رئيس التحرير: طلعت علوي

مركز الشؤون الفلسطينية يحذر من تفاقم الأوضاع الاقتصادية في الضفة الغربية

الإثنين | 06/02/2012 - 10:22 صباحاً

يتابع مركز الشؤون الفلسطينية وباهتمام تصاعد حركة الاحتجاجات الجماهيرية في الضفة الغربية بعد تفاقم الأوضاع الاقتصادية، واجراءات التقشف التي اتخذتها حكومة الدكتور سلام فياض بما يمس الوضع المعيشي والمالي المباشر للمواطن الفلسطيني في الضفة الغربية.

ورغم الحديث المتواصل عن تحقيق نمو وبناء مؤسسات قادرة على تسيير شؤون الدولة الفلسطينية المقترحة، واستكمال آلاف المشاريع الاقتصادية في الضفة الغربية بحسب حكومة رام الله برئاسة د. فيّاض، إلا أن التقارير الدولية تشير إلى عكس ذلك، بل وتحذر من خطورة الأوضاع.

وقد رصد مركز الشؤون الفلسطينية عدد من النقاط التي وردت في التقارير الدولية بهذا الشأن، والتي تثير القلق من السياسات الاقتصادية المتبعة في الضفة الغربية.

حيث تحدث تقرير لصندوق النقد الدولي صدر في 18 سبتمبر/أيلول 2011 تحت عنوان "الوضع الراهن وآفاق التطورات الاقتصادية لكل من الضفة الغربية وقطاع غزة"، عن جملة من المؤشرات السلبية منها:

·       انخفاض الناتج المحلي الحقيقي للضفة الغربية من 8% في العام 2010 إلى 4% في النصف الأول من العام 2011

·       حدوث تباطؤ كبير في النمو الاقتصادي في الضفة الغربية

·       بقاء البطالة دون تغيير منذ منتصف العام 2010 عند معدل 16%، ويبلغ لدى الشباب (أقل من 30 سنة) مستوى 26%

·       حدوث أزمة سيولة في العام 2011

·       تراكم كم كبير من المدفوعات المحلية المتأخرة

·       تأخر صرف الأجور لأول مرة منذ العام 2007

·       بلغ حجم الاقتراض من البنوك التجارية حدوده القصوى

·       أصبحت البيانات التي ينتجها الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني ووزارة المالية وسلطة النقد الفلسطينية في مستوى موات من حيث الجودة والشفافية والحداثة

وكان تقرير آخر صدر عن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) بتاريخ 08 يونيو/حزيران 2011 قد شكك في النظرة التقليدية للاقتصاد المنتعش للضفة الغربية، فبخلاف ما تورده وسائل الإعلام والتقارير الأخرى، أظهر البحث بأنه وفي النصف الثاني من عام 2010 ارتفع معدل البطالة بشكل أسرع بكثير مما ارتفعت فيه نسبة العمالة، وأن القيمة الشرائية لمتوسط أجور القوة العاملة قد استمرت بالانحدار في مواجهة الاستمرار في ارتفاع معدلات البطالة والتضخم في أسعار المستهلك.

وفي قطاع التعليم العالي، جاءت قرارات زيادة الرسوم الجامعية وتقنين التقسيط بمثابة صدمة لدى طلاب الجامعات الفلسطينية في الضفة الغربية، مما دفعهم لتنفيذ اضرابات واعتصامات داخل حرم الجامعات ما زالت متواصلة.

مؤشر الغلاء في الضفة الغربية بدوره وبحسب بيان الجهاز المركزي للاحصاء في 12 يناير/كانون الثاني 2011 ، سجل ارتفاعاً في الأسعار في الضفة الغربية بنسبة 3.54% خلال العام 2011، نتج بصورة رئيسية عن ارتفاع أسعار مجموعة خدمات المطاعم والمقاهي والفنادق بنسبة 8.78%، وأسعار المشروبات الكحولية والتبغ بنسبة 7.43%، وأسعار السلع والخدمات المتنوعة بنسبة 6.53%، وأسعار الأقمشة والملابس والأحذية بنسبة 5.30%، وأسعار النقل والمواصلات بنسبة 5.02%، وأسعار المسكن ومستلزماته بنسبة 3.55%، وأسعار المواد الغذائية والمشروبات المرطبة بنسبة 2.71% مقارنة بالعام السابق، مع ارتفاع أسعار المحروقات السائلة المنزلية بنسبة 18.43%

هذا وتسببت الإجراءات الأخيرة التي أعلنت عنها حكومة رام الله برئاسة د. فيّاض في ازدياد الضغط الاقتصادي على المواطن الفلسطيني، حيث أعلن الدكتور سلام فياض في لقاء دوري مع عدد من الصحفيين في مكتبه مساء يوم 08 يناير/كانون الثاني 2011 عن حزمة من الاجراءات التقشفية لتفادي عجز متوقع في ميزانية العام 2012 يقدر بنحو مليار و100 مليون دولار.

