رئيس التحرير: طلعت علوي

أضواء على الصحافة الاسرائيلية 17 تموز 2017

الإثنين | 17/07/2017 - 12:05 مساءاً
أضواء على الصحافة الاسرائيلية 17 تموز 2017

 

نتنياهو يدعي معارضته لتغيير الوضع الراهن في الحرم الشريف، لكنه يأمر بتركيب بوابات الكترونية يرفضها الوقف ويعتبرها إذلالا للمصلين
رغم الدعم الاعلامي العبري الذي انعكس في العديد من المقالات والتقارير التي تناولت قرار الحكومة الاسرائيلية تركيب بوابات الكترونية لتفتيش المصلين على مداخل الحرم القدسي، الا ان بعض هذه التقارير تضمنت تحذيرا، احيانا مباشرا واحيانا ضمنيا، من أبعاد هذه الخطوة، التي اعتبرتها دائرة الاوقاف الإسلامية بمثابة اذلال للمصلين وتغييرا للوضع الراهن، رغم ادعاء رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، خلال محادثة مع الصحفيين في باريس، امس الاحد، بأنه يعارض تغيير الوضع الراهن في الحرم القدسي، "كالسماح لليهود بالصلاة في المكان المقدس، لأن من شأن ذلك ان يقود الى تدهور امني والمس بعلاقات اسرائيل التي تشهد سخونة مع دول عربية سنية"، على حد تعبيره.
وعكست بعض التقارير التي نشرتها "هآرتس" و"يديعوت أحرونوت" رفض دائرة الأوقاف والمسلمين لهذه الخطوة، ونقلت تصريحات لمسؤولي دائرة الأوقاف وعدد من المصلين الذين اعلنوا رفضهم الدخول الى الحرم عبر هذه البوابات ورفضوا تحمل المسؤولية، ودعوا جمهور المصلين الى الامتناع عن دخول الحرم، مع فتح بابين، او ثلاثة، من ابوابه يوم امس الاحد.
في هذا الشأن تنشر "هآرتس" تصريح نتنياهو "المعارض" لتغيير الوضع الراهن، والمؤيد لنشر كاميرات وتركيب بوابات الكترونية، حيث قال في باريس، ان "تغيير الوضع الراهن في الحرم القدسي هو خطوة غير صحيحة. هذا سيؤدي الى نتائج غير متوقعة في المنظومة العالمية والاقليمية. لقد نجحنا بعزل موضوع الحرب الدينية قدر الامكان في المنطقة، وهناك معايير امنية واضحة تحتم الحفاظ على الوضع الراهن. بالإضافة الى ذلك، نحن ننجح بخلق علاقات متزايدة مع دول المنطقة وحتى تحقيق تغييرات مشجعة ازاء اسرائيل في الرأي العام في العالم العربي، وتغيير الوضع الراهن في الحرم القدسي سيمس بهذا كله".
مع ذلك قال نتنياهو انه يعتقد بأن هناك حاجة لزيادة وسائل الامن في الحرم القدسي "من اجل منع العمليات كتلك التي وقعت يوم الجمعة". وحسب اقواله فان "نشر كاميرات خارج الحرم لتعقب ما يحدث في داخله، وتركيب بوابات لكشف المعادن على مداخل الحرم هي وسائل مطلوبة. فبدون هذا سنجد أنفسنا امام عملية اخرى".
وكانت الشرطة الاسرائيلية قد فتحت ابواب الحرم امام الزوار امس، وقامت بتركيب بوابات الكترونية لكشف المعادن. وفي اعقاب ذلك اندلعت في المكان مواجهات. وقالت الشرطة انه تم اعتقال شخص واحد، فيما ابلغ الجانب الفلسطيني عن وقوع عدة اصابات جراء إطلاق النار على المتظاهرين.
ورفض المجلس الاسلامي الأعلى فتح الحرم بنفسه، احتجاجا على خرق الوضع الراهن، وطلب مدير المسجد الاقصى الشيخ عمر الكسواني من الزوار عدم الدخول حتى يتم ازالة البوابات الالكترونية. ولم يتم امس فتح الحرم امام الزوار اليهود.
وقال مسؤول في دائرة الأوقاف لصحيفة "هآرتس" ان "الوقف يعتبر تركيب هذه الاليات بمثابة خرق للوضع الراهن، والان ستضطر اسرائيل الى العثور على جهة تتسلم المفاتيح وليس من المؤكد انها ستجد جهة كهذه. مدراء الوقف لا يصلون الى المكان".
وجاء من الشرطة ان عائلة فلسطينية وصلت الى باب الاسباط للصلاة على ميت لها في الحرم، وعندها حاول عدد من الشبان اجتياز قوات الشرطة المرابطة في المكان، فتم تفريقهم.
وحسب الشرطة فقد دخل الى الاقصى حوالي 200 مسلم للصلاة. لكن هناك من انصاعوا لأوامر الوقف بعدم الدخول احتجاجا على اقامة البوابات الالكترونية. احدهم فخري ابو ذياب الذي قال لصحيفة "هآرتس" انه "يجب اعادة الوضع الى سابق عهده. المسؤولية تقع على عاتق نتنياهو وحكومة اسرائيل". وقال "ان وضع البوابات الالكترونية هو عقاب جماعي، والهدف منها هو اهانتنا وتقليص عدد المصلين الذين يدخلون". واضاف بأنه يصلي في الاقصى منذ عام 1967 "والحكومة تدفع الناس نحو انتفاضة. لم يعد لدى الناس ما يخسرونه. في النهاية ستقع حرب دينية". وقال محمد ابو حمص ان "وضع البوابات الالكترونية سيتسبب بحرب دينية وهم يعرفون ذلك. لا اعرف من غسل دماغ الشبان، غسلوا دماغهم مثل داعش، ولكن لم يخرج ابدا أي عيار من المسجد. ما يحدث اليوم يظهر فقط ان القدس مقسمة ومن يقول غير ذلك فانه يكذب".
يشار الى انه تم فتح بوابتين فقط من بين ابواب الحرم التسع، ويسمح فقط للفلسطينيين من سكان القدس بالدخول بعد اجراء فحص لهم بواسطة البوابات الإلكترونية.
الشرطة تدعي العثور على معدات قتالية
وتكتب "هآرتس" ان الشرطة قامت خلال اليومين الماضيين بعمليات تفتيش واسعة في مباني الحرم القدسي. وحسب قائد الشرطة في لواء القدس، يورام هليفي، فقد تم العثور على "عشرات السكاكين والمقاليع والعصي والمخمسات ومواد تحريض، وبقايا ذخيرة ومناظير واسلحة وهمية من البلاستيك". وقال انه لم يتم العثور على ذخيرة حية او اسلحة نارية. وبناء على طلب الشرطة تم ادخال عمال بلدية القدس لتنظيف ساحات الحرم، وهي خطوة اعتبرها الوقف خرقا للوضع الراهن ايضا.
وتواصل صباح امس الاحد اغلاق البلدة القديمة، ولم يسمح بدخولها الا للفلسطينيين الذين يقيمون فيها ولليهود والسياح. وبقيت غالبية الشوارع في الحي الإسلامي مغلقة، وكذلك قسم كبير من الحوانيت في المركز التجاري في القدس الشرقية. كما تواصل اغلاق الشوارع المحيطة بالبلدة القديمة امام حركة السير، وشرع بفتحها تدريجيا في ساعات بعد الظهر. وتم في ساعات الظهر فتح ابواب البلدة القديمة امام حملة الهويات الزرقاء فقط.
في الموضوع نفسه تكتب "يسرائيل هيوم" ان عدة مئات من المصلين دخلوا عبر ثلاث بوابات – المجلس والاسباط والسلسلة، والتي تم فيها تركيب بوابات الكترونية لكشف المعادن، كجزء من الاستعداد الجديد وتوفير الرد الامني. وقبل ادخال المصلين التقى وفد من دائرة الاوقاف، ضم ايضا مفتي القدس، مع القيادة الرفيعة لشرطة القدس. واحتراما لمكانتهم تم ادخال رجال الوقف عبر مدخل جانبي في باب الاسباط، وليس عبر بوابات الفحص الأمني، والتقوا مع قائد شرطة القدس هليفي، الذي اطلعهم على قرار فتح الحرم واضطرار بقية المصلين للعبور عبر بوابات كشف المعادن.
لكنه فور خروج الوفد الى المصلين الذين انتظروا امام بوابات كشف المعادن، اعلنوا بأنهم يرفضون هذا الترتيب وطالبوا المصلين بعدم الدخول عبر هذه البوابات، التي يعتبرونها رموز للسلطة الاسرائيلية. ووقع في المكان اضطراب، ودخل رجال الوقف في مواجهة مع الشرطة، وقرروا اقامة الصلاة خارج الحرم، بجانب البوابات الالكترونية. وشارك العشرات في الصلاة في الخارج بينما دخل آخرون الى الحرم.
