رئيس التحرير: طلعت علوي

تقرير لمركز معا: سلال لفصل النفايات الكرتونية في رام الله ولكن!

الثلاثاء | 03/04/2018 - 08:10 صباحاً
تقرير لمركز معا: سلال لفصل النفايات الكرتونية في رام الله ولكن!

 

ناقش تقرير أخير لمركز العمل التنموي/ معا واقع انتشار سلال لجمع النفايات الكرتونية في بعض أحياء مدينة رام الله، على مقربة من المحال التجارية وهي مليئة بالألواح الكرتونية، لكن ولأسباب فنية تتعلق بغياب مكبات متخصصة؛  فالفصل يكون مؤقتاً لحين الدمج مع باقي النفايات في مكب رام الله.

يشير التقرير الذي أعدته الصحفية ربى عنبتاوي إلى أن المشروع في جوهره لم يسعَ لهذه النتيجة، فقد تم البدء بتطبيق سياسة فصل الكرتون في مدينة رام الله تحديداً عام 2015 من خلال شركة نقل نفايات بالتعاون والاتفاق مع بلدية رام الله، الشركة صمّمت السلال وتولّت عملية تفريغ الحمولة ومن ثم نقلها إلى الداخل المحتل مدينة "الخضيرة" وتحديداً مصنع أمنير لتدوير الورق والكرتون، الأخير الذي كان يشتري الطن سابقاً بـ 320 شيقل، لكنه خفّض سعر الشراء في الفترة الأخيرة إلى ( 100 شيقل للطن) ما حدا بالشركة إلى التوقف عن إرساله إلى المصنع الإسرائيلي، بعد أن أصبح النقل مكلفاً جداً.


في صيف العام الماضي 2017، تعاقدت البلدية مع شركة جديدة "الفرسان الثلاثة" التي استفادت من تجربة نظيرتها، فابتعدت عن بيع الكرتون بخسارة لإسرائيل، واتفقت مع البلدية على وضع سلال جديدة للكرتون وتحويل حمولتها إلى مكب رام الله، بحيث تُخلط مع باقي النفايات بعد أن تكون قد فصلت عنها لأيام.
رئيس قسم النفايات الصلبة في بلدية رام الله" سعيد أبو زيد" يقول للمجلة أن المبادرة بدأت قبل ثلاث سنوات عبر وضع ثلاثين سلة بالقرب من المحال التجارية في عدد من أحياء المدينة -صُممت على غرار سلال الكرتون العالمية- بهدف الحفاظ على النظافة العامة وخاصة في نقاط البيع واستغلال هذه النفايات عبر تدويرها، حيث تشكّل المحال الكبيرة كالسوبرماركت مصدراً للنفايات الكرتونية التي كانت تُلقى على الطريق، أو أرضٍ قريبة خالية، أو بجانب الحاوية ما يلوث المكان، ويصعّب على عمال البلدية جمعها.

استحسان الفكرة
يلفت أبو زيد إلى أن وضع سلال فصل الكرتون بات أمراً واقعاً في مدينة رام الله، مشيراً إلى أن البداية مع المحال شهدت أحياناً بعض الخروقات حيث لم يلتزم جزءٌ منهم واستمروا يلقون الكراتين على الأرض أو قرب الحاوية، ما حدا بالبلدية إلى فرض غرامات مالية تتراوح ما بين 50-100 دينار أردني. ولكنه عاد وأكد تنامي الاهتمام بالسلال وثقافة الفصل من المحال نفسها والزبائن حيث تساءلوا عن سر إزالتها لشهر ونصف خلال فترة التعاقد مع الشركة الجديدة، وطلبوا إعادتها.
يشير فراس ابن علي" مسؤول الموازين والمكاييل في الشركة التي تعاقدت معها بلدية رام الله مؤخراً إلى أنهم يقومون بتفريغ حمولة السلال كل ثلاثة أيام بشكل يدوي في شاحنات تتسع كل واحدة لخمسة أطنان تذهب إلى مكب رام الله، فيما يتم يومياً تفريغ نفايات الحاويات الصلبة ونقلها إلى مكب زهرة الفنجان في جنين.


وأضاف: " ثقافة الفصل ستنمو في وعي المواطنين طالما بقيت السلال...ولكن نتيجة هذا الفصل حالياً هي المخيبة للتوقعات".
ولأن هذه النتيجة لا ترضي البلدية، يرى أبو زيد أن هدر كل كمية الكرتون الناتجة عن المحال التجارية خسارة كبيرة في ظل غياب مصنع متخصص بتدوير الكرتون، مناشداً وزارة الاقتصاد دعم تأسيس منشأة لإعادة تدوير هذا النوع من النفايات، وقال: "بدلاً من استيراد كراتين البيض من إسرائيل يمكننا صنعها محلياً وتقليل حجم النفايات عموماً".
تسعى بلدية رام الله وفق أبو زيد لتعميم ثقافة فصل النفايات، وهذا ما بدأت بتطبيقه في بعض الأحياء الراقية كالريحان، وإسكان بيرزيت في الطيرة، والحي الدبلوماسي وغيرهم، حيث وفّرت ثلاث حاويات عند كل فيلا على غرار حاويات الفصل العالمية مقسمة كالتالي: عضوية، بلاستيكية، ونفايات أخرى، الحاويتان الأولى والثانية يتم التخلص من محتوياتهما في مصانع تعيد تدوير البلاستيك والنفايات العضوية، أمّا الحاوية الثالثة فيذهب محتواها لمكب زهرة الفنجان.

