رئيس التحرير: طلعت علوي

أضواء على الصحافة الاسرائيلية 21-22 نيسان 2017

السبت | 22/04/2017 - 01:20 مساءاً
أضواء على الصحافة الاسرائيلية 21-22 نيسان 2017

 

 

سلطات السجون تتراجع عن قرار منع البرغوثي من التقاء محاميه

كتبت "هآرتس" ان سلطات السجون الاسرائيلية ابلغت محاميا الأسير الفلسطيني مروان البرغوثي بأنه لا مانع من التقائهما به. وتم تبليغ القرار هاتفيا لمحاميا البرغوثي عبير بكر والياس صباغ بعد قيامهما بتقديم التماس الى العليا ضد قرار مع اللقاء. وفي المقابل قدم نادي الأسير الفلسطيني التماسا الى العليا ضد قرار منع اللقاءات بين الاسرى المضربين عن الطعام والمحامين.

وقالت المحامية بكر لصحيفة "هآرتس": "لقد اعلنا منذ البداية بأنه لا يوجد اساس قانوني لمنع اللقاء. كلي امل ان لا تتكرر هذه الخطوة غير القانونية مستقبلا، سواء ضد البرغوثي او أي اسير آخر".

وفي اعقاب هذا التطور تم يوم الخميس تقديم طلبات من قبل المحامين للقاء الاسرى المضربين عن الطعام، خاصة مع البرغوثي وكريم يونس، المعزولين منذ بداية الإضراب. ويشار الى انه تم نقل البرغوثي الى العزل في سجن كيشون في اعقاب المقالة التي نشرها في صحيفة نيويورك تايمز حول الاضراب.

في المقابل قدم اربعة اسرى فلسطينيين التماسا الى المحكمة العليا ضد سلطة السجون ووزارة الامن الداخلي، مطالبين بتغيير وتحسين منظومة نقل الاسرى واحتجازهم في نقاط التوقف. وجاء في الالتماس انه رغم طرح هذه المسالة امام المحكمة في السابق، الا ان سلطة خدمات السجون ترفض اجراء التغييرات المطلوبة بهدف دفع حلول مناسبة وناجعة. وقالت المحامية دعوال لوسكي التي قدمت الالتماس مع المحامية ميخال فومرانتس، انه "يستدل من افادات الملتمسين بأنه يتم نقلهم من مكان الى اخر في ظروف غير انسانية ومهينة لا تلائم البشر".

وقالت انه من بين الحالات القاسية التي وقفت عليها "اضطرار الاسرى الى التبول داخل زجاجات خلال السفر، او اشتداد الحالة المرضية لأسرى مرضى بسبب ظروف النقل الصعبة". 

في المقابل حذرت دائرة شؤون الاسرى الفلسطينيين من امكانية قيام اسرائيل بتغذية الاسرى المضربين عن الطعام قسرا. وقال رئيس الدائرة عيسى قراقع ان عدد المضربين عن الطعام ارتفع خلال اليومين الاخيرين الى 1500 اسير، ويتوقع ان يتزايد العدد تدريجيا. وتظاهرت يوم الخميس عشرات العائلات الفلسطينية امام مقر الصليب الاحمر في القدس دعما للأسرى وللمطالبة بالتدخل الدولي والضغط على اسرائيل لتلبية مطالبهم.

اسرائيل تسمح لرعاياها بالسفر الى سيناء

تكتب صحيفة "هآرتس" ان طاقم مكافحة الارهاب في ديوان رئيس الحكومة، أعلن يوم الجمعة، قراره السماح بسفر الاسرائيليين الى سيناء عبر معبر طابة، وذلك بقرار من القيادة السياسية، بعد اغلاق المعبر منذ مطلع الاسبوع الماضي، بسبب التخوف من تنفيذ عمليات في شبه الجزيرة المصرية.

وتم التأكيد في بيان الطاقم على انه بالرغم من قرار فتح المعبر الحدودي مع مصر، الا ان "التهديد الذي يواجه الاسرائيليين في سيناء لا يزال خطيرا، عينيا ومباشرا". واوصى الطاقم بالامتناع عن زيارة المنطقة ودعا المتواجدين هناك للمغادرة فورا.

وكان قرار اغلاق المعبر قد صدر يوم الاثنين من الاسبوع الماضي، عشية عيد الفصح العبري، في اعقاب وصول معلومات حول تخطيط عمليات ضد اهداف اسرائيلية. وسمح في حينه للإسرائيليين المتواجدين في سيناء بالعودة عبر المعبر، بينما لم يسر امر منع المغادرة على الوزراء او المواطنين الأجانب

وحسب الجيش الاسرائيلي فقد سقطت قذيفة في منطقة المجلس الاقليمي اشكول فور صدور قرار اغلاق المعبر. وقال الناطق العسكري انه تم اطلاق القذيفة من سيناء وتسببت بأضرار مادية فقط.

وكان العديد من الاسرائيليين الذين اضطروا لإلغاء رحلاتهم الى سيناء خلال عيد الفصح قد التمسوا الى المحكمة العليا ضد قرار الاغلاق واعتبروه يمس بحقوقهم الاساسية وطالبوا بالزام الدولة على عدم اغلاق المعبر بتاتا.

على ذمة "المبادر": "بؤرة استيطانية لليهود والعرب"

تكتب صحيفة "هآرتس" ان المواطن الاسرائيلي أساف مامان، يعمل على انشاء بؤرة استيطانية يهوديةفلسطينية مشتركة، بالقرب من مستوطنة "آدم" في الضفة الغربية، لاستيعاب عائلات لا تستطيع شراء بيوت لها في مكان آخر بسبب غلاء الاسعار. وقال مامان لصحيفة "هآرتس" انه لا يزال يتخبط في اختيار الاسم للبؤرة التي تضم حتى الآن خمس عائلات، اثنتان يهوديتان وثلاث فلسطينية. وقال انه يريد اسما "ينطوي على طابع جماهيري قروي".

لقد نشأ مامان في حي القطمون في القدس، وكان يعمل الى ما قبل وقت قصير في الحفريات واخلاء النفايات في المجلس المحلي "بنيامين"، ودخل مؤخرا في ازمة مالية. وقال: "لدي اربعة اولاد ولا املك المال. في القدس توجد ضائقة اسكان واكتظاظ. هناك توجد مناطق واسعة واريد انشاء شيء من الصفر، قرية يهودية عربية". وحسب اقواله فقد توجه الى المزيد من العائلات للانضمام اليه، وتلقى دعوته الاهتمام. وقد بدأ مامان بتسوية الارض في المكان وبإقامة بيت له.

بسبب قرب مستوطنة ادم من مدينة القدس، على مسافة 10 دقائق سفر، فقد تحولت الى مكان جذاب لمن يسعون الى تحسين اوضاعهم الاسكانية، ولا يستطيعون عمل ذلك في القدس. وخلال الاسابيع الاخيرة بدأ مامان ورفاقه بإنشاء البؤرة التي تضم حاليا ثلاثة مباني بينما يجري بناء ثلاثة اخرى، وذلك على بعد عدة امتار من سياج مستوطنة آدم. وتم نصب بناء متنقل اكبر من المباني الاخرى، وتغطية جدرانه بالحجارة، وزرع اشجار من حوله، واصبح يشبه القلعة.

وقال احد رفاق مامان في المشروع، انه كان يقيم في مستوطنة مجاورة، لكنه لم يعد يتحمل التكلفة هناك فبدأ بالبحث عن بيت آخر. وقال ان تكلفة انشاء بيت في البؤرة تصل الى 150 الف شيكل، وان اسرته لا تزال تقيم في البيت القديم لكنها تحضر بعد انتهاء الدوام الدراسي، وتشعر بارتباطها بالمكان.

صباح يوم الخميس كان خمسة رجال يعملون على بناء البيوت، بينهم ثلاثة فلسطينيين من بلدة حزمة المجاورة. وفي ردهم على سؤال حول ما اذا سيقيمون في المكان لم يستبعدوا الفكرة، لكنه لم يظهر عليهم الاقتناع بذلك.

وقال مامان انه يبحث عن عائلات مسيحية لتنضم اليه، لكي يقيم اول بؤرة مختلطة الديانات، وكذلك مدرسة باللغتين. وقال: "انا اعيش بسلام مع الجيران وآمل ان يحضروا للإقامة معنا هنايهود وعرب ومسيحيين ودروز". واضاف: "اعتقد ان حقيقة كوننا علمانيين ولدينا علاقات جيدة مع الجيران من القرى المجاورة، هو ما يزعج المستوطنين".

وبالفعل، فقد قال المستوطنون في "آدم" انهم لا يتقبلون البؤرة الجديدة، وقال احدهم: "هذا يؤذي النظر. هل يمكن للإنسان الطبيعي ان يوافق على اقامة حي كرفانات عراقي امام بيته؟" وقال ان السكان الجدد عرفوا اين يقيمون المباني كي لا يواجهوا خطر اخلائها من قبل الادارة المدنية، وربما حصلوا على معلومات داخلية. وقال ان سكان آدم استثمروا الكثير في بيوتهم ويزعجهم قيام هذه البؤرة هناك. "نريد مشاهدة منظر مفتوح امامنا ومن دفع اكثر من مليون شيكل يرى فجأة من يحصلون على نصف دونم او دونم من الأرض مجانا".

وحسب اقواله فانه يزعج قدامى المقيمين في المكان حقيقة ان السكان الجدد "ليسوا من واضعي القلنسوات المزركشة (المتدينين القوميين)، الذين يصلون الى هنا بفعل محبة البلاد". وقال ان "من يصلون الى البؤرة الجديدة هم اناس لا يملكون المال، وهم في الأساس مطلقون ومطلقات، وهؤلاء فاتحة للمشاكل. انهم ليسوا متدينين ولا يصلون الى هنا بفعل الايديولوجيا". 

