البرغوثي يدعو الشعب الفلسطيني إلى الشروع في عصيان مدني قومي ضد الاحتلال
تكتب صحيفة "هآرتس" ان الأسير مروان البرغوثي، القيادي في فتح، والذي يقود إضراب الأسرى الأمنيين المحتجزين في إسرائيل عن الطعام، التقى أمس الأحد، وللمرة الأولى، منذ إعلان الإضراب قبل نحو الشهر، بمحامي هيئة الأسرى الفلسطينيين. وأرسل البرغوثي، من خلاله، بيانا دعا فيه الشعب الفلسطيني إلى تصعيد عمليات التضامن مع الأسرى المضربين عن الطعام والشروع في عصيان مدني قومي ضد الاحتلال.
وكتب البرغوثي في بيانه: "إنني ألتزم أمامكم وأمام جميع أسرانا بأننا سنواصل معركة الأمعاء الخاوية حتى تحقيق أهدافنا، لن تفلح أية محاولات في كسر إرادة وتصميم الأسرى، رغم الهجوم الممارس ضدهم، ورغم القمع الذي يواجهونه. جميع محاولات الابتزاز والممارسات الصارمة لن تؤدي الا لزيادة إصرار الأسرى".
ودعا البرغوتي حركتي فتح وحماس للعمل من أجل إنهاء الانقسام الداخلي الفلسطيني وإقامة حكومة وحدة وطنية، تمنع انهيار المنظومة السياسية الفلسطينية. وتطرق البرغوثي، أيضا، إلى إمكانية تجديد المفاوضات مع إسرائيل، وكتب "على إسرائيل أن توافق على شروط مسبقة لتجديد المفاوضات مع السلطة، ومن ضمنها الموافقة على إقامة دولة فلسطينية ضمن حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية، والالتزام بتجميد البناء في المستوطنات، وتحرير الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية، والاعتراف بقرار الأمم المتحدة رقم 194، المتعلق بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين. وكان نادي الأسير الفلسطيني قد أعلن أن البرغوثي يحتجز في هذه الفترة في حالة عزل تام، ولا يتواصل مع أي إنسان، سوى سجانيه، وبأنه يتم فحصه أربع مرات في اليوم، في زنزانته وهو مكبل من ساقيه ويديه. وتبين ان وزن البرغوتي انخفض 12 كيلوغراما خلال الشهر الماضي .
موضوع نقل السفارة محور اول خلاف علني بين نتنياهو وترامب
تكتب صحيفة "هآرتس" ان موضوع نقل سفارة الولايات المتحدة، من تل أبيب إلى القدس، تحول إلى الخلاف العلني الأول بين حكومة نتنياهو وإدارة ترامب، بعد أربعة اشهر من دخول الرئيس الجديد إلى البيت الأبيض، وقبل أسبوع واحد من زيارته إلى إسرائيل. فبعد أن ألمح وزير الخارجية الأميركي، رِيكس تيلرسون، إلى أنه يحتمل أن يكون هناك تحفظ لدى الحكومة الاسرائيلية من موضوع نقل السفارة، سارع مكتب رئيس الحكومة للرد معلنا أن نتنياهو أوضح للإدارة الأميركية، أنه معني بنقل السفارة إلى القدس.
وكان تيلرسون قد تطرق في مقابلة له مع شبكة NBC، إلى الوعد الانتخابي الذي أطلقه الرئيس ترامب بنقل السفارة إلى القدس قائلا: "الرئيس ينظر في انعكاس تحقيق وعده، على عملية السلام فهو يعمل بحذر في هذا الشأن، لأنه يريد أن يعرف موقف الطرفين من موضوع نقل السفارة. ومن المعروف أن مفعول المرسوم الرئاسي، الذي وقّع عليه رئيس الولايات المتحدة السابق براك أوباما، وبموجبه يتم تجميد نقل السفارة الأميركية إلى القدس سينتهي، بتاريخ الأول من حزيران، ما سيضطر ترامب إلى اتخاذ احد قرارين: إما تجديد المرسوم الرئاسي المذكور أو الامتناع عن التوقيع عليه، و الاحتمال الثاني يعني، عمليا، أن ترامب سيسمح بنقل السفارة إلى القدس. لقد كانت تلك المرة الأولى التي يتحدث فيها مسؤول في إدارة ترامب بشكل علني، عن إمكانية تأثير نقل السفارة على آمال الإدارة الامريكية في تجديد عملية السلام والتوصل إلى اتفاق إسرائيلي - فلسطيني. وقال تيلرسون ان "الرئيس، وبحق، يتخذ موقفا شديد الحذر لكي يتمكن من فهم الموضوع نفسه، ولكي يسمع وجهات نظر الجهات المرتبطة بالموضوع، ولكي يفهم التأثير الذي قد تحمله هذه الخطوة على عملية السلام".
