اليهودية التي رفضت دوس الأراضي البولندية. وقال الرئيس البولندي "لديكم صديقة كبيرة، الولايات المتحدة، وصديقة صغيرة، بولندا". "بولندا ستكون عضوًا في مجلس الأمن خلال العامين القادمين، وأستطيع أن أعد بأنه لن يكون أكثر منا ولاء لمواقف إسرائيل".
ووعد دودا بأنه عندما سيصل القانون إليه، بعد انتهاء مناقشته في المحكمة، سيعيده إلى البرلمان البولندي لإجراء بعض التعديلات. لكنه لم يقل ما هو حجم هذه التعديلات. في خطابه خلال المسيرة، اختار دودا تجاهل الجدل حول القانون. وألقى بالمسؤولية الكاملة عن الإبادة على الأراضي البولندية على الألمان. وقال "لم يكن هناك معاداة للسامية في أوشفيتس، ولم تكن هناك عنصرية ولم يكن هناك إبادة حتى جاء الألمان".
ليس كل البولنديين يفكرون بنفس الطريقة. عند الخروج من أوشفيتس، حيث بدأت مسيرة الثلاثة كيلومترات إلى بيركينو، كانت تقف مجموعتان كبيرتان من البولنديين، أصدقاء إسرائيل، في انتظار المشاركين في المسيرة. وقد لوحوا بملصقات باللغة العبرية، كتب عليها "نحن نعتذر"، "نتأسف". وقدموا الزهور للمشاركين.
ولكن ربما كان أكثر ما يميز بولندا هم سكان المكان، الذين تابعوا العرض بفضول، من مسافة بعيدة، من دون قول كلمة واحدة. لقد وقفت عائلة واحدة في زاوية الشارع، الجدة والجد، الأب وطفلتيه. لم يصفقوا، ولم يشجبوا. أوشفيتس هو الموقع الأكثر زيارة في بولندا. الكثير من البولنديين لا يسارعون إلى الترحيب بالسياح.
لقد أقنع ريفلين رؤساء جميع الأذرع الأمنية بمرافقته في الرحلة. وأضفت مشاركتهم أهمية كبيرة لهذه المسيرة، وفي الوقت نفسه، أكدت التقارب بين ريفلين وهذه المجموعة الهامة، في الوقت الذي يتعرض فيه أحدهم، مفوض الشرطة روني ألشيخ، للاستهداف من قبل رئيس الوزراء. حقيقة أن رئيس الأركان غادي ايزنكوت تمكن من تكريس يوم كامل للمشاركة، رغم التوتر العالي في الشمال، تستحق الإشارة. وقال لي إيزنكوت: "لقد أجرينا تقييماً للوضع وقررت أنه يمكنني السفر". من المعقول أن نفترض أن رئيس الأركان قام أيضاً بموازنة أهمية قراره برفض المشاركة. في الجيش الإسرائيلي لا يريدون إثارة الذعر.
عندما عقب الرئيس ترامب على مذبحة المدنيين في سوريا، قال إنه سيتصرف عسكريا خلال 48 ساعة على الأكثر. في إسرائيل لم يتعاملوا مع تصريحه بشكل حرفي.
لقد أرسل كل ذراع من أذرع الأمن وفداً كبيراً إلى "مسيرة الأحياء". الضابطان الرفيعان في الوفد هما اللواء بولي مردخاي، منسق أعمال الحكومة في المناطق، والنائب العسكري الرئيسي، العقيد شارون أفيك. كما ضم الوفد الجنرال (احتياط) يوسي بيلد، أحد الناجين من الكارثة، وعدد من الناجين الذين رافقهم أحفادهم الجنود والجنديات. كما ضم رئيس الأركان إلى الوفد الرائد كيرن بروش، التي قتلت جدتها ميري كانول قبل أسبوعين في باريس فيما بدا أنه هجوم على خلفية قومية.
لقد التحقت بالوفد العسكري خلال زيارته لأوشفيتس. كان من المثير للاهتمام متابعة رد فعل الجمهور عندما شق الوفد، الذي ضم عشرات العسكريين، طريقه بين الحشود. كان الاكتظاظ شديدا. ومع ذلك، فقد تراجع الجمهور، ومعظمهم من الشبان والشباب اليهود من الدول الغربية، إلى الوراء. وصفق الشبان عندما عبر الجنود بينهم وبين بعضهم هتفوا "شكرا" و "كل الاحترام" وأصروا على حقهم في التقاط "صورة سلفي" مع الجنود الذين يرتدون الزي العسكري.
الكلمة المهيمنة في مثل هذا اليوم هي "الذكرى". هل يتذكر اليهود، هل يتذكر البولنديون، من يتحمل مسؤولية التذكر وحتى متى؟
المتحدثون كانوا أقل انشغالاً بمسألة ما الذي يستفاد من الذكرى، ما هي العبرة. "مسيرة الأحياء" ليست منصة لمناقشة دروس الكارثة. الرسالة واحدة: انتصرنا. شعب إسرائيل حي.

التعليـــقات