رئيس التحرير: طلعت علوي

أضواء على الصحافة الاسرائيلية 24 آذار 2017

السبت | 25/03/2017 - 09:27 مساءاً
أضواء على الصحافة الاسرائيلية 24 آذار 2017


اسرائيل وامريكا لم تتوصلا الى اتفاق حول كبح البناء في المستوطنات
تكتب صحيفة "هآرتس" انه بعد اربعة أيام من المفاوضات المكثفة في البيت الأبيض، لم تنجح اسرائيل والولايات المتحدة بالتوصل الى اتفاق كامل حول كبح البناء في المستوطنات. وستتواصل المحادثات خلال الأيام القريبة في محاولة لحل الخلافات المتبقية. مع ذلك، جاء في بيان مشترك تم نشره ليلة الجمعة، ان اسرائيل مستعدة بشكل مبدئي، لكبح البناء في المستوطنات بشكل يأخذ في الاعتبار رغبة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بدفع العملية السلمية.
وجاء في البيان ان "الادارة الأمريكية اكدت مرة اخرى قلق الرئيس الامريكي ترامب بشأن البناء في المستوطنات في سياق التقدم نحو اتفاق السلام. الوفد الاسرائيلي اوضح بأن اسرائيل تنوي التقدم نحو تبني سياسة بناء في المستوطنات تأخذ في الاعتبار هذا القلق. المحادثات كانت جدية وجيدة وتتواصل".
وقد بدأت المحادثات حول كبح البناء في المستوطنات، يوم الاثنين الماضي بين الطاقم الامريكي برئاسة المبعوث الخاص جيسون غرينبلات، والوفد الاسرائيلي برئاسة رئيس طاقم الموظفين في ديوان نتنياهو يوآب هوروبيتس والسفير رون دريمر. وبعد انتهاء الجولة الأولى ليلة الجمعة، تم اصدار البيان المشترك، والذي جاء فيه بأنه الى جانب مسائل المستوطنات، ركز النقاش حول "دفع خطوات عملية على المدى القصير، لتحسين الأجواء العامة من اجل دفع فرص السلام الحقيقي والدائم بين اسرائيل والفلسطينيين".
ورغم الخلافات التي لم يتم حلها بشأن البناء في المستوطنات ومسائل اخرى، يبدو انه جرت في الجانبين محاولة قصوى لبث اجواء جيدة والامتناع عن اجواء الخلافات العلنية. وجاء في البيان الذي نشره البيت الأبيض في ختام المحادثات، ان "حقيقة قيام الحكومتين بإرسال وفود رفيعة للمحادثات لمدة اسبوع كامل تقريبا، تشير الى التعاون القريب بين البلدين والاهمية التي يوليانها لهذه المسألة".
ونوقشت خلال المحادثات الخطوات التي يمكن لإسرائيل القيام بها في الضفة الغربية وقطاع غزة، من اجل تحسين الوضع الاقتصادي للفلسطينيين. وجاء في البيان ان اسرائيل ترحب برغبة الولايات المتحدة بالقيام بدور في تحسين البنى التحتية للمياه والكهرباء لدى الفلسطينيين بشكل يفيد كافة الأطراف ويدفع الفلسطينيين نحو القدرة على ادارة هذين المجالين بشكل مستقل. كما تناولت المحادثات موضوع اعادة بناء قطاع غزة والحاجة الى ضمان "التزام كل الأطراف بتعهداتها بشأن المساعدات الانسانية والتطوير الاقتصادي لغزة بطرق تساعد السكان من دون ان تعزز تنظيم حماس الارهابي".
شاب اسرائيلي وقف وراء مئات التقارير الكاذبة حول زرع قنابل ومخططات لتنفيذ عمليات في مؤسسات يهودية في العالم وفي اسرائيل
اولت الصحف الاسرائيلية حيزا واسعا لنبأ اعتقال شاب اسرائيلي من مدينة اشكلون في في جنوب اسرائيل، بشبهة الوقوف وراء سلسلة طويلة من التقارير الكاذبة حول زرع قنابل ونوايا تنفيذ عمليات في مؤسسات يهودية في العالم واسرائيل. وكتبت الصحف ان وحدة السيبر في وحدة "لاهف 433" اعتقلت المشبوه (19 عاما) في اعقاب تسلم معلومات من مكتب التحقيقات الفيدرالي الامريكي FBI ومن اجهزة قانونية اخرى في العالم. وتم العثور في بيت المشبوه على اجهزة حاسوب، ووسائل مكنته من القيام بهذا العمل بشكل يجعل من الصعب على الشرطة كشفه. ولا تعرف الشرطة ما هي دوافع الشاب الذي تم تمديد اعتقاله، واعتقال والده لمدة سبعة ايام، حسب ما جاء في الصحف.
وتكتب "هآرتس" حول هذا الموضوع ان الشبهات تتمحور حول وقوف هذا الشاب، الذي منعت المحكمة نشر اسمه، وراء عشرات التقارير حول زرع قنابل، والتي وصلت في الاشهر الاخيرة الى مؤسسات يهودية امريكية، ومن ضمنها تحذيرات وصلت الى 16 مركزا يهوديا في تسع ولايات امريكية في مطلع شهر كانون الثاني. وهذا هو المشبوه الرئيسي في القضية التي يجري التحقيق فيها منذ عامين، ويسود الاشتباه بأنه يقف وراء مئات التقارير الكاذبة.
وخلال النقاش في المحكمة في بئر السبع، حول طلب تمديد اعتقاله، تبين بأن المشبوه اختطف سلاح شرطية دخلت الى بيته، وكما يبدو حاول الاساءة الى نفسه. وفي اعقاب الحادث طلب القاضي مراقبة المشبوه لمدة 24 ساعة في المعتقل. وقال القاضي: "ينسبون اليه اجراء محادثات تهديد مع مؤسسات مختلفة في العالم خلال سنتين او ثلاث. هناك مئات الاحداث، في دول مختلفة في العالم وفي البلاد. وقد اجرى محادثات مع مراكز تجارية ومطارات ومؤسسات يهودية في عدد كبير من الحالات والاشكال. التحقيق يجري منذ عامين والشرطة وصلت اليه في الآونة الاخيرة، وهذا هو سبب اعتقاله اليوم فقط".