وأثارت صور المصلين امام البوابات الالكترونية غضبا كبيرا في العالمين العربي والاسلامي، خاصة في الأردن ومصر. وفي اعقاب الاحداث في الحرم، طالبت السلطة الفلسطينية اسرائيل بالامتناع عن خطوات تقوض الاستقرار في المنطقة. كما طالبت القيادة العربية في اسرائيل بإزالة البوابات الالكترونية.
في المقابل، وصل عشرات اليهود الى باب المغاربة للدخول الى الحرم، الا ان الشرطة منعتهم من ذلك، فاحتجت حركة جبل الهيكل بشدة على قرار منع دخول اليهود.
ويعمل في شرطة القدس حاليا طاقم تفكير خاص عينه قائد الشرطة من اجل اعداد توصيات وخطة لتحسين منظومة الحراسة في الحرم. وسيتم تقديم التوصيات الى قيادة الشرطة ووزير الأمن الداخلي.
الى ذلك تواصل الشرطة التحقيق في ام الفحم في ظل قرار بمنع النشر. وتمتنع الشرطة حتى الان عن تسليم جثث المخربين الثلاثة لعائلاتهم. ويخضع هذا القرار لوزير الأمن الداخلي غلعاد اردان؟
من سيرمش اولا
صحيفة "يديعوت احرونوت" نشرت تقريرا نقل صورة عن الاوضاع المتوترة في القدس والحرم القدسي، يوم امس، حذرت فيه من ابعاد تركيب البوابات الالكترونية. وجاء في التقرير:
"لن نسمح بإجراء تفتيش على مداخل الاقصى" صاح بإصرار الشيخ واصف البكري، احد قادة الوقف، فصفق له مئات المصلين الذين تجمعوا من حوله تحت حرارة الشمس اللاهبة على مدخل الحرم القدسي، وهو يرددون: "بالروح بالدم نفديك يا اقصى".
كان ذلك في ساعات ظهر يوم امس، بعد أقل من يومين على العملية في باحة الحرم، والتي تم خلالها قتل الشرطيين من حرس الحدود هايل ستاوي من المغار وكميل شنان من حرفيش، على ايدي ثلاثة عرب اسرائيليين من ام الفحم.
مئات الفلسطينيين الذين تصبوا عرقا تجمعوا بالقرب من الحواجز التي اقيمت حول البلدة القديمة منذ وقوع العملية، وانتظروا لحظة السماح لهم بالدخول. منذ الحادث منعت قوات الأمن الدخول الى الأزقة لمن لا يقيمون في البلدة القديمة.
قرابة الساعة 12:50 جاء الضوء الأخضر: تم فتح الحواجز، وهجم المصلون نحو بوابتين سمح للمسلمين بالدخول عبرهما الى الحرم: البوابة الرئيسية بالقرب من باب الأسباط، والثانية بوابة المجلس، عند الطرف الجنوبي لشارع الواد.
وهناك اصطدموا بمشهد اثار غضبهم: بوابات دخول الكترونية طلب منهم المرور عبرها قبل دخولهم الى الحرم، للتأكد من عدم حيازتهم لمعدات قتالية. البوابات الالكترونية أججت الاجواء، المشحونة جدا.
"لن نمر تحت هذه البوابات الالكترونية، هذا تغيير للوضع الراهن" صاح الشيخ البكري. ودعمه في ذلك مدير المسجد الاقصى من قبل دائرة الأوقاف، عمر الكسواني، قائلا: "لن نأخذ على عاتقنا المسؤولية حتى يتم ازالة وسائل التفتيش".
واصغى المصلون لأقوالهما، وفي خطوة تظاهرية ركعوا على الأرض وصلوا امام قوات الشرطة والبوابات الالكترونية بدلا من الصلاة في المسجد. اما القلة التي وافقت على اجتياز بوابات الفحص والدخول فقد واجهت سيلا من التحقير من قبل رفاقهم.
"لن نوافق على الفحص، سندخل الى الأقصى بهامات مرفوعة فقط"، قالت احدى المصليات. واضافت صديقتها: "المسجد الاقصى سيموت لكنه لن يغلق".
وعصفت النفوس بين لحظة واخرى. وصرخ بعض المصلين: "منذ ثلاثة ايام لا يسمحون لنا بالدخول، خلص، كفى، سندخل ولكن من دون فحص. الاحتلال سيزول من العالم بإذن الله، والبوابات التي وضعوها ستختفي من العالم، الله وحده سيحرر القدس". ورفع احد المصلين العصا التي كان يحملها متحديا الشرطة وصرخ: "انتم من جرهم للدخول الى المسجد كي تجدون ذريعة لتغيير الوضع الراهن". ووافق معه الجمهور.
واعلن فخري ابو ذياب، وهو فلسطيني من سلوان، ان "نتنياهو يدفعنا الى حرب دينية، بدلا من سكب الزيت على النار يجب اعادة الوضع الى سابق عهده. لن ندخل الى المساجد طالما لم يتم ازالة البوابات الالكترونية".
وتخطط الشرطة لفتح ثلاث بوابات اليوم لدخول المسلمين، وكذلك باب المغاربة لدخول الزوار اليهود والسياح. وكان من المفروض فتح باب المغاربة الساعة 13:30، امس، الا انه تقرر عدم فتحه بسبب الاضطراب.
وماذا سيحدث الان؟ وزير الأمن الداخلي غلعاد اردان، اعلن امس، بأنه لن يتم تفكيك البوابات الالكترونية، بل قال انه سيتم قريبا وضع اليات اخرى على المداخل التسع للحرم. "سيتم فحص كل من يدخل"، قال. كما يجري فحص احضار اليات الكترونية يدوية للفحص بدلا من البوابات الالكترونية.
السؤال الذي لا يزال يحلق في الجو، هو من الطرف الذي سيرمش اولا. اذا لم تأت هذه الرمشة في وقت ما، فان التوتر في الحرم – المشحون في كل الاحوال – سيكلف ثمنا اكبر.
اردان يحرض على هدم بيوت منفذي العملية
في تصريحات تنشرها "هآرتس" لوزير الأمن الداخلي غلعاد اردان، يظهر جليا تحريضه على هدم بيوت منفذي العملية من ام الفحم، خلافا لمعارضته لهدم بيوت المخربين اليهود، حيث قال امس الاحد، ان "عملية اطلاق النار التي وقعت في الحرم القدسي، تطرح الحاجة الى التفكير بهدم بيوت المخربين العرب الاسرائيليين". وقال ان "قرار الهدم يتعلق بمسالة ما اذا كان لهذه الظاهرة قسم مركزي في وسط الجمهور نفسه، ولذلك لا تعتقد المحكمة العليا انه يجب هدم بيوت المخربين اليهود لأنها ليست ظاهرة واسعة تحظى بالدعم (!) وكما يبدو فان اصوات الدعم لهؤلاء المخربين (من ام الفحم) وكلما كانت هناك فرص مضي اخرين على دربهم، فانه يجب التفكير أيضا بهدم بيوتهم".
وكان اردان يتحدث لموقع “ynet”، وقال "ان الجمهور العربي في اسرائيل هو جمهور طبيعي، يحافظ على القانون ويريد من الشرطة العمل في البلدات والدفاع عن الاولاد في مواجهة العنف المتفشي في المجتمع العربي، ولكن الى جانب ذلك، هناك جهات متطرفة، عنيفة، محرضة، مثل الشيخ رائد صلاح وجهات اخرى، والتي نبذل كل شيء من اجل اخراجها عن القانون".
وردا على تصريحات اردان، قال النائب عيساوي فريج "ميرتس"، ان "هناك من يتألمون لأحداث يوم الجمعة الأخير، وهناك اخرين، امثال الوزير اردان، الذين يستغلونها لزرع المزيد من التحريض والكراهية". واضاف فريج ان "اردان الذي اثبت في اكثر من مرة ان فمه يعمل اكثر من عقله، يدعو الان الى هدم بيوت مواطنين اسرائيليين. اين كانت هذه التهديدات عندما احرق اسرائيليون فتى فلسطينيا حتى الموت او عندما قتل جندي اسرائيلي بدم بارد مواطنين اسرائيليين مسلمين ومسيحيين في شفاعمرو. محاربة الكراهية لا تتم بواسطة التمييز".
"أبو مازن لن يتوقف حتى يستسلم هنية"
تكتب "يسرائيل هيوم" ان ان حماس احتفت بالعملية القاتلة في الحرم القدسي يوم الجمعة، وتأملت بأن تكون بداية لحرب دينية تزعزع المنطقة، الا ان وضع الحركة الارهابية ابعد ما يكون عن الاحتفال. ويبدو، عمليا، انه يتزايد بين قادة حماس الخوف من اندلاع احتجاج شعبي يمكن ان يهدد استمرارية سلطتها في قطاع غزة، حسب التقديرات الاسرائيلية.