وأضاف أن ترامب قد تحدث، مؤخرا، في الموضوع مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس. وأشار تيلرسون إلى أن ترامب معني في فهم موقف إسرائيل بالضبط من موضوع نقل السفارة. "هل تفترض إسرائيل بأن الأمر سيساعد مبادرة السلام أم أنه سيغض النظر عنها"، قال وزير الخارجية الأميركي. وجاءت أقوال تيلرسون بمثابة تلميح بان الإدارة الامريكية مدركة لوجود خلافات في وجهة النظر الاسرائيلية في شأن نقل السفارة إلى القدس.
في هذا الصدد صرح مصدر فلسطيني في رام الله، في حديث خاص مع "يديعوت احرونوت"، بأن هناك قناعة في المقاطعة بان السفارة الأمريكية في اسرائيل ستبقى في تل ابيب. وان نقل السفارة الى القدس غير مطروح. وأكد هذا المصدر، القريب من وفد المحادثات الفلسطيني مع واشنطن، أن رئيس المخابرات الأمريكية، مايك فومفان، هدأ من روع القيادة الفلسطينية عندما زار القدس ورام الله قبل ثلاثة شهور، والتقى أيضا مع ابو مازن. وقال مصدر فلسطيني آخر لنا إنه خلال اللقاء الايجابي بين ترامب وابو مازن، خرج الفلسطينيون بقناعة أنه تم إسقاط الموضوع عن جدول البحث. وإن ما يدور في اسرائيل حول القضية هو عملية ضغط تمارس على الأمريكيين.
وكانت صحيفة "هآرتس"، قد نشرت في يوم أداء الرئيس ترامب للقسم، أن الجيش الاسرائيلي وجهات في المنظومة الأمنية الإسرائيلية، قدرت في مداولات مع نتنياهو، أن نقل السفارة قد يؤدي إلى تصعيد العنف في القدس والضفة الغربية. وبعد نشر أقوال تيلرسون بوقت قصير، كتب وزير التربية والتعليم ورئيس حزب البيت اليهودي نفتالي بينت، تغريدة على حساب تويتر الخاص به داعيا نتنياهو إلى توضيح الموقف الاسرائيلي لترامب بضرورة نقل السفارة إلى القدس والاعتراف بـ "القدس الموحدة تحت السيادة الإسرائيلية".
وأضاف بينت أن نقل السفارة سيعزز مكانة إسرائيل واحتمالات السلام الحقيقي، وكتب ان "أي اتفاق على تقسيم القدس محكوم بالفشل". وكان هذا الغمز العلني، الذي مارسه بينت تجاه نتنياهو، استمرارا للمواجهة السياسية بينهما، على خلفية تصريح آخر لمستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، هربرت مكماستر، الذي قال فيه انه من المتوقع أن يعلن ترامب، عشية زيارته إلى إسرائيل، عن تأييده لحق الفلسطينيين في تقرير المصير. وأصدر مكتب نتنياهو بعد ساعة واحدة من نشر تغريدة بينت ردا جاء فيه بأنه "تم توضيح موقف إسرائيل، مرات عدة، أمام الإدارة الأميركية والعالم، بان نقل السفارة الأميركية إلى القدس ليس فقط لن يضر بعملية السلام، بل على العكس، سيشكل دفعا لها إلى الأمام، عبر إصلاحه للظلم التاريخي وعبر تحطيم الأوهام الفلسطينية التي تقول بأن القدس ليست عاصمة اسرائيل".
وأشار مسؤول إسرائيلي رفيع الشأن، أن نتنياهو عبر عن رغبته بنقل السفارة إلى القدس في لقائه مع ترامب ومع تيلرسون، خلال زيارته الأخيرة إلى واشنطن. وبحسب أقوال المسؤول، فإن نتنياهو طرح هذا الموضوع في عدة محادثات هاتفية أجراها مع ترامب منذ توليه منصب الرئاسة. كما طرح الموضوع من قبل حزب الليكود، وكان موجها إلى بينت، حيث ورد فيه أن "الليكود يحيّي بينت لاقتباسه البيانات الصادرة عن مكتب رئيس الحكومة، نتنياهو، ويعلنها كأنها مطالبه هو، كمطلب نقل السفارة الأميركية إلى القدس".