وفي تفاصيل اللقاء الذي نشرته صحيفة الشرق الأوسط اللندنية في عددها الصادر بتاريخ 10 يناير/كانون الثاني 2011 رقم 12096، قال فيّاض أن إن حكومته بصدد اتخاذ إجراءات تقشفية جديدة لخفض العجز المالي المتوقع لعام 2012 الذي يقدر بنحو مليار ومائة مليون دولار، معترفاً في الوقت ذاته بالوضع المتردي للاقتصاد في الضفة الغربية، قائلاً "أغلقنا عام 2010 على عجز تمويلي في ما يتعلق بالنفقات الجارية بنحو 100 مليون دولار، واضطرت الخزينة إلى تمويل نحو 250 مليون دولار من المشاريع التطويرية من الإيراد العام من حساب الخزينة، لأنه كان هناك نقص في تمويل هذه المشاريع من قبل الجهات المانحة". وأضاف "حملنا من عام 2010 إلى عام 2011 ما مجموعه 350 مليون دولار، ودخلنا عام 2011 في حالة ضعف، وأعددنا الموازنة على أساس أن يردنا نحو مليار دولار من المساعدات المخصصة لتمويل النفقات الجارية، ولكن تلقينا 742 مليون دولار".

وأقر فياض بأن العجز المالي الذي منع السلطة من الإيفاء بكثير من التزاماتها، أدى إلى "تراجع النمو الاقتصادي في البلاد".

وتوقع فياض أن تبلغ موازنة 2012 التي يجب الانتهاء من إقرارها قبل نهاية مارس (آذار) المقبل، حسب القانون الفلسطيني نحو 3.5 مليار دولار. وقال "سنستمر في السعي للحصول على أكبر قدر ممكن من المساعدات، وذلك لضمان التغطية الكاملة للنفقات التطويرية، بالإضافة للعجز المالي، وفي حال تحقق ما يزيد على ذلك سيتم استغلال الفائض في تسديد المتأخرات التي تراكمت من جراء الأزمة المالية، ومن ثم تخفيض مديونية السلطة تجاه القطاع المصرفي".

ومن بين الإجراءات التي تنوي الحكومة اتخاذها، زيادة التحصيل الضريبي، وإحالة موظفين إلى التقاعد، وضبط المصاريف، وإلغاء بعض الإدارات الحكومية.

وبحسب فياض فإن "السلطة بحاجة لمزيد من الإيرادات، خاصة أن ضريبة الدخل لا تشكل سوى 1.5 من الناتج المحلي الإجمالي، في حين تشكل في كل دول المنطقة 5 في المائة من الناتج». وأضاف "بالقياس مع إجمالي إيرادات السلطة تشكل ضريبة الدخل فقط من5 - 6 في المائة، وهو أمر يستحق أن نقف عنده".

إن مركز الشؤون الفلسطينية يطالب بمراجعة شاملة للسياسات الاقتصادية للسلطة، بما يضمن تخفيف الضغوط المالية على المواطن الفلسطيني، والتحرر من الارتباط الاقتصادي مع سلطات الاحتلال، وصولاً إلى اقتصاد فلسطيني حقيقي ومستقل.

إن مركز الشؤون الفلسطينية إذ يتابع بقلق بالغ هذا الوضع الاقتصادي المتفاقم في الضفة الغربية، وحالة الغضب والاحتقان من قبل المواطن الفلسطيني في الضفة الغربية، والتي عكستها التحركات الجماهيرية المختلفة في مدن الضفة الغربية، ودعوات الاعتصام والاحتجاج المتواصلة،. يحيي هذا الحراك الجماهيري المتصاعد والرافض لتلك السياسات، محملاً مسؤولية تلك الأوضاع المتردية لسياسات الاحتلال أولاً، وللسياسات الاقتصادية للسلطة الفلسطينية وحكوماتها المتعاقبة وتمسك الرئاسة الفلسطينية برؤية د. سلام فياض للحكم، وعليه يتحمل الطرفان المسؤولية المباشرة أمام المواطن الفلسطيني عن تردي الوضع الاقتصادي.

التعليـــقات