وحسب هذه التقديرات فان ازمة الكهرباء الحادة التي يعاني منها سكان غزة في الأسابيع الأخيرة، تنطوي على محفزات التحول الى "عاصفة متكاملة" من وجهة نظر حماس. فالخطوات الأخيرة التي قام بها ابو مازن، وفي مقدمتها وقف تحويل الاموال الى القطاع وتقليص التيار الكهربائي، تجعل حماس تقف وظهرها الى الحائط.
في اسرائيل يقدرون بأن قيادة السلطة لاحظت وجود حماس في نقطة ضعف وقررت تصعيد خطواتها ضدها. هدف ابو مازن هو تركيع حماس واجبارها على منح السلطة الفلسطينية تأثيرا متجددا – بشكل محدود – على ما يحدث في غزة. في رام الله يشعرون ان النقطة التي سيتغلب فيها مستوى يأس المواطنين في غزة على الخوف من رد سلطة حماس، باتت قريبة، وتصر على استغلال ما تعتبره الفرصة المناسبة.
لكن التخوف السائد هو ان ينطوي تعمق الازمة الاقتصادية والإنسانية في القطاع على مخاطر تهدد اسرائيل، بما في ذلك امكانية التدهور السريع للوضع الأمني في الجنوب. خلال الأشهر الأخيرة قدر الجهاز الأمني بأن حماس ليست معنية بالمواجهة مع اسرائيل وتتخوف من ابعادها، لكن مستوى الانفجار امامها يعتبر عاليا. وحذرت جهات رفيعة في الجهاز الأمني من ان الطرفان قد يجدان نفسيهما يتدهوران بسرعة نحو مواجهة لا يريدانها – وهذا التقييم حظي بتأكيد كما يبدو في ضوء تعمق الأزمة الاقتصادية في القطاع خلال الأسابيع الأخيرة.
قرار القيادة الفلسطينية في رام الله تصعيد اللهجة امام حماس ينبع من التدهور السريع في المكانة الدولية للتنظيم الارهابي في الأشهر الأخيرة.
ادنى مستوى تاريخي
علاقات التنظيم الارهابي مع مصر تمر حاليا في ادنى مستوياتها التاريخية، وتأتي الان الأزمة التي تواجه قطر – التي حولت مبالغ مالية طائلة الى القطاع في السنوات الأخيرة – لتؤكد حقيقة فقدان حماس لحليف راسخ في العالم العربي.
في اسرائيل يؤكدون ان الخطاب الذي القاه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الرياض، والذي لم يحتج خلاله أي مندوب عربي على عرض حماس كلاعب غير شرعي في المنطقة، ومقارنته، عمليا، بالقاعدة وداعش وحزب الله، عمق العزلة السياسية التي تواجه الحركة. عدم رد القادة العرب على اعلان ترامب هذا سبب غضبا كبيرا لدى قيادة حماس.
هنية يبحث عن بيت
يمكن العثور على تعبير ملموس لهذه المسألة في ما نشرته "يسرائيل هيوم" في 29 حزيران 2017، حول رفض أي دولة عربية استضافة القائد السياسي الجديد لحماس، اسماعيل هنية.
وعلمت "يسرائيل هيوم" انه بعد اندلاع الأزمة مع قطر، فحص قادة حماس امكانية سماح مصر لهنية بالعمل من اراضيها على مستوى منخفض. لكن الرئيس السيسي رفض ذلك نهائيا. كما رفض السيسي اقتراح تسوية آخر عرضته حماس، بفتح معبر رفح والسماح لهنية بالخروج والعودة الى القطاع بشكل حر.
المستشارون يحذرون النواب من منح صلاحيات وساعة لوزير الأمن في موضوع فرض الاعتقالات الادارية والقيود  داخل الخط الأخضر
تكتب "هآرتس" ان طاقم المستشارين القانونيين في الكنيست طلب من النواب تعديل مشروع القانون الذين بادرت اليه الحكومة لتوسيع صلاحيات وزير الأمن بفرض اوامر اعتقال اداري وقيود اخرى على المشبوهين بالإرهاب. ويطالب الطاقم بمنع منح صلاحيات غير محدودة لوزير الأمن في اختيار القيود التي يمكنه فرضها على المشبوهين بالإرهاب داخل اسرائيل (وليس في المناطق). ويهدف القانون الى منح الوزير صلاحية فرض قيود كهذه حتى في ظل عدم سريان حالة الطوارئ في البلاد.
ووجه هذا الطاقم الانتقاد بشكل خاص الى احد بنود القانون، الذي تمت اضافته بمشاركة الشاباك والجهاز الأمني، والذي يسمح للوزير بفرض "كل أمر وكل قيد اخر يحتمه أمن الدولة او أمن الجمهور" على مواطن يعتبره مشبوها. كما يشمل القانون فرض قيود عينية من بينها تحديد مجال عمل الشخص، منعه من دخول منطقة معينة او الخروج من المنطقة التي يتواجد فيها او منعه من مغادرة البلاد او اجراء اتصال مع جهات معينة.
وعشية مناقشة القانون، اليوم الاثنين، دعا الطاقم المهني في اللجنة اعضاء الكنيست الى شطب البند المشار اليه وعدم منح الوزير صلاحيات غير محدودة في اختيار القيود التي يمكنه فرضها. وبدلا من ذلك يقترح الطاقم تحديد عشرة قيود يمكن للوزير الاختيار منها. وكتب المهنيون في رسالتهم انه "حين يكون المقصود صلاحيات بعيدة المدى والمس الجدي بالحقوق الأساسية، من المناسب، حسب رأينا، بأن يحدد المشرع حدود صلاحيات الوزير في القانون وبالتفصيل". واضافوا: "حتى القيود المفصلة التي ستبقى ستكون واسعة جدا وتسمح للجهات الأمنية بإظهار ليونة اكبر في فرض القيود". بالإضافة الى ذلك، يدعو طاقم الاستشارة الى مصادرة الصلاحية الحصرية بفرض قيود، من أيدي الوزير، والسماح له بفرضها فقط في اعقاب توجه من رئيس الشاباك وبمصادقة المستشار القانوني للحكومة.
ويقترح الطاقم اجراء تقليص ملموس في الاسباب التي يمكن للوزير استخدامها كمبرر لفرض القيود: ففي الوقت الذي تطلب فيه الحكومة فرض قيود في كل حالة "يسود فيها الافتراض بأن أمن الدولة او أمن الجمهور" يحتمان ذلك، يطالب الطاقم المهني بأن يتم فرض القيود فقط "اذا اقتنع (الوزير) بوجود امكانية شبه قريبة او تخوف ملموس من المس الخطير بأمن الدولة او أمن الجمهور".
وحسب نص القانون الذي طرحته الحكومة، فان فترة أمر الاعتقال الاداري لا تتجاوز ستة شهور، فيما لا يتجاوز أمر فرض القيود سنة واحدة، لكنه يمكن لوزير الأمن تمديد أمر الاعتقال والقيود بدون قيد، شريطة اخضاع ذلك لقرار المحكمة. ومن المتوقع ان يسري هذا القانون داخل اسرائيل فقط.
وسيمنح هذا القانون قوة كبيرة لوزير الأمن، ذلك انه على الرغم من ان فرض الأمر يجب ان يناط بتوقيع وزير الداخلية عليه، الا انه يمكن لوزير الأمن اصدار الأمر لوحده في الاجراءات العاجلة وتنفيذه، والحصول على توقيع وزير الداخلية خلال 48 ساعة.
يشار الى ان القانون المعمول به حاليا يسمح بالاعتقال الاداري في "حالات الطوارئ"، وما تطلبه الدولة الآن هو شطب العلاقة بـ"حالات الطوارئ" والسماح باستخدام الاعتقال الاداري بشكل عادي كجزء من "صندوق أدوات" الجهاز الأمني. وعندما تم سن القانون لأول مرة، تم اشتراط استخدام أوامر الاعتقال الاداري بوجود حالة طوارئ في محاولة لتقييد استخدام هذه الأوامر. لكنه منذ سن القانون تعلن اسرائيل عن حالة الطوارئ في كل سنة، ولذلك تحول هذا الاجراء الى أمر روتيني.
وكان طاقم الاستشارة المهنية قد حذر في السابق من الانتقادات الدولية التي قد تثور في اعقاب هذه الخطوة، بسبب حقيقة ان اسرائيل صرحت حتى الان بأنها تستخدم اوامر الاعتقال الاداري فقط في حالات الطوارئ والحالات المتطرفة.
