رئيس التحرير: طلعت علوي

القدس عروسة عروبتكم

الأربعاء | 17/01/2018 - 09:09 مساءاً
القدس عروسة عروبتكم

د. نبهان عثمان*


معذرة مظفر النواب، ان لا اكمل قصيدتك، والقدس تعيش الان ظروفاً لايحمد عقباها. وبعض الاعراب منشغلين في التآمر على بعضهم بعضاً، وفي شحذ الخناجر والسيوف لقطع دابر عروبتهم، وتدمير ما بناه ابناء العروبة في الماضي القريب والبعيد، والقدس اصبحت بالنسبة لبعضهم قضية ثانوية، لا تستحق الاعتراض على قرار رئيس الولايات المتحدة الامريكية بالاعتراف بان القدس عاصمة الكيان الصهيوني، ونقل سفارته من تل ابيب الى القدس، متحدياً كل قرارات هيئة الامم المتحدة وضارباً بعرض الحائط موقف المجتمع الدولي، الذي يرفض قراره، والذي اكده المجتمع الدولي بالتصويت بنعم لقرار الجمعية العمومية لهيئة الامم المتحدة عندما صوتت 129 دولة ضد قرار ترامب مؤكدةً ان قراره لا قيمة له ولا اثر قانوني له.

    الشعب الفلسطيني، قال كلمته لترامب، ان قرارك لن يمر والاحرار في الشعوب العربية والاسلامية ومن شعوب العالم ايضاً، اكدوا ان القدس عربية وعاصمة لدولة فلسطين، وان قرار ترامب مرفوض مرفوض.

    الشعب الفلسطيني كما عهدناه بمسيحيه ومسلميه، بكنائسه ومساجده، وقف وقفة رجل واحد متحديا كل اساليب البطش والقمع والقتل الاسرائيلية، ليقول لدولة اسرائيل القول الذي طالما رددته الاجيال الفلسطينية الخمسة منذ وعد بلفور، أخرجو لكِ، من تآمر على الشعب الفلسطيني، شهادة ميلاد، واعترفو بكِ، ودعموكِ بالسلاح والمال، وبتزوير الحقائق والتاريخ، نحن الشعب الفلسطيني لن ولن نوقع على شهادة ميلادكِ، وستبقي دولة مغتصبة لارض فلسطين، وستبقي دولة غير شرعية في الوطن العربي وفي هذه الدنيا، مهما طال الزمن، لحين عودة ارض فلسطين لشعبها الفلسطيني.

    اسرائيل تمتلك القوة والجبروت وتمتلك حتى القنابل الذرية، لكنها تدرك وتعرف انها دولة لقيطة، وان قنابلها الذرية غير قادرة ان تنتزع اعتراف الشعب الفلسطيني بها كدولة. وانها تعي بقرارة نفسها ان كلمة الاعتراف بها من الشعب الفلسطيني، اقوى تأثيراً وفعلاً من كل اسلحتها وقنابلها الذرية.

الشعب الفلسطيني عبر تاريخه قدم من أجل القدس ومن أجل أرض فلسطين، الشهداء والجرحى والأسرى، وسيقدم في المواجهة المستمرة ضد الاحتلال الاسرائيلي، الكثير من التضحيات، لكن هل هذه التضحيات التي يقدمها الشعب الفلسطيني من أجل القدس، تكفي للحفاظ على عروبة القدس وتثبيت المقدسيين فيها؟.

بالتأكيد هذا لايكفي، وخاصة عندما نعلم أنّ 160 ألف مواطن مقدسي، يعيشون خارج أسوار القدس، بسبب ضغوطات الاحتلال عليهم، بالتأكيد لا تكفي حين نعلم أيضاً أنّ 30% من المحال التجارية الفلسطينية في القدس القديمة مغلقة، وان الاسواق في القدس القديمة لم تعد تشكل مصدر جذب للمستهلك لإرتفاع الأسعار، بسبب عدم قدرة الاسواق الفلسطينية على منافسة المحال التجارية الاسرائيلية، التي تلقى كل الدعم من الاحتلال.

كيف نحافظ على عروبة القدس ؟

الحفاظ على عروبة القدس، يتطلب اولاً الحفاظ على التواجد المقدسي لابناء القدس، والحفاظ على تاريخها العربي فيها بشقيه المسيحي والاسلامي، وتعزيز وتثبيت التواجد المقدسي لابناء القدس، يتطلب الاقدام على وضع خطة كاملة متكاملة، تشمل الكثير من البرامج والانشطة والخطط، من أجل تطوير وتنمية شتى القطاعات الاقتصادية والاجتماعية  والتربوية والاعلامية وغيرها الكثير من الانشطة والخطط، التي تساعد على الحفاظ على عروبة القدس كعاصمة لدولة فلسطين، ومن تلك البرامج والخطط والانشطة:

    •    تأمين الموارد المالية والفنية، لتنفيذ مشاريع التنمية والتطوير لشتى القطاعات في القدس.
    •    تقديم الدعم والعون لاهالي القدس، لتعزيز صمودهم وثبانهم في القدس.
    •    إعادة إسكان أهالي القدس، الذين يسكنون خارج أسوار القدس، من خلال تقديم ما يساعد على تحسين الحياة المعيشية والخدماتية لهم.
    •    دعم المؤسسات الاهلية والتربوية والثقافية والاجتماعية المقدسية، وفق خطط تنموية مدروسة مسبقاً.
    •    إعادة فتح المحال التجارية المغلقة في القدس القديمة.
    •    القيام بحملة إعلامية، لإحياء الحضور المقدسي في القدس القديمة.
    •    القيام بحملة إعلامية لمقاطعة المحال التجارية الاسرائيلية.
    •    إقامة المعارض والمهرجانات المتنوعة داخل القدس، وخاصة القدس القديمة.

    •    خلق وسائط جذب للمواطنين المقدسيين للعيش في القدس.
    •    العمل على إقامة مراكز تجارية جديدة في القدس ذو جذب تجاري سياحي مع مراعاة التنوع التجاري والجودة والاسعار.
    •    العمل على ترميم المباني التاريخية الاسلامية والمسيحية، والاسواق القديمة، وتجميلها بحيث تشكل اماكن جذب للسياح.
    •    إعداد دليل سياحي بعدة لغات حول القدس، اماكنها التاريخية وتاريخ القدس.

كل ما سبق الاشارة إليه وغيره، يحتاج الى وضع آلية لتنفيذه، أولها توحيد المرجعيات المقدسية في نطاق اطار منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية، كي تصبح المرجعية الرسمية المسؤولة على الحفاظ على عروبة القدس وما يتبع ذلك، ومن أجل ان تكون المرجعية الرسمية الوحيدة، التي يرجع إليها كافة المؤسسات الوطنية والاقليمية والدولية.
ومن أجل تنفيذ كل ما تم الاشارة إليه، من الضروري والأهمية، إنشاء صندوق يأخذ الطابع الشعبي للقيام بواجب تأمين الموارد المالية من الجهات الرسمية والشعبية في الشعب الفلسطيني والعربي والاسلامي والدولي.
وفي نهاية الامر، علينا أن ندرك، أن الصراع مع الاحتلال الاسرائيلي، ماهو الاّ صراع ارادات، بمقدار ما تخلق من حقائق على أرض الواقع، بمقدار ما نكون قد حافظنا على عروبة القدس، وثبتنا أقدام ابناءها فيها.

 

*عضو المجلس المركزي لــــ م.ت.ف
  رئيس الاتحاد العام للاقتصاديين الفلسطينيين

                                                        

التعليـــقات