في هذه الأثناء، التقى وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، ووزير الخارجية المصري سامح شكري، وسكرتير اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات، في عمان لتنسيق المواقف، تحضيرا لزيارة ترامب إلى المنطقة. وبحسب تصريحات الصفدي، فإن حكومة ترامب ملزمة بحل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين. وفي إعلان نشر بعد اللقاء ورد أن الأردن ومصر والسلطة الفلسطينية تؤكد على ان قيام الدولة الفلسطينية على أساس خطوط 67 وعاصمتها القدس الشرقية، التي ستعيش بسلام إلى جانب دولة إسرائيل، هي الحل الوحيد من أجل التوصل إلى السلام والاستقرار في المنطقة. كما تحدث عريقات عن الحاجة الى تجميد المستوطنات باعتبارها شرطا أساسيا لأي تقدم في العملية السياسية، في حين صرح الوزير المصري أن هناك أفقا حقيقيا للتقدم في العملية السياسية على أساس مبادرة السلام العربية.
"يهدوت هتوراه" ترفض الصيغة الحالية لقانون القومية
تكتب "هآرتس" بان حزب "يهدوت هتوراه" يتحفظ من قانون القومية. واوضح اعضاء كتلة الحزب في الكنيست لقيادة الائتلاف، أنهم لن يسمحوا بدعمه في صيغته الحالية. وصرحت مصادر في الحزب لـ "هآرتس" أن معارضتهم لتثبيت القانون تأتي من معارضتهم المبدئية لتثبيت قانون أساس، وقلقهم من أن تفسر المحكمة العليا القانون بشكل يمس المجتمع الحريدي (المتدين المتزمت).
وقال مصدر في الحزب: "نحن، مبدئيا، وبشكل عام ضد قوانين الأساس. في شأن قانون القومية هناك مواضيع تعدّ حساسة أخلاقيا من ناحيتنا، لا يمكن مباغتتنا بها. لقد طلبنا أن تتم ملاءمة عملية تثبيت القانون بالتنسيق معنا". وبسبب معارضة الحريديم، قررت اللجنة الوزارية الدستورية، أمس، تأجيل التصويت على مشروع قانون القومية الذي بادرت إليه رئيسة كتلة البيت اليهودي، عضو الكنيست شولي معلم - رفائيلي لمدة أسبوعين.
وكان مشروع القانون، الذي بادرت إليه معلم - رفائيلي، والذي يطلق عليه "الصيغة اليهودية لقانون القومية"، يلزم النظام الديمقراطي في الدولة بالهوية اليهودية للدولة. وهذا المقترح يقول أن "حق تقرير المصير القومي في دولة إسرائيل هو حق يخص الشعب اليهودي"، وبأن القضاء العبري [الديني] سيشكل مصدرا يستوحي منه أعضاء الكنيست، منهجهم، لدى قيامهم بسن القوانين، وكذلك الحال بالنسبة للقضاة في إسرائيل.
البروفسور تراختنبيرغ يعمل على تشكيل جسم سياسي كبير برئاسة براك واشكنازي
تكتب "يسرائيل هيوم" ان عضو الكنيست، البروفسور في الاقتصاد منويل تراختنبيرغ، أكد بأنه عمل وما زال يعمل لكي يقام في اسرائيل جسم سياسي كبير يضم حزب العمل وغيره من الأحزاب ويترأسه ايهود باراك، رئيس الحكومة الاسبق، وجابي اشكنازي، رئيس أركان الجيش الأسبق، وغيرهما من الشخصيات السياسية والعسكرية والاجتماعية.
وقال في حديث خاص مع "يسرائيل هيوم"، إن القيادة الحالية يمينية متطرفة لا تحمل أية بشائر للأجيال الجديدة وليس عندها برنامج سياسي معقول ولذلك تحتاج الى تغيير ولا يصلح للتغيير سوى جسم سياسي كبير ومتنوع يلتف حول برنامج حزب العمل لعملية السلام ويكون في صلب اهتمامه رفع مكانة اسرائيل بين الأمم كدولة ديمقراطية. ولكن بسبب استمرار التحديات الأمنية والتهديدات لها من ايران وحزب الله وحماس وغيرها من التنظيمات العسكرية والارهابية، فلا بد أن يكون على راس الدولة شخصية أمنية كبيرة مثل باراك.
ولكن تراختنبيرغ لا يبني الكثير من الآمال حول اقتراحه ويقول إنه يواجه مصاعب جمة على الطريق، "فمن جهة هناك من لا يطيق سماع اسم باراك وهناك من لا يتنازل عن رأيه في ان يترأس هو هذا الجسم – "لكنني لا أيأس. بالجهد بهذا الاتجاه هو واجب وطني من الطراز الأول".