واضاف: "لا توجد في منطقتنا بؤر قراصنة. كل شيء يتم بتصديق من الادارة المدنية وبقية الجهات. هنا يمكننا ان نستيقظ ذات يوم ونجد مئة عائلة". وهو لا يصدق ان العرب سينضمون الى البؤرة، لكنه يحذر من سابقة عمونة: "في المستوطنة لا يريدون هذه البؤرة، لكن الدولة ستضطر للدفع لهم. اذا وصلت 40 عائلة فهذا يعني 40 مليون شيكل. فكيف يبدو هذا؟"

وخلافا لبؤرة عمونة، لم يتم اقامة البؤرة الجديدة على اراضي فلسطينية خاصة، ورغم عدم حصول سكانها على تراخيص بالبناء الا انه توجد خطة مصادق عليها لبناء مدينة هناك، ولذلك فان الادارة المدنية المسؤولة عن إخلاء المباني غير القانونية لا تملك صلاحية اخلائها، وترجع الصلاحية الى المجلس الاقليمي بنيامين، الذي لا يسارع لإخلاء البؤر. ويجد مامان ورفاقه صعوبة في فهم المعارضة لهم في بحثهم عن حلول اسكانية.

وقالت مصادر في مجلس بنيامين ان المجلس يعمل على إخلاء البؤرة وانه توجه الى الشرطة طالبا المساعدة بعد اصدار اوامر بوقف العمل في المكان.

ماتيس يزور اسرائيل بعد الرياض والقاهرة

تكتب "هآرتس" ان وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس يقوم بأول زيارة رسمية الى اسرائيل منذ تسلمه لمنصبه. وكان في استقباله لدى وصوله الى مطار بن غوريون، الخميس، رجال السفارة الامريكية في تل ابيب والملحق العسكري في السفارة الاسرائيلية في واشنطن، ميكي ادلشتين. وتأتي زيارة ماتيس الى اسرائيل، ضمن جولة في الشرق الاوسط شملت الرياض والقاهرة، وسيلتقي خلال زيارته الى اسرائيل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، رئيس الدولة رؤوبين ريفلين ووزير الامن افيغدور ليبرمان.

ويتوقع ان تشمل المحادثات مع ماتيس في اسرائيل القضايا الرئيسية في المنطقة، ومنها الحرب السورية والنشاط العسكري الاسرائيلي هناك، والحرب ضد داعش، وسياسة الرئيس ترامب ازاء ايران وتعقب الاتفاق النووي الايراني، والانتخابات الايرانية التي ستجري الشهر القادم.

ويعتبر ماتيس صاحب خط متشدد ازاء ايران، وصرح في الماضي بأن القضايا الثلاث الملحة التي تشغل بال الولايات المتحدة في الشرق الاوسط هي ايران ثم ايران وايران. ويتفق موقفه هذا مع موقف ليبرمان الذي يدعو الى انتهاج سياسة صارمة ضد ايران.

وكان ماتيس وليبرمان قد التقيا في واشنطن، الشهر الماضي، حيث سمع ماتيس من ضيفه الاسرائيلي بأن الحكومة الاسرائيلية معنية برؤية الولايات المتحدة ناشطة اكثر من السابق على الحلبة الشرق اوسطية. وتم وصف اللقاء بينهما من قبل وزارة الامن الاسرائيلية بأنه لقاء ودي ودافئ

اسرائيل تتسلم ثلاث طائرات اخرى من طراز  F-35i

تكتب "يسرائيل هيوم" انه من المنتظر هبوط ثلاث طائرات اخرى من طراز (F-35i)، يوم الاحد القريب، في قاعدة سلاح الجو الاسرائيلي في نباطيم، لتنضم بذلك الى طائرتان من هذا الطراز تسلمتهما اسرائيل في كانون اول 2016.

وحتى اليوم، لم يتم دمج هذه الطائرة، التي اطلقت عليها اسرائيل اسم "أدير"، في العمل العسكري، ومع ذلك من المحتمل ان تشارك في يوم الاستقلال القريب في الاستعراض الجوي.

"حزب الله يقدم استعراضا للصحفيين قرب الحدود مع إسرائيل"

تكتب "يسرائيل هيوم" انه في حدث يعتبر استثنائيا على الحدود اللبنانية، قام ضابط من حزب الله بتقديم استعراض للصحفيين اللبنانيين في قرية لبونة الشيعية التي تبعد عدة كيلومترات فقط عن بلدتي حنيتا وشلومي الاسرائيليتين.

وقال الضابط للصحفيين ان لدى حزب الله "معلومات كثيرة حول الخطوات التي تقوم بها اسرائيل استعدادا لمواجهة في المستقبل مع حزب الله". وقال ان اسرائيل قامت خلال الأشهر الأخيرة بتوسيع منظومة التعقب والتجسس على حزب الله من داخل البلدات الاسرائيلية المجاورة للحدود اللبنانية. كما قال: "لقد قمنا بتوثيق انشاء سد عال من اجل عرقلة دخول قوات المشاة في حزب الله الى اسرائيل في حال وقوع مواجهة عسكرية. نحن لا نتخوف من الحرب ولا نتردد، واذا فرضت علينا فسننتصر فيها".

في السياق نفسه، اتهمت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، نيكي هايلي، حزب الله باستغلال السكان في لبنان لأهدافه، من خلال "استخدام القرى كمستودعات لعشرات آلاف الصواريخ". وقال سفير اسرائيل داني دانون خلال النقاش نفسه في الأمم المتحدة انه "حيث يتواجد الارهاب يمكن العثور على ايران".

فصل الشرطي الذي اعتدى على سائق عربي في القدس

كتبت "يسرائيل هيوم" ان الشرطة قررت فصل الشرطي موشيه كوهين، الذي تم توثيقه خلال قيامه بضرب عربي من سكان القدس الشرقية، والتسبب له بإصابات بالغة. وكان قسم الانضباط في الشرطة قد اجرى في الأسابيع الاخيرة، جلسة استماع للشرطي كوهين، من وحدة اليسام. وخلال الجلسة طلب كوهين الاستقالة واعرب عن ندمه على اعماله.

وجاء من الشرطة انه بعد سماع ادعاءاته، ونظرا لخطورة الحادث، قررت رئيسة قسم القوى البشرية في الشرطة غيلا غزئيل، فصل الشرطي، وعدم قبول طلبه بالاستقالة. وقالت الشرطة انه "لا مكان في شرطة اسرائيل لشرطي يتصرف بهذه الطريقة".

العائلات الثكلى تطالب نتنياهو بالاعتذار عن اهانتها من قبل نواب في حزبه

تكتب "يديعوت أحرونوت" ان النفوس العاصفة على خلفية الاستعراض الرهيب الذي قام به نواب الليكود خلال اجتماع لجنة مراقبة الدولة في الكنيست، لم تهدأ بعد. وتطلب العائلات الثكلى من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ورئيس الكنيست يولي ادلشتين، "شجب المس القاسي بالعائلات الثكلى بصوت مرتفع وواضح وراسخ". من جهتهم طلب النواب الذين اهانوا العائلات الثكلى عقد جلسة مصالحة، الا ان العائلات الغاضبة اعلنت بأنها ليست جاهزة لذلك بعد، وليس هناك يا مجال للحديث الى ما بعد احياء ذكرى الجنود.

وبعثت منظمة "ياد لبانيم" (يد للأبناء)، برسالة الى نتنياهو وادلشتين، نيابة عن العائلات الثكلى، طالبتهما فيها بالشجب الصارم والاعتذار عن الهجوم الذي تعرضت له العائلات من قبل النائبين دافيد بيتان وميكي زوهر، خلال النقاش في لجنة المراقبة حول تقرير الجرف الصامد. فخلال النقاش نعت بيتان والد الجندي ايرز ساغي، ايلان، بأنه كاذب، وعندما وجهت والدة الجندي القتيل هدار غولدين انتقادا للحكومة لأنها لا تعمل على اعادة جثة ابنها من غزة، قاطعها النائب ميكي زوهر، قائلا انها تبالغ، فصرخت فيه غولدين باكية: "لا ترد علي، صفيق، اسكت". 

وجاء في رسالة منظمة "يد للأبناء": "منذ قيام الدولة لم يقع مثل هذا الحادث الشاذ والمخجل الذي مس بالعائلات الثكلى. لقد انفلت النواب بشكل فظ وعديم الاحساس تجاه العائلات الثكلى التي فقدت اعزاءها في مهمة الدفاع عن الوطن. الآباء الذين يصرخون ألمهم من دماء قلوبهم، وبعضهم يطلق صرخة أم ثاكل ليس لديها حتى قبر لتزورهشعب اسرائيل عرف خلافات، لكنه يبدو هذه المرة انه تم اجتياز خط احمر خطير، لا يمكن الصمت امامه. هذا جرح وراية سوداء تحلق فوقنا".

مقالات وتقارير

السجناء الامنيين يتمتعون بحقوق قليلة يسهل سحبها

يكتب ينيف كوفوفيتش، في "هآرتس" ان الاضراب عن الطعام الذي شرع به 1.200 سجين امني، هذا الأسبوع، جاء، ضمن أمور اخرى، بسبب المس بظروف اعتقالهم. هم ايضا يعرفون انهم لن يقارنوا بين هذه الظروف وظروف اعتقال السجناء الجنائيين في إسرائيل، لكنهم يطالبون باستعادة ما تم انتزاعه منهم. فاليوم، يتم حرمان الاسرى المضربين عن الطعام من كل المزايا التي حصلوا عليها، ولكن حتى في الايام العادية هناك فارق كبير بين ظروف احتجاء الأسرى الامنيين وظروف السجناء الجنائيين.

في مصلحة السجون يوجد تمييز واضح بين الحقوق الممنوحة للسجناء مهما كانوا، وبين "الامتيازات" التي يحصل عليها الأسرى، بشكل يرتبط مباشرة بسلوكهم خلال فترة قضاء محكوميتهم في السجون. حسب القانون، تلتزم مصلحة السجون بتوفير الشروط التي تتيح للسجين الحفاظ على نظافته الشخصية، العلاج الطبي اللازم للحفاظ على صحته، سرير، فرشة، بطانيات، حيازة متاع شخصي، شروط إنارة وتهوية معقولة وجولة يومية في مجال مفتوح. ويسمح المس بامتيازات الأسرى لمصلحة السجون بانتهاج سياسة العصا والجزرة من اجل فرض السيطرة عليهم وجعلهم يلجمون سلوكياتهم.

