رئيس التحرير: طلعت علوي

تقليص فترات ركود الاقتصادات

الثلاثاء | 30/01/2018 - 01:37 مساءاً
تقليص فترات ركود الاقتصادات


أنطونيو فاتس


تعتقد البنوك المركزية أن خسائر الناتج التي تسبب فيها الركود أصبحت دائمة، وستقلص من هذا الضرر سياسة إجراءات أشد ضراوة لتقليص طول وعمق وتيرة فترات الركود.


هناك تشاؤم يتنامى لدى البنوك المركزية إزاء إمكانات النمو في الاقتصادات المتقدمة. ففي الولايات المتحدة ومنطقة اليورو وبريطانيا تقوم البنوك المركزية بتقليص تقديراتها لفجوات الناتج، أي الفارق بين الناتج الاقتصادي الفعلي والناتج الممكن لديها.
وأصبحت تعتقد الآن أن بعض خسائر الناتج التي تكبدتها أخيرا أصبحت دائمة بدلا من كونها ضمن الدورات الاقتصادية.
ويستطلع كاتب في صحيفة "فاينانشيال تايمز" هذه المسألة، فما الذي يترتب على ذلك على صعيد السياسة المالية؟ وإذا لم يكن الناتج بعيدا عن إمكاناته، فلا داعي للبنوك المركزية أن تتصرف، والمرجح أننا سنرى عودة إلى الوضع الطبيعي للسياسة المالية إزاء هذه الحال.
فما الذي دفعها لتغيير تفكيرها؟ وهل هذا دليل متسق مع النماذج الاقتصادية المعيارية التي نستخدمها عند التفكير في التطورات ضمن الدورات الاقتصادية؟


لطالما كان قياس الناتج المحتمل أو الاقتصاد البطيء أمرا مربكا. ويمكن الاعتماد على النماذج التي تتضمن العوامل التي تدفع بالناتج المحتمل مثل الإنتاجية أو العوامل الديموغرافية والأسهم الرأسمالية، أو يمكن النظر بالمؤشرات الأكثر تحديدا للسعة الخاملة مثل الاستفادة من السعة أو معدل البطالة.
وتشير عادة المقاييس الضيقة للسعة الخاملة إلى تقلص دائم محتمل في الناتج، وبدأت معدلات البطالة في الولايات المتحدة تحديدا في الانخفاض، ووصلت الاستفادة من السعة لمستويات قريبة من اعتبارها طبيعية. ومثال على ذلك هناك أحدث تقرير عن التضخم من بنك إنجلترا، الذي يشير إلى أنه: "توحي الدراسات بأن هامش السعة الاحتياطية ضمن الشركات قد تقلص عام 2013، حيث إن الشركات كانت تعمل بمستويات قريبة من المستوى العادي من الاستفادة من السعة".


لكن كلا من هذين المقياسين رغم أنهما يقدران السعة الخاملة على المدى القصير، فهذه السعة مربكة كمؤشر للنمو الممكن. ففي حال البطالة فإن أحد الأسباب الرئيسة لانخفاضها في الولايات المتحدة هو انخفاض معدلات المؤهلين للعمل، ولكن بعض هذه التغييرات الدائمة في القوى العاملة ناتجة من الركود الطويل. وهناك دليل في الولايات المتحدة حيث العمال من العاطلين عن العمل لفترات طويلة يصابون باليأس ويخرجون من سوق العمل بمعدلات كبيرة. ويمكن التبرير بطريقة مماثلة في حال الاستفادة من السعة، فقد يكون ما نحصل عليه يقترب من المعدل الطبيعي من مستويات الاستفادة. لكن هل السعة هي في معدل طبيعي؟ فمن البديهي أن تؤدي معدلات الاستثمار المنخفض في وقت طويل إلى سعة أقل. يعد ذلك بمنزلة حالة معاكسة لقانون "ساي"، الذي يفترض أن العرض يوجد الطلب المقابل له، فالطلب هنا هو "الاستثمار الذي يستجيب لظروف الدورة الاقتصادية" ويولد العرض الخاص به أي السعة. وهناك ورقة بحث كتبتها قبل سنوات عن نموذج بدليل تجريبي يؤيد هذا الافتراض.


تشير وجهتا النظر هاتان إلى الاتجاه ذاته، ويمكن لدورة العمل أن تترك جراحات دائمة أو مزمنة على أقل تقدير على الناتج من خلال التأثيرات التي تفعل فعلها في الأسهم الرأسمالية أو القوى العاملة. ولكن من المهم فهم أن التأثيرات الدائمة جزء من تبعات الركود ذاته.
فلو استطعنا تقليص طول وعمق فترات الركود فسوف نقلص هذه التأثيرات الدائمة. وفي هذا السياق فإن تقبل هذه التغييرات على أنها هيكلية ولا مفر منها موقف متشائم جدا، ويقود لتجنب التصرف إزاءها ويجعل الأمور تسوء أكثر. فلو طالعت الدليل بدقة فإنك سترغب في العكس، وتود أن تكون أكثر ضراوة لتجنب ما يبدو أنه ثمن باهظ أكثر لفترات الركود.

التعليـــقات