استمرار المواجهة بين الاردن واسرائيل على خلفية حادث القدس
تكتب "يسرائيل هيوم" انه بعد أن اتهم الاردن إسرائيل بقتل مواطن اردني اصاب شرطيا في البلدة القديمة في القدس، ترفض اصداء المواجهة الدبلوماسية بين الدولتين بكل بساطة الهدوء. وفي تعقيب لوزير الطاقة والمياه يوفال شتاينتس على الحدث الذي وقع، أول أمس، قال ان الاردنيين نشروا بيانا "متطرفا عديم الاساس وعديم المعنى. وبدلا من الاعتذار على العملية التي نفذها مواطن اردني تلقى تأشيرة سائح، يلقون باللائمة على اسرائيل. يجدر بالأردنيين شجب العمليات حتى عندما تكون ضد اسرائيليين ايضا".
وحسب شتاينتس، فانه "الى جانب العلاقات مع الاردن نعرف ما يحصل في الشارع العربي، وما هو مدى التحريض ضدنا في دول مثل مصر، الاردن وتركيا. هذا هو الوضع في الشرق الاوسط. نحن سنحقق مصالحنا من جهة، ولكننا لن نمر مرور الكرام على تصريحات كهذه".
اما وزير الخارجية الاردني ايمن الصفدي فقد تصدى من جهته لهذا التصريح وادعى بان اتهام الاردن بتأييد الارهاب عديم الاساس. "لقد كان الاردن ولا يزال صوت عقلانية وسلام، ومواقفنا ضد العنف والارهاب واضحة للجميع"، قال أمس في مؤتمر صحفي. واضاف الوزير الاردني بان الملك عبدالله الثاني يعمل من أجل "تحقيق الامن، السلام والحرية للفلسطينيين، وفق مبادرة السلام العربية".
واشار الصفدي الى أن الحكومة الاردنية تحقق في ملابسات موت المواطن الاردني. ولكن يبدو أنهم في عمان يتحدثون بأصوات اخرى ايضا، اقل تصالحا. فقد قال مصدر اردني اقتبسته وكالة "اي. بي" ان الاردن لا يقبل ادعاءات اسرائيل لان العملية وقعت في ارض محتلة، "بقدر ما هو الامر فظيع نحن لا نريد ان ندخل في حرب لفظية مع الاسرائيليين"، اضاف المصدر.
الى ذلك، اجتاز الشرطي المصاب في عملية الطعن في القدس امس عملية جراحية في كف اليد في مستشفى شعار تصديق في العاصمة. وهو ينزل في المستشفى في وضع طفيف – متوسط.
مقالات
جبناء في جبل الزيتون
كتبت "هآرتس" في افتتاحيتها الرئيسية، ان الجامعة العبرية في القدس تدعي بأنها قامت بإلغاء مؤتمر عنوانه "خمسون عاما من الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية: الحركة الأسيرة إلى أين؟" بسبب مصاعب لوجستية في تنظيم الحدث. ورغم ما قيل، فإنه من غير المستبعد الاعتقاد، بسبب الروحية السائدة في هذه المرحلة، أن الجامعة قد خضعت للضغوطات اليمينية. فأعضاء كتلة "يسرائيليم" في الجامعة، وهي الكتلة الطلابية التي تعد الامتداد الطلابي لحزب البيت اليهودي، أثبتت مجددا ما نعرفه جميعنا: بات من الكافي إرسال رسالة احتجاجية أو نشر منشور على صفحات الفيسبوك من أجل إلغاء وإخفاء أحداث تتناول موضوع الاحتلال.
وكان المفروض بالمؤتمر، الذي تم تحديد موعده قبل شروع الأسرى الفلسطينيين بإضرابهم، أن يكون حدثا أكاديميا يتم فيه استعراض معطيات من بحث للدكتورة مايا روزنفيلد، وهي زميلة باحثة في معهد ترومان، ومشاركة في تنظيم المؤتمر أيضا. وتبحث د. روزنفلد في شأن الحركة الأسيرة الفلسطينية وتأثيرها على جدول الأعمال الجماهيري والسياسي في المناطق. كما كان من المفترض أن يشارك في المؤتمر أشرف العجرمي، الذي شغل في السابق وزيرا لشؤون الأسرى في السلطة الفلسطينية، وراضي الجراعي من جامعة القدس، وهو عضو في إدارة مركز أبو جهاد لدراسات الحركة الأسيرة، ود. فهد أبو الحاج، وهو أيضا من جامعة القدس.