لكن مصلحة السجون تمارس التمييز الواضح بين الامتيازات التي تسمح بها للسجناء الجنائيين وتلك التي تمنحها للأسرى الأمنيين، في كل المجالات تقريبا. فبينما لا يمكن لمصلحة السجون المس بالحقوق التي يمنحها القانون للأسرى، الا ان مسألة الامتيازات خاضعة لقرار مدير السجنان شاء يمنحها لهم، وان شاء ينتزعها.

لقد تم التحديد في أمر مصلحة السجون بأنه يجب استخدام عقوبة الحرمان من الامتيازات بشكل شخصي لكل سجين، لكنه تم الابقاء على مكان ايضا للحالات الاستثنائية التي يسمح فيها بسحب الامتيازات من مجموعة من السجناء، في حال خرقت المجموعة الانضباط ولا يمكن تحديد من هو المسؤول عن ذلك.

الجدول التالي يبين الفارق بين ظروف اعتقال السجناء الجنائيين والأسرى الأمنيين في السجون الاسرائيلية:

 

الغذاء

العلاج الطبي

زيارات السجن

السجناء الجنائيون

مبلغ الشراء في الكنتين: 1.600 شيكل في الشهر

يستحقون طلب إذن لزيارة طبيب خاص على حسابهم الشخصي

يستحقون زيارات من العائلة والاصدقاء بعد 3 اشهر في السجن

السجناء الامنيون

حظر تلقي الغذاء من ابناء العائلة الذين يحضرون للزيارة

يستحقون طلب زيارة طبيب خاص من سكان المناطق على حسابهم الشخصي

يستحقون زيارات من ابناء العائلة من الدرجة الاولى فقط

 

زيارات المحامين

المحادثات الهاتفية

الاجازات

السجناء الجنائيون

مصلحة السجون لن تفحص وثائقه. واللقاء يجري بدون حاجز

يستحقون مكالمات هاتفية. الهاتف يقوم في مجال رؤية السجانين

يستحقون اجازة 96 ساعة بعد أن قضاء ثلث فترة محكوميتهم

السجناء الامنيون

الزيارة تجري من خلف حاجز. والمحامي يدخل مادة قانونية فقط

لا يستحقون مكالمات هاتفية، إلا في حالات استثنائية

لا يستحقون الاجازات. السجناء اليهود يستحقون طلب اجازة خاصة

 

التعليم

الصحف

التلفزيون

السجناء الجنائيون

يستحقون التعليم وتقديم الامتحانات في السجن لغرض الحصول على شهادة (البجروت)

يستحقون شراء صحيفة واحدة والاشتراك في مجلة واحدة

يستحقون شراء جهاز تلفزيون وجهاز دي.في.دي

السجناء الامنيون

يستحقون التعليم  وتقديم الامتحانات لغرض الحصول على شهادة البجروت فقط

يستحقون شراء صحيفة ومجلة طبعت في اسرائيل

يستحقون شراء جهاز تلفزيون توفره مصلحة السجون ومشاهدة ثلاث قنوات

 

الاختلاء بالزوجة

حرية العبادة

البريد

السجناء الجنائيون

يستحقون زيارة الزوجة والاختلاء بها بعد ستة اشهر من السجن

يحق لكل اسير الصلاة والحصول على الكتب المقدسة ومستلزمات العبادة من أسرته

يحق لهم ارسال وتلقي البريد بدون قيود

السجناء الامنيون

لا يستحقون بشكل جارف زيارات الاختلاء بالزوجة

يحق له اقامة الطقوس الدينية وفقا لقيود امنية

يحق لهم ارسال رسالتين واربع بطاقات كل شهر

 

بعد احتراقه في الجرف الصامد، نتنياهو لا يبحث عن حرب جديدة في غزة. 

يكتب عاموس هرئيل، في "هآرتس" ان بنيامين نتنياهو لا يريد خوض حرب في غزة. بل انه لم يرغب بها في 2014، وانما تم جره اليها. وهو، كما يبدو، لا يبحث عن مواجهة مع حماس في القطاع خلال الصيف الحالي. هذا هو العنوان الحقيقي لاجتماع لجنة الكنيست لمراقبة الدولة بخصوص تقرير المراقب حول عملية الجرف الصامد، التي تم ابتلاعها، أول أمس (الاربعاء) في العاصفة التي رافقت تبادل الكلمات القاسية بين عضوي كنيست من الليكود والعائلات الثكلى.

رئيس الحكومة الذي حاول الامتناع عن أي نقاش حقيقي حول استنتاجات التقرير بذريعة أن هذا يحتاج إلى منتدى مغلق أمام وسائل الاعلام، أطلق، رغم ذلك، عدة مقولات مثيرة. “لقد حاولنا الامتناع عن الحرب بكل السبل، قال عن أحداث الصيف قبل ثلاث سنوات. ولكنفي لحظة اختطاف الفتيان الثلاثة وصلنا الى منزلق لا يمكن ايقافه، هذا على الرغم من أنه، حسب اقواله، قام خلال تلك الأسابيع، بتحويل رسائل غير مباشرة لحماس حول رغبته بالامتناع عن الحرب في غزة.

ويؤكد نتنياهو، بأثر رجعي، ما كان يمكن توقعه في حينه من سلوكه: اختطاف وقتل الفتيان في غوش عصيون من قبل خلية لحماس في الخليل دفعه الى الزاوية التي لم يتمكن من الخروج منها. العثور على الجثث في 30 حزيران، الى جانب التحذيرات الاستخبارية بشأن تخطيط حماس لتنفيذ عملية كبيرة بواسطة نفق في كرم أبو سالم على حدود القطاع، شكلت رافعة ضغط مزدوج عليه. وعندما قام نشطاء اليمين المتطرف بملاحقة العرب في شوارع القدس، وأمطره الوزراء واعضاء الكنيست من الائتلاف بالتصريحات الحربية، وجد رئيس الحكومة نفسه في حرب لم يخطط ولم يستعد لها.

لقد تملص نتنياهو من جوهر ملاحظات المراقب حول دور حكومته في التصعيد. النقاش الايديولوجي مع رئيسة حركة ميرتس، زهافا غلئون، خلال جلسة لجنة المراقبة، قدم له خدمة فقط. فقد سمح له بقول المفهوم ضمنا تقريبا: ليس هناك حل سياسي مع حماس. فحتى عندما تقوم هذه المنظمة باعادة صياغة ميثاقها حاليا، لا تريد الاعتراف بإسرائيل أو التوقيع معها على اتفاق سلام. لكن ليس هذا ما كتبه المراقب، يوسف شبيرا، ورئيس القسم العسكري في مكتبه، العقيد احتياط يوسي باينهورن في تقريرهما. البديل السياسي الذي تطرقا اليه كان على الجدول عشية الحرب. وكان يتعلق بتخفيف الحصار في غزة وضمان استمرار دفع الرواتب لعشرات آلاف موظفي السلطة في القطاع. نتنياهو، بضغط من وزير الخارجية في حينه، افيغدور ليبرمان، رفض ذلك (والوزراء الآخرين، مثل موشيه يعلون وتسيبي لفني ويئير لبيد، الذين يتذمرون الآن، لم يفعلوا ما يكفي لتحقيق هذا البديل في حينه).

الآن، مع ليبرمان كوزير للأمن، يعود نتنياهو الى المواقف ذاتها. مخططات تخفيف الحصار على غزة تتقدم ببطء، مشروع الجزيرة الاصطناعية الذي يقترحه الوزير يسرائيل كاتس، لم تتم المصادقة عليهوفي غزة تنضج ازمة جديدة حول دفع الرواتب وتوفير الكهرباء مع صراعات قوى بين حماس والسلطة الفلسطينية في الخلفية.

لقد ركزت الكاميرات، ربما بشكل طبيعي، على الصراخ المؤلم للأبوين الثاكلين، د. ليئا غولدن وايلان ساغي. في نشرات الأخبار المسائية، لم يتبق، تقريبا، مكان للأقوال الصحيحة التي قالتها د. اوريت فيدينا حاي، التي قتل ابنها عومر، المحارب في وحدة ماجلان، جراء انهيار عيادة مفخخة في خانيونس. فقد قالت لنتنياهو: “يتضح وجود اخفاق متكرر في استيعاب الانتقادات وتطبيق الاستنتاجات.. لا يجب أن يتكرر هذا، يجب تطبيق التقرير. هذا هو واجبك الاخلاقي نحو من سقطوا، كي لا نجد أنفسنا من جديد مع نفس الاستنتاجات”. على خلفية خطوات الحكومة في أعقاب تقرير المراقب وسياستها الحالية، من المشكوك فيه ان يتحقق طلب الأم. ورغم ذلك فان الخط الذي طرحه نتنياهو مثير. فحسب اقواله، يعرف كم يمكن للأمور أن  تتشوش خلال الحرب، ودوره هو منع الحروب بقدر الامكان وقيادة اسرائيل في بيئة عاصفة بأقل ثمن.

لقد حظيت اقوال نتنياهو بتدعيم خلال اللقاء الذي تم في نفس اليوم بين المراسلين وبين من سيسمى هنا ضابط رفيع المستوى في الجيش الاسرائيلي. صحيح أن الجيش يقوم حاليا بتدريبات عسكرية حثيثة، يوجه قسم منها للحلبة الجنوبية، لكن الضابط كرر موقف هيئة الاركان، بأن اسرائيل لا يجب عليها المبادرة الى الهجوم فقط بسبب تقدم قدرات العدوفي هذه الحالة، الانفاق الهجومية لحماس - لأن اسرائيل ستجد نفسها في حرب متواصلة،حرب المئة سنة”.