ويحدد قانون صلاحيات حالة الطوارئ (الاعتقالات) لعام 1979، بأنه يحق لوزير الأمن الأمر بفرض الاعتقال الاداري على شخص لفترة لا تزيد عن ستة اشهر. لكنه يحق للوزير تمديد الفترة بدون قيود. ويتم احضار كل معتقل اداري الى المحكمة المركزية خلال 48 ساعة من اعتقاله، ليتم المصادقة على أمر الاعتقال. ويطلب من المحكمة فحص مسألة الاعتقال والسماح بتمديدها كل ثلاثة اشهر. اما بالنسبة لمبررات الاعتقال الاداري فقد صيغت بشكل واسع وغامض: فالقانون يحدد بأن وزير الأمن يملك صلاحية اعتقال شخص اذا "توفر اساس معقول للافتراض بأن أمن الدولة او أمن الجمهور يحتمان اعتقال شخص".
ويقترح القانون الجديد منح وزير الأمن صلاحيات فرض قائمة مفتوحة من الأوامر او القيود على شخص "بدافع أمن الدولة او أمن الجمهور"، وذلك وفقا لذات الاسباب الواسعة والغامضة التي تخوله فرض الاعتقال الاداري. وحسب هذا القانون فان هذه الصلاحية تمنح لوزير الأمن فقط ولا يمكن نقلها لشخص آخر. كما يلزم الوزير بالسماح للشخص المقصود بطرح ادعاءاته امامه قبل اصدار الأمر، او حتى 30 يوما من موعد صدور الأمر، اذا كان يمكن لسماع هذه الادعاءات احباط هدف الأمر.
كراسة تعليم المدنيات تتعامل مع العرب كأعداء
تكتب "هآرتس" ان كراسة المصطلحات المعدلة لتدريس المدنيات في اسرائيل، والتي تم فحصها مجددا من قبل وزارة التعليم في اعقاب انتقاد المحكمة العليا للنص السابق، لا تزال تتعامل مع المواطنين العرب في اسرائيل كمعادين للدولة، وتعتبر المحكمة العليا جهة مختلف عليها، والديموقراطية كإجراء اساسي في جوهرها. ويتبين من اطلاع على الكراسة التي وصلت نسخة منها الى صحيفة "هآرتس" انه في الوقت الذي تم فيه اجراء تعديلات تجميلية فقط، فان هناك بعض التعديلات الجوهرية التي من شأنها تعميق الانتقاد للكراسة: ففي تعريف قانون التعليم الرسمي تم تأكيد اهمية تدريس الثقافة اليهودية في المدارس، فيما تعرض الكراسة مقولات مثل "غالبية مواطني الدولة يوافقون على تعريفها كدولة يهودية" كحقيقة واقعة بدون أي تحفظ، فيما تم شطب مقولة أن الكثير من العرب الاسرائيليين يفضلون البقاء مواطنين في اسرائيل اذا قامت دولة فلسطينية.
وتتفق غالبية التغييرات التي اجريت على الكراسة مع كتاب التعليم "ان نكون مواطنين في اسرائيل" الذي صدر في 2016، وحظي بانتقاد كبير من قبل المهنيين بسبب المضامين الدينية والتعامل مع العرب. ومن المفترض ان يتم اليوم تقديم الكراسة المعدلة الى المحكمة العليا، لكن فحص ادعاءات اعضاء في لجنة موضوع المدنيات في وزارة التعليم، التي اعدت الكراسة، توضح حدوث عيوب جوهرية في عملية اعداد الكراسة، ذلك ان اللجنة التي صاغت النص الحالي هي مجموعة مقلصة من اعضاء اللجنة، ولم يتم حتى الان التصديق عليها من قبل اعضاء اللجنة والذين توجد لدى الكثيرين منهم تحفظات كثيرة على الكراسة.
يشار الى ان كراسة المصطلحات تحولت مع مرور السنوات من اداة مساعدة لفحص امتحانات البجروت الى اداة تبلور وتملي شكل التدريس. وفي العام الماضي التمست شخصيات اكاديمية ومعلمين للمدنيات الى المحكمة العليا مطالبين بوقف استخدام الكراسة خلال الاعداد لامتحانات البجروت، بادعاء انها تتناقض مع منهاج التعليم وتشكل اداة دعائية لوزارة التعليم ناهيك عن وقوع عيوب كبيرة في اجراءات اعدادها والمصادقة عليها. وخلال النظر في الالتماس انتقد القضاة سليم جبران وتسفي زيلبرطال ويورام دنتسيغر مضمون الكراسة بشكل استثنائي، وهاجموا الوزارة على شكل اعدادها وأمروها بتفسير سبب مواصلة استخدامها.
وخلال الاشهر الاخيرة فحصت لجنة الموضوع كراسة المصطلحات الجديدة، لكنه لا يوجد في النص المعدل أي دليل على انتقاد القضاة وادعاءات الملتمسين. فعلى سبيل المثال لم يتم تغيير العبارة المتعلقة بالعرب في اسرائيل، والتي جاء فيها انه "يمكن في المجتمع العربي في اسرائيل تشخيص توجهات نحو الاندماج في الدولة والمجتمع، الى جانب اجراءات للانعزال والتماثل مع النضال الفلسطيني ضد اسرائيل". وقد اعتبر القاضي جبران هذه المقولة بأنها تعرض العرب كمعادين للدولة.
وفي المقابل تم شطب عبارة تقول ان "قسما من المسيحيين ليسوا معنيين بالتعامل معهم كعرب"، بعد انتقاد القاضي جبران لها وقوله ان هذه ظاهرة هامشية ليس لها مكان في الكراسة. لكنه تم الحفاظ في الكراسة على تقسيم الجمهور العربي الى ثلاث مجموعات مختلفة تضم: مسيحيون "يتطوع قسم منهم في الخدمة المدنية او العسكرية" ودروز "يندمجون في الجهاز الأمني في الدولة" ومسلمين "تتطوع اقلية منهم للخدمة المدنية". بل اضاف كتاب الكراسة ان غالبية البدو يتجندون للجيش او الخدمة المدنية. لكن الجيش بالذات اعرب مؤخرا عن تخوفه من انخفاض عدد المتجندين البدو، والذين وصل عددهم في السنوات الاخيرة الى حوالي 300 متجند في كل دورة، بالإضافة الى تدني عدد المتطوعين من البدو في الخدمة المدنية.
ولم يؤثر احتجاج القاضي زيلبرطال على عرض المحكمة العليا كمختلف عليها، في الكراسة، على النص الجديد. ففي ستة مصطلحات ترتبط بالمحكمة تظهر ملاحظة تحدد وجود خلاف عام حول الموضوع. لكن ملاحظات كهذه ليست مذكورة بشأن مؤسسات السلطة الاخرى.
كما احتج الملتمسون على تركيز الكراسة على الهوية اليهودية للدولة، ومن بين ذلك التأكيد في تعريف قوانين الأساس (وعلى سبيل المثال في قانون اسس القضاء، حيث تم تأكيد الأمر بالحكم "حسب مبادئ الحرية والعدالة والاستقامة وفقا لميراث اسرائيل". كما احتج الملتمسون على تقليص الاساس الديموقراطي في تعريف الدولة، الى حد الانشغال في الديموقراطية الاجرائية (هناك قيم اساسية في الديموقراطية، مثل الحرية والمساواة، لا تظهر في الكراسة). وفي مراجعة للكراسة المعدلة يتبين انه لم يتم اجراء أي تغيير في هذا الباب.
شطب واضافة
من بين الاضافات الجديدة الى الكراسة، يبرز المصطلح الذي يتعامل مع قانون التعليم الرسمي. فإلى جانب العبارة التي تقتبس من القانون، وتقول ان الاهداف المختلفة لجهاز التعليم في اسرائيل تتضمن "محبة الشعب والدولة وتعليم ميراث اسرائيل والتقاليد اليهودية" تم اضافة عبارة "القانون يؤكد اهمية غرس الثقافة اليهودية في المدارس".
في الباب الذي يتعامل مع الشرخ القومي وتحديات الحياة المشتركة، فضل كتاب الكراسة اخفاء امكانية دمج العرب الاسرائيليين كمواطنين في الدولة في حال قيام دولة فلسطينية. فقد تم شطب العبارة التي قالت انه "على الرغم من الشرخ الا ان غالبية عرب اسرائيل يريدون الحفاظ على مواطنتهم الاسرائيلية اذا قامت دولة فلسطينية". كما تم تجاهل عدة تحفظات تتعلق بالمواقف التي تعرضها الكراسة، والتي تبدو حاليا كحقائق واقعة. على سبيل المثال، في الباب الذي يتناول المبررات المختلفة للدولة القومية الديموقراطية (الاثنية – الثقافية)، جاء ان "موافقة غالبية مواطني اسرائيل على تعريفها كدولة يهودية تعزز التكافل وتساعد على حصانة الدولة". وتم شطب عبارة "هناك من يدعي ان" من بداية هذه العبارة كما وردت في النص السابق. واضيفت بعد ذلك عبارة "هذا لا يعني نفي التكافل بين كل مواطني الدولة" والتي اضيفت كما يبدو من اجل توضيح التغيير. وفي الفصل الذي يتعامل مع الاقليات في اسرائيل، بقي تعريف اللغة العربية كذات مكانة خاصة في اسرائيل وليس كلغة رسمية. ويشار الى ان هذه الصيغة تطرح ايضا في قانون القومية الذي يجري دفعه في الكنيست حاليا بهدف اضعاف مكانة اللغة العربية في اسرائيل.
