رئيس التحرير: طلعت علوي

نظرة «أوبك» إلى أسواق النفط المستقبلية

الخميس | 16/11/2017 - 07:47 صباحاً
نظرة «أوبك» إلى أسواق النفط المستقبلية

 

وليد خدوري

 

ما هي التصورات المتوقعة لأسواق النفط خلال العقدين المقبلين، بخاصة في ظل تبني قوانين بيئية عالمياً تحد من استعمال السيارات ذات محرك الاحتراق الداخلي واستبدالها بالسيارة الكهربائية أو الهجينة. ما الذي سيحصل لاستهلاك وقود السيارات الذي يشكل نحو نصف الاستهلاك العالمي للنفط؟ ما هو إمكان توسع الطاقات المستدامة خلال العقدين المقبلين للحلول محل استعمال المصادر الهيدروكربونية؟ هل سنشاهد خلال العقود المقبلة فترة انتقالية للتحول من عصر الهيدروكربون إلى عصر الطاقات المستدامة، وما هي سرعة هذه الفترة الانتقالية ومدتها وحجمها؟ أسئلة تطرح منذ سنوات، لكنها بدأت تأخذ أبعاداً أكثر جدية عند الرأي العام، بخاصة العربي، لما لتأثير النفط والغاز في الاقتصادات وللدور المتزايد للطاقات المستدامة. وعالجت «أوبك» هذه المواضيع في تقريرها السنوي «استشراف النفط عالمياً 2017» الصادر الأسبوع الماضي والذي عالجت فيه تطورات الطاقة خلال الفترة 2015-2040.


تتبنى «أوبك» نظرة تفاؤلية في ما يتعلق بازدياد الطلب على النفط مستقبلاً. فتتوقع ازدياد سكان العالم بمعدلات قياسية. وتشير الإحصاءات السكانية للأمم المتحدة إلى أن عدد سكان العالم سيزداد من 7.348 بليون في 2015 إلى 9.156 بليون في 2040. وسيحصل معظم هذه الزيادة في الدول الناشئة ذات الاقتصادات المستدامة والمتعطشة للطاقة (الصين، الهند، كوريا الجنوبية، البرازيل وجنوب أفريقيا). وسيزداد عدد سكان الدول الصناعية 116 مليوناً، يعود الكثير منها إلى الهجرة. كما أن نسبة القوى العاملة العالمية، بين 15 و64 عاماً بلغت قمة في 2012، بعد ازدياد معتدل منذ 1970.


ستلعب الدول الناشئة دوراً محورياً في التنمية الاقتصادية الطويلة المدى. فيما ستتأثر سلباً اقتصادات الدول الصناعية بفعل وضعها الديموغرافي الضعيف. ويتوقع أن يرتفع إجمالي الناتج الداخلي خلال هذه الفترة (حتى 2040) إلى 3.5 في المئة سنوياً. وسيحصل معظم النمو في الدول الناشئة التي يتوقع أن يصل فيها إلى 4.5 في المئة سنوياً بسبب الزيادة في الإنتاجية العمالية والتغيير الديموغرافي.


وتتوقع «أوبك» أن يزداد حجم الاقتصاد العالمي ليصل بحلول 2040 نحو 226 في المئة عنه في 2016.، وأن تشكل الدول النامية ثلاثة أرباع إجمالي الناتج الداخلي حتى 2040. إضافة إلى ذلك، سيزداد تكافؤ القوى الشرائية في شكل ملحوظ في كل من الصين والهند. وشكلت الولايات المتحدة في 2016 نحو 20 في المئة من إجمالي الناتج الداخلي العالمي، بينما شكل كل من أوروبا والصين نحو 18، في حين كانت نسبة الهند 7 في المئة. لكن يتوقع أن تنخفض نسبة الولايات المتحدة بحلول 2040 إلى 16 وأوروبا إلى 12 في المئة. وفي الوقت ذاته يتوقع أن يرتفع ما تقدمه الصين للاقتصاد العالمي إلى 23 في المئة، إضافة إلى تقدم مهم جداً في الهند، إذ يتوقع أن ترتفع نسبتها من إجمالي الناتج الداخلي العالمي إلى 16 في المئة.