كما ذكر الخط العقلاني الذي انتهجه الجهاز العسكري، في بعض الاحيان بدعم من حكومة نتنياهو، أمام موجة عمليات الطعن والدهس التي اندلعت في تشرين الاول 2015. الاصرار على مواصلة السماح لعشرات آلاف العمال الفلسطينيين من الضفة الغربية بالعمل في اسرائيل، حتى في ذروة الارهاب، ساعد على تهدئة الاوضاع. ومثله، ايضا، ضبط النفس النسبي الذي فرضته أوامر استخدام النار في الميدان، رغم مواعظ بعض الوزراء (ومعهم ساسة من المعارضة، مثل لبيد) للجنود على اطلاق النار أولا ومن ثم التفكير في الامر. وقال الضابط: “لو كنت سأقول بأن كل من يحمل سكينا يجب أن يموت، لكنا مع 800 قتيل فلسطيني وانتفاضة ثالثة”.

شرق اوسط مختلف

في مثلث صناع القرارات، الى جانب نتنياهو وهيئة الاركان، هناك ضلع آخر هو وزير الأمن (خضوع المستوى العسكري للمستوى السياسي واضح، لكن دور الجيش في رسم السياسة أكبر من مكانته الرسمية في التسلسل الهرمي، كما أثبت قرار الامتناع عن قصف ايران قبل خمس سنوات). ليبرمان، حتى مع الفتيل الطويل الذي تبناه منذ دخوله الى وزارة الأمن في نهاية أيار الماضي، يتمسك بموقفه القائل انه في ظل حرب اخرى في غزة يجب على اسرائيل العمل على اسقاط سلطة حماس. وحسب مصادر أمنية، فان الفجوة بين موقف الوزير وموقف الجيش في موضوع غزة تبدو واضحة في كل نقاش عسكري، حيث يحاول قادة الجيش اقناعه بأن الخطط التي أعدوها تتيح توجيه ضربة شديدة لحماس من دون احداث فوضى في القطاع.

ليبرمان يتواجد الآن في ذروة جدول زمني سياسي مكثف. اليوم (الجمعة) من المفروض أن يلتقي في تل ابيب مع وزير الدفاع الامريكي، الجنرال المتقاعد جيمس ماتيس، الذي جاء لزيارة أولى في الشرق الاوسط. وفي الاسبوع القادم سيشارك في مؤتمر في موسكو وعلى الهامش قد يلتقي مع نظيره الروسي سرجيه شويغو ووزير الخارجية سرجيه لافروف.

رغم التوتر الذي ساد في الاسبوعين الاخيرين بين واشنطن وموسكو، بسبب استخدام نظام الاسد للسلاح الكيميائي وعقوبة القصف الأمريكي لسلاح الجو السوري، يبدو أن اجزاء الصورة الاستراتيجية التي سيعرضها وزراء الدولتين امام ليبرمان ستكمل بعضها. الشرق الاوسط يمر الآن بتغيير عميق آخر. حتى لو كانت سياسة ادارة ترامب في المنطقة بعيدة عن أن تكون مبلورة وواضحة، فان الولايات المتحدة ناجعة أكثر في الخطوات العسكرية في جميع أرجاء آسيا (القصف في سورية، القاء "أم القنابل" في افغانستان، التهديد الذي تبين أنه فارغ فيما بعد، بإرسال حاملة الطائرات الى شبه جزيرة كوريا). لقد ازداد اهتمام البنتاغون بشكل كبير بما يحدث في الشرق الاوسط، كما تؤكد المحادثات بين الضباط الامريكيين مع نظرائهم الاسرائيليين في الاسابيع الاخيرة.

روسيا لا تظهر في الوقت الحالي أي تراجع امام ازدياد الاهتمام الامريكي. التحول الذي ضمن بقاء نظام الاسد في سورية، تحقق بفعل تدخل روسيا العسكري في ايلول 2015 وفيما بعد. ومنذ استسلام حلب في كانون الاول الماضي تقدم روسيا مظلة جوية للنظام لإعادة السيطرة على مناطق اخرى في الدولة. “سورية تتواجد الان في المكان الثاني، وايران في المكان الاول. وماذا عن روسيا؟ إنهم شياطين، قال رجل اعمال سوري لمراسلةالغارديانالبريطانية التي نقلت تقريرا من دمشق، هذا الاسبوع.

وحول يحدث في الشمال، قال الضابط الرفيع خلال محادثة مع المراسلين ان اطلاق الصاروخ السوري المضاد للطائرات باتجاه طائرات سلاح الجو الاسرائيلي اثناء القصف في سورية، في نهاية الشهر الماضي، (حسب مصادر اعلامية عربية جرت عدة محاولات كهذه)، يعكس ازديدا الثقة بالنفس لدى النظام في ضوء نجاحاته العسكرية. ولكن هل يمكن أن تكون روسيا هي التي شجعت الاسد على التصعيد ضد اسرائيل؟ وما الذي عرفته موسكو عن نوايا النظام السوري استخدام غاز السارين في خان شيخون؟.

في عهد ترامب بالذات، عاد الشرق الاوسط ليبدو في الاسابيع الاخيرة كملعب للقوتين العظميينالرئيس بوتين يصمم على مكانة روسيا كقوة عظمى، رغم ضعفها الاقتصادي مقارنة مع الولايات المتحدة. في ظروف كهذه اصبحت اسرائيل مرة اخرى بمثابة لاعب ثانوي يطلب منه عدم الازعاج. ترامب بقي غير متوقع ومتقلب، وجدول أولوياته (الصراع ضد داعش أو الاسد في سوريا؟ السلام بين اسرائيل والفلسطينيين؟ استئناف العقوبات ضد ايران؟)، ليس معروفا. كما خطا نتنياهو بحذر مقابل الادارة الامريكية في موضوع التفاهمات بشأن تجميد البناء في المستوطنات، يمكن الافتراض بأنه سيحذر الآن من القيام بخطوات أحادية في قطاع غزة.

ولكن في هذه الظروف ايضا، يبدو أن اسرائيل لا تزال تقف في قسم كبير من تحذيراتها الأمنية، على مسافة خطأين او ثلاثة من اندلاع الحرب. والسطر الاخير في تقديرات الاستخبارات العسكرية لعام 2017 يشبه السنوات السابقة: لا توجد اشارات تدل على نشاط هجومي مقصود للعدو، لكن هناك احتمالات عالية بحدوث مواجهة بسبب حدث تكتيكي خطير أو عدد من الاحداث المتبادلة.

الرجل الحديدي

تمهيدا لزيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس الى واشنطن في بداية الشهر القادم، وعلى خلفية نوايا الولايات المتحدة تحريك العملية السلمية، يزداد التوتر بين السلطة الفلسطينية وحماس واسرائيل، لأسباب مختلفة. الاضراب عن الطعام الذي اعلنه 1200 اسير فلسطيني في اسرائيل لم ينتقل بعد الى مستوى مرتفع، لكن في نفس الوقت هناك صراع على السيطرة بين السلطة وحماس في القطاع، الامر الذي يؤثر بشكل مباشر على معيشة السكان وتوفير الكهرباء يوميا. وما زال هناك حساب مفتوح بين حماس واسرائيل، حيث تتهم حماس اسرائيل بقتل أحد نشطائها في الذراع العسكري، مازن فقها، قبل شهر.

فقها الذي تم نفيه الى القطاع في اطار صفقة شليط كان من قادة طاقم الضفة الغربية، الذي يقوم بتمويل واصدار التوجيهات للعمليات في الضفة. لقد تم اطلاق النار عليه من قبل مجهول بمسدس على شاطئ غزة في 24 آذار. ورغم أن حماس قامت باعدام ثلاثة فلسطينيين اتهموا بالتعاون مع اسرائيل في بداية نيسان، إلا أنها لم تنشر بعد اعلانا مفصلا حول حل سر عملية الاغتيال. وحسب اقوال سكان من القطاع، لا يزال التوتر كبيرا في القطاع، واجهزة حماس الامنية تواصل التحقيق والتمشيط المكثف من اجل معرفة اذا كان هناك فلسطينيون قد ساعدوا في عملية الاغتيال.

على المدى القريب لا تقلق الاجهزة الامنية الاسرائيلية من احتمال حدوث عملية انتقامية على حدود القطاع. وهذا على خلفية التكهن بأن حماس من ان تتدهور عملية كهذه الى مواجهة عسكرية اخرى مع اسرائيل، يبدو انها لن تخدم اهدافها الآن. خليل الحية، أحد قادة حماس، قال هذا الاسبوع، إن حماس لا تبحث عن المواجهة مع اسرائيل طالما امتنعت اسرائيل عن ذلك. مع ذلك فان زملاء الفقها في القطاع قد يبادرون الى عملية مدوية في الضفة الغربية وفي داخل الخط الاخضر انطلاقا من فرضية ( يمكن ان تكون خاطئة) بأن اسرائيل ستفضل الآن تركيز ردها في الضفة، وهكذا تبقى المشكلة خاصة بالسلطة الفلسطينية وحدها.

في الشهر الماضي قال رئيس الشباك نداف ارغمان في اجتماع للجنة الخارجية والامن البرلمانية، إنحماس تريد ضعضعة الوضع الامني في يهودا والسامرة بواسطة العمليات التفجيرية”. وامس الاول، أعلن الشباك بأنه اعتقل على معبر ايرز مواطنتين فلسطينيتين من القطاع، أحداهن مريضة بالسرطان وخرجت لتلقي العلاج في اسرائيل، وحاولتا تهريب مواد متفجرة داخل انابيب للدواء. باستثناء السخرية الكامنة في استغلال المريضات، (وهذا ليس حدثا فريدا من نوعه)، فان هذه الحادثة تشير الى حجم الجهود التي تبذلها حماس من اجل تنفيذ عمليات في الضفة.

الى جانب ذلك، هناك تخوف من وقوع حادث محلي، على خلفية دينية، تستغله حماس من اجل تأجيج الوضع في شرقي القدس والضفة الغربية ضد اسرائيل، والتآمر على السلطة في مدن الضفة. هذه هي خلفية التوصية القاطعة التي قدمتها الاجهزة، وعلى رأسها الشباك، لنتنياهو بمنع دخول الوزراء واعضاء الكنيست الى الحرم خلال عيد الفصح.