وقد صادقت اللجنة المهنية على الكراسة الجديدة في الأسبوع الماضي، لكن اعضاء اللجنة لم ينجحوا في الاتفاق ويواصلون النقاش بينهم حول عشرات النقاط المطروحة فيها. ويطالب الكثيرين منهم بعقد اجتماع اخر للجنة من اجل التصويت على النص الجديد، لكنه ليس من الواضح ما اذا كانوا سيفعلون ذلك لأنه يجب عليهم تقديم الرد النهائي الى المحكمة العليا اليوم.
اسرائيل تعلن معارضتها لاتفاق وقف إطلاق النار في سورية!
تكتب "هآرتس" ان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، قال في ختام اجتماعه مع الرئيس الفرنسي عمانوئيل مكرون، في باريس امس، ان اسرائيل تعارض اتفاق وقف إطلاق النار في جنوب سورية، لأنه يرسخ التواجد الايراني في الدولة. وقال انه اوضح خلال اجتماعه مع مكرون بأن اسرائيل تعارض بشكل جارف الاتفاق الذي تم التوصل اليه بين روسيا والولايات المتحدة.
وقال مسؤول اسرائيلي رفيع، طلب التحفظ على اسمه، ان اسرائيل تعرف عن نوايا توسعية كبيرة لإيران في سورية. وحسب قوله فان ايران معنية ليس فقط بإرسال مستشارين الى سورية وانما ارسال قوات عسكرية كبيرة، بما في ذلك اقامة قاعدة جوية للطائرات الايرانية، وقاعدة بحرية لسفن الأسطول الايراني. واضاف: "هذا يغير صورة الأوضاع في المنطقة عما كانت عليه حتى الان".
وتكشف تصريحات نتنياهو حول احدى اكبر الخطوات التي حققتها روسيا والولايات المتحدة في سورية، عن خلاف شديد بين اسرائيل والقوتين العظميين في الموضوع السوري، والذي تم الحفاظ عليه حتى الان في القنوات الدبلوماسية الهادئة ولم يتم التعبير عنها علنا.
وكانت روسيا والولايات المتحدة قد اعلنتا قبل اسبوع ونصف عن التوصل الى اتفاق لوقف إطلاق النار في جنوب سورية، يشمل انشاء مناطق عازلة بين سورية والاردن وبين سورية واسرائيل. وفي الشهر الاخير اجرت اسرائيل محادثات مع مسؤولين كبار في الادارة الأمريكية حول الاتفاق. وفي هذا الاطار وصل الى اسرائيل المبعوث الأمريكي لمكافحة تنظيم داعش بريت ماكغورك والمبعوث الأمريكي للشأن السوري مايكل راتني.
وعرضت اسرائيل سلسلة من التحفظات بشأن الاتفاق، وطالبت بأن تستخدم المناطق العازلة كوسيلة لإبعاد ايران وحزب الله والميليشيات الشيعية عن الحدود مع إسرائيل والاردن، وعدم السماح بترسيخ الوجود الايراني في سورية. كما تحفظت اسرائيل من تولي قوات روسية لمراقبة وقف اطلاق النيران في المناطق العازلة. وتحدث نتنياهو مساء امس مع وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون وناقش معه هذا الأمر.
وقال مسؤولون كبار من اسرائيل لصحيفة "هآرتس" انه عندما وصل نص اتفاق وقف إطلاق النار الى اسرائيل، تبين بأنه خلافا لتوقعاتها، لم يأخذ الروس والأمريكيين مواقفها في الاعتبار تقريبا. وقال احد المسؤولين الكبار ان "الاتفاق كما هو حاليا سيئ جدا ولا يأخذ في الاعتبار أي مصلحة أمنية لإسرائيل ويخلق واقعا مقلقا في جنوب سورية. لم يشمل الاتفاق أي كلمة صريحة عن ايران، حزب الله او الميليشيات الشيعية في سورية".
وبالإضافة الى طرح القلق الاسرائيلي في الشأن السوري، امام مكرون، فقد طرح نتنياهو ايضا، قلق اسرائيل ازاء الوضع في لبنان، وطلب من مكرون تفعيل تأثيره على رئيس الحكومة اللبنانية، سعد الحريري، في كل ما يتعلق بنشاط حزب الله في الدولة، خاصة في جنوب لبنان. كما طلب من مكرون نقل رسالة الى حكومة الحريري حول نية عدد من قادة حماس الانتقال للنشاط في لبنان.
وقال نتنياهو للصحفيين بعد اللقاء ان "فرنسا تدير علاقات خاصة مع الحكومة اللبنانية، ويمكن لمكرون اجراء حوار مع حكومة الحريري بشأن حزب الله. نقلت خلال اللقاء رسائل واضحة وحادة بشأن استمرار تعزيز قوة حزب الله في لبنان مع اسلحة متطورة، والتي يريدون انتاج قسم منها على ارض لبنان، واستيراد قسم اخر من سورية. قلت له انه يتم هنا زرع بذور صراع قاس جدا بين اسرائيل ولبنان، وان على الحكومة اللبنانية عدم القيام بنشاطات تدفع هذا الصراع قدما".
وقال مكرون للصحفيين بعد اللقاء: "انا اشارك اسرائيل في قلقها ازاء نشاط حزب الله في جنوب لبنان والاسلحة التي يملكها. اريد محاولة دفع خطوة دبلوماسية لتقليص خطورة هذا التهديد".
وقال مكرون انه ناقش مع نتنياهو الاوضاع في سورية والحرب المشتركة ضد الارهاب وايضا الاتفاق النووي مع ايران، وقال ان فرنسا ستبقى متأهبة في كل ما يتعلق بتعقب تطبيق الاتفاق النووي مع ايران. واضاف بان اسرائيل وفرنسا ستواصلان اجراء محادثات لمناقشة تنسيق السياسة في اعقاب الاتفاق النووي.
وشجب مكرون العملية التي وقعت في الحرم القدسي يوم الجمعة، ودعا الى استئناف المفاوضات المباشرة بين اسرائيل والفلسطينيين من اجل التوصل الى حل الدولتين على اساس حدود 67 والقدس عاصمة للدولتين. وقال انه تحدث مع نتنياهو حول البناء في مستوطنات الضفة الغربية وان موقف فرنسا لم يتغير.
ورد نتنياهو قائلا ان اسرائيل وفرنسا شريكتان في الرغبة بدفع الاستقرار والسلام في الشرق الاوسط. واضاف بأنه اوضح لمكرون بأن جذر الصراع بين اسرائيل والفلسطينيين هو رفض الفلسطينيين الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية داخل أية حدود. وقال انه تحدث مع مكرون عن الفرص الاقليمية التي نشأت في اعقاب المصالح المشتركة وتسخين العلاقات بين إسرائيل والدول العربية.
المصادقة على التصويت على قانون يهدف الى تقييد تقسيم القدس
تكتب "هآرتس" ان اللجنة الوزارية لشؤون القانون، صادقت امس الاحد، على اقتراح الوزير نفتالي بينت بتعديل قانون اساس: القدس، الذي يحدد بأن أي تقسيم للمدينة يتطلب المصادقة عليه من قبل 80 نائبا على الاقل. لكن القانون يتضمن بندا اخر يحدد انه يمكن للكنيست الغائه بغالبية 61 نائبا فقط. 
ويتطلب تمرير هذا الاقتراح الذي قدمه بينت ورئيسة كتلة حزبه البيت اليهودي، شولي معلم، المصادقة عليه في اربع قرارات في الهيئة العامة للكنيست. واذا ما تمت المصادقة عليه، سيكون على المشرعين تقديم توضيحات بسبب وجود قانون اساس موازي – قانون الاستفتاء العام، الذي يحدد اجراء اخر لتسليم مناطق تخضع للسيادة الاسرائيلية، بما في ذلك القدس. فالقانون يحتم دعم 80 نائبا لأي قرار يتعلق بتسليم مناطق من القدس، لكنه في الوقت نفسي يكتفي بغالبية 61 نائبا لتمرير قرار كهذا شريطة اجتيازه لاستفتاء عام.
وقال رجل قانون ملم بالقانونين لصحيفة "هآرتس" انه "بما ان المقصود قانونين متوازيين، فان النص الجديد الذي طرحه بينت لا يتغلب بالضرورة على الاستفتاء العام وسيكون عليه ادراج توضيحات ملموسة لاقتراحه لكي يتغلب على الاستفتاء".