وتم خلال تفتيش منزل المشبوه العثور على اجهزة حاسوب، اقراص شبكة، والكثير من الوسائل التي ساعدته على العمل. وقام بتفعيل هوائيات بهدف تمكينه من تنفيذ الاعمال بواسطة شبكات انترنت تابعة لمواطنين آخرين. وخلال التحقيق وصلت الشرطة الى عدة مواطنين تم استخدام شبكاتهم. ولا يتعاون المشبوه مع المحققين حاليا، ويرفض التوقيع على تنازل يسمح للشرطة بتفتيش اجهزته. كما تم العثور في حاسوبه على حساب "بيتاكوين" (عملة انترنت)، ويجري فحص الاشتباه بأنه تقاضى أجرة لقاء بعض اعماله.
كما تعتقد الشرطة بأن المشبوه وقف وراء الاعلان عن وجود قنبلة على متن طائرة تابعة لشركة دلتا، في نهاية كانون الثاني الماضي، ما جعل الشركة توقف رحلاتها وتعيد الطائرة الى الارض بعد ان انطلقت في الجو. وحين بدأ مكتب FBI التحقيق في التهديدات داخل الولايات المتحدة، تبين للمحققين ان اسرائيل هي مصدر التهديدات. وقام مكتب التحقيق الفدرالي بتحويل المعلومات للشرطة الاسرائيلية، فوصلت الى منزل المشبوه في الجنوب. وتشتبه الشرطة بأن المشبوه عمل في اسرائيل، ايضا، واتصل قبل عدة اسابيع بمدارس في البلاد وابلغ عن وجود قنابل. وساعدت الاحداث في اسرائيل على الربط بين المتهم واعماله في الخارج. وتبين انه حين اتصل الى مدرسة اسرائيلية استخدم تطبيقا لتغيير الصوت وتحدث بلهجة امريكية.
وقالت محاميته غاليت بيش ان المشبوه "يعاني من مشكلة طبية تصعب عليه فهم الامور وتؤثر على اعماله وقراراته". وقالت انه "يجب التحقيق معه بطرق مختلفة، فقد كانت حياته غير اعتيادية ولم يتعلم في المدارس ولم يتجند للجيش بسبب وضعه".
ويشار الى ان المشبوه يحمل المواطنتين الاسرائيلية والامريكية، ويعيش في إسرائيل منذ سنوات طويلة. وقد رفض الجيش تجنيده بسبب عدم ملاءمته للخدمة. وينسب الى المشبوه اعمال تهديد في دول اوروبا ونيوزيلاند واستراليا. وكانت شرطة نيوزيلاند قد تلقت في العام الماضي تحذيرا من وجود قنبلة في مؤسسة يهودية، وبعد فحص عنوان الانترنت IP تبين لها بأنه في اسرائيل فأبلغت الشرطة. كما اكتشفت الشرطة الاسترالية بأن التهديد جاء من اسرائيل، الا ان الشرطة الاسرائيلية لم تتمكن من الوصول الى المشبوه، حتى جاء البلاغ الأمريكي حول التقارير الكاذبة. 
تحويل شرطي للتحقيق بعد توثيق اعتدائه الوحشي على سائق فلسطيني
تكتب صحيفة "هآرتس" انه تم توثيق احد افراد شرطة الوحدات الخاصة "يسام" اثناء قيامه بالاعتداء على سائق شاحنة فلسطيني في حي وادي الجوز في القدس الشرقية. وبعد النشر عن التوثيق في الشبكة الثانية فتحت وحدة التحقيق مع افراد الشرطة (ماحش) تحقيقا مع الشرطي. وحسب ماحش، فقد ادعى الشرطي بأن السائق اصطدم بسيارته وطلب منه تفاصيله الشخصية، وعندها نطحه في رأسه ثم ركله وضربه على مختلف انحاء جسده. كما يشاهد الشرطي في الشريط وهو يضرب مواطنا آخر تواجد في المكان. وتم احتجاز الشرطي للتحقيق بشبهة الاعتداء، ومن ثم تم إطلاق سراحه وفرض الاعتقال المنزلي عليه واقصائه من منصبه.
وشجبت الشرطة الحادث، وجاء من شرطة لواء القدس ان "هذا السلوك خطير ولا يتفق مع السلوك المتوقع من شرطة اسرائيل. ومع تسلم الشريط تم اخراج الشرطي الى عطلة فورا، وسيتم استجوابه لاحقا لفحص استمرارية عمله في الشرطة. وقالت الشرطة في لواء القدس انه تم تحويل المواد كلها الى "ماحش".
وقال سائق الشاحنة، مازن الشوبكي لصحيفة "هآرتس" انه منذ الحادث لا يستطيع التصرف بشكل طبيعي. "لقد هاجمني بوحشية اشعر معها بالألم والاهانة. ربما اصبت سيارته وهذا يحدث. انا اعرف انه توجد كاميرات في المنطقة ولم اهرب الى أي مكان – كنت سأعثر عليه او يعثروا علي واعطيه التفاصيل. انا سائق ولست مجرما. لا يوجد أي مبرر لهذا السلوك. من حظي ان أحدهم صور ما حدث. امل ان تعالجه الشرطة وجهات تطبيق القانون".
وقال وزير الأمن الداخلي غلعاد اردان ان "سلوك الشرطي الذي تم تصويره وهو يهاجم بعنف مواطنا من القدس الشرقية بالغ الخطورة ويستحق كل شجب. هذا السلوك يمس بالشرطة كلها، والشرطة تصرفت بشكل صحيح حين اقصته فورا. لا مكان لسلوك كهذا وآمل ان تتخذ ماحش بحقه كل الاجراءات بسبب سلوكه المرفوض".