يتركز التوتر في القطاع على المواجهة بين حماس والسلطة الفلسطينية، حيث تتهم السلطة حماس باستغلال دعمها المالي للقطاع دون ان تمنحها موطئ قدم في ادارة القطاع. وقد قلصت السلطة مؤخرا حوالي نسبة 30 في المئة من رواتب 65 ألف موظف يتبعون لها في القطاع، والذين اصبح غالبيتهم عاطلين عن العمل رغم ارادتهم منذ سيطرة حماس على القطاع قبل عشر سنوات. لقد تم اظهار قرار السلطة وكأنه جاء بسبب مشاكل مالية نجمت عن تقليص تبرعات الدول المانحة، لكن عمليا يبدو أنه يدور صراع غريزي مقرون بالشعور بالإهانة في رام الله.

طنجرة الضغط في غزة تزداد غليانا، ايضا، بسبب اعلان السلطة بأنها ستتوقف عن دفع ضريبة الوقود الذي تزوده اسرائيل للقطاع، والذي تعتمد عليه محطة الطاقة وتزويد الكهرباء. وقد تراجع تزويد الكهرباء الى ما بين 6 و8 ساعات في اليوم. وحماس تفحص امكانية تقليص تزويد الكهرباء لأربع ساعات فقط. هذه الضائقة تضر بالمستشفيات والمدارس. وفي الجانب الآخر عادت مصر الى اغلاق معبر رفح لفترات طويلة، وتم الغاء جميع التسهيلات على المعبر. وحتى لو حدث هذا بسبب تصاعد صراع مصر ضد ذراع داعش الذي نفذ مؤخرا عدة عمليات قاسية، فان النتيجة تؤثر فورا على القطاع.

رغم الاهمية الرمزية الكبيرة التي يمنحها الفلسطينيون لمشكلة الاسرى، يبدو أن المشكلات اليومية في القطاع هي التي تحظى باهتمام الجمهور هناك. اذا نجح زعيم الاضراب مروان البرغوثي بتجنيد الأسرى الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية في صراع مستمر، يمكن للإضراب أن يحظى باهتمام أكبر.

في احيان كثيرة يكون للإضراب تأثير كبير، يتعدى جدران السجون. التحقيق في اختطاف الفتيان الثلاثة في غوش عصيون في 2014 كشف بأن قرار تنفيذ العملية نضج في قلوب اعضاء خلية حماس بعد المشاركة في اعتصام تضامن مع السجناء المضربين عن الطعام. وبنظرة الى الوراء، يدور الحديث عن حلقة هامة في السلسلة التي أدت الى التدهور، الذي وصفه نتنياهو امام لجنة مراقبة الدولة في الكنيست.

موقف اسرائيل الرسمي يدعي أنها لن تفاوض الاسرى. وطلب ليبرمان على صفحته في الفيس بوك من الحكومة السير على طريق  تاتشر. ففي 1981، في بداية ولايتها، قمعت المرأة الحديدية في بريطانيا اضراب السجناء من ايرلندا. وقد توفي في حينه عشرة من الاسر المضربين عن الطعام، وتحول أحدهم، بوبي سانديس، الى رمز قومي للكاثوليك في شمال ايرلندا. ليس من الواضح اذا كان ليبرمان يريد تكرار الدراما البريطانية مع الفلسطينيين، أو أنه يريد مجرد الحصول على علامات الاعجاب في الفيس بوك. في الاسبوع الماضي قال خلال مقابلة اجرتها معهيديعوت احرونوتبأنه نجح في معرفة طريقة نشر المدونات التي تثير الاهتمام الواسع.

وزير الامن يتمتع، على الاقل، بمعرفة تاريخية يعتمد عليها. شباب الاتحاد القومي، الشريك الثانوي والمتطرف في البيت اليهودي، أعلنوا أمس أنهم سيقومون بوضع المناقل لش اللحم أمام سجن عوفرلكسر معنويات المضربين عن الطعام ومطالبة الحكومة بعدم الخضوع للمخربين”. هذا استفزاز صبياني آخر، لا يبرر حتى ذكره في الصحيفة، لكنه ربما يدل على طبيعة المرحلة.

داعش يركز على البطن الضعيفة لمصر: العلاقات بين المسلمين والمسيحيين. 

يكتب تسفي برئيل، في "هآرتس" ان القديسة سانتا كاترينا، ابنة الاسكندرية قتلت في القرن الرابع على طريقة داعش. في البداية تم تعذيبها على عجلة التعذيب، وعندما فشلت آلة الموت بقتلها، تم قطع رأسها. هذا الأسبوع ذكرنا داعش بأن هذا المكان المقدس لليونانيين الارثوذكس في سيناء المسمى على اسم كاترينا، لا يحظى بحماية القديسة المعذبة، عندما قامت احدى خلاياه في سيناء بقتل شرطي مصري كان يحرس المكان.

بعد عشرة أيام من العملية المزدوجة في الكنيستين في مصر والتي اسفرت عن قتل اكثر من 40 شخصا، يواصل داعش تطبيق استراتيجيته الجديدة، التي لم تعد تكتفي بإصابة قوات الامن والمدنيين العابرين، وانما تهدف الى هز نسيج العلاقات الهش بين المسلمين والمسيحيين في مصر.

قبل شهرين اهتزت العريش لمقتل سبعة مواطنين مسيحيين، وهو الحادث الذي تسبب بهرب اكثر من 40 عائلة من المدينة الى الاسماعيلية، حيث تعيش هناك في ظروف اللجوء وتنتظر العودة الى بيوتها. الحكومة المصرية التي تشعر بالقلق الكبير من تطور هذه العمليات الى مواجهات بين المسلمين والمسيحيين، تحاول مساعدة العائلات. لقد وفرت الحماية لاماكن سكناهم، ووفرت اماكن عمل بديلة للمعلمين واستوعبت اولاد العائلات في مدارس المدينة. ويضطر قسم من الهاربين الذين لم يعثروا على عمل في الاسماعيلية، للسفر الى العريش من اجل اعالة عائلاتهم والعودة الى البيت في نهاية الأسبوع من خلال المخاطرة بحياتهم.

لكن المساعدات لا تنجح في تهدئة التوتر الكبير الذي تأجج في الأيام الأخيرة. نائب رئيس جمعية مصر ضد التمييز الطائفي، د. احمد منير مجاهد، يقول انه "لا يوجد فرق بين فترة مبارك وفترة السيسي. فاليوم ايضا لا يوجد محافظ مسيحي واحد، ولا يوجد قائد كبير مسيحي في قوات الأمن ولا حتى رئيس جامعة مسيحي". ومن خلال لقاء نشر معه هذا الاسبوع، طالب السلطة المصرية بعدم الاكتفاء بمحاربة الارهاب الاسلامي الراديكالي وانما العمل من اجل تغيير الاجواء ضد المسيحيين.

هذا الاسبوع نشرت هذه الجمعية التي تأسست عام 2006 وتضم عدة مئات من الاعضاء المسيحيين والمسلمين، بحثا واسعا بعنوان "وضع الأديان في مصر"، والذي يصف التيارات الدينية المتنوعة التي تنشط في الدولة، ومنظومة العلاقات التي جرت بين الأنظمة المختلفة في مصر وبين الحركات الدينية.

في لقاء اجراه موقع "المدون" المصري مع احد اعضاء طاقم البحث، سامح اسماعيل، اشار الى انه بشكل تقليدي، حاولت الكنيسة القبطية الحفاظ على علاقات جيدة مع النظام، وبشكل عام حرصت على الدعم العلني للرئيس المصري، لكنه اتضح ان هذه الاستراتيجية تلقت ضربة خلال انقلاب الربيع العربي، حين خرج الشبان الاقباط، خلافا لتوجيهات القيادة الدينية، للمشاركة في التظاهرات ضد نظام مبارك، الأمر الذي كلفهم الكثير من الضحايا، خاصة خلال المظاهرات التي جرت بالقرب من بناية التلفزيون المصري في تشرين اول 2011. لقد شكل هؤلاء الشبان تنظيما لهم يحمل اسم "اتحاذ شبان مسبيرو" على اسم بناية التلفزيون، وبدأوا المشاركة في الحوار العام على الشبكة الاجتماعية.

قانون غامض

لقد سبب الشرخ بين الجيل الشاب والقيادة القديمة معضلة قاسية للبابا القبطي ثيودوروس الثاني، الذي حاول، من جهة، اظهار دعمه للرئيس الجديد، السيسي، ومن جهة اخرى كان عليه تهدئة الشبان الذين هددوا صلاحياته السياسية. وقد فهم الرئيس السيسي خطر الانقسام داخل الجالية القبطية التي تضم بين 10-12 الف مواطن، وبادر الى سن قانون تاريخي هدفه احباط ادعاءات الجالية، وهو تخفيف اجراءات بناء الكنائس الجديدة.

لكن القانون الجديد الذي استقبل بالترحاب في البداية، اتضح أنه ليس كافيا. صحيح انه تم تقليص اجراءات التراخيص، لكن شروط الحصول عليها لا تزال ثقيلة وخاضعة لقرارات حكام المحافظات. فهؤلاء يمكنهم التحديد، مثلا، بأن حجم الجالية في المنطقة المطلوب بناء كنيسة فيها لا يبرر الطلب، او ان الكنيسة يمكن ان تهدد الامن العام بسبب قربها من مسجد. هذا القانون الغامض يعزز الادعاء بأن الرئيس لا ينوي اجراء تغيير جوهري في منظومة العلاقات بين الاقباط والادارة او شن هجوم مباشر على من يسببون التوتر بين المسلمين والمسيحيين.

حسب رأي مجاهد، "يجب اجراء تغيير اساسي لجهاز التعليم في مصر، خاصة المنهاج التعليمي، وتدريس التسامح الديني وانتزاع التعليم الديني المتزمت من المدارس". كما يقترح اجراء تغيير دراماتيكي في مكانة الأزهر، المؤسسة الاسلامية الاكثر اهمية في مصر، وربما في العالم الإسلامي كله. وحسب اقتراحه يجب تحويل الأزهر من جامعة مفتوحة للجميع، الى مؤسسة عليا لتدريس الدين، يتم فيها تدريس المواضيع الدينية فقط وليس المواضيع المدنية، وتستقبل فقط الجامعيين الذين انهوا دراستهم الاكاديمية. والهدف من ذلك هو ان يتعرف الطلاب على الافكار الليبرالية خلال دراستهم الاعتيادية، ولا يصلون الى الازهر مباشرة فور انتهاء دراستهم الثانوية التي تنطوي ايضا على التعليم الديني الالزامي.