وقال بينت في اعقاب المصادقة على مشروع القانون في اللجنة ان "العاصمة نجت مرتين من كارثة التقسيم التي قادها ايهود اولمرت وايهود براك، لكن هذا انتهى. قانون القدس الموحدة الذي مر اليوم في اللجنة الوزارية سيمنع امكانية تقسيم القدس. الوحدة حول قانون القدس الموحدة ستعزز مكانتنا في العالم وتمنع الضغط على اسرائيل".
قتل فلسطيني في النبي صالح
تكتب "هآرتس" ان قوات الجيش الاسرائيلي قتلت مساء امس فلسطينيا خلال محاولة اعتقاله بتهمة تنفيذ عمليتي اطلاق للنار في نهاية الأسبوع. وقال الناطق العسكري ان "المخرب اعمر احمد خليل استل سلاحا خلال محاولة اعتقاله لكن الجنود لاحظوا ذلك فاطلقوا عليه النار وقتلوه".
ويتهم خليل (34 عاما) بإطلاق النار صباح السبت على سيارة بالقرب من مستوطنة "عطيرت" في الضفة. ونتيجة لشظايا الزجاج اصيب السائق بجراح طفيفة، كما لحق ضرر بسيارته. وتمكن خليل من الهرب بسيارته. وفي ساعات المساء اطلق النار مرة اخرى على موقع عسكري في بلدته النبي صالح، ولم يسفر ذلك عن اصابات. ومن ثم هرب من المكان.
وليلة امس وصلت قوة عسكرية الى البلدة لاعتقاله. وحسب الناطق بلسان حرس الحدود، فقد استل خليل سلاحا من انتاج ذاتي ووجهه نحو القوة، فقام الجنود بقتله. ولم تقع اصابات في صفوف القوة العسكرية. وتم اعتقال مواطن اخر تواجد في المكان بعد اصابته بجراح طفيفة.
وادعى الشاباك ان خليل نفذ العملية مع خطيبته، لأن عائلتيهما لم توافقان على خطبتهما. كما قال الشاباك ان خليل كان ناشطا في اجهزة الأمن الوقائي وعمل في الفترة الأخيرة في بيع السلاح. واعتقلت قوات الأمن الفلسطينية خطيبة خليل، روان عنبر.
ضبط قطع نقدية اثرية على معبر ايرز
تكتب "يسرائيل هيوم" ان جهات الفحص الأمني على معبر "ايرز"، احبطت امس، محاولة لتهريب قطع اثرية من غزة الى اسرائيل. فخلال تفتيش حقيبة تاجر فلسطيني طلب الدخول الى اسرائيل، تم العثور على اربع قطع نقدية نادرة وثمينة، تعود كما يبدو الى فترة الاسكندر المقدوني.
وكما يبدو فقد تم تهريب القطع النقدية من مصر وكان الهدف بيعها في اسرائيل. وتم احتجاز التاجر، واستدعاء ممثلي سلطة الآثار لفحص القطع النقدية.
الليكود يقرر تنظيم مظاهرات مضادة للمتظاهرين ضد المستشار القانوني
تكتب "يسرائيل هيوم" انه ردا على المظاهرات التي تجري في بيتح تكفا امام منزل المستشار القانوني للحكومة، ابيحاي مندلبليت، قرر رئيس الائتلاف الحكومي، دافيد بيتان (الليكود) المبادرة الى تنظيم تظاهرة ضد هؤلاء النشطاء. ويدعي ابيتان ان "التظاهرات ضد المستشار القانوني تهدف الى اسقاط رئيس الحكومة والتأثير على المستشار لكي يسرع عمله بشكل يتفق مع مصالح المعارضين لنتنياهو".
ووصف رئيس لجنة الداخلية البرلمانية، دافيد إمسلم (ليكود) التظاهرات ضد مندلبليت بأنها "غير قانونية وغير اخلاقية"، وقال ان المقصود "مجموعة من اصحاب المصالح الواضحة الذين يعملون بهوس من اجل اسقاط رئيس الحكومة بكل ثمن. كما انها تشوش روتين حياة اناس ابرياء يقيمون بجوار المستشار".
في المقابل رفض صندوق اسرائيل الجديد ادعاءات نتنياهو بأن الصندوق يمول التظاهرات، وقالت رئيسة الصندوق ان "الصندوق لم يمول ولا يمول تظاهرات ضد المستشار".
بعد قرار ستريحه من الجيش: الجندي ازاريا سينتظر صدور الحكم في منزل اسرته
تكتب "يديعوت أحرونوت" انه لأول مرة منذ قيامه بإطلاق النار على "المخرب" عبد الفتاح الشريف، في الخليل في آذار 2016، من المتوقع ان يتم إطلاق سراح الجندي اليؤور ازاريا وفرض الحبس المنزلي عليه. واليوم ستنظر نائبة رئيس محكمة الاستئناف العسكرية، العقيد اورلي ماركمان، في استمرار شروط اعتقال ازاريا، عشية تسريحه من الخدمة يوم الخميس القادم.
ومن المهم الاشارة الى انه على الرغم من تسريح ازاريا من الخدمة، الا ان القانون العسكري سيسري عليه، واذا ادين، فسيقضي محكوميته في سجن عسكري.
ومن المقرر ان تعلن محكمة الاستئناف العسكرية قراراها بشأن استئناف ازاريا في 30 تموز الجاري. وكان قد استأنف الى المحكمة ضد قرار ادانته بالقتل والحكم عليه بالسجن لمدة سنة ونصف السنة. كما استأنفت النيابة العسكرية ضد العقوبة الخفيفة التي تم فرضها على ازاريا، وتطالب المحكمة بتشديدها من سنة ونصف الى سنتين.
ومن المنتظر ان يقضي ازاريا عقوبة الحبس المنزلي في بيت والديه في الرملة الى ان يتم البت في الاستئنافين من قبل هيئة تضم خمسة قضاة، يترأسها الجنرال دورون فايلس.
يشار الى ان ازاريا خضع منذ عملية القتل لحبس مفتوح داخل قاعدة لواء كفير في معسكر نحشونيم. وكان يخرج بين الحين والآخر لقضاء اجازة مع عائلته، ولحضور جلسات المحاكمة.

مقالات
جنود الله من ام الفحم
يكتب موشيه ارنس، في "هآرتس" ان الضحايا المباشرين للمخربين الثلاثة من حمولة جبارين في ام الفحم هما شرطيان اسرائيليان. اما الضحية غير المباشرة فهي منظومة العلاقات بين المواطنين اليهود والمواطنين العرب في اسرائيل. العملية الارهابية التي نفذها ثلاثة مواطنين اسرائيليين ستثير، لبالغ الأسف، ردا فوريا في صفوف قسم من المواطنين اليهود الذين سيتهمون بشكل جماعي كل المواطنين العرب في اسرائيل.
من حرضوا المخربين من ام الفحم لن تؤسفهم اعراض هذه العملية. انهم ليسوا معنيين بدمج المواطنين العرب في المجتمع الاسرائيلي. ونأمل ان تفشل جهودهم المبذولة لوقف عملية التقدم الاقتصادي والاجتماعي للكثيرين من العرب. وبالنسبة لنواب القائمة المشتركة، فقد تمكنوا في نهاية الأسبوع فقط من العثور على صياغات عامة وغامضة لشجب كل انواع العنف من خلال اتهام "الاحتلال".
من يقف وراء القتلة من ام الفحم؟ متزمتون مسلمون يؤمنون بأن قتل اليهود هو وصية الاهية. ام الفحم هي كما هو معروف دفيئة للجناح الشمالي للحركة الاسلامية، بقيادة رائد صلاح. الجناح الشمالي يرتبط بالإخوان المسلمين الذين تم اخراجهم عن القانون في مصر واعتبارهم تنظيما ارهابيا، يدعم حماس. هؤلاء هم الذين نشروا على مدار سنوات اكذوبة تقول ان اسرائيل تنوي هدم المسجد الأقصى، في محاولة لتأجيج كل العالم الإسلامي ضد اسرائيل. ورغم انه تم اخراج حركتهم عن القانون، الا انه من الواضح بأنهم يواصلون نشاطهم الاجرامي.
الكثيرون سينعتون هؤلاء المخربين بأنهم مناضلون من أجل الحرية. هذا التعريف يسمع افضل بكثير من مصطلح المتطرفين الاسلاميين، وهو يناسب تماما الدعاية المعادية لإسرائيل، والتي تشجب اسرائيل كدولة محتلة، وتدعم مقاطعتها وتحاول نزع شرعيتها. بعض هؤلاء المعارضين لإسرائيل يعرفون جيدا ان هؤلاء ليسوا مناضلين فلسطينيين من اجل الحرية، لكنه لا يهمهم تشويش التمييز بين نوع ونوع آخر من المخربين. البعض الآخر يعتقدون كما يبدو، ان كل عنف يمارس ضد اهداف اسرائيلية او يهودية هو جزء من نضال الشعب الفلسطيني من اجل تقرير المصير والاستقلال.
