رئيس التحرير: طلعت علوي

ومضات للعالقين في محطات الحياة «2 من 2»

الجمعة | 14/07/2017 - 08:01 صباحاً
ومضات للعالقين في محطات الحياة «2 من 2»


دلال الحارثي


أكمل ومضاتي للقابعين خلف أحلام ينتظرونها، فيما تتنوع العقبات في الظهور على الطريق. وكأنها تأبى لهم الوصول، بينما هي في ذاتها "محطة" تزود بوقود الثقة أكثر وأكثر. (5: لا تكترث كثيرا بالكروت الخاسرة). لا تعول كثيرا على الناس مهما كانت ثقتك بهم عالية. يقال "التعميم لغة الجهلاء"، وأقول "إن الجاهل هو من لم يدرك بعد أن عموم الناس مشغولون عنه في شؤون حياتهم الخاصة". هذه هي طبيعة الحياة البشرية التي لا يمكن إنكارها بأي حال من الأحوال. البسطاء يقولون "إرضاء الناس ما يوكل عيش"، الأمر الذي يتطلب عدم التضحية بأولويات مهمة في حياتك لإرضاء آخرين. فكل تنازل يليه سيل من التنازلات التي لا تنتهي إلا بانتهائك! وما دمت لست بحاجة لتقديم التنازلات، فاحتفظ بالراية لأطول فترة ممكنة، ولا تسقطها بسهولة. (6: تجنب أصحاب مقولة "ما قلت لك؟"). حياتنا تمر بكثير من المد والجزر.

إذا شحّ عنك الأكسجين، ومررت بأزمة - وبطبيعة الحال كلنا نمر بأزمات ـــ تذكر هذه الكلمات جيدا. كن واثقا بأنه لا أحد يشعر بمقدار الألم العميق الذي قد تشعر به سواك، فامنح نفسك زمام القيادة في معارك الحياة. الناس بطبيعتهم البشرية ينفرون من الأشخاص السلبيين كثيري الشكوى. كما أن كثيرا من أصحاب ثقافة الهيمنة والوشاية يريد أن يظهر بمظهر المنتصر أو الحكيم. والبعض الآخر يكون دافعه التشفي من عثراتك وكبواتك، فتراه يكثر من مقولة "ألم أخبرك بأن تفعل كذا وكذا؟". لتكون أكثر ذكاء وقبولا، أظهر ضعفك واشكُ مظلمتك لرب العباد، ودعك من باقي العباد. (7: ما خاب من استشار). الاستشارة هي استراتيجية الناجحين التي يبدأون بها عملية اتخاذ قرارات حياتهم بشتى مناحيها.

كما أنها مفهوم إداري ملازم لحياة الفرد، والمنظمات بشتى أنواعها، بل حتى الدول على نطاق أوسع. لكن ما يغفل عنه كثير من الناس هو ما يسبق الاستشارة ويليها. "الاستشارة اليتيمة" تولد دونما انتقاء، تكتفي بوجهة نظر ضيقة، يتشكل منها قرار هزيل لا يفتأ أن يتم وأده سريعا، مخلفا وراءه كثيرا من الويلات والحسرات وخيبات الأمل. أما "الاستشارة الذكية" فتبدأ بشكل انتقائي، يتخيّر من خلالها المستشير من يملي عليه مشورته "من يكون أمينا خبيرا صادقا عميق النظر، قادرا على دراسة حيثيات القرار".

كما أن من المهم أن يليها تفكير عميق من المستشير في تبعات القرار، وآثاره على المديين القريب والبعيد، ومدى ملاءمته لوضع المستشير. إعطاء النصائح أمر سهل، الأصعب هو تطبيقها وتحمل تبعاتها. كثير من الطبول الجوفاء غطت بضجيجها وصخبها على الناي الشجي. كثير من النصائح السطحية "الجميلة في ظاهرها" أودت بكثيرين للتهلكة. (8: اقرأ ما خلف السطور!) ليس كل ما يظهره الناس لك حقيقيا. الناس ينتقون الأشياء الجميلة لإظهارها، مخبئين وراءها الجانب المظلم. وقد يستخدم الناس وسائل عدة لإخفاء هذا الجانب، الأمر الذي قد يشمل ستارا وشعارات دينية زائفة ومبادئ خادعة تعظم في باطنها المنفعة الشخصية. هذه ليست دعوة لتقديم مبدأ الشك في التعامل، بل دعوة لعدم الانخداع وتصديق الظواهر.

ولعل المنجيات من الوقوع في هذا الفخ تكمن في: القدرة على رؤية "الصورة الكبرى" للأمور، إضافة للخروج عن "السرب" وعدم الخضوع لاستراتيجية "القطعنة" وثقافة "الامتثال"، وتعزيز "الاستقلال الفكري والتفكير النقدي". هذه الومضات الثماني، رصفتها "التجربة" وامتثلت أمامي مبكرا. ربما دفعت ثمنا لأتعلمها! ولكنها اليوم بين قرائي الأعزاء على طبق من ذهب، لتكون على درب الحيارى قبسا للطريق.

التعليـــقات