"بين عيد الاستقلال ويوم القدس، في الوقت الذي نحتفل فيه باستقلالنا وبتحرير القدس وأراضي الوطن، تقوم الجامعة العبرية في القدس ومعهد ترومان للسلام بتنظيم مؤتمر بمشاركة مؤيدي الإرهاب بمناسبة خمسين عاما على الاحتلال... إنسوا أن مصطلح "الاحتلال" هو تعريف خاطئ بحسب القانون الدولي، وكونه مصطلحا يحمل تحيزا سياسيا شديد الوضوح. إن مسألة عقد المؤتمر نفسه يشرعن الإرهاب عبر استخدامه لمصطلح أسرى، كما ورد في منشور نشرته كتلة "يسرائيليم". لقد أثبتت الجامعة العبرية أنها تتبنى الموقف اللاديمقراطي الذي تنتهجه السلطة الإسرائيلية، والذي يسعى إلى اخراج مقاومة الاحتلال، بل وحتى مناقشتها الآن.
لأسفنا الشديد ليست هذه هي الحالة الوحيدة: فقد منعت جامعة حيفا توزيع منشور تابع لكتلة الجبهة بسبب استخدام عبارة "التطهير العرقي الذي تمت ممارسته ضد قرى ومدن في العام 1948"؛ وقبل عام ألغت رئيسة جامعة بن غوريون، البروفيسور ريفكا كارمي، قرارا صادرا عن قسم دراسات الشرق الأوسط بمنح جمعية "يكسرون الصمت" جائزة "برلسون"، باعتبار ان الجمعية خارجة عن نطاق الإجماع الوطني، ومنحها الجائزة قد يفسر تحيزا سياسيا". حتى لو نجحت الجامعة العبرية في التغلب على "المصاعب اللوجستية"، وتحدد موعدا جديدا للمؤتمر، فإن الالغاء نفسه يدق ناقوس الإنذار.
ان الشجاعة الثقافية والالتزام بحرية الروح والتفكير ينبغي أن يكون بوصلة لمسار الجامعات. إن الثمن الذي ستدفعه هذه المؤسسات مقابل خضوعها للتهديدات، سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة، ستكون أكثر من هذا الثمن بعشرات الأضعاف. إن "ثمن السكوت" لا يساوي الضرر غير القابل للإصلاح، الذي يتسبب فيه الجبن لسمعة أية مؤسسة كانت.
بطولة من دون موت
تحت هذا العنوان يكتب علاء حليحل في "هآرتس" انه في البداية تغضب على مروان البرغوثي الذي أكل أثناء إضراب الأسرى؛ ثم تغضب لضبطه وهو يأكل، وبعدها تغضب على الوزير غلعاد أردان ومصلحة السجون، الذين نصبوا له كمينا. ثم تغضب بسبب الزاوية الدفاعية التي انحشر الفلسطينيون فيها، وحينها تفهم ما الذي حدث: لقد تم خرق العلاقة الوثيقة في وعي الناس، التي تربط البطولة بالموت. إن البطل، باعتباره شخصية ميثولوجية، لا يشبه عموم البشر. ما من أهمية كبرى للتساؤل حول ما إذا كان يحقق هدفه أم لا؛ المهم هو أن يموت البطل التراجيدي في الصراع. إنه استثنائي، لأنه الوحيد الذي سيسبح ضد التيار، وسيقاتل رغم أنه يعلم ما ستكون نهايته.
البطل الميثولوجي هو نصف إله، ولذا فهو ليس مثلنا: إنه لا يعرف الجوع. ولا يهزم أمام بضع قطع من الغلوكوز بعد أيام الجوع الطويلة. من المفترض بالبطل أن يعذب ويموت، إلا أن القضية التي قاتل من أجلها ستنتصر. أن هذا الارتباك الناتج عن "تسجيل الفيديو الخاص بـ مرون البرغوثي، الذي يظهر فيه وهو يأكل داخل زنزانته، نابع عن الأمر التالي: لو كان بطلا حقا، فكيف يمكن تصوير قيامه "باختلاس بضع لقيمات" لكي يظل على قيد الحياة؟ ولكن، هل من المستحيل حقا أن تكون بطلا من دون أن تموت موتا محققا. هل من المسموح للأبطال المناورة وخداع الأعداء؟ إن الشجاعة هي مقياس واجب وضروري في أي نموذج نعرفه من نماذج البطولة في قصص الشعوب.
