رئيس التحرير: طلعت علوي

محطتا أريحا وبيتللو تنتجان 2700 طن سنويا من السماد العضوي..هل تنجح التجربة؟

السبت | 27/05/2017 - 03:01 مساءاً
محطتا أريحا وبيتللو تنتجان 2700 طن سنويا من السماد العضوي..هل تنجح التجربة؟

تقرير لمركز معا

ناقش تقرير جديد لمركز العمل التنموي / معا واقع إنتاج السماد العضوي في الأراضي الفلسطينية الذي بات يسير بخطوات متسارعة بعد أن أبصرت النور مؤخرا محطتان جديدتان في أريحا وقرية بيتللو (بلدية الاتحاد) شمال غرب رام الله، لتضافا إلى اثنتي عشرة محطة أخرى منتشرة في أنحاء الضفة الغربية وقطاع غزة بسعة إجمالية تصل إلى سبعة أطنان من النفايات المفصولة يوميا.
ما يميز المحطة الأخيرة في بيتللو، وفق معد التقرير فراس الطويل، أنها تعمل على إعادة تكرير النفايات العضوية، التي يتم جمعها من المنازل والمطاعم، وليس المخلفات الناتجة عن المزارع فقط كما هو الحال في المحطات الأخرى. هذا الأمر سيساعد حسب د. عمار خريشة مدير عام دار المياه والبيئة، على نشر ثقافة فصل النفايات وإعادة تدويرها واستخدامها كسماد عضوي طبيعي غني بالمواد اللازمة للزراعة.

2700 طن من الكمبوست سنويا
السماد العضوي أو ما يعرف بــ "الكمبوست"، هو السماد الطبيعي الذي يمكن الحصول عليه من تخمير البقايا النباتية كالتبن والحطب والأوراق وكل المخلفات من أصل نباتي، بتأثير خليط من الميكروبات المنتشرة في كل مكان والتي تناسبها ظروف خاصة لابد من توافرها.
ومن المتوقع أن يصل إنتاج محطتي أريحا وبيتللو من السماد العضوي إلى 2700 طن سنويا، ما يعني معالجة 1750 طنا من النفايات العضوية و2100 طن من النفايات الزراعية و790 طنا من المخلفات الحيوانية حسب ما أوردته دار المياه والبيئة.

مخرجات اقتصادية
في نهاية عام 2015 اختتمت دارة المياه والبيئة مشروع "جمع المخلفات العضوية من المناطق السياحية والزراعية والاستفادة منها في انتاج السماد العضوي (سكاو)"، بتمويل من الاتحاد الاوروبي. وتعكف دار المياه والبيئة على مواصلة تقديم الدعم ومتابعة المشاريع في هذا الجانب لضمان سيرها على الخط المرسوم لها منذ البداية.
ويبين خريشة في حديثه ل "آفاق البيئة والتنمية" وجود اتفاقيات لجلب النفايات من المنازل في بيتللو، وكذلك اتفاقية مع بلدية رام الله لتوريد النفايات المفصولة إلى المحطة لإنتاج الكمبوست، وأضاف: "رام الله تورد للمحطة مرة واحدة أسبوعيا، تقريبا من 3-4 أطنان من نفايات المطاعم والمنازل، خصوصا بعد توقيع اتفاقيات مع فنادق ومطاعم في المدينة وتدريب العاملين فيها على أسس فصل النفايات، بالإضافة الى قيام بلدية رام الله بتوفير أوعية خاصة في بعض أحياء المدينة، كالحي الدبلوماسي لتشجيع الناس على فصل النفايات، ومحاولات تقديم حوافز للمبادرين إلى فصل النفايات كالخصومات من الرسوم والضرائب المترتبة عليهم للبلدية".

غياب القوانين..التحدي الأكبر
وتكمن المشكلة الأكبر كما يرى خريشة بغياب التشريعات التي تلزم الناس بفصل النفايات، لأن هذا الفصل له نتائج إيجابية للبيئة والصحة العامة وله أبعاد اقتصادية تتعلق بتقليل كميات النفايات التي يجب أن تنقل إلى المكبات، ما يعني توفير تكاليف النقل، وأوضح أن "النتائج المرجوة من المشروع تكمن في التخفيف من النفايات التي تؤذي المجتمع والبيئة، بالإضافة إلى تقليل التكاليف المادية، فمثلا تقوم بلدية رام الله بدفع 47 دولارا تقريبا لكل طن نفايات مقابل نقله إلى مكب زهرة الفنجان بمحافظة جنين، الآن ستوفر البلدية من التكلفة لأن المسافة ستصبح أقصر، والكميات أقل، علما أنها لن تقوم بدفع أية مصاريف مقابل استقبال محطة الكمبوست النفايات التي تحضرها البلدية".
وبخصوص المشاكل والمعيقات التي تقف في طريق بلدية رام الله، تشير مديرة دائرة الصحة والبيئة في البلدية ملفينا الجمل إلى عدم وجود الوعي لدى أصحاب المطاعم والفنادق والسكان في المدينة بأهمية وفائدة فصل النفايات، منوهة إلى تنفيذ عدة ورشات تدريبية وتزويد المواطنين بإرشادات حول كيفية التعامل مع النفايات وفصلها".
وبالإضافة إلى خلق فرص عمل جديدة، سيكون الكمبوست الفلسطيني منافسًا لنظيره الاسرائيلي من حيث الجودة والسعر، حيث سيتم الإنتاج بتقنيات عالية وبمواصفات عالمية مع مراعاة عدم استخدام أي مواد ضارة في عمليات التخمير والإنتاج.
ويباع الكيس الذي يزن 10 كيلو من الكمبوست الإسرائيلي بـ 15 شيكلا، في حين يباع نفس الكيس المنتج في المحطات الفلسطينية ب 10 شواكل، وهذا يعني توفيرا على المزارع الفلسطيني وتشجيعا له على استخدام السماد الطبيعي بدلا من اللجوء الى الأسمدة الكيماوية الضارة. وفي كل الأحوال سيكون الكمبوست الفلسطيني أفضل من الإسرائيلي، على الأقل، لا يوجد لدينا مواد خطرة ممكن أن تضاف إلى السماد، كما هو الحال لدى إسرائيل، قال خريشة.

