"قطاع الصيرفة الإسلامية أصبح اليوم وكأنه رالي تتسابق فيه الدول حتى أصبحنا نرى دولا أوروبية تتنافس على إنشاء مصارف إسلامية"
فهل باتت الصيرفة الاسلامية قضية فلسفية أم نجاح؟ .. أم أن الجميع يواكب هذا النمو غير العادي وغير المسبوق في ملف الصيرفة الإسلامية؟
…………...
"السفير الاقتصادي" تلتقي مدير عام البنك الإسلامي الفلسطيني بيان قاسم الذي أكد على قدرة القطاع المصرفي الإسلامي على التوسع واستقطاب عدد أكبر من العملاء.
يقول قاسم "إن البنوك الإسلامية الثلاثة في فلسطين، هي بنوك ناشئة ولكنها تتطور وتكبر بسرعة، ضاربا مثالا على ما حصل في ماليزيا فقد كانت نسبة البنوك الإسلامية لديها تشكل نحو 20 بالمئة قبل أربع سنوات ويتوقع اتحاد البنوك الإسلامية في ماليزيا أن تصل هذه النسبة إلى 40 بالمئة في نهاية العام 2020".
وبما أن حصة البنوك الإسلامية في فلسطين تشكل 12% في سوق عمل يضم 15 بنكا قال قاسم:
"اعتقد ان لدينا أفق واسع للنمو ولن أحدد نفسي بنسبة معينة ويجب أن نسعى للتركيز على الخدمات التي نقدمها ومدى استجابة تلك الخدمات لاحتياجات الناس ودعم الاستثمار."
وأضاف أنه يجب أن تكون خدمات قطاع الصيرفة الإسلامية مواكبة للعصر والأدوات سواء المباشرة في المواقع أو عبر الإنترنت أو الهواتف، اذ يجب أن تكون على أعلى المستويات.
وأكد على أنه إذا لم يستطع القطاع المصرفي أن يلبي في خدماته مطالب الأفراد ومخاطبتهم وتحديدا فئة الشباب، فإنه لن يستطيع أن ينمو.
رغبة البنوك التجارية بتأسيس بنوك إسلامية
نحن عادة لا نتكلم عن البنك كصاحب قرار ولكن نحن نتكلم عن مستثمرين أنشأوا البنك التجاري ووجدوا حاليا أنه يوجد إمكانية بتأسيس بنك إسلامي.
فعلى سبيل المثال دولة مثل بريطانيا عندما تؤسس بنك إسلامي بالتأكيد أن الدافع من ذلك ليس نشر ثقافة التمويل الإسلامي، كما أن خدمات قطاع الصيرفة الإسلامية بالنسبة للأجنبي آلية عمل يرى فيها إمكانية ربح وليست مبدأ ولا من منطلق عقائدي، وهذا عكس ما لدينا نحن في العالم الإسلامي كون المنطلق من تقديم الخدمة جزء كبير منه من منطلق عقائدي يعني أن أنشر فكرة فقه المعاملات الإسلامية.
لافتا إلى أن العامل في البنك الإسلامي يجب أن يتعامل مع الأفراد كحامل رسالة وأن يكون لديه قناعة كاملة بما يقدم.
النمو المطرد في الصيرفة الإسلامية ومقارنتها بنظيرتها التجارية
إن وجود مدخرات طائلة غير عاملة لدى الدول دفعها للبحث عن ادوات إسلامية لاستثمارها بحثا عن الربح وأصبح هناك تنافس كبير في الخليج وشرق آسيا وأوروبا على الاستحواذ على لقب عاصمة الصيرفة الإسلامية، لافتا إلى أن هذا القطاع واسع وفي نمو سريع ويوجد رأسمال كبير ومتعطش للاستثمار فيه.
وأضاف "نحن نلبي الاحتياج الحقيقي لأصحاب رؤوس أموال يبحثون عن صيغ استثمارية إسلامية لاستثمار أموالهم .. هذا القطاع وجد أخيرا من يخدمه والأجواء المناسبة للتوغل أكثر فأكثر".
ويضيف: أن المدرسة الرأسمالية والمدرسة التي تتبع نظام المعاملات الإسلامية مختلفتان تماما في التركيب وفي آليات النظر والحكم على الأشياء وبالاساس الحلال والحرام.
ولكن من الممكن أن يكون هناك تقاطع في القرار والآليات فلا يعني أن البنك الإسلامي أصبح تجاري ولا أن العكس صحيح.
