رئيس التحرير: طلعت علوي

دول الخليج .. واقتصاديات الطاقة المتجددة

الإثنين | 08/05/2017 - 06:17 صباحاً
دول الخليج .. واقتصاديات الطاقة المتجددة


د. هيثم باحيدرة

 

 

يمتلك مجلس التعاون الخليجي المكون من ستة أعضاء نحو ثلث احتياطيات النفط الخام المؤكدة ونحو خمس احتياطي الغاز العالمي. ومع ذلك وعلى الرغم من هذا المخزون الضخم، فإن ديناميكيات مختلفة تشير بشكل مطرد إلى ضرورة بدء مجلس التعاون الخليجي مسيرة خضراء لضمان غد مستدام. ويمكن أن يؤدي نجاح خطط الطاقة المتجددة إلى تحقيق وفورات تراكمية في المنطقة. وتجعل الظروف الجغرافية السائدة في المنطقة الطاقة الشمسية أقوى الموارد المتجددة وأكثرها فعالية. ووفقا للوكالة الدولية للطاقة المتجددة IRENA فإن ما يقرب من 60 في المائة من المساحة السطحية في دول مجلس التعاون الخليجي تتمتع بملاءمة ممتازة لنشر محطات الطاقة الشمسية الكهروضوئية. ومن شأن تطوير 1 في المائة فقط من هذه المنطقة أن يولد ما يقرب من 470 جيجاواط من الطاقة الإضافية المتولدة ما يجعل هذا المجال أكثر إثارة. ومن الواضح أن هذا الطلب المتزايد على الموارد سيبدأ في وضع ضغط على شبكة الإمداد الحالية، وبالتالي يجب التفكير في الحلول البديلة وتصنيفها. ومن أهم مجالات تركيز مساعي العثور على مصادر الطاقة المتجددة استخدام تقنيات الطاقة الشمسية والكهروضوئية.

وبعد أن كان هذا المصدر يعد مكلفا للغاية، فقد أصبح الآن منافسا من حيث التكلفة وأكثر كفاءة من حيث الإنتاج، بفضل تواصل بحوث تطوير إنتاجية الخلايا الكهروضوئية. وبطبيعة الحال فإن توظيف الطاقة الشمسية في المنطقة لا يخلو من التحديات. فالموقع الجغرافي لدول مجلس التعاون الخليجي يجعلها مرشحا طبيعيا للطاقة الشمسية، إلا أن وجودها في بيئة جافة ومتربة يعني أن الألواح الشمسية ستكون أكثر عرضة للتدهور أسرع مما هي عليه في مناطق أخرى من العالم، فضلا عن انخفاض الكفاءة الناجم عن الغبار المتراكم على أسطحها، وهو ما يثير تساؤلات حول كيفية الحفاظ على اللوحات نظيفة دون فرض مزيد من الضغوط على إمدادات المياه في المنطقة.

والفارق الكبير بين الطاقة الشمسية والوقود الأحفوري وهو أن أكبر عنصر في تكلفة الكهرباء المتولدة باستخدام الوقود الأحفوري يعود إلى تكلفة الوقود المتقلبة. وعلى الرغم من الاهتمام الكبير بتطوير القدرات الشمسية فإن منطقة دول مجلس التعاون الخليجي كانت بطيئة في تنفيذ خطط ملموسة، وربما يعود ذلك لضخامة الخطط الموضوعة. وتنمو سوق الطاقة المتجددة في دول مجلس التعاون الخليجي بشكل مطرد. ويمثل هذا التحول النموذجي في مصفوفة الطاقة علامة على التبصر القوي والعمل على التقدم في الوقت المناسب. ومع ذلك وعلى الرغم من وجود دراسات جدوى لا حصر لها بشأن نشر الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في المنطقة، فإن التنفيذ الفعلي يقتصر على البرامج التجريبية والترويجية أو "الرؤى المستقبلية" دون إحراز أي تقدم حديث صريح. واليوم نرى الاتجاه نحو مشاريع طموحة يتزايد في جميع أنحاء المنطقة، بدعم من أهداف الطاقة المتجددة وأنشطة البحوث والتطوير الابتكارية والاستثمارات في قطاعات هذه الصناعة بأكملها.

إن تطوير صناعة الطاقة المتجددة في منطقة الخليج سيجعل العالم أقرب إلى تحقيق إمكانات الطاقة المتجددة كمصدر للوقود. وبشكل عام تعد إضافة القدرات الضخمة إلى الطاقة المتجددة المتولدة ــ المنفذة والمخططة على حد سواء ــ عرضة للتأثر بالتغيير في السياسات والتشريعات والبنية التحتية، والتأخير الفني أو التنفيذي أو المالي، وما إلى ذلك. والأسئلة المهمة الآن هي كم ومتى وكيف وما مقدار القيمة الناتجة عن هذه القدرات المضافة؟ ومع ذلك فإن إمكانات تحقيق ربحية في دول مجلس التعاون الخليجي من الاستثمار في الطاقة المتجددة ــ بمجرد إثبات ذلك من الناحية التقنية ــ ستعمل كمحفز للاستثمارات الأجنبية.

التعليـــقات