هذا التوجه ينتشر في العالم الغربي، الذي يميل الى رؤية الشرق الاوسط بمصطلحات يعرفها من بيئته، رغم انه لا توجد صلة بينها وبين الواقع الشرق اوسطي. ولذلك، آمن اولئك الناس، طوال عشرات السنوات، بأن الغرب ولّد أمة عراقية، أمة سورية، وأمة اردنية، تنفصل عن الأمة الفلسطينية. وعلى غرار الأمم العصرية في العالم الغربي، حتى في الوقت الذي تتوق فيه هذه "الأمم" الى الديموقراطية، وستقوم باختطافها عندما تلوح فرصة حصولهم عليها بفضل القوات الامريكية. "الأمة العراقية" خيبت آمالهم. "الأمة السورية" لم تحصل بتاتا على فرصة، لكنه من الواضح أنها ما كانت سترد بشكل مختلف. واذا تجاهلنا ما يحدث في غزة تحت سلطة حماس في السنوات العشر الأخيرة، فان "الأمة الفلسطينية" تصارع من اجل الحصول على فرصة كهذه. لماذا، اذن، لا نعتبر قوات الله، محاربون من اجل الأمة الفلسطينية؟
المثير للدهشة، ان الكثيرين من اليسار الاسرائيلي، الذين كان يفترض بهم معرفة الواقع الشرق اوسطي جيدا، تبنوا الفكرة التي تميز بين أمة فلسطينية وأمة اردنية ويصرون بأن على اسرائيل وضع حد "للاحتلال" واعطاء الفلسطينيين فرصة لإقامة دولة حرة وديموقراطية. او بدلا من ذلك، لا يهمهم بتاتا ما الذي سيحدث للفلسطينيين، طالما ستجد اسرائيل طريقة للانفصال عنهم. الكثيرون من هؤلاء كان سيسرهم بالتأكيد الانفصال ايضا عن الفلسطينيين المواطنين في اسرائيل، لو كان الأمر ممكنا. من المؤكد ان محاربي الجهاد في ام الفحم اكدوا هذا الشعور.
ينقسمون بين الجوع والشهية
يكتب شموئيل حرليف، في "هآرتس"، ان زئيف جابوتنسكي ادعى في عام 1937 امام اللجنة الملكية البريطانية، انه "عندما نعرض الادعاء العربي امام مطلب اليهود بالإنقاذ، فان هذا الأمر يشبه الشهية التي تطرح ادعاءات ضد الجوع". طرح الجوع اليهودي امام الشهية العربية يحدد، حسب رأيه، القاعدة الاخلاقية لمطالبة الشعب اليهودي بأرض اسرائيل امام الرفض العدواني من قبل الشعب العربي.
بعد مرور 100 عام من الصراع يبدو، ظاهرا، ان الصورة انقلبت: الشهية الاسرائيلية تحارب الجوع الفلسطيني. الشعب الفلسطيني في الضفة يئن منذ 50 عاما تحت الاحتلال، بينما تدير اسرائيل سياسة متحمسة للتوسع الاقليمي بواسطة تشجيع السيطرة المتوحشة على اراضي الفلسطينيين واقامة عشرات المستوطنات. لقد خلقت سياسة الاستيطان نظام أبرتهايد في الضفة، بينما تسلم بوجود ميليشيات المستوطنين المسلحة، التي تفرض الرعب على الجمهور الفلسطيني وتمرر حياته.
لكن هذه هي نصف الحقيقة فقط. النصف الثاني يظهر صورة معكوسة. منذ بداية الاستيطان اليهودي في ارض اسرائيل، في نهاية القرن التاسع عشر، مرورا ببناء المستوطنات والصراع من اجل الهجرة، والصدام مع الحركة القومية العربية، وخطة التقسيم، واقامة الدولة، وحتى حرب الأيام الستة، واتفاقيات السلام مع مصر والأردن، واتفاقيات اوسلو وكامب ديفيد والمحادثات بين ايهود اولمرت ومحمود عباس في 2008 – كان تاريخ الصهيونية ودولة اسرائيل هو تاريخ تجوع: تجوع لبيت قومي للشعب اليهودي والناجين من الكارثة، وتجوع لدولة مستقلة واتفاقيات سلام مع العالم العربي ومع الشعب الفلسطيني، وتجوع للاعتراف الدولي وللأمن الشخصي والقومي.
الانتقال من تاريخ الجوع الى عهد الشهية كان غير متوقع وحدث في اعقاب الانتصار الضخم في حرب الأيام الستة. تلك الحرب التي فرضت على اسرائيل من قبل جمال عبد الناصر، كحرب دفاعية، قلبت الجرة على فمها وانتهت، من دون تخطيط، كحرب احتلال.
بالنسبة للفلسطينيين، الغت حرب الأيام الستة نتائج حرب الاستقلال. المجتمع الفلسطيني الذي كان حتى 1948 متواصلا وموحدا تحت القيادة العنيفة للمفتي الحاج امين الحسيني، وجد نفسه بعد اتفاقيات الهدنة في 49 مقسما الى اربع مجموعات منفصلة: لاجئون في المخيمات، رعايا عرب تحت السلطة الأردنية في الضفة، رعايا عرب تحت السلطة المصرية في قطاع غزة، وفي الوسط مواطنون اسرائيليون من الدرجة الثانية، تحت حكم عسكري. لبالغ السخرية التاريخية، فان حرب الأيام الستة التي انتهت باحتلال سيناء وغزة والقدس والضفة والجولان، عادت ووحدت غالبية الشعب الفلسطيني في ظل تواصل اقليمي تحت سلطة اسرائيلية موحدة. ولذلك فقد سمحت، أيضا، بتجديد التبلور القومي الفلسطيني، الذي انقطع في حرب الاستقلال.
الغطرسة والنشوة والامبريالية التي أصابت اسرائيل بعد حرب الايام الستة منيت بضربة بالغة في حرب يوم الغفران وفي الانتفاضة التي اندلعت في 1987. لقد استخلصت اسرائيل الدرس، كما ظهر من استعداد حكومات مناحيم بيغن، ويتسحاق رابين وايهود براك، للتراجع من الشهية الى الجوع. والنتيجة: اتفاق السلام مع مصر والاردن، اتفاقيات اوسلو، واقتراح براك في كامب ديفيد، بالانسحاب بشكل شبه مطلق من المناطق مقابل انهاء الصراع. رد ياسر عرفات على براك انعكس في انتفاضة 2000. لقد بادر الى الانتفاضة الثانية واظهر تمسكه باستراتيجية الشهية الفلسطينية التي انتجها المفتي.
الانقسام اليوم والصراع بين الجوع والشهية لا يقفان فقط بين المجتمع الاسرائيلي والشعب الفلسطيني، وانما يمزقان كل طرف على حدة. في اسرائيل تدير حكومة اليمين التي يديرها نفتالي بينت ظهرها للصهيونية السياسية التي يطرحها تكتل المركز – اليسار. وتطحن الشهية الاستيطانية التجوع للسلام.
في المجتمع الفلسطيني، ايضا، هناك انقسام بين الجوع والشهية. في الضفة يبدو عباس كممثل للتجوع الفلسطيني لدولة سيادية الى جانب اسرائيل، لكن يجب ان نتذكر بأنه يصر على معارضته لتعريف اسرائيل كدولة يهودية، ويدعي ان اليهودية هي دين وليست قومية، وان اسرائيل هي دولة الشعب الاسرائيلي وليس اليهودي. وفي غزة تواصل حماس استراتيجية الشهية التي ادارها المفتي وعرفات رغم الانفصال واخلاء المستوطنات الاسرائيلية من القطاع. حماس ليست معنية بتطبيق حق الفلسطينيين بتقرير المصير وانما بإقامة فلسطين اسلامية على انقاض اسرائيل.
ولذلك، لا يمكن الان معرفة وجهة الشعب الفلسطيني: اشباع تجوعه للاستقلال والدولة السيادية الى جانب اسرائيل، او اشباع شهيته الى تدمير اسرائيل. وفي المقابل، اذا كان هناك، كما تعلمنا الاستطلاعات تكرارا، اجماع اسرائيلي يفضل السلام على المستوطنات، فانه لا يوجد للتجوع الاسرائيلي للسلام تعبير في صناديق الاقتراع، فيما تنتصر في الواقع الشهية الإقليمية.