ترتبط الشجاعة لدى الكثيرين بالألم والخطر، ولكن من وجهة نظري، فإن البطولة ترتبط بمواجهة المجهول. في إضراب الطعام يتفوق المجهول، ويزداد الخوف: هل ستصمد الكليتان؟ ماذا عن الكبد؟ هل سيمس بصري بسوء؟ وماذا بشأن الدوخة، الغثيان، الضعف ونقاط الكسر؟ هل جسدي كلّه بطل؟ هل هو قادر على احتمال هذا كله؟ متى سأصاب بالهذيان وبفقدان الوعي؟ هل سأشعر بموتي حين أموت؟ إن الشجاعة كامنة، غالبا، في المعركة التي أخوضها ضد نفسي.
إن الإضراب عن الطعام هو فعل بطولي شخصي، داخلي، يقوم به الأسرى من أجل قضية عامة. الإضراب عن الطعام هو معاناة خاصة؛ فلكل جسد ردود فعله الخاصة على الجوع. إنها معركة شخصية وفردية، رغم أنها عملية جماعية. تماما كما هي القبور الجماعية: ليس من المهم كم جثمانا سيوضع إلى جانبك: إن الموت هو موتك أنت وحدك. إن الموت هو مطهّر يغسل آثامك ويكفّر عنها: ياسر عرفات، على سبيل المثال، لم يكن شخصية محبوبة بعد اتفاقيات أوسلو وانهيار حركة التحرر الوطني، لكنه تحول إلى زعيم رمز، بطل خارق، بعد أن حمل سلاحه على ضوء الشمعة في أيام حصاره في المقاطعة. إن البطل لا يموت موتا طبيعيا؛ البطل يموت مسموما، مطعونا، يتلقى الرصاص بجسده (أبو جهاد، غسان كنفاني).
إن الإضراب عن الطعام هي الرحلة نحو البطولة، وهي رحلة ينبغي أن تترافق مع الموت البطيء. البطولة هي رحلة طويلة ومعبدة بمحاولات التغلب على المصاعب. ينجح البطل بالأمر، وهكذا يحقق حلمه المشتهى: الحرية أو موت الأبطال. ما من حلول وسطى هنا. يركض البطل إلى نهايته، يغفو على أنغام أغاني الوطن الدامعة، ومن يتم الإمساك به في لحظة ضعف إنساني يثير غضب القبيلة وشماتة العدو. ومن يمس كمال الأناشيد يمس صورتنا في عيوننا: أبطال بلا خطيئة.
"القصة التي تقف وراء الاضراب عن الطعام - أردان هو مجرد "طورطيت"
يكتب ناحوم برنيع، في "يديعوت احرونوت" ان وزير الامن الداخلي، جلعاد اردان، مرتاح. فمنذ أربعة أسابيع يضرب عن الطعام حوالي 1000 سجين أمني في السجون الخاضعة لأُمرته. هذه بشرى طيبة لناخبيه. ثم جاءت بشرى طيبة أكثر: مصلحة السجون، في خطوة مخطط لها، غرست حبة بافلا من نوع "طورطيت"، للايقاع بالأسير مروان البرغوثي، زعيم المضربين. البرغوثي لم يصمد امام الاغراء. فقد دخل المرحاض وقضمها. الكاميرا التي وضعت هناك التقطت القضمة.
ليس اردان هو الذي بادر الى كمين الطورطيت، فهو ليس ذكيا لهذه الدرجة، ولكن حقوق الطبع والنشر للشريط أخذها لنفسه. فهو لن يسمح لنتنياهو بان يسرق له الحظوة على الانجاز. بين السجناء المضربين يوجد قتلة وقتلة كبار: ليس عندي ذرة عطف تجاههم. لا عاداتهم الغذائية هي التي تقلقني، بل مدى السخرية وعظم الجُبن المحيط بهذه الحكومة. اردان هو مجرد طورطيتة.
لقد ولد اضراب السجناء اساسا على خلفية المواجهة بين البرغوثي ومؤيديه وبين ابو مازن ومؤيديه. هذه مواجهة داخلية في حركة فتح. صلته باسرائيل جزئية، ولكن، على عادة الاضرابات عن الطعام، فيها ضرر كامن باسرائيل، في داخل السجون وخارجها. كان في اذرع الامن من قدروا بانه يمكن منع الاضراب. فبعض المطالب التي تقدم بها السجناء كانت معقولة. فقد طلبوا مثلا أن تركب على اسطح السجون رشاشات رذاذ ماء ترطبهم في حر الصيف. هذا الاسبوع، بهدوء تام، تركب رشاشات رذاذ كهذه على سطح القسم الامني في سجن جلبوع، وفي الاسابيع القريبة القادمة ستركب هذه في سجون اخرى. ولم يطلب من السجناء المضربين اي مقابل.