وقال النائب يوسف جبارين انه يجب فصل كل افراد الشرطة الضالعين في الحادث فورا. "هذا دليل آخر على وحشية الشرطة وتعاملها العنصري والبلطجي مع السكان العرب. لقد توجهت الى اردان واطالبه فورا بفصل الشرطي. قوات الشرطة تستوعب رسائل التحريض التي تبثها القيادة السياسية والتي تعتبر العرب مواطنين من الدرجة الثانية او الثالثة، ورعايا بدون حقوق".
اعتقال ثلاثة جنود نكلوا بفلسطيني اثناء اعتقاله
كتبت "هآرتس" ان النيابة العسكرية طلبت من المحكمة اعتقال ثلاثة جنود من لواء ناحل حتى انتهاء الاجراءات ضدهم، بعد تصويرهم اثناء الاعتداء على فلسطيني خلال اعتقاله في تشرين الاول. وستقرر المحكمة العسكرية في هذا الطلب يوم الاحد القريب.
وكانت المحكمة العسكرية قد مددت اعتقال الثلاثة في الأسبوع الماضي، الى ان يتم تقديم لائحة اتهام ضدهم بشبهة التنكيل في ظروف خطيرة. وتؤكد لائحة الاتهام ان الفلسطيني قاوم اعتقاله، لكن الجنود قاموا بعد توقفه عن المقاومة بركله داخل السيارة، وشتمه والصراخ عليه وهو مقيد ومعصوب العينين. وفي النهاية طلب منهم قائدهم التوقف، وامسك بكتف احدهم كي يتوقف عن ضرب المعتقل. وادعى محامو الجنود ان الفلسطيني هو الذي مارس العنف ضد الجنود.
وكان الجيش قد ادعى في البداية بأن الفلسطيني حاول مهاجمة الجنود وضرب قائدهم على عينه. لكن الشرطة العسكرية تسلمت خلال الاشهر التي مضت منذ الحادث معلومات جديدة ادت الى اعتقال الثلاثة. وجاءت المعلومات من جندي اخر خدم مع الثلاثة، والذي قاد الى اتهامهم بالاعتداء على الفلسطيني من دون سبب. لكن المحامين يدعون بأن الجندي تراجع عن اقواله الخاطئة، على حد تعبيرهم.
والد الشهيد محمد الكسبة يطالب بمحاكمة قاتل ابنه العقيد يسرائيل شومر
تتناول "هآرتس" تفاصيل الاستئناف الذي قدمه المواطن الفلسطيني علي الكسبة، والد الشاب الشهيد محمد الكسبة (17 عاما) ضد قرار اغلاق الملف بحق قاتل ابنه، قائد لواء بنيامين سابقا، العقيد يسرائيل شومر.
وكان المدعي العسكري الرئيسي، العميد شارون اوفك قد قرر في نيسان الماضي اغلاق الملف بادعاء انه لم يصل الى المستوى الجنائي المطلوب (!). وتم تقديم الاستئناف من قبل المحامية روني بلي من جمعية حقوق المواطن، الى المستشار القانوني للحكومة ابيحاي مندلبليت. وتصف المحامية في الاستئناف كيف وصلت مواد جزئية من التحقيق الى الجمعية، وبعد حوالي نصف سنة من توجهها الى الشرطة العسكرية، الأمر الذي صعب تقديم الطلب.
وقد وقع الحادث في تموز 2015، حين كان شومر وعدة جنود يسافرون قرب بلدة الرام، فقام الشاب الفلسطيني محمد الكسبة (17 عاما) برشق حجر كبير على سيارة الجيب التي سافروا فيها، وخرج شومر والجنود من السيارة ولاحقوا الشاب. وحسب التوثيق الذي التقطته كاميرات الحراسة فقد اطلق شومر النار على الشاب بعد ان بدأ بالهرب من المكان. وتبين ايضا ان شومر والجنود لم يقدموا المساعدة الطبية للشاب. وتبين خلال التحقيق انه تم اطلاق النار اثناء التحرك، ولذلك لم تكن دقيقة. وحسب التحقيق فقد نفذ شومر اجراء "اعتقال مشبوه" واطلق النار في الهواء ثم على ساقي الشاب ما سبب موته. وحدد المدعي العسكري الرئيسي شارون اوفك ان اطلاق النار كان مبررا لكن شومر ارتكب خطأ مهنيا. وبذلك تبنى ادعاء شومر بأنه ارتكب خطأ مهنيا وليس مخالفة جنائية.
وكتب في الاستئناف ان شومر ادلى بروايتين متناقضتين للحادث، وفي كلاهما يعترف بأنه اطلق النار على الكسبة دون ان يهدد الاخير حياته، او اهمل في سلوكه. فقد ادعى في البداية انه اطلق النار لأن الكسبة وقف مواجها له وهو يحمل شيئا بيده، وقدر بأنه اصابه في القسم العلوي من جسمه، ربما لأنه انحنى. وخلال التحقيق الثاني معه ادعى انه لم يشاهد الفتى الفلسطيني عبر المنظار وانما اطلق النار بشكل غير دقيق.
لكن (د)، رجل الاتصال المرافق لشومر، ادلى بأقوال اخرى. فقد ادعى انه لم يشاهد الكسبة يحمل شيئا في يده، ولم يشاهده ينحني حين كان يركض. وقال خلال التحقيق: "بعد ان خرجت من السيارة، وصلت من خلفها، ووقفت بين المناظير، وسمعت دوي النيران التي اطلقها قائد اللواء.. وقد وصل قائد اللواء الى جانب الفلسطيني الذي اطلق عليه النار، وتأكد من موته، ثم عاد الينا وأمرنا بالتحرك". وقال: "حين وقفت بين المناظير، صرخت توقف، ولم اتمكن من العمل وفقا للنظم لأن قائد اللواء سبقني، اطلق ثلاث عيارات فسقط الفتى". وحين سئل (د)، عما اذا كان الفلسطيني قد هدد حياتهم بعد رشق الحجر، قال: "بعد قيامه برشق الحجر وخروجنا من السيارة لم يشكل ذلك الفلسطيني أي تهديد بشكل شخصي، حسب رأيي، لم يشكل هو شخصيا أي تهديد.. اما البيئة التي كانت تعج بحوالي 300 فلسطيني فقد هددت حياتنا". وقال بأنه لم يسمع قائد اللواء يصرخ بنظام اعتقال مشبوه، ولربما لم يسمع بسبب الضجيج في المكان.