تاريخ الصراع الاسرائيلي – العربي يعلمنا انه عندما تصارع الشهية الجوع، بين الأطراف وفي داخلها، لا يوجد امل بالتوصل الى اتفاق سياسي. يمكن تحقيق النجاح للمفاوضات واتفاق السلام فقط عندما يتراجع الطرفان عن محاولة اشباع الشهية والاكتفاء بإشباع الجوع.
السلطة تريد تركيع حماس
يكتب البروفيسور أيال زيسر في "يسرائيل هيوم" انه لا يمر يوم لا تنزل فيه على رؤوس سكان غزة ضربة جديدة من مصنع ابو مازن. قبل حوالي شهر، تم تقليص تزويد الكهرباء للقطاع من اربع ساعات الى ساعتين يوميا. وفيما بعد تم تقليص رواتب عشرات الاف مستخدمي السلطة الفلسطينية في القطاع، والذين يجلسون في كل الأحوال في بيوتهم منذ سيطرة حماس على القطاع قبل عشر سنوات، وقبل اسبوع تم اخراج عدة آلاف منهم الى التقاعد القسري.
الى جانب ذلك تم وقف دفع المخصصات للأسرى المحررين، وفي الأسابيع القريبة تخطط السلطة لتقليص او حتى وقف تحويل مخصصات الرفاه لعشرات الاف المحتاجين، وهذه ليست النهاية.
الضربات تنزل تباعا على رؤوس سكان القطاع، بعضهم لا يزالون يخلصون للسلطة الفلسطينية، لكن العنوان هو طبعا حكومة حماس التي يريد ابو مازن تركيعها. ولهذا الغرض يسعى لاستغلال ضعف حماس داخل غزة، ولكن ايضا، وفي الأساس، على الحلبة الاقليمية. في نهاية الأمر، اذا كان يسمح للسعودية ومصر بضرب قطر، راعية حماس، فلماذا يمنع ابو مازن من عمل ذلك؟
لقد قرر الزعيم الفلسطيني نزع القفازات، ولكنه كعادته، يرتدع عن المواجهة المباشرة، ويفضل زيادة الضغط على سكان القطاع بالتدريج، واحيانا بواسطة اسرائيل، على أمل ان تضطر قيادة حماس الى التسليم، وربما توافق على اعادة ولو جزء من التأثير والسيطرة في القطاع الى السلطة الفلسطينية.
من جانبها، تنجر اسرائيل، في غير مصلحتها، الى المواجهة التي يفرضها ابو مازن على حماس، وتضطر الى الموازنة بين رغبتها في تعزيز ابو مازن واضعاف حماس، وبين واجبها في الحفاظ على الهدوء على امتداد الحدود مع القطاع.
وفي هذه الأثناء، يتحول القطاع الى جهنم بالنسبة لسكانه، وفي القريب جدا سيتحول، حسب الامم المتحدة، الى منطقة غير صالحة لسكن البشر. ابو مازن لا يسعى للانفصال عن غزة بل العكس، اعادتها الى سلطته.
لكنه يجب ان يأخذ في الاعتبار ان حماس قد تختار الانحناء ليس امامه، وانما بالذات امام الرئيس المصري، السيسي، والموافقة على محمد دحلان، الذي يمقته ابو مازن، كشريك في السلطة في القطاع، وشريطة ان يزيل عنها الحصار بواسطة علاقاته الجيدة مع مصر واسرائيل.
البوابة الالكترونية جيدة لليهود
يكتب ناحوم برنياع، في "يديعوت أحرونوت" انه تم اغلاق الحرم ليومين امام الزوار. وقد كان هذا القرار صحيحا وحكيما، من قبل القيادة السياسة. مع كل الاحترام للضغط الذي يخضع له ملك الأردن، عبد الله، والسلطة الفلسطينية وحكومات اخرى في العالم العربي، ومع كل التخوف من تجدد اعمال الارهاب في القدس والضفة وغزة، كان يجب التأكد من عدم بقاء سلاح في الحرم. كما كان من المهم التوضيح، مع توجه نحو المستقبل، بأن الحرم لا يتمتع بالحصانة. لا يمكنه ان يتحول الى ملاذ للمخربين. وعندها جاءت البوابات الالكترونية.
ثماني بوابات توجد للحرم. ويوم امس قامت الشرطة بتركيب بوابات الكترونية على المداخل. وبما ان البلدة القديمة كانت مغلقة امام الزوار من الخارج، فقد كان عدد المصلين الذين هجموا على البوابات صغيرا. بعضهم تقبل الحكم، واجتازوا الفحص الأمني ودخلوا. اما الآخرين، عدة مئات، فقد فضلوا التظاهر امام الشرطة والكاميرات. وانتهى الحدث بسلام، لكن هذا لا يقول شيئا بالنسبة للأحداث القادمة.
البوابات الالكترونية تصلح لليهود، وليس للعرب. كل من يعرف الواقع في الحرم القدسي يفهم ذلك. من يريد تهريب سلاح او معدات قتالية الى الحرم سينفذ مؤامرته ليس في يوم مثل امس، وانما في يوم يهجم فيه مات الاف المصلين على الأبواب. في ايام كهذه لا توجد طريقة لتفعيل الفحص الشخصي، وبالتأكيد ليس امام جمهور معادي، وامام نساء سيحتم تفتيشهن حساسية خاصة، وامام شبان متهورين وامام كاميرات التلفزيون من كل العالم.
البوابات الالكترونية ستسبب اكتظاظا، والاكتظاظ سيولد اضطرابا، والاضطرابات ستضطر الشرطة الى ادخال الجمهور، ومن يريد ادخال اسلحة ومعدات قتال، سيجد فرصته – من دون ان يبذل أي جهد.
يوم امس، اعلن نتنياهو، من الخارج، بأنه "خلافا لحديث جهات في الشرطة فانه لن يتم تفكيك البوابات الالكترونية". من المثير ما الذي سيقوله عندما سيتضح انه تم ادخال سلاح الى الحرم رغم البوابات الالكترونية. من سيتهم؟
سيسأل القارئ، وبحق، لماذا توجد بوابات الكترونية على مداخل حائط المبكى ولا توجد على مداخل الحرم. الجواب مزدوج: اولا، اليهود الذين يزورون حائط المبكى لا يعتبرون الفحص الأمني خطوة تهدف الى اهانتهم، وثانيا: في الأيام المكتظة بشكل خاص – يوم مباركة الكهان، مثلا – تضطر الشرطة في اكثر من مرة للاكتفاء بالفحص العشوائي.
الحرم القدسي هو مكان مشحون. كل حادث يقع فيه، او يدعون حدوثه فيه، يستدعي الارهاب في اماكن قريبة وبعيدة. اسرائيل تملك مصلحة عليا في الحفاظ على الحرم مفتوحا، لأسباب سياسية ودعائية. لا يمكن لها السماح لنفسها بحرب دينية مع العالم الإسلامي.
الشروط التي طرحت لإدارة المكان معقدة. انها تجمع بين الشرطة والقصر الملكي الأردني، والسلطة الفلسطينية ودائرة الأوقاف. انها تتطلب اجراء حوار يومي بين قادة الأوقاف والجهات الاسرائيلية، وعلى رأسها الشرطة. حوار كهذا ليس قائما اليوم. ويمكن لهذا ان يكون الاخفاق الذي سيولد الضائقة القادمة.
قادة الوقف يميلون الى دعم القصر الملكي الأردني. حتى اولئك من بينهم الذين يتأثرون بالسلطة الفلسطينية، يعتبرون كارهين لحماس. اذا كان المثل الذي يقول "عدو عدوي هو صديقي" صحيحا، فان الوقف هو شريك.
وهذا، بشكل خاص، حين تتغير شروط اللعب في الجانب اليهودي. الجمهور المتدين – القومي، ينجذب الى الحرم كما لو تشده حبال ساحرة. المزيد من اليهود المتدينين يطلبون الدخول الى هناك، واقامة شعائر، والصلاة. المسلمون من جهتهم يعتبرون ذلك محاولة متعمدة للسيطرة من قبل اسرائيل. هذه المادة المتفجرة لم يتم تهريبها الى الحرم: لقد وصلت الى هناك بتصريح وبصلاحية.
اسرائيل هي السيادة في الحرم. وهذا الحق يرافقه الالتزام. على السيادة السلوك كما السيادة: فرض رغباتها، ولكن، ايضا ضمان حقوق الآخرين. ربما لا تمر طريقة توضيح من هي السيادة في الحرم للفلسطينيين، عبر البوابات وانما في اماكن اخرى، في محاربة الوعاظ المتطرفين، انصار حماس، في القدس الشرقية: في مواجهة الجناح الشمالي للحركة الاسلامية في اسرائيل، التي تم اخراجها عن القانون لكنها تواصل العمل في المساجد؛ وفي الحوار مع جهات براغماتية، ومن بينها جهات داخل دائرة الأوقاف.
الأمر المؤكد هو ان البوابات الالكترونية لن تساعد.

التعليـــقات