في مداولات المجلس الوزاري المصغر في الحكومة، عشية الاضراب عرضت مصلحة السجون خطا معارضا لأية مفاوضات. وكانت الحجة هي أن هذا الاضراب يجب كسره، على سبيل الردع. "نحن نريد ان ننزع هذه الوسيلة من السجناء"، قال لي اللواء أشير فاكنن، القائم بأعمال مأمورة السجون، عشية الاضراب. وخلف هذه الكلمات كانت تعليمات اردان. المجلس الوزاري المصغر سمع وصادق: لم ينبس اي وزير ببنت شفة، خشية أن يتهموه بانه "يساري صغير". ان صمت الخراف في المجلس الوزاري المصغر ينبع من سبب آخر. فقد التقى الوزراء بابناء عائلتي هدار غولدن واورون شاؤول، اللتين تحتجز حماس جثتيهما. الوزراء، وعلى رأسهم نتنياهو، كانوا يعرفون بان الطلب الاول الذي طرحته العائلتان، تجويع غزة، لن يعيد الجثتين. في أقصى الاحوال سيجر الجيش الاسرائيلي الى حرب اخرى في القطاع. فأعطوا العائلتين وعودا عابثة. في المرحلة التالية طلبت العائلتان اساءة شروط اعتقال سجناء حماس. وكان الوزراء يعرفون بانه حتى في هذه الخطوة لن تكون اية جدوى، ولكنهم خافوا ان يقولوا الحقيقة للعائلتين. اضراب الطعام هو من سجناء فتح وليس حماس. وهم بالتأكيد لن يعيدوا غولدن وشاؤول. ولكن وزراء الحكومة يخافون من أن يطلق احد ما تغريدة على تويتر يتهمهم فيها بخيانة المقاتلين.
لقد كانت مسرحية الطورطيت ببطولة اردان ذروة التسييس للحدث. فالمناورة كانت مبررة: البرغوثي، كزعيم الاضراب، هو هدف مشروع. والسؤال هو ماذا يفعلون بالشريط. احدى الامكانيات التي طرحت كانت التوجه الى البرغوثي، وعرض الصور عليه والاقتراح عليه بسحب الشريط مقابل التعاون؛ امكانية اخرى كانت الحرص على ان يصل الشريط الى اعداء البرغوثي في السلطة الفلسطينية. وهم سيهتمون بالباقي. اما اردان فاختار، كما اسلفنا، امكانية ثالثة، تلك التي جعلته للحظة بطل اليمين في الشبكات وموضع حسد رفاقه الوزراء. مصلحة السجون ليست الجهة الوحيدة التي تصب الزيت في اضراب السجناء. قبل الاضراب قرر الصليب الاحمر تقليص وتيرة زياراته للسجون – من اثنتين في الشهر الى واحدة.
السجناء يطالبون باعادة النظام السابق. الصليب الاحمر يوافق، ولكن احد اذرع الامن في اسرائيل يعارض في هذه اللحظة؛ او مثال آخر: في الحواجز في حزما وفي طولكرم لم يسمحوا لاطفال بعمر الروضة المرور كي يزوروا الاب السجين لانه لم تكن لديهم تصاريح العبور؛ هذا اثار هياجا كبيرا في السجون. مثال ثالث: النبأ عن الخطة لاستيراد أطباء من دولة أجنبية من اجل تغذية المضربين قسرا. لا توجد خطة كهذه في مصلحة السجون. وفي هذه الاثناء لا توجد محاكم في البلاد تأمر بتغذية السجناء قسرا. احد ما في الحكومة اعتقد بان هذه هي روح القائد، فزرع العاصفة. باختصار، هذه الحكومة ليست فقط يمينية، إنها جبانة.
"بعد 50 سنة – هي الحرب التي لم يرغب أحد بها"
يكتب الصحفي المؤرخ، البروفسور ميخائيل بار زوهر، صاحب كتاب "الشهر الاطول"، في "يديعوت احرونوت" ان حرب الايام الستة اندلعت في اعقاب سلسلة من الاخطاء والاكاذيب والتقديرات المغلوطة. كان الخطأ الاول هو التحذير السوفييتي لمصر في ايار 1967 من نية اسرائيلية بالهجوم على سوريا. وكانت المعلومة كاذبة. في اعقاب التحذير بعث الرئيس المصري عبد الناصر بقواته الى الحدود مع اسرائيل في 15 أيار. وهكذا، أعاد تكرار العملية وخاضها في 1960، في اعقاب حادثة بين اسرائيل وسوريا. وطلب عبد الناصر في حينه من الامم المتحدة سحب مراقبيها من الحدود الاسرائيلية – المصرية. وكان الامين العام للامم المتحدة داغ همرشيلد، دبلوماسيا محنكا فبعث بالمراقبين الى معسكرات في غزة، حيث لعبوا كرة الطائرة وكرة السلة وسئموا حتى الموت. وبعد شهر تبدد التوتر وعادت الجيوش المصرية الى الديار وعاد المراقبون الى مواقعهم.