تشير «أوبك» إلى أن أسواق الطاقة تتأثر كثيراً بالسياسات الحكومية. ومعروف عن هذه السياسات الرسمية الاهتمام في ترشيد استهلاك الطاقة وتبني بدائل وسياسات تشجع استعمال الطاقات النظيفة، منها الطاقات المستدامة. في الوقت ذاته، يتوقع ازدياد الاهتمام بتقليص «فقر الطاقة» في الدول النامية، ما يعني تشجيع دول العالم الثالث على استعمال وسائل الطاقة الحديثة.
تشير الدراسة إلى أن من السياسات الواضحة على المدى البعيد زيادة إمكانات ولوج السيارة الكهربائية الأسواق العالمية، وتقليص انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون، وإزالة المركبات الكبريتية في وسائل المواصلات البرية والبحرية والجوية. وتؤكد أهمية استمرارية التقدم التقني في برامج الطاقة المستدامة وفي زيادة الاهتمام بتطوير السيارة الكهربائية كبديل عن سيارة محرك الاحتراق الداخلي.


ما هي مؤشرات «أوبك» المستقبلية؟
أولاً، تتوقع المنظمة زيادة كبيرة في الطلب العالمي على الطاقة قدرته بـ35 في المئة حتى 2040، أو زيادة سنوية 1.2 في المئة. لكن، تضيف المنظمة أن زيادة الطلب ستتباين بين الدول. إذ ستبلغ في الدول النامية 1.9 في المئة سنوياً حتى 2040. بينما ستصل في الدول الصناعية إلى نحو 0.1 في المئة و0.9 في المئة في دول أوروبا- الآسيوية. وتكمن عوامل وراء تباين معدلات الزيادات هي الفروقات في زيادة عدد السكان والتحضر والنمو الاقتصادي.
ثانياً، سيلعب كل من الصين والهند دوراً مهماً في زيادة الطلب المستقبلي، إذ يتوقع أن يعادل الطلب في الدولتين بحلول 2040 نحو 22-23 مليون برميل من النفط المكافئ.


ثالثاً، سيزداد الطلب على الغاز أكثر من أي وقود آخر بحلول 2040. وتقدر «أوبك» أن استهلاك الغاز سيزداد نحو 34 مليون برميل يومياً من النفط المكافئ، ليبلغ مجمل الطلب عليه 93 مليون برميل يومياً بحلول 2040، إذ سيزداد الطلب على الغاز في توليد الكهرباء والصناعة والأدوات الاستهلاكية والمنازل.
رابعاً، تستنج المنظمة أن الطلب على الطاقات المستدامة سيسجل النمو الأعلى. إذ يتوقع ازديادها 6.8 في المئة سنوياً حتى 2040. لكن بما أن حصة هذه الطاقات ضئيلة جداً حالياً وتقدر بـ1.4 في المئة، فارتفاعها 4 في المئة سيبقي حصتها من مجمل الاستهلاك ضئيلة بحدود 5.5 في المئة.


خامساً، على رغم ازدياد الطاقات المستدامة، سيستمر النفط والغاز في تأمين أكثر من نصف الإمدادات العالمية. وسيشكل الطلب على الوقود الأحفوري 74 في المئة في 2040. في الوقت ذاته، سيستمر النفط والغاز بتأمين 52 في المئة من الطاقة العالمية.
سادساً، يشكل النمو الاقتصادي في الدول النامية بخاصة الزيادة الملحوظة في الطبقة المتوسطة، عاملاً مهماً في ازدياد الطلب. وبالفعل ازداد الطلب هذا في الدول النامية نحو ثلاثة أضعاف بين 1970 و2015.
تستنتج المنظمة أن الطلب على النفط خلال المرحلة المتوسطة الأمد 2016-2022 ستشهد ارتفاعاً من 95.4 إلى 102.3 مليون برميل يومياً.

التعليـــقات