رفضت تركيا امس (الجمعة)، أي وساطة فرنسية لاجراء حوار بين أنقرة و«قوات سورية الديموقراطية» (قسد)، التحالف العربي - الكردي الذي تهيمن عليه «وحدات حماية الشعب» الكردية والتي تعتبرها أنقرة منظمة إرهابية، وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مخاطباً الفرنسيين: «من انتم لكي تتحدثوا عن وساطة بين تركيا ومنظمة ارهابية؟».
وقدم الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون هذا العرض خلال لقائه وفداً من «قوات سورية الديموقراطية» في وقت متأخر الخميس.
إلا أن تركيا رفضت ذلك بشكل مطلق، في خطوة من المرجح ان تزيد التوترات بينها وبين فرنسا التي عبرت عن قلقها في شأن العملية العسكرية التركية التي تجري في شمال سورية.
وقال الناطق باسم الرئاسة التركية ابراهيم كالين: «نرفض أي جهد يهدف الى تشجيع حوار او اتصالات او وساطة بين تركيا وهذه المجموعات الارهابية».
وكان ماكرون قال إنه يأمل في بدء «حوار» بين الجانبين بمساعدة باريس والمجتمع الدولي.
وشكلت «قوات سورية الديموقراطية» خلال السنوات الاخيرة رأس حربة في مكافحة تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) في سورية.
وتعتبر تركيا المكون العربي في هذه القوات واجهة تهدف الى اعطاء شرعية لـ«وحدات حماية الشعب» الكردية التي ترى فيها امتداداً في سورياً لحزب «العمال الكردستاني» المصنف منظمة «ارهابية» من قبل انقرة وحلفائها الغربيين.
ويشن الحزب تمرداً داخل تركيا منذ 1984 وتعتبره تركيا جماعة «ارهابية».
وأطلقت تركيا في كانون الثاني (يناير) الماضي هجوماً ضد «وحدات حماية الشعب» الكردية، في شمال سورية وطردتها في 19 اذار (مارس) الجاري من معقلها عفرين.
وقال كالين أن هذه الجماعات تسعى الى «اضفاء الشرعية على نفسها». واضاف: «بدلاً من اتخاذ اجراءات من شأنها ان تترجم على انها اضفاء الشرعية على المنظمات الارهابية، على الدول التي نعتبرها صديقة وحليفة ان تتخذ موقفاً حازماً ضد الارهاب بكل أشكاله»، مؤكداً ان «الاسماء المختلفة والمتنوعة لا يمكن ان تخفي الهوية الحقيقية لمنظمة ارهابية».
وعملت فرنسا والولايات المتحدة بشكل وثيق مع مقاتلي «وحدات حماية الشعب» الكردية في القتال ضد تنظيم «داعش» في سورية، وخلال محادثات أمس اشاد بـ«التضحيات وبالدور الحاسم لقوات سورية الديموقراطية» في مكافحة التنظيم المتشدد.
إلا ان الرئيس التركي لم يرحب بتلك التصريحات، وقال انه «حزين جداً» لموقف فرنسا «الخاطئ تماماً».
وقال أردوغان في خطاب حاد القاه في انقرة: «أود التأكيد انني حزنت جداً للمقاربة الخاطئة تماماً لفرنسا بخصوص هذا الموضوع». واضاف: «من انتم لكي تتحدثوا عن وساطة بين تركيا ومنظمة ارهابية؟».
وتحدث ماكرون وأردوغان مرات عدة هاتفياً منذ بدء العملية التركية في 20 كانون الثاني (يناير) الماضي.
وتبنى نائب رئيس الوزراء التركي بكير بوزداغ خطاً أكثر تشدداً وانتقد فرنسا وحذر من أن تركيا ستراقب اي بلد يتعاون مع «الارهابيين».
واضاف ان «تطمين فرنسا لمنظمات حماية الشعب الكردية وحزب الاتحاد الديموقراطي ووحدات حماية الشعب الكردية، الارهابية بتقديم الدعم لها هو تعاون وتضامن واضح مع جماعات ارهابية تهاجم تركيا».
واضاف بوزداغ ان «أي جهة تتعاون مع جماعات ارهابية ضد تركيا .. وتهاجم تركيا الى جانب الارهابيين، ستحصل على نفس المعاملة التي نعامل بها هؤلاء الارهابيين»، مؤكدا انها «ستصبح هدفاً لتركيا».
وقال بوزداغ انه يأمل في الا تقوم فرنسا بمثل هذه «الخطوة الطائشة».
وبعد حوالى 10 أيام من العملية التركية في سورية، أثار ماكرون غضب المسؤولين الاتراك بقوله ان فرنسا ستعتبر وجود «مشكلة حقيقية» اذا تبين ان هذه العملية هي «غزو».
واستدعت هذه التصريحات رداً حاداً من السلطات التركية التي قالت ان تركيا لم تكن مطلقا «قوة مستعمرة»، داعية باريس الى مراجعة ماضيها.
وفي 18 آذار (مارس) الجاري سيطرت القوات التركية وفصائل معارضة سورية مدعومة من انقرة بشكل كامل على منطقة عفرين ما ادى الى انسحاب «وحدات حماية الشعب» الكردية من دون أية مقاومة.
رويترز