اقتراحات مجاهد بعيدة المدى، بعيدة عن ان يتم تقبلها من قبل الادارة المصرية، وبشكل خاص من قبل الأزهر او علماء الشريعة الاخرين، خاصة وانها تأتي من قبل من يعتبر متآمرا على "النظام الصحيح" القائم في الدولة. لكن مجاهد ليس غريبا جاء من الهامش. لقد كان رئيسا لسلطة الطاقة النووية في مصر، وفي الوقت نفسه اسس الجمعية المكافحة للتمييز. وكان في الجهاز الامني من لم يعجبه ازدواجية المناصب، وفي عام 2015 تم الغاء التعاقد الذي واصل بموجبه العمل حتى بعد خروجه للتقاعد. التفسير الذي تلقاه لهذا القرار هو "اسباب امنية"، لكنه لم يتم تفصيلها حتى اليوم.

من جهته يحاول السيسي اجراء اصلاحات في الحوار الديني، ومع دخوله الى منصبه بادر الى لقاءات مع علماء الشريعة ورجال الأزهر، من اجل تطبيق مبادرته لتنمية الحوار الديني المعتدل، الليبرالي، الذي لا يعادي المسيحيين. في وسائل الاعلام الرسمية يكرسون مكانا واسعا لمقالات حول الحوار الديني المرغوب فيه، وتطرح على طاولة البرلمان قوانين تهدف الى منع نشر فتاوى يصدرها اشخاص لم يخولهم الازهر بذلك. هذا الأسبوع نشر المحلل المصري الهام، مصطفى الفقيه، مقالة ثاقبة، تحدث فيها عن دور المسيحيين المصريين في الحركة القومية، في حروب مصر وفي ثورة الربيع العربي. وتوج المحلل السعودي غسان الامام، مقالته التي نشرت في صحيفة "الشرق الاوسط" الدولية، بعنوان "من يدافع عن الاقباط"، واوضح فيها بأن المسيحيين لا يحتاجون الى رعاية المسلمين لكي يكونوا محميين، فهم جزء لا يتجزأ من الأمة المصرية. و"الدولة (وليس الدين) هي التي يجب ان تدافع عنهم".

صحيح ان الامام ينتقد الاقباط الذين يحملون الدولة المسؤولية الكاملة، لأنه "لا يمكن وضع حارس على كل مسيحي"، ويجب عيلهم تعيين حراس من بينهم للأماكن المقدسة، لكنه ينتقد ايضا وبشدة، الحركة الليبرالية والعلمانية وشبان الثورة الذين لم يخرجوا ضد الاخوان المسلمين وحولوا حركتهم الى شريكة. صحيح ان كلماته موجهة الى مواطني مصر، لكنه، بشكل غير مباشر، يطلق سهامه ايضا ضد النظام السعودي، حين يحدد بأنه يجب منع الفتاوى المحرضة.

صحيح ان هذا الحوار الاعلامي، كما هو الأمر بالنسبة لمبادرة السيسي، يواجه معارضة من قبل الحركات الدينية الراديكالية التي تتمسك بالمس المتوقع بحرية التعبير وحتى بتجاهل الفتاوى الشرعية. ولذلك يحاول السيسي العمل على الاقل على المستوى الشعبيلقد ظهر لأول مرة في قداس ليلة الميلاد، ويجري محادثات علنية مع البابا القبطي ويرسل كبار المسؤولين في حكومته لالتقاء قادة الجالية.

لكن الجيل القبطي الشاب يطالب بخطوات ملموسة اكثر، تعزز من مشاعر الامن لديهم، خاصة بعد ان اوضحت العمليات في الكنائس، بأنه ساد الاهمال الامني. هذه هي البطن الضعيفة والحساسة التي يستهدفها داعش بواسطة العمليات من اجل تعميق الشرخ بين المسيحيين والنظام، وبين المسيحيين والمسلمين. هذا هو المجال الذي يمكن ان ينجح فيه داعش بشكل اكبر من عملياته التي تستهدف السياحة او قوات الامن.

أسير أم رئيس

يكتب نداف شرغاي، في "يسرائيل هيوم" انه من وجهة نظر الارهابي والأسير المحكوم بالسجن المؤبد، مروان البرغوثي، الذي بادر الى الاضراب المفتوح عن الطعام للأسرى الامنيين في السجون، هذا الأسبوع، فانه ليس إلا نلسون مانديلا الفلسطيني. منديلا، الحائز على جائزة نوبل للسلام، والذي جلس لمدة 27 سنة في سجن جنوب افريقيا، بعد اعتباره ارهابيا، تم انتخابه في نهاية الأمر، رئيسا لجنوب افريقيا. وتوفي قبل حوالي اربع سنوات.

النائب ايمن عودة، الذي زار البرغوثي في السجن قبل حوالي سنة ونصف، قدم له كتاب السيرة الذاتية لمنديلا، الذي يتألف من 1400 صفحة. وقد التهم البرغوثي السيرة بتعطش، وتبنى، ظاهرا، النموذج الجنوب افريقي، على طريق "الرئاسة"، ويركض الآن للحصول على "نوبل".

لقد وقع سبعة من الفائزين بجائزة نوبل للسلام، ومن بينهم الأب ديزموند توتو، من قادة نضال السود في جنوب افريقيا، والرئيس الامريكي السبق جيمي كارتر، على عريضة تطالب بإطلاق سراحه. كما وقع توتو والارجنتيني ادولفو بيريز اسكيفال (الحائز على نوبل) على رسالة توصية تقترح منح الجائزة الثمينة لمن ادين بالقتل وحكم عليه بالسجن المؤبد لخمس فترات، مع الإشارة في رسالتهما الى "التزامه بحقوق الانسان والديموقراطية والمساواة بين النساء والرجال". وحسب رأيهما فانه اذا كان عرفات قد فاز بجائزة نوبل (سوية مع يتسحاق رابين وشمعون بيرس) فلماذا لا تمنح لـ"ورع" مثل البرغوثي؟

عقيدته الحالية متماسكة، ظاهرا. فرغم ماضيه القاتل، يسعى الان للتركيز على "النضال الجماهيري غير العنيف". اضراب الاسرى الأمنيين عن الطعام، الذي بدأ هذا الأسبوع، والذي تم بسببه نقله الى العزل الانفرادي، هو، حسب الجهات الأمنية في اسرائيل، جزء من "النضال الجديد" كما يسعى البرغوثي لتصويره الان، وبشكل لا يقل عن ذلك: خطوة سياسية اولى في رحلة البرغوثي الطويلة نحو قيادة السلطة الفلسطينية، وهي خطوة من شأنها، سواء كان ذلك عمدا ام لا، ان تقود الى تصعيد واضح في المناطق.

ينتصر في الاستطلاعات

قبل عدة اشهر فقط، وصل البرغوثي الى المكان الأول في انتخابات مؤتمر فتح السابع الذي انعقد في رام الله. انه لم يخف أبدًا نيته المنافسة على القيادة في اليوم التالي لانتهاء ولاية ابو مازن، لكن ابو مازن، حاليًا على الأقل، يفضل تنمية آخرين الى جانبه ويتجاهل الأسير المشهور، الذي يحظى بتأييد كبير في الشارع الفلسطيني.

ابو مازنسواء بضغط اسرائيلي، أو بسبب التخوف من تضعضع مكانته، وربما لهذين السببين معا، يتجاهل عمليا، نتائج انتخابات مؤتمر فتح. لقد عين جبريل الرجوب، الذي انتخب في المكان الثاني بعد البرغوثي في المؤتمر، أمينا عاما للجنة المركزية لحركة فتح، وعين نائبا له في رئاسة فتح، محمود العالول، من قدامى اعضاء الحركة، المولود في نابلس ورئيس التنظيم سابقًا.

البرغوثي يواصل عضويته، عمليا، في اللجنة المركزية للحركة التي تضم 18 عضوا، لكنه تم ابعاده عن موقع القيادة، رغم انه في كل استطلاعات الرأي يتفوق منذ سنوات على كل مرشح آخر.

البرغوثي غاضب على ابو مازن ليس فقط لأنه ابعده عن أي منصب او لقب، وانما ايضا، لأنه يجد صعوبة في التصديق بأن ابو مازن بذل جهدا جديا من اجل اطلاق سراحه من السجن، في اطار صفقة شليط ولفتات مختلفة من قبل اسرائيل، حقق خلالها إطلاق سراح اسرى امنيين. وللحقيقة، فان رجال البرغوثي على اقتناع بأن ابو مازن، ليس فقط لم يبذل جهدا لإطلاق سراحه، وانما يعتبر مواصلة جلوس البرغوثي في السجن مسألة مريحة له.

وفي الواقعورغم نفي ابو مازن ورجاله، فان ابو مازن، الذي يحكم السلطة عمليا بمساعدة "حراب" اسرائيل، ويتعلق تماما بدعمها الاقتصادي والعسكري، يملك الكثير من الاسباب التي تجعله يتجاهل البرغوثي. ابو مازن يتخوف من تأييد الشارع العلني للبرغوثي، انه يعرف ايضا، بأن بعض رجاله المخلصين اعلنوا بأنهم سيدعمون ترشيح البرغوثي للرئاسة بعد انتهاء ولايته.

كما يعرف ابو مازن جيدا، عن علاقات الصداقة والتعاون بين البرغوثي وخصمه المرير محمد دحلان، الذي ابعده ابو مازن عن كل موقع تأثير وقيادة. بل ان البرغوثي الذي نسق بعض الخطوات التي قام بها من داخل السجن خلال السنوات الاخيرة، مع حماس، يعتبر مقبولا على بعض قادة هذه الحركة.

