رئيس التحرير: طلعت علوي

تراجع أداء بورصة عمّان: أسباب ونتائج وحلول

الأحد | 02/04/2017 - 11:12 صباحاً
تراجع أداء بورصة عمّان: أسباب ونتائج وحلول

زياد الدباس 

 

لأرباح المستثمرين في أسهم الشركات المدرجة في أسواق المنطقة العربية ثلاثة مصادر: الأول الأرباح النقدية التي توزعها الشركات سنوياً على مساهميها، وهذه الأرباح تعتمد عليها نسبة مهمة من المستثمرين في تغطية نفقاتهم السنوية، وعادة ما تكون الأرباح الموزعة جزءاً من الأرباح التي حققتها الشركات، فيما يجري تحويل بقية الأرباح غير الموزعة إلى احتياطات للشركات لتعزيز قيمة حقوق المساهمين وتعزيز قيمة رأس المال العامل. والمصدر الثاني لأرباح المستثمرين في أسهم الشركات المدرجة هو أسهم المنحة التي توزعها الشركات كل بضع سنوات، فيما المصدر الثالث هو الأرباح أو الخسائر الرأسمالية الناتجة عن ارتفاع سعر أسهم الشركات في السوق أو انخفاضها.


ومؤشرات الأسواق عادة ما تعكس الأرباح أو الخسائر الرأسمالية الناتجة عن ارتفاع أسعار أسهم الشركات المدرجة في هذه الأسواق أو انخفاضها. والإحصاءات الصادرة عن جهات استثمارية عالمية مختصة أشارت إلى أن العائد الاستثماري السنوي في الأسواق المالية المتقدمة بلغ 8.5 في المئة‏ على مدى 112 سنة. وبلغ العائد السنوي لمؤشر «داو جونز الصناعي» الشهير لمدة 100 سنة 9.6 في المئة‏، وتتوزع مصادر العائد بين 7.1 في المئة‏ نمواً في قيمة المؤشر، و2.4 في المئة‏ نمواً في الأرباح النقدية الموزعة على المساهمين، وبالتالي يُفترَض أن عائداً استثمارياً لا تقل نسبته عن تسعة في المئة‏ هو العائد المتوقع من الاستثمار البعيد الأجل في الأسواق المالية، مع الأخذ في الاعتبار عوامل التضخم وسعر الفائدة على الودائع والأخطار المختلفة.


وأشارت دراسات مختصة إلى أن العائد السنوي المتراكم لمدة 18 سنة في سوق الأسهم السعودية (بين 1994 و2012) بلغ في المتوسط 9.7 في المئة،‏ تضاف إليها أربعة في المئة‏ هي متوسط نسبة الأرباح الموزعة سنوياً على المساهمين. ويصبح العائد الاستثماري الإجمالي 13.7 في المئة‏ وهو عائد يتجاوز عائد الأسواق المالية العالمية، والعائد من الاستثمار في الذهب والسندات والعقارات، والفائدة على الودائع ونسب التضخم. وهنا يجب التأكيد على أهمية درس الأخطار المتوقعة من الاستثمار في أسواق المال، خصوصاً في حال كان الاستثمار بعيد الأجل.
واستناداً إلى الإحصاءات الصادرة عن سوق عمّان المالية، بلغت خسائر مؤشر السوق خلال 12 سنة (بين عامي 2005 و2016) 49 في المئة،‏ نتيجة الخسائر الفادحة التي تعرض لها الاقتصاد الأردني، في ظل التأثيرات السلبية للأزمة المالية العالمية وما تبعها من أزمات اقتصادية وسياسية والأزمات الاقتصادية التي تلت «الربيع العربي». ولا بد من الإشارة إلى أن عدد الشركات المدرجة في سوق عمّان انخفض من 277 شركة عام 2009 إلى 224 شركة نهاية العام الماضي، أي أن 53 شركة خرجت من السوق نتيجة تعثر معظمها، وهذا عكس ما يحدث في الأسواق المالية الأخرى حيث ينمو عدد الشركات المدرجة باستمرار، إما من خلال إصدارات جديدة، أو طرح أسهم شركات حديثة التأسيس، أو تحول شركات مساهمة خاصة أو عائلية إلى شركات مساهمة عامة.


وانخفضت القيمة السوقية لأسهم الشركات المدرجة في السوق الأردنية من 29.2 بليون دينار (41 بليون دولار) عام 2007 إلى 17.3 بليون دينار نهاية العام الماضي، وهذه الخسائر طاولت عدداً كبيراً من المستثمرين المنتمين إلى مختلف الشرائح. وفي المقابل تراوحت الأرباح السنوية الموزعة على المساهمين، مقسومة على القيمة السوقية لأسهم الشركات المدرجة، حول 1.6 في المئة‏ عام 2005، وارتفعت إلى 2.8 في المئة‏ عام 2009 قبل أن تبلغ عام 2016 ما نسبته 4.6 في المئة‏. ويشار إلى أن نسبة مهمة من الشركات المدرجة في السوق لا توزع أرباحاً على مساهميها إما نتيجة انحسار تدفقاتها المالية أو تعثرها المالي أو محدودية أرباحها المحققة.


أما خسائر السعر السوقي لأسهم عدد كبير من الشركات المدرجة فتجاوز خسائر مؤشر السوق، ويُلاحَظ أن عدداً كبيراً من الشركات أصبحت أسهمها تُتداول بأقل من قيمتها الاسمية أي أقل من دينار أردني. وكان لكفاءة إدارة بعض الشركات المساهمة دور إيجابي في خفض الآثار السلبية للأزمات المختلفة. ويصعب احتساب أرباح المضاربين في الأسواق المالية أو خسائرهم، أي البيع والشراء السريعَين، نتيجة عدم توافر معلومات تفصيلية ودقيقة عن تحركاتهم اليومية.


ومن الآثار السلبية لخسائر مؤشرات أداء السوق الأردنية خلال الفترة الماضية التراجع الكبير في قيمة التداولات اليومية بما يعكس إما محدودية الفرص الاستثمارية، أو ارتفاع أخطار السوق، أو ضعف الثقة في الاستثمار بأسهم الشركات المدرجة، أو ضبابية التوقعات سواء لأداء الاقتصاد أو أداء الشركات، أو توقف المصارف عن تقديم التسهيلات للمستثمرين، أو قبول الأسهم كضمانات نتيجة تصنيفها من ضمن الأصول ذات الأخطار العالية. وساهم التراجع الكبير في قيمة التداولات أيضاً في سيطرة سيولة المضاربين على حركة السوق ما أدى إلى ارتفاع أخطارها نتيجة التذبذبات الحادة في مؤشرات أدائها، وبالتالي تراجع كفاءتها وانخفاض عمقها.

التعليـــقات