مخرجات بيئية
يهدف المشروع بالأساس الى إيجاد نموذج بيئي متكامل لجمع ومعالجة النفايات العضوية والاستفادة منها في إنتاج السماد الزراعي، إضافة لتقليل كميات النفايات المرسلة إلى المكبات وبالتالي تقليل المساحات المخصصة للتخلص من النفايات. وسيتحقق ذلك وفقا لمديرة المشاريع في دار المياه والبيئة سوسن قدسي من خلال ضمان الأساليب المستدامة للجمع والمعالجة بإشراك ذوي العلاقة (البلديات والمجالس والمرافق السياحية والقائمين بإعادة التدوير والمزارعين والمجتمع المحلي والمطاعم والفنادق) لمعالجة النفايات.
وتؤكد قدسي ان المخرجات البيئية للمشروع ستكون كبيرة من خلال إيجاد نظام لفرز المخلفات العضوية ما يساعد على تنفيذ مشاريع إعادة التدوير في مجالات أخرى غير النفايات العضوية كالزجاج والورق والبلاستيك والمعادن وغيرها. وأضافت: "المُخرج الأكبر هو الحصول على أسمدة عضوية بجودة عالية، الأمر الذي يساعد على تحسين خصوبة التربة والحصول على إنتاج زراعي صديق للبيئة والصحة العامة".
النفايات العضوية المستخدمة في عملية انتاج الكمبوست تشكل 50% من النفايات بشكل عام، وهي موجودة في كل المنازل والفنادق والمطاعم، كبقايا الطعام وقشور الفواكه والخضروات، وكل المخلفات من أصل نباتي، إضافة لبعض المخلفات الحيوانية البسيطة التي يسهل تحللها في محطة الإنتاج.

ثقافة المجتمع هي مفتاح سياسة فصل النفايات
وتضيف قدسي بأن التحديات كبيرة أمام اتساع ظاهرة انتاج السماد العضوي خصوصا أن الأمر بحاجة لتعزيز ثقافة المجتمع بجدوى سياسة فصل النفايات. وتابعت: "نحن في البدايات، والثقافة في هذا الإطار ليست موجودة، نأمل في الوصول إلى مرحلة يتم فيها استخدام كل شيء من النفايات التي تعتبر في حالتنا الفلسطينية مكلفة للبلديات، إذا نجحنا في تعزيز الثقافة ستصبح النفايات مصدر دخل، وسننعم ببيئة نظيفة".
وطالبت قدسي بتكامل الأدوار بين المجتمع المحلي والبلديات وسلطة جودة البيئة والقطاع الخاص لتشجيع ثقافة فصل النفايات، وضرورة إيجاد برامج توعوية وقوانين وتشريعات تعزز هذا الأمر، وجلب استثمارات في قطاع النفايات.
إنشاء المحطات الجديدة ومباشرة الإنتاج لا يعني انتهاء المشروع، فالاتحاد الأوروبي يعكف بالتعاون مع الجهة المنفذة وهي دار المياه والبيئة وجهات أخرى محلية، كالإغاثة الزراعية على المساعدة في تسويق منتجات السماد العضوي، إضافة لتقديم المساعدة اللازمة بالتعاون مع وزارة الزراعة والجهات الأخرى في إجراء الفحوصات اللازمة التي تضمن الإنتاج بجودة عالية، إضافة إلى العمل في تعزيز الوعي لدى المزارعين وإقناعهم بجدوى استخدام الأسمدة العضوية الطبيعية.
وجدير بالذكر أن المشروع ممول من الاتحاد الأوروبي في إطار برنامج التعاون الأوروبي عبر الحدود في منطقة البحر الأبيض المتوسط بمبلغ 4.4 مليون يورو لثلاثة أعوام، كما شارك في المشروع ثمانية شركاء من أوروبا والمنطقة.

التعليـــقات