في الشارع الفلسطيني يعتبر البرغوثي رئيس اركان الانتفاضة الثانية، والزعيم الشعبي الذي نشأ من القاعدة، والذي طرح، حين كان حرا، بديلا لـ"نبلاء تونس"، الذين جاؤوا من المهجر وسيطروا على الميدان. ولكن، فوق هذا كله، يستأنف البرغوثي على الملأ على قيادة وطريق ابو مازن.

"ثورة بطرق سلمية"

منذ عدة سنوات ينشغل البرغوثي من داخل سجن هداريم بما يسميهالاستعداد ليوم التحرير. انه يدعم المصالحة مع حماس، يطالب ابو مازن بوقف التعاون الامني مع اسرائيل، يسعى لإلغاء اتفاقيات اوسلو، يؤيد حل الدولتين ويتمسك بحق العودة.

كما انه يبلور نظرية متماسكة للتمرد المدني غير العنيف ضد اسرائيل، يقوم خلالها مئات الآلاف بتنظيم مسيرات جماهيرية حاشدة نحو القدس ومراكز الاسكان الاخرى في اسرائيل. وبشكل خاص سيعملون ضد المستوطنات في يهودا والسامرة، وضد الاحياء اليهودية في القدس الشرقيةوسيسببون اضرار لشبكات الكهرباء والمياه والهاتف التي تصل اليها. ويطلق البرغوثي على خطته اسم "ثورة الشعب بالطرق السلمية". وقد نشرها محلل الشؤون العربية ابي يسسخاروف لأول مرة في موقع "واللا" قبل سنة، ومنذ ذلك الوقت لم تتغير مبادئها.

لقد تم صياغة الخطة خلال نقاشات سرية عقدها اربعة من كبار المسؤولين في فتح، كلهم كانوا قادة في التنظيم في سنوات التسعينيات، ويعتبرون من الأصدقاء الشخصيين للبرغوثي: احمد غنيم، قدورة فارس، سرحان دويكات ومحمد حوراني. وقد التقى هذا الرباعي مع شخصيات رئيسية في قيادة حماس، مثل خالد مشعل وصالح العاروري، الذي وقف وراء الكثير من محاولات تنفيذ عمليات ضد اهداف اسرائيلية، خاصة في مناطق الضفة.

ورغم "الغلاف" اللامع للخطة، الا ان جهات امنية اسرائيلية تتخوف من ان "ثورة الشعب بالطرق السلمية"، كما يسميها البرغوثي، تشكل عمليا غطاء لصراع يدمج بين الارهاب و"الكفاح الشعبي". الاضراب عن الطعام في السجون، والمقالة التي نشرها البرغوثي في "نيويورك تايمز" حول دوافع الإضراب، تعتبر، ظاهرا، الخطوات الاولى في خطته الكبيرة.

رسميا، يهدف الإضراب الى تحسين ظروف اعتقال الأسرى، واستقبال الزيارات وتسهيلات اخرى مثل وضع اجهزة هاتف عمومي في اقسام السجن، والغاء العزل ونقل الاسرى المرضى الى المستشفيات بدلا من معالجتهم في عيادة سلطة السجون. في الواقع، ينظر البرغوثي الى ما هو ابعد من ذلك، ويسعى الى استعادة المكانة التي يعتبر بأن ابو مازن سلبها منه.

انه يريد اعادة رفع موضوع قيادته بواسطة احدى القضايا التي تحظى بأكبر اجماع في الرأي العام الفلسطينيمكانة الأسرى، حقوقهم، والمطالبة بإطلاق سراحهم. كما يسعى البرغوثي لترسيخ مكانته في نظر اسرائيل وادارة ترامب، كعامل مؤثر يجب اخذه في الاعتبار ومحاورته، بل واطلاق سراحه في نهاية الأمر، بواسطة تفعيل الميدان وتأجيجه.

وبالفعل، في احداث "يوم الأسير"، يوم الاحد الماضي، خرج الآلاف الى الشوارع. الاحداث لا تزال تخضع للسيطرة، ولكن في اسرائيل وفي السلطة الفلسطينية يعرفون انه كما في السابق، هكذا في هذه المرة ايضا، لن تكون هناك حاجة الى الكثير لكي تتأجج النيران: احتكاك متزايد او عدم صبر من جانب جنود او متظاهرين، ومن ثم، احتمال نقل احد الاسرى المضربين الى المشفى او موته، وطبعا ارهاب ساخن من جانب خلايا حماس، التي تحاول طوال الوقت تنفيذ عمليات لكنه يتم احباط غالبيتها.

"ليس اضرابا سياسيا"

لقد حقق البرغوثي اول انجاز: فقادة السلطة ومن بينهم ابو مازنسواء كانوا يؤيدون البرغوثي او يعتبرونه منافساوقفوا وراء الإضراب الذي بادر اليه، بل حذروا من التصعيد المحتمل والتدهور. صحيح ان قدورة فارس، صديق البرغوثي المقرب، ومدير نادي الأسير الفلسطيني، يدعي بأن الاضراب ليس سياسيا، ولكنه يشرح بأن امكانية تطور الامور الى شيء اكبر، قائمة بشكل دائم – "انتفاضة شعبية من اجل الوحدة القومية الفلسطينية".

وقال فارس: "نحن ننقل رسالة واضحة، وهي ان الشعب الفلسطيني لم يتخلّ عن طريق المقاومة، ومن يضرب عن الطعام في السجن يجب ان يحظى بالتأثير المدوي خارج السجن". ومن جهته، حذر اشرف العجمي، وزير شؤون الاسرى في السلطة الفلسطينية، سابقا، من الاشتعال ووصف قائمة مطالب البرغوثي والاسرى بانها شرعية.

واعلن رئيس دائرة شؤون الاسرى، عيسى قراقع، عن "انتفاضة الأسرى" واعتبر المسألة "مقدسة". وحذر قراقع من ان "حكومة الاحتلال لن تستمتع بالهدوء والامن طالما كانت تخرق حقوق الفلسطينيين".

وبشكل غير مفاجئ، انضم قسم من القيادة السياسية للعرب في اسرائيل الى الخطوة. اعضاء الكنيست يوسف جبارين، اسامة السعدي وعايدة توما سليمان، اعربوا عن دعمهم لمطالب البرغوثي. بل قامت سليمان بتقديم طلب لزيارة البرغوثي والغاء الأمر الذي اصدره وزير الامن الداخلي غلعاد اردان، بمنع زيارة النواب للأسرى الأمنيين.

يجب الاشارة الى ان هذا الأمر قطع مسيرة النواب العرب والزوار الذين زاروا البرغوثي في السجن طوال سنوات، خلال الفترة التي اعتبرته فيها جهات يسارية وكذلك جهات في معسكر الوسط الاسرائيلي، مرشحا لـ"قيادة قوية" يمكن عقد صفقات معها بعد ابو مازن

لكن هذه القناة لم يحبها الجميع. فوزير الامن السابق، موشيه يعلون، ورئيس الشاباك الأسبق ابي ديختر، رئيس لجنة الخارجية والامن حاليا، عارضا بشدة ولا يزالان يعارضان كل صفقة تفضي الى إطلاق سراح البرغوثي.

ضمن قائمة الشخصيات التي حافظت على اتصال معه او دعمت اطلاق سراحه، يمكن العثور على اسماء رئيس الشاباك سابقا كرمي غيلون وكذلك عامي ايلون، النائب السابق حاييم اورون، الوزير السابق حاييم رامون، الأديب عاموس عوز، النائبان عمير بيرتس وتسيبي لفني. قبل 13 سنة وافق رئيس الحكومة الأسبق، اريئيل شارون على إطلاق سراح البرغوثي في اطار صفقة محتملة مع الولايات المتحدة، مقابل إطلاق سراح جونثان بولارد، لكن الامريكيين رفضوا الفكرة.

لا توجد انتخابات في الأفق

لا يزال من المبكر لأوانه التكهن كيف سيتطور اضراب الأسرى عن الطعام، الذي يقف البرغوثي من خلفه. ولكن كل حكومة اسرائيلية ستقرر في المستقبل اطلاق سراح البرغوثي، سيكون عليها الشرح للجمهور كيف تطلق سراح اسير مؤبد قاد خلايا الارهاب في التنظيم وكتائب شهداء الاقصى، وساعد في تمويل وتسليح الخلايا الارهابية، وصادق على تنفيذ عمليات واتهم من قبل الدولة بالضلوع في ما لا يقل عن 37 عملية ارهابية، رغم ادانته في النهاية "فقط" في خمس عمليات قتل لإسرائيليين ومحاولة قتل اخرى.

لقد كان البرغوثي احد قادة الانتفاضة الاولى وطرد الى الأردن، وعاد في اطار اتفاقيات اوسلو. وفي 1996 انتخب لعضوية المجلس التشريعي الفلسطيني، وفي 2000 تم تعيينه امينا عاما لحركة فتح في الضفة. وقد فاجأته الانتفاضة الثانية، لكنه سرعان ما اندمج فيها واصبح احد قادتها البارزين.

لقد تحول التنظيم الذي قاده البرغوثي الى الجناح العسكري لحركة فتح، ونفذ الكثير من العمليات ضد اسرائيليين. وفي 2001 نجا البرغوثي من محاولة اغتيال مركز، وخلال عملية السور الواقي، بعد سنة من ذلك، تم اعتقاله في حي الطيرة في رام الله، والتحقيق معه واتهامه بأعمال القتل التي نفذها رجاله

وحدد القضاة بأنه تم احضار ادلة قاطعة امامهم بشأن اربع عمليات تم تنفيذها بمصادقته وتشجيعه ومعرفته، وتم خلالها قتل خمسة اشخاص: العملية في محطة الوقود في غبعات زئيف، التي قتلت فيها يوئيلا حين، العملية في مطعم "سي فود ماركت" التي قتل خلالها ثلاثة اشخاص، محاولة تنفيذ العملية في كانيون المالحة في القدس، والتي انتهت بمقتل المخربين جراء انفجار السيارة التي اقلتهما في الطريق، وقتل راهب يوناني على شارع معالي ادوميم.