ولكن في 1967 كان الامين العام للامم المتحدة هو أوثانت، دبلوماسي سيء عديم المرونة والفهم للشرق الاوسط. ارتكب خطأ مصيريا وطرح انذارا لعبد الناصر: إما أن يبقى المراقبون في مواقعهم أو ان يخرجهم من مصر. عبد الناصر تمسك بموقفه – واوثانت اعاد مراقبيه الى الديار. والآن حان الدور في الخطأ على عبد الناصر. فقد عادت المضائق الى سلطته فأغلقها امام الابحار الاسرائيلي. وكان الخطأ التالي هو من إسرائيل. ليفي اشكول، رئيس وزراء جدير بالتقدير وحكيم ولكنه ليس قائدا ملائما لأوقات الحرب، فلم يعرف كيف يتصرف.
نقل القرارات الامنية الى رئيس الاركان اسحق رابين، الذي وجد صعوبة في حمل العبء الثقيل وانهار لزمن قصير. وبينما آمن قادة الجيش الاسرائيلي بالنصر في الحرب، بحثت حكومة اسرائيل بيأس عن المساعدة في العواصم الغربية، حيث ارسل وزير الخارجية آبا ايبان. ولكن الرئيس الفرنسي ديغول وقف الى جانب العرب وفرض حظرا على ارساليات السلاح الى اسرائيل، وفي واشنطن روى موظفون كبار لايبان الحكايات عن وحدة بحرية دولية تفتح المضائق. طلب الرئيس جونسون من اسرائيل الانتظار، إذ انه لن يفعل شيئا من دون إذن الكونغرس. وكل واحد يفهم بان هذا لن يحصل. وفي هذه الاثناء عقدت سوريا، الاردن والعراق اتفاقات عسكرية مع مصر.
يخيل أن شخصين فقط فهما الوضع. الاول كان موشيه ديان، الذي في لقاء سري في بيته رفض خطة رابين للاستيلاء على شمال سيناء حتى العريش، كورقة مساومة مقابل فتح المضائق. فقال دايان انه يجب شن الحرب في كل سيناء وتدمير الجيش المصري. والثاني كان محمد حسنين هيكل، محرر صحيفة "الاهرام" القاهرية. ففي مقاله "الحرب مع اسرائيل محتمة" كتب هيكل يقول ان وجود اسرائيل معلق بقوة ردعها. فقد كتب يقول ان خطوات مصر شطبت قوة الردع هذه، ومن أجل استعادتها ستخرج اسرائيل الى الحرب. عبد الناصر لم يرغب في الحرب؛ فقد حصل على انجازات هامة من دون أن يطلق اية رصاصة. ولكنه بالتدريج اسكره مشهد القوة الهائلة التي حشدها في سيناء، والجماهير التي رقصت في الشوارع، وكذلك الاتفاقات العسكرية التي عقدها. واعتقد الان بانه اذا نشبت الحرب، فستنتقل مصر الى هجوم مضاد يهزم اسرائيل. واعلن بتبجح "اذا كانت اسرائيل تريد الحرب فأهلا وسهلا، نحن جاهزون".
في اسرائيل ساد الفزع. فقد شاهد الجمهور بقلق الاشرطة التي عرضت طوابير المدرعات العربية تقترب من الحدود. وتحدث المحللون عن 40 الف قتيل يتوقع سقوطهم في هجوم على اسرائيل؛ وهيأ الحاخامون حدائق في مدن البلاد كمقابر جماعية لحالات الطوارئ؛ وحفر تلاميذ الثانوية الخنادق. وفي القاعدة العسكرية قال رئيس الاركان ان هذه ستكون حرب بقاء، معركة "حياة وموت". وفرض حزب اشكول عليه تعيين دايان وزيرا للدفاع. كما ضم مناحيم بيغن الى الحكومة. وفي الخامس من حزيران هجمت اسرائيل. في السنوات التي انقضت منذئذ سكبت جداول من الحبر والغضب على "الاحتلال"، على شخصيات وقادة يزعم انهم بادروا الى الحرب من اجل السيطرة على المناطق. ليس في هذا حقيقة. اسرائيل خرجت الى حرب تحسم مصيرها – إما الابادة أو البقاء.