كما تم خلال التحقيق سماع افادة رئيس قسم اطلاق النار في الجيش، الذي يعتبر الصلاحية المهنية في مسألة تقنية اطلاق النار في الجيش. وسئل عما اذا كان اطلاق النار خلال التحرك، ومن دون منظار، كما فعل قائد اللواء، هو امر صائب، فقال: "لا يمكنني القول نعم. لا يمكنك توقع الاصابة بدون منظار، وبالتأكيد خلال التحرك.. افترض ان هذا اهمال.. هذا اهمال لأن المقصود سلاح، سلاح قاتل. اطلاق النار بهذا الشكل لا يمكن توقعه".
وتطلب المحامية بلي من المستشار القانوني للحكومة الأمر بمحاكمة شومر، وتدعي انه يجب اتهامه بالقتل او على الاقل التسبب بالموت نتيجة الاهمال. وكتبت في استئنافها: "قائد اللواء يدعي ان سلوكه هو "خطأ مهني". هذا "الخطأ" كلف محمد الكسبة حياته. لقد اعترف العقيد شومر خلال التحقيق بأنه خرق اوامر فتح النيران حين اطلق النار على ظهر قاصر هارب، وكان يركض خلفه من دون منظار، ودون ان يهدد المرحوم حياته. بل انه لم يكلف نفسه بعد اطلاق النار استدعاء مساعدة طبية لابن 17 عاما كان مصابا وينزف. الفجوة بين افادة قائد اللواء وافادات الجنود الذين سافروا معه، وحقيقة انه لم يسمع أي جندي من الجنود الثلاثة الذين تواجدوا معه بأنه نفذ اجراء اعتقال مطلوب، تلقي بظلال ثقيلة على مصداقية رواياته المتغيرة".
شريط مصور يوثق: جنود الاحتلال احتجزوا طفلا في الخليل وجروه ليدلهم على "راشقي الحجارة"
تكتب "هآرتس" ان متطوعين في مركز "بتسيلم" وثقوا بكاميراتهم مجموعة من الجنود وهم يمسكون بطفل فلسطيني في الثامنة من عمره، ويجرونه من بيت الى بيت. وحسب ما قالته والدة الطفل فقد اجبروه على الاشارة الى راشقي الحجارة، بينما يدعي الجيش ان الطفل كان مشبوها برشق زجاجة حارقة وتم اخذه الى بيت اسرته لأنه قاصر!
وقد وقع الحادث يوم الأحد الماضي، وينتمي الجنود الذين يظهرون في الشريط الى لواء جولاني الذي وصل الى منطقة الخليل خلال الأيام الأخيرة. ويتبين من الشريط انه تواجد هناك ما لا يقل عن 12 جنديا، بينهم ثلاثة ضباط. وفي احد مقاطع الشريط يظهر احد الضباط، برتبة رائد، وهو ينادي رجل فلسطيني لكي يساعد على ترجمة ما يقوله للطفل الفلسطيني.
ويظهر الطفل في الشريط اثناء اقتياده من قبل مجموعة من الجنود، فيما امسك اثنان منهم بيديه. وفي مرحلة معينة يقف الطفل على سطح احد البيوت فيما كان يقوده جندي، لكي يمشط عدة مناطق من على سطح البيت. وفي مقطع يبدو انه تم تصويره من قبل شخص آخر، يشاهد جندي وهو يمسك بقميص الطفل، فيما يمسك الضابط بيده ويقودانه الى خارج البيت، وعندها اقتربت منهم مجموعة من النساء الفلسطينيات اللواتي امسكن بالطفل واخذنه من أيدي الجنود، وصرخن عليهم.
وفي البيان الذي اصدره مركز "بتسيلم" يقتبس عن ام الطفل قولها انها توجهت الى احد الجنود وطلبت تسليمها ابنها لكنه رفض، وقالت: "قال لي: اذا شئت اخذه، يجب عليك اقناعه بتسليمنا أسماء الاولاد الذين يرشقون الحجارة. حاولت الشرح للجندي بأننا لا نقيم في الحي، واننا جئنا لزيارة اسرتي، وان الولد لا يعرف اسماء الأولاد في الحي، لكن الجندي تجاهل اقوالي وقام الجنود بجر الولد، مرة باتجاه كريات اربع، ومرة باتجاه شارع جبل جوهر". وقالت الام ان ابنها كان طوال الوقت يسير بدون حذاء.
وعلم ان الجيش الذي لم يعرف عن الحادث حتى نشر الشريط، يقوم بفحص سلوك الجنود. وادعى الجنود انهم لم يطلبوا من الطفل الاشارة الى راشقي الحجارة. ولكن حتى اذا اشتبه الجنود فعلا بأن ابن الثامنة فعل شيئا، رغم ان ذلك لا يظهر من سلوكهم، الا انه يبقى تحت جيل 12 عاما، ولا تسري عليه المسؤولية الجنائية، ولذلك لا يمكن معاقبته.
وقال الناطق العسكري ان الفحص الاولي يبين بأن الجنود المرابطين في نقطة رصد شاهدوا يوم الاحد الاخير، القاء زجاجة حارقة باتجاه مستوطنة كريات اربع، والقت القوة التي وصلت الى المكان القبض على مشبوه واقتادته الى بيت عائلته لأنه قاصر. وتجدر الاشارة الى انه يتبين من الفحص الاولي ان القوة لم تطلب من الطفل توجيهها الى المشبوهين الآخرين".
