رئيس التحرير: طلعت علوي

ابتعدوا لتقتربوا

الإثنين | 24/04/2017 - 09:29 صباحاً
ابتعدوا لتقتربوا


عبد الله المغلوث

 

أدمنتُ أخيرا وضع يدي على جيبي معتقدا أن هاتفي يرن أو يهتز جراء مكالمة بينما الواقع يخبرني كل مرة بأنني لم أتلق اتصالا. لم أعد أركز في كثير من الاجتماعات التي أحضرها أو اللقاءات التي أدعى إليها بسبب وهم الاتصالات الذي أعانيه. كان الأمر طبيعيا في البداية لكن مع مرور الوقت شعرت بأن الموضوع آخذ في الاستفحال. إذ بدأت أفقد متعة كثير من المناسبات العامة أو الخاصة التي أوجد فيها إثر هذه المعاناة التي تجبرني كل مرة على استخراج هاتفي عنوة بلا سبب.


التقيت صدفة اختصاصيا اجتماعيا إكلينيكيا في أحد الملتقيات وأخبرته عن معاناتي مع هذا الإدمان الجديد وفاجأني هذا الاختصاصي أنني لست وحدي الذي يعانيه. فقد أخبرني بأن كثيرين يتألمون من هذا الوهم الذي يسمى علميا بـ"متلازمة الاهتزازات الوهمية" وباللغة الإنجليزية: Phantom Vibration Syndrome
وأشار الباحث الاجتماعي، ميشيل دورين، إلى أن تسعة من أصل عشرة طلاب يقوم بتدريسهم يعانون هذه المتلازمة. وأوضحت نتائج دراسة قامت بها جامعة ميتروبولتين في دنفر الأمريكية أن 90 في المائة من 290 طالبا شملتهم الدراسة يعانون الاهتزازات والاتصالات الوهمية.


ورغم أن أغلب من يعاني هذه المتلازمة لم تشكل لهم خطورة صحية وعملية حتى الآن إلا أن كثيرا من الاختصاصيين والباحثين يؤكدون أن عواقب هذه المتلازمة وخيمة إذا لم نتعاط معها بحكمة.
فمن المخاطر المحتملة لهذه المتلازمة هي أن تفقدك تركيزك وانتباهك ومن ثم تؤثر في عطائك ومسيرتك العلمية والعملية وربما حياتك الأسرية.


شخصيا، حاولت أن أواجه هذه المتلازمة عبر إغلاق هاتفي في أي اجتماع عمل أحضره. ومنح جهازي قسطا من الراحة في أي لقاء عائلي أكون جزءا منه. شعرت بعدها بارتياح بالغ فلا يوجد جهاز في جيبي يرن أو يهتز. فمهما حاول دماغي أن يخدعني بإيحاءات وإيماءات لن ينجح فهاتفي المغلق أو الذي وضعته على حالة الطيران لا يزأر ولا يرتعش.
أكاد أجزم أن تداعيات وإرهاصات هذه المتلازمة مروعة وستتعاظم إثر التصاقنا واعتمادنا وتعلقنا بشكل مرضي بأجهزتنا.
جربوا أن تبتعدوا عن أجهزتكم قليلا لتقتربوا من أحلامكم وأحبتكم كثيرا.

التعليـــقات