أهم المنتجات في قطاع الصيرفة و ما هو الجديد؟
البنك الإسلامي الفلسطيني والذي يستحوذ على نحو 48% من حصة قطاع الصيرفة الإسلامية في فلسطين، كان المبادر للاستثمار بصيغ المشاركة والمضاربة وكان أول بنك إسلامي يصدر بطاقات التيسير وبطاقة المرابحة وفقا للشريعة الاسلامية.
كما أن البنك بصدد إيجاد منتجات جديدة تلبي متطلبات الأفراد مثل بيع المنفعة و صيغ تمويلية أخرى الدافع الأساس فيها هو طلبات العملاء.
وقال "نحن مطلعون على تجارب الآخرين سواء الخليج أو شرق آسيا ونشارك في المؤتمرات والمعارض ونأخذ الخبرات من التجارب ونبحث عن كيف يمكن تطبيقها".
وحول المنافسة في القطاع قال قاسم: تعتبر جميع البنوك الموجودة في فلسطين منافسة في ظل تنوع المعتقد الديني لدى الأفراد في فلسطين، لذلك فإن المنافسة تقع على جميع المستويات.
وأكد على سياسة التوسع التي يركز عليها البنك الإسلامي الفلسطيني والذي يمتلك 31 فرعا ومكتباً ومن المتوقع في نهاية العام الجاري أن يصل عدد الفروع والمكاتب إلى 37 فرع.
وأشار إلى أن سلطة النقد تسعى دائما أن توفر الخدمات المصرفية في جميع أرجاء الوطن لذلك يوجد مساحة أكبر للتوسع والانتشار.
وأما بالنسبة لإمكانية الدخول لتمويل القطاع التعليمي الذي أصبح يشكل عائقا ويثقل ميزانيات الأسر، أكد قاسم أنه بالإمكان دراسة شراء بعض الساعات الجامعية وإعادة بيعها للطلاب وأن الأمر بصدد الدراسة مع هيئة الرقابة.
هل غالت المصارف في فلسطين بالقروض الاستهلاكية؟.. وأين دورها التنموي؟
إن احتياجات الفرد هو من يصنعها وليس البنوك، أي أن الفرد يسعى نحو خدمة معينة ودور البنك يكمن في تلبية هذه الخدمة.
أن دور البنوك في التنمية عن طريق تمويل المشاريع الكبيرة في البلاد، والتعامل مع كبار التجار والمصانع، لافتا إلى أن الشق الاستهلاكي لا يجب أن نقلل من قيمته كون احتياجات المواطن هي احتياجات أساسية ويجب أن تلبى وهي جزء من عجلة الانفاق التي تحرك الطلب بشكل عام.
أما إذا كان هناك قصور من البنوك في جانب تنموي معين كالعمل في القطاع الزراعي مثلا فبرأيي أن سببه وجود محددات وعلى رأسها الاحتلال، معلقا على أن البنوك لا تستطيع العمل في مناطق (ج) لخصوصية الموضوع وقيود الاحتلال.
ورغم تلك المحددات التي تحكم العمل في هذا القطاع أكد قاسم أن البنك الإسلامي الفلسطيني يدعم القطاع الزراعي وله تجارب ناجحة في أريحا وطوباس وغيرها من المناطق.
وحول التقديرات بأن نسبة النمو السكاني سوف تزداد في فلسطين وبالتالي فان الاحتياجات ايضا ستزداد: يرى قاسم بأن هناك فرص جيدة جدا للتوسع في السوق على مستوى البنك الإسلامي الفلسطيني بشكل خاص. أما على مستوى القطاع المصرفي بشكل عام فان هناك متغيرات كثيرة ابتداء بالسياسة وانتهاء بالاجتماعيات، لذلك فإن التخطيط لا يجب أن يكون متشائما بل متفائلا في وجهات النظر.
وحول السياسات المالية في البلاد ومدى وضوحها أمام المستثمر رغم الغموض السياسي أكد قاسم أن الصورة واضحة للمستثمر بالنسبة للقوانين والتشريعات ولكن هل الوضع مشجع للاستثمار؟ هذا سؤال مختلف تماما!
وأوضح أن العملية الاستثمارية لها أبعاد كثيرة تتعلق بسهولة الحركة وإدخال البضائع وإخراج المال وإدخاله، وأن السؤال هل هذه الأبعاد مشجعة في فلسطين؟
قاسم شدد على دور سلطة النقد الفاعل في استقرار القطاع النقدي والمصرفي، مؤكدا على العلاقة المتميزة بينها وبين البنوك والتواصل المستمر معها والشراكة الدائمة في التفكير الاستراتيجي، لافتا إلى أنه لا يخلو الموضوع من اختلاف في جهات النظر ولكن في الغاية هو دور شراكة حقيقي.
من ارشيف السفير الاقتصادي