استشهاد شاب فلسطيني واصابة ثلاثة بجراح بالغة قرب رام الله
تكتب "هآرتس" ان جنود الجيش الاسرائيلي قتلوا شابا فلسطينيا (17 عاما) واصابوا ثلاثة بجراح بالغة، مساء الخميس، خلال مواجهة وقعت في الضفة الغربية، حسب ما جاء من وزارة الصحة الفلسطينية. وجاء من الجيش ان الفلسطينيين وصلوا بسيارة الى منطقة مستوطنة بيت ايل وخرجوا منها والقوا زجاجات حارقة باتجاه المستوطنة. وحسب الجيش فقد فتحت قوة من الجيش النار عليهم وتم التبليغ عن اصابة احدهم، وان الشبان هربوا من المكان.
وقالت وزارة الصحة ان القتيل هو محمود محمود خطاب، وان الجرحى اصيبوا بجراح بالغة في صدورهم ورؤوسهم.
المصادقة على تعيين ديفيد فريدمان سفيرا للولايات المتحدة في اسرائيل
تكتب "يسرائيل هيوم" ان الكونغرس الامريكي صادق، مساء الخمس، على تعيين ديفيد فريدمان سفيرا للولايات المتحدة في اسرائيل، وذلك بغالبية 52 عضوا مقابل 46 معارضا. وصوت عضوان فقط من الحزب الديموقراطي الى جانب التعيين، وهما روبرت منناديز وجو مانتشين.
ورحب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بالقرار، وكتب على حسابه في تويتر: "نرحب بتعيين فريدمان سفيرا في اسرائيل، سيتم استقباله بدفء وبتقدير كبير كممثل للرئيس ترامب وكصديق واضح لإسرائيل". كما كتب سفير اسرائيل لدى الولايات المتحدة، رون دريمر على حسابه في تويتر انه يتوقع العمل مع السفير لجعل الشراكة الاسرائيلية – الامريكية اقوى من السابق".
ورحب نائب وزير الامن ايلي بن دهان (البيت اليهودي) بتعيين فريدمان وقال ان "فريدمان هو صديق كبير لإسرائيل عامة وللاستيطان اليهودي في الضفة بشكل خاص. انا متأكد من انه خلال دورته ستتعزز العلاقات بين اسرائيل والولايات المتحدة وسيحصل الاستيطان اليهودي في يهودا والسامرة على المكانة المناسبة، كجزء لا يتجزأ من دولة اسرائيل".
مصدر ليكودي: "نتنياهو تراجع عن فكرة تبكير موعد الانتخابات"
تكتب "يديعوت احرونوت" ان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، عاد قبل فجر الخميس، من زيارته الرسمية في الصين، مباشرة الى الأزمة السياسية المتعلقة باتحاد البث العام. وكانوا يتوقعون في الجهاز السياسي بأن نتنياهو سيلتقي على الفور مع وزير المالية، موشيه كحلون، في محاولة للتوصل الى تسوية، لكنه تم تأجيل الاتصالات بعد ان اعلن نتنياهو بأنه مريض.
لكنه على الرغم من مرضه، علم بأن نتنياهو اجرى، مساء الخميس، مشاورات مع المقربين منه في موضوع مستقبل اتحاد البث، وذلك بعد ان سبق واعلن بأنه يصر على اغلاق الاتحاد. وقال مسؤولون كبار في الليكود ان الاحزاب الدينية حذرت نتنياهو من ان يتجرأ على تفكيك الائتلاف والتوجه للانتخابات. وقالت هذه المصادر ان "المتدينين غاضبين على سلوك نتنياهو ولا يفهمون على ماذا يريد تبكير موعد الانتخابات. وقد فهم نتنياهو بأن تهديد المتدينين جددي، ولذلك تراجع عن نيته تبكير موعد الانتخابات".
"شاس" تتحالف مع يحيموفيتش في انتخابات نقابة العمال
تكتب "يديعوت احرونوت" ان كتلة "البيت الاجتماعي" برئاسة شيلي يحيموفيتش، وكتلة "شاس" في نقابة العمال العامة، وقعتا على خوض انتخابات النقابة في قائمة مشتركة، بعد حوالي شهرين. وستكون هذه هي المرة الاولى التي يخوض فيها حزب متدين الانتخابات برئاسة امرأة.
وقالت يحيموفيتش، يوم الخميس: "يوجد بيننا وبين شاس اتفاق واسع في كل ما يتعلق بالقضايا الاجتماعية، بل عقد كامل من التشريع الاجتماعي المشترك وصراعات مشتركة من اجل الضعيف والفقير".
الى ذلك اعلن الجنرال (احتياط) عميرام ليفين، الخميس، بأنه ينوي خوض انتخابات نقابة العمال على رأس كتلة "المعسكر الصهيوني".
مقالات وتقارير
عندما يهدد الوزير
تكتب صحيفة "هآرتس" في افتتاحيتها الرئيسية، ان هناك خط مباشر يمتد بين الشريط الذي نشر امس (الخميس) والذي يظهر فيه شرطي من وحدة "يسام" وهو يضرب بوحشية سائقين فلسطينيين في القدس الشرقية، ويهددهم بلهجة قذرة، وبين تهجم الوزير المسؤول عن الشرطة، غلعاد أردان، على صحيفة "هآرتس". لقد سارع اردان، امس، الى شجب سلوك الشرطي، كما يتطلب الأمر منه، لكنه يعرف، ايضا، ان المقصود ليس سلوكا استثنائيا – فهو ابعد ما يكون كذلك – وان الشرطة التي تخضع لمسؤوليته تحولت منذ زمن الى شرطة عنيفة وغير مكبوحة، خاصة ضد الفئات الضعيفة، كالعرب والأثيوبيين.