وحدد القضاة سارة سيروطه وعميرام بنياميني وابراهام طال، بأن البرغوثي كان قائد الخلايا الارهابية في التنظيم وكتائب شهداء الاقصى، وساعد قادة الخلايا ونشطاء الارهاب من خلال تزويدهم بالوسائل القتالية والتمويل المادي، وفي عدة حالات صادق مسبقا على تنفيذ عمليات ضد اسرائيل. كما حدد القضاة بأن المصطلح الذي استخدمه البرغوثي "نشاط عسكري" ليس الا لغة نقية للعمليات الارهابية التي نفذتها خلايا فتح، في اطار التنظيم وكتائب شهداء الاقصى.

رغم عدم تعاونه مع القضاة، الا ان البرغوثي قدم خلال مرحلة تلخيص محاكمته بيانا ادعى فيه انه يعارض قتل النساء والاولاد والابرياء. الا ان قضاته كتبوا بأنه لا مجال للشك بأن البرغوثي شارك وترأس النشاط القاتل الذي هدف الى اصابة الابرياء، بما في ذلك العمليات الانتحارية.

احتمال اجراء انتخابات للرئاسة الفلسطينية خلال الفترة القريبة ليس عاليا. اسرائيل وابو مازن الذين يتخوفون من فوز حماس لا ينوون السماح بمعركة انتخابات كهذه. حتى امكانية انتخاب الرئيس القادم من قبل سكان الضفة فقط، من دون مشاركة الغزيين والمقدسيين، ليست معقولة.

الأمر المعقول، بشكل اقل، هو ان تطلق اسرائيل سراح البرغوثي وتسمح له بالمنافسة كشخص حر على منصب الرئيس. فقط اذا جرت الانتخابات خلال السنوات القريبة وتم انتخاب البرغوثي، ستجد اسرائيل نفسها خاضعة لضغوط دولية صعبة من اجل إطلاق سراحه وفتح صفحة جديدة معه.

الاسم غير الصحيح

يكتب ناحوم برنياع، في "يديعوت احرونوت" ان لؤي بكيرات وناصر حامد، كلاهما في الرابعة والثلاثين من العمر، الاول معلم، والثاني موظف بنك، هما مبادران شابان من المترفين الفلسطينيين. حلمهما كان متواضعا، دون ادنى فرصة للانطلاق، لكنه كان منطقيا من ناحية تجارية: لقد طلبا انشاء مدرسة.

لكنهما ارتكبا خطأ قاسيا. خطأ مصيريا: لقد أطلقا على المدرسة الاسم غير الصحيح.

صور باهر، حي في جنوب القدس، يتربع على قمة الجبل، بين كيبوتس رمات راحيل وصحراء يهودا. يعيش فيه 20 الف مواطن، غالبيتهم يؤيدون حماس. في هذا الحي تعمل 14 مدرسةاربعة تابعة لبلدية القدس، خمسة للوقف، وبشكل غير مباشر للسلطة الفلسطينية، والبقية تابعة لشبكات تعليم خاص. السكان لا يشعرون بالرضى عن المستوى التعليمي. ومن يستطيع السماح لنفسه، من ناحية مادية، يرسل اولاده الى المدارس الخاصة في الجانب الثاني من المدينة. التكلفة عالية، تصل الى الف شيكل شهريا للسفريات، وحوالي 8000 شيكل سنويا للمدرسة. وعلى الرغم من ذلك الا ان 500 طالب من اولاد الحي يتعلمون في أطر كهذه.

الاستعداد لدفع هذه التكلفة الغالية تدل على الدور الرئيسي للتعليم في المجتمع الفلسطيني. التعليم هو المفتاح للمهنة الحرة، طبيب مثلا، وللاندماج المحترم في الاقتصاد الاسرائيلي. كما انه الحاجز امام التدهور نحو العمل الجنائي والارهاب.

لقد قرر لؤي وناصر افتتاح مدرسة خاصة ونوعية في بلدتهما، صور باهر، من رياض الاطفال وحتى الصف السادس. تكلفة التعليم في رياض الاطفال تكون 2000 شيكل سنويا، ورسوم التعليم في المدرسة 4000 شيكل. ويتم استكمال الدخل من الدعم الذي تقدمه وزارة التعليم للمدارس الخاصة. وقررا ان يتعلم الطلاب في مدرستهما اللغة العبرية من الصف الثاني وليس من الصف الرابع، كما في المدارس البلدية، فيما يبدأ تعليم اللغة الانجليزية من الصف الاول.

وقد اطلقا على مدرستهما اسم "النخبة"، وهو ما سيتبين بعد قليل بأنه خطأ كبير. لقد استأجرا بناية مهجورة في مركز الحي واعادا بناءها من جديد، ووصل الاستثمار الى اكثر من مليون شيكل. وتصل التزاماتهما المالية الى مليون ونصف مليون شيكل. وتم افتتاح المدرسة في 2016. ومع شعورهما بالرضا عما حققاه، قاما بتقديم طلب الى وزارة التعليم للاعتراف بمدرستهما كمؤسسة تعليمية. وكان هذا هو خطأهما الثاني. لقد وصل مفتش من الوزارة، عربي اسرائيلي، لزيارة المدرسة، وخرج بانطباع جيد. وبعد عدة اسابيع تلقيا رسالة موقعة من قبل المديرة العامة لوزارة التعليم ميخال كوهين.

في رسالتها كتبت كوهين: "قررت رفض طلبكما الحصول على ترخيص بناء على قانون مراقبة المدارس لعام 1969. حسب معلومات وصلت الى وزارة التعليم من السلطات المختصة، تنوي المدرسة تدريس مواد تتآمر على سيادة دولة اسرائيل. اهداف المدرسة تتفق مع ايديولوجية حماس".

مصطلح "السلطات المختصة" هو الاسم السري للشاباك.

يوم الاحد من هذا الأسبوع، قمت بزيارة المدرسة. شاهدت صفوف صغيرة، مزودة جيدا، تلمع بنظافتها، وتتسع لعشرين طالبا. لكل طالب طاولته الخاصة، وهذا تجديد في جهاز التعليم العربي. على لوحة كبيرة عرضت الأحرف العبرية، وعلى لوحة اخرى الاحرف الانجليزية. واللافتات التي تم تعليقها على مطلع الدرج تثني على التعليم. واقتبست احدى اللافتات آية من القرآن الكريم، "وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا". لم اعثر على رموز قوميةلا صور للحرم القدسي التي تغطي كل مؤسسة فلسطينية، ولا خارطة فلسطين الكاملة، ولا صورة ابو مازن، ولا ياسر عرفات ولا الشيخ احمد ياسين. في رياض الأطفال وجدت "زاوية الطبيب": كانت فيها ستائر قماش ابيض علق على كل منها شعار نجمة داود الحمراء.

اذا كانت هكذا تبدو مدرسة تابعة لحماس، فمن المناسب ان تكون كل مدارس القدس تابعة لحماس.

كيف وقعتم، سألت حامد، مدير المالية.

"لا اعرف. لم يتم اعتقالي أبدا، لم يتم أبدا التحقيق معي. انا مؤيد متحمس لفريق كرة السلة في تل ابيب، مشجع لفريق مكابي حيفا لكرة القدم. لم انشط أبدا في السياسة".

في 23 شباط استدعي بكيرات الى قسم الأقليات في الشرطة، في المسكوبية. "من أين المال"، سأله المحقق

"قلت له ممن حصلنا على قروض. لم يتم استدعاء أي من المقرضين للتحقيق. سلمنا أسماء المعلمين لوزارة التعليم، ولم تأمرنا بفصل أي معلم".

حسب تقديرهما فان احدى المدارس المنافسة توجهت للشاباك. هناك الكثير من الاعداء للطريق التي اختاراها. او بدلا من ذلك، كان اسم المدرسة هو الذي اوقعهما. وقال بكيرات: "خلال اول محادثة هاتفية اجريتها مع وزارة التعليم، قفزت الموظفة عندما نطقت باسم المدرسة، وسألتما هذا، مدرسة النكبة"؟

"قلت لها النُخبة، وترجمته الى العبرية، وليس النكبة". لكن التفسير فاقم الوضع: فالنخبة هو اسم وحدة الكوماندوس التابعة لحماس في غزة. ولدى الشاباك يثير هذا الاسم العواصف.

ويضيف بكيرات: "قلنا لهم ان كان الاسم يزعج فنحن على استعداد لتغييره. اذا كان المنهاج التعليمي الفلسطيني يزعجكم، فسنفتح مسارا للمنهاج الاسرائيلي. فقط امنحونا التصريح".

في نهاية شباط تم اغلاق المدرسة، وتفرق الاولاد. غالبيتهم يتعلمون في مدرسة محلية تابعة للأونروا، ذات المستوى التعليمي غير العالي، ناهيك عن مستوى التحريض. الأهالي سيطالبون الان باستعادة اموالهم، وكذلك المعلمين ومزودي الخدمات. "انا لا أنام في الليل"، يقول بكيرات.

مدير قسم التعليم في بلدية القدس تعرف على المدرسة ودعمها. وفي البلدية لم يفهموا لماذا تسارع الوزارة الى تنفيذ وجهة نظر الشاباك، من دون اجراء أي نقاش، او فحص او حتى استجواب.

لبالغ المفارقة، تتفق مفاهيم المدرسة مع رؤية وزير التعليم نفتالي بينت ورئيس البلدية نير بركات. انهما يسعيان لاحتلال القدس الشرقية مجددا، لتعزيز التعليم هناك وتقريبه من القيم في اسرائيل. عمليا، هذا هو ما تفعله هذه المدرسة. لقد تم اغلاقها في الوقت الذي تعمل فيه على مقربة منها وبدون أي عائق مدرسة يعتبر الإسلام المتزمت مسيحها والتحريض خبزها القانوني. فؤاد ابو حامد، رجل اعمال من سكان الحي، يسأل: "ما هي الرسالة التي نحولها لـ250 طالبا تم القاؤهم في الشارع في منتصف السنة الدراسية. انتم تدفعونا الى احضان حماس وداعش".

بعد توجهي الى الوزارة، امر المدير العام الجديد، شموئيل ابواب، بإجراء فحص مجدد لأمر الاغلاق. ورحب الوزير بينت بقرار الفحص.

التعليـــقات