من سلال فصل إلى محارق في البيرة
على أرض ترابية خالية تحتفظ بلدية البيرة بسلال تجميع الكرتون التي قامت بإزالتها من نقاط انتشارها بالقرب من المحال التجارية "السوبرماركت" بعد أن توقفت الشركة -التي تتعاقد معها البلدية هذا العام- عن مهمة نقل الكرتون لذات الأسباب التي أبعدت الشركات الأخرى عن التوجه للأراضي المحتلة، وهي الخسارة المالية.
هذا ما أوضحه مدير الصحة والبيئة في بلدية البيرة "د.اياد ضراغمة" مشيراً إلى انه في عام 2014 وزّعت بلدية البيرة 50 سلة على نقاط تجمّع المتسوقين، مثل الحسبة، السوبرماركت، المحال الكبيرة، لكن توقف عمل الشركة بما يتعلق بتفريغ السلال ونقلها للداخل المحتل، فتحولت الأخيرة بممارسات فردية من عبوات للفصل إلى محارق ما نتج عن ذلك مكارهٌ صحية وتلوث، فاضطرت البلدية لإزالتها.


وأشار ضراغمة إلى غياب مصانع لتدوير الورق، وبالتالي يصبح تفريغ السلال يدويا ومن ثم كبسها بالشاحنة ونقل الكرتون إلى إسرائيل عملية مكلفة، ما يبتعد عن هدف الفصل الأساسي المتمثل بتقليل كمية النفايات بإعادة تدويرها وتقليل التكلفة العامة، لذلك تكون عملية جمع الكرتون المخلوط مع باقي النفايات الصلبة بشكل يومي في حاوية واحدة، وفق ضراغمة، اقل كلفة وجهداً ومال.
وأكد أن السلال في عهدة البلدية، وهم ينتظرون تقديم شركة أخرى لحلٍ مجدٍ أو إنشاء مصنع يعيد تدوير الكرتون، أو الانتهاء من مكب رمون الصحي لفصل النفايات الذي تعطل انشاؤه حتى اليوم لأسباب سياسية وأخرى تتعلق بالمجتمع المحلي للمنطقة.

سلطة البيئة تشجع وتشبك
تشير رئيسة سلطة جودة البيئة "عدالة الأتيرة" أن دور مؤسستها تشبيكي وفني لأي مبادرة من شأنها أن تصب في نطاق تدوير النفايات وليس الدعم المالي لتأسيس مصانع متخصصة بهذا الشأن، مؤكدة تشجيع السلطة المطلق لأي مشاريع بيئية تنسجم مع الإستراتيجية الوطنية لإدارة النفايات الصلبة (2017-2022) والتي تركز على كون النفايات مورداً مهماً يجب استغلاله.
"ندعم المشاريع البيئية عبر توفير قنوات تشبيك بين البلديات ورؤوس الأموال المهتمين مؤخراً بالاستثمار بمجال النفايات، وذلك في ظل وجود بيئة تشريعية من ناحية قانونية تشجع الاستثمار بكل ما يتعلق بالبيئة وفصل النفايات الصلبة". قالت الأتيرة

النيّات وحدها لا تكفي
تسعى الإستراتيجية الوطنية لإدارة النفايات الصلبة كما ذُكر خلال مراسم الإعلان عنها أواخر العام الماضي، إلى تغيير سلوك المواطنين البيئي وزيادة مشاركتهم في عملية إدارة النفايات الصلبة، وتقليل إنتاج النفايات وتباعاً خفض الكميات المخصصة للتخلص النهائي منها وطمرها إلى 10% على المدى البعيد.
ومن الجدير ذكره الإشارة إلى أن كمية النفايات الصلبة الناتجة يومياً في الضفة الغربية وفق الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني لعام 2015 يصل إلى 18350 طناً. ووفق ذات الجهاز؛ تحتل المخلفات العضوية النسبة الأكبر من النفايات المنزلية بـقيمة (82 ألف طن) سنوياً لعام 2011، تليه حفاضات الأطفال ( 14 ألف طن)، فيما يحتل الكرتون والورق المرتبة الثالثة بنسبة (2000 طن)، وجاءت المرتبة الرابعة للنفايات البلاستيكية وأخرى بقيمة (900) طن.
لا تختلف أزمة الكرتون عن واقع النفايات الصلبة الأخرى في الأراضي الفلسطينية، وهي ترتبط بتطبيق إستراتيجية وطنية لإدارة النفايات، فالكرتون في رام الله -كما أشار التقرير- يُفصل في سلال لكنه يعود ليُجمع مع النفايات الأخرى في مكب واحد، بينما جُمّد الموضوع في بلدتي البيرة وبيتونيا لحين إيجاد حلٍّ عملي، وهذا يشير إلى أن النيّات الصادقة وحدها لا تكفي، بل يجب تحقيق الهدف الرئيس من الفصل سواء بتشجيع الاستثمار في قطاع النفايات وإيجاد مصانع لاستقبال هذا الكم الكبير منها، أو العمل على الإسراع في تنفيذ المكب الصحي المزمع إنشاؤه في قرية رمون غربي رام الله، وتحدي كل العراقيل التي تقف حائلاً أمام تنفيذ المشروع.

التعليـــقات