تهديدات الوزير لصحيفة "هآرتس" التي نشرها، امس، على صفحته في الفيسبوك، قبل فترة وجيزة من شجبه للشرطي – البلطجي، كانت انقى طبعا من تهديدات الشرطي، ولكن عفن البلطجية ذاته ينبعث منها. لقد غضب اردان على الانتقاد الذي تم توجيهه اليه في الافتتاحية التي نشرناها يوم الاربعاء (شرطة اردان للأفكار)، وكتب: "صحيفة هآرتس منقطعة عن الواقع في البلاد.. هذا طبعا لن يردعني، حتى اذا واصلوا كتابة الاكاذيب حول طريقة عملي. سأواصل العمل كي يدفع اولئك الذين يريدون القضاء على دولة اسرائيل كدولة يهودية، ثمن اعمالهم. ومن يلوي انفه، انتم تعرفون ما الذي سيحدث له..."
ربما يمكن الصفح عن الوزير بسبب اسلوبه المتلعثم، ولكن لا يمكن ابدا الصفح عن جوهر اقواله. الوزير الذي ينعت "هآرتس" بأنها "اخبار مختلقة"، بالهام من معلمه الروحي دونالد ترامب، يظهر بأنه ليس اكثر من وزير مختلق. انه يتهم "هآرتس" بالأكاذيب، دون ان يأتي بأي مثال او حتى ذرة دليل. لكن جوهر الخطورة يكمن في لهجة التهديد التي انتهجها ضد "هآرتس" ومن لا يوافق على طريقه. عبارة "من يلوي انفه، انتم تعرفون ما الذي سيحدث له..." هي لغة المافيا، لغة المجرمين في العالم السفلي. حتى اذا لم يكن واضحا ما الذي يريده، فان هذا التهديد الذي صدر عن الوزير المسؤول عن تطبيق القانون والموجه ضد صحيفة وضد كل من ينتقدونه، يشكل ارتقاء في الأسلوب الصفيق لمكارثي الاسرائيلي نحو القمة، او نقول نحو الهاوية.
الوزير الذي يهدد هكذا الصحيفة والمنتقدين له لا يمكنه ان يشغل منصبه في دولة ديموقراطية. ليس مفاجئا انه شطب المركب الديموقراطي وعرف اسرائيل كدولة يهودية فقط.
ترامب يضغط اليمين الذي وجد من يتهمه
يكتب براك ربيد وامير تيفون، في "هآرتس" ان مصطلحات "قائدة الحرب ضد اسرائيل"، "مناصرة للفلسطينيين" و"معكرة الأجواء" و"يسارية متطرفة"، هي مجرد جزء من الاتهامات التي ظهرت هذا الاسبوع على المنتديات ومواقع الاخبار المتماثلة مع اليمين المحافظ ولوبي المستوطنين في اسرائيل والولايات المتحدة. والمستهدفة بهذه الهجمات التي جرت في ذروة المفاوضات بين البيت الابيض وديوان رئيس الحكومة نتنياهو حول كبح البناء في المستوطنات، هي الدبلوماسية الامريكية المجهولة نسبيا، ياعيل لامبارت.
لقد بدأت ياعيل لامبارت (43 عاما) مسيرتها الدبلوماسية قبل 20 سنة، وخدمت منذ ذلك الوقت في سفارات الولايات المتحدة في بغداد والقاهرة، وفي القنصلية الامريكية في القدس. وخلال العامين الأخيرين من ولاية اوباما كرئيس للولايات المتحدة، وحتى اداء ترامب لليمين الدستوري، كانت مسؤولة عن ملف اسرائيل في مجلس الامن القومي في البيت الأبيض. والى جانب انشغالها في الموضوع الاسرائيلي –الفلسطيني، قادت المفاوضات بين حكومة نتنياهو وادارة اوباما حول اتفاق المساعدات الأمنية، وهو اكبر اتفاق وقعت عليه الولايات المتحدة مع دولة اخرى، طوال تاريخها.
بعد تسلم ترامب للرئاسة بدأت لامبارت بحزم اغراضها تمهيدا لعودتها الى مكان عملها السابق، وزارة الخارجية في واشنطن، ولكنه عندها توجه اليها احد مستشاري ترامب وطلب منها البقاء في منصبها لأسبوع او اسبوعين، من اجل مساعدة الطاقم الجديد. ومرت الأيام، ومرت الأسابيع واكتشفت لامبارت انه في الوقت الذي غادر فيه غالبية زملائها او اجبروا على المغادرة، فقد اجتازت هي استبدال الرجال في البيت الأبيض.
في ديوان رئيس الحكومة في القدس، ايضا، انتبهوا الى ذلك. وفوجئ بعض مستشاري نتنياهو الذين شاركوا في المحادثات التي جرت في واشنطن تمهيدا لزيارة رئيس الحكومة الى البيت الأبيض، بمشاركة لامبارت في بعض الجلسات. وخلال الزيارة، في منتصف شباط، حصلت لامبارت على مقعد بجانب الطاولة خلال اللقاء بين نتنياهو ونائب الرئيس مايك بينس. وبدأ التشكك في ديوان نتنياهو ازاء كل من عمل في محيط اوباما، بالعمل لساعات اضافية.
قبل ثلاثة أسابيع، طلب مسؤولون كبار في الادارة من لامبارت البقاء في منصبها والمساعدة في دفع احد الاهداف الرئيسية في سياسة الرئيس الخارجية – تحقيق "الصفقة النهائية" بين اسرائيل والفلسطينيين. وردت لامبارت بالإيجاب، وبعد عدة أيام وجدت نفسها على متن الطائرة مع جيسون غرينبلات، في الطريق نحو محاولة امريكية اخرى للتوصل الى اتفاق سلام تاريخي في الشرق الأوسط.
وقال مسؤول رفيع في ادارة ترامب ان "لامبارت هي دبلوماسية مجربة وموهوبة. لقد طلبت منها ادارة اوباما العمل في البيت الأبيض بسبب مهنيتها، وادارة ترامب طلبت منها البقاء في البيت الأبيض بسبب مهنيتها. رجال ترامب طلبوا من الكثيرين من رجال اوباما مغادرة البيت الأبيض، بينما طلبوا منها البقاء. هذا يفسر التقدير لمعرفتها وتجربتها".
لامبارت لم تشارك في كل اللقاءات التي اجراها غرينبلات في اسرائيل، وغالبية المحادثات التي اجراها مع نتنياهو كانت ثنائية، لكنه كان للامبارت دور مركزي في اختيار الأشخاص الذين التقاهم غرينبلات في القدس ورام الله، وفي صياغة المواقف التي عرضها، للجانبين الاسرائيلي والفلسطيني. وقال وزير رفيع في المجلس الوزاري السياسي – الامني، لصحيفة "هآرتس"، ان وجود لامبارت خلال زيارة غرينبلات الى اسرائيل وتدخلها في الاتصالات لكبح البناء في المستوطنات، يعتبر شوكة في اعين نتنياهو ومستشاريه. وقال: "ساد لدي الشعور بأن ديوان رئيس الحكومة كان يرغب بإبعادها".
سواء كان الأمر صدفة ام لا، فقد نشرت خلال زيارة المبعوث الأمريكي وبعدها مقالات ضد لامبارت في المواقع المتماثلة مع اليمين في اسرائيل والولايات المتحدة. في بداية الأسبوع اقتبس اريئيل كهانا في موقع nrg التابع لأسبوعية "مكور ريشون" - "مصدر اول"، مصادر اسرائيلية رسمية، ادعت ان لامبارت "تعكر الأجواء"، وتؤثر سلبا على غرينبلات. وادعى التقرير ان لامبارت حاولت منع اللقاء بين غرينبلات ورؤساء المستوطنات، وان اللقاء تم في نهاية الأمر فقط بفضل الضغط المضاد من قبل ديوان نتنياهو.
وقبل ذلك بعدة أيام، اقتبس الكاتب المحافظ لي سميث، في المجلة اليهودية الالكترونية Tablet، مسؤولا سابقا في ادارة كلينتون، هاجم لامبارت وادعى انها احدى اشد المنتقدين لإسرائيل، وانها متماثلة مع الجناح اليساري المتطرف لخبراء السياسة الخارجية في المؤسسة الامريكية، وتحاول تقويض التحالف بين اسرائيل والولايات المتحدة. وفي اليوم نفسه نشر انتقاد مماثل من قبل المحلل اليميني دانئيل هوروبيتس في موقع "Conservative Review". وكتب ان "لامبارت كانت الشخصية الرئيسية التي ادارت حرب اوباما ضد اسرائيل. وقرار ترامب تركها في منصبها يعتبر اهانة". وفي مقالة اخرى نشرت بعد عدة ايام في الموقع اليميني FrontPageMag، تم التساؤل عما اذا كان تأثير لامبارت سيؤدي الى استمرار العلاقات المتوترة التي سادت خلال فترة اوباما بين البيت الأبيض والحكومة الاسرائيلية، ستتواصل خلال فترة ترامب.
يطلقون النار على المبعوثة
يدعي دبلوماسي امريكي رفيع سابقا، والذي خدم في ادارات جمهورية وديموقراطية،  ان من لا يحبون توجه ادارة ترامب بشأن اسرائيل، يوجهون اسهمهم الى لامبارت، بدون أي حق. واوضح: "بدلا من اتهام ترامب، كوشنر او غرينبلات، وتوجيه الاصبع الى المسؤولين الكبار الذين يتخذون القرارات الحقيقية بشأن نقل السفارة الى القدس والمستوطنات او حل الدولتين، يسهل اكثر عليهم اتهام لامبارت وربطها بأوباما. هذا ليس عادلا. ياعيل معروفة كمهنية وكصاحبة توجه ايجابي، وهي موضوعية وليست حزبية. وكما يبدو هذا هو سبب طلب ادارة ترامب منها البقاء".
كما خرج نائب مستشار الامن القومي في عهد الرئيس جورج بوش الابن، اليوت ابرامز، للدفاع عن لامبارت، وقال: "من الخطأ مهاجمة دبلوماسية مهنية ومسؤولة حكومية، فقط لأنها تنفذ سياسة الرئيس. ياعيل مهنية تتمتع بمعرفة كبيرة في شؤون الشرق الاوسط، وهي ستقدم افضل النصائح للتعيينات السياسية لهذه الادارة، كما فعلت خلال فترة اوباما. ليسوا ملزمين بتقبل نصائحها، ولكن لكي تكون سياستهم ناجعة، فانهم يحتاجون الى ما تملكه من معرفة. طاقم ترامب تصرف بشكل صحيح عندما طلب منها البقاء".
سلسلة الهجمات الكثيرة على لامبارت ولدت لدى الكثيرين في واشنطن واسرائيل الانطباع بوجود حملة مخططة ضدها، بل اثارت الشبهات بوقوف رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وسفير اسرائيل لدى واشنطن رون دريمر، وراء الارشادات ضدها. في ديوان نتنياهو نفوا ان يكون لهم أي دور في العمل ضد الدبلوماسية الامريكية، وجاء من الديوان: "ليس لدينا أي تحفظ بشأن العمل مع لامبارت او مع أي جهة امريكية رسمية اخرى. السياسة يحددها الرئيس ترامب، ونحن نؤمن ان هذه السياسة ستمكننا من الوصول الى تفاهمات والطموح لتحقيق السلام. لقد عمل رجال الديوان والسفارة في واشنطن مع ياعيل لامبارت عن قرب بهدف استكمال اتفاق المساعدات الأمنية. لقد عملت وتواصل العمل بكل جهد من اجل دفع الشراكة بين البلدين". كما نفت السفارة الاسرائيلية في واشنطن الأمر وادعت انه تسود بين دريمر ولامبارت علاقات عمل جيدة.
رغم الهجمات عليها الا ان لامبارت لا تنوي الذهاب الى أي مكان. هذا الاسبوع شاركت في المحادثات التي جرت في واشنطن بين مستشاري نتنياهو وغرينبلات حول التفاهمات بشأن كبح البناء في المستوطنات، ومن المتوقع ان ترجع الى المنطقة قريبا في جولة محادثات اخرى في القدس ورام الله. وقال مسؤول امريكي ان هناك علاقات ثقة بين غرينبلات ولامبارت وانه يستعين بها كثيرا. وقال غرينبلات لصحيفة "هآرتس": "منذ تسلمت منصبي حظيت بدعم من رجال مجلس الامن القومي، بما في ذلك ياعيل لامبارت ورجال وزارة الخارجية والسفارات الامريكية في الشرق الاوسط الذين يعملون بتحمس من اجل دفع جدول اعمال الرئيس. ادين بالشك لكل هذه الجهات التي تواصل مساعدتي في منصبي".
رجال اقتصاد اسرائيليين وفلسطينيين يعرضون خارطة طرق لإنقاذ غزة
تكتب عميرة هس، في "هآرتس" انه  في قطاع غزة، الممتد على 365 كيلو متر مربع، يحتشد نحو  مليوني فلسطيني. وفي غور الاردن، على مساحة تبلغ حوالي 1.600 كيلو متر مربع يعيش نحو 65 الف فلسطيني (ونحو 10 الاف مستوطن اسرائيلي). نظريا، تسمح اتفاقات اوسلو للكثير من سكان القطاع بالانتقال الى الغور: للعمل في الزراعة حتى بشكل موسمي، في البناء وتطوير البنى التحتية، في السياحة والصناعة.
لكن هاتين المنطقتين الفلسطينيتين، “تساهمان” في الواقع، وعلى نحو خاص في تدهور الاقتصاد الفلسطيني بأسره. في هاتين المنطقتين يكمن السبب الاساس للتدهور في القيود التعسفية التي تفرضها اسرائيل على الحركة، القدرة على الوصول الى الموارد، الامكانيات التجارية، البناء، الفلاحة الزراعية والتنمية.
لا جديد في هذا التحديد، ومع ذلك فان مجموعة تضم 11 رجل اقتصاد فلسطينيين واسرائيليين أصدروا هذا الاسبوع ورقتي مواقف يستندون اليهما في رسم خطة لتوسيع النشاط الاقتصادي الفلسطيني في الغور وانقاذ اقتصاد قطاع غزة (قبل ان نصل الى العام 2020، الذي سيكون سيصبح فيه الجيب المعزول غير مناسب لسكن الانسان، كما حذرت الامم المتحدة قبل نحو خمس سنوات).
من باب الكياسة، وربما لأنه تمت كتابة هاتين الورقتين وفق تعاقد مع البنك الدولي، فإنها تتعامل بجدية وبثقة مع تصريحات السياسيين الاسرائيليين بشأن رغبتهم في تحسين الاقتصاد الفلسطيني. لكن في الواقع، فان محرري ورقتي المواقف اللتين تم عرضهما يوم الاربعاء من هذا الاسبوع في معهد ترومان – صائب بامية وآرييه أرنون – يعرفان بان الوضع القائم ليس مجرد نتيجة أخطاء انسانية متراكمة. ولكن عريف النقاش، السفير الاسرائيلي السابق في جنوب افريقيا، ايلان باروخ، هو الذي أسمى الولد باسمه حيث قال: “هذه سياسة اسرائيلية متعمدة لخلق النقص. يجب على الاسرة الدولية أن تكون شريكة، وليس كمتبرعة وانما كممارسة للضغط".
قبل يوم من ذلك، خلال التدشين الاول لورقتي المواقف في مكاتب البنك الدولي، في ضاحية البريد، في ظل السور، قال بعض المتحدثين لمندوبي المجتمع الدبلوماسي في القدس:  لقد تم التبرع بمبالغ طائلة لتحقيق التغيير، وليس من أجل تخليد الوضع الراهن. وها هو يتبين الان، بانه تم استغلال أموال دافعي الضرائب في دولكم لصيانة الوضع الراهن والتدهور. هذا يجب أن يتغير.
بالنسبة لمن اعتادوا تقبل حصار غزة كمعطى ثابت، والافتراض بان غور الاردن يعود لإسرائيل، ستبدو خطوات اعادة الاعمار والانقاذ الأساسية التي يقترحها الاقتصاديون، بمثابة هذيان: السماح بحركة منتظمة للأفراد وقوافل الشاحنات بحيث تسافر مباشرة من القطاع الى الضفة؟ اعادة فتح المطار في غزة؟ توفير الماء والكهرباء؟ تقليص قائمة المواد ذات الاستخدام المزدوج؟ اعادة اعمار مرسى الصيادين وبناء ميناء؟ السماح للفلسطينيين بفلاحة 40 الف دونم آخر في الغور، بناء وتطوير السياحة فيه؟ هذا يبدو وكأنه قلب الامور رأسا على عقب. ولكن على حد قول ارنون، فان التوصيات في اوراق المواقف بالذات قريبة جدا من نهج رجال الجيش والامن الاسرائيليين المسؤولين اليوم، والذين يفهمون المخاطر الامنية الكامنة في التدهور الاقتصادي. ولذلك، فان اقتراحها ليس مسألة هذيان، كمحاولة اخرى لإيجاد المسؤولين الراشدين في اسرائيل الذين يمنعون تجسد نبوءات الكارثة.
مجموعة اكس، على اسم الجامعة التي تأسست المجموعة برعايتها في 2002 (بول سيزان اكس مارسيه) اقيمت كفريق تفكير خطط لسيناريوهات اقتصادية واجتماعية للمرحلة الدائمة (حل الدولتين). بعكس اتفاقات اوسلو – التي رسمت بتفصيل زائد مراحل تدرجية نحو تطبيق الرؤيا، التي لم يتم تحديدها على الاطلاق. وعليه، فانه بالنسبة لمجموعة اكس، تعتبر ورقتي العمل بمثابة “تدريب جديد”، يقترح خطوات ملموسة للإنقاذ والاعمار، على المدى الفوري والمدى المتوسط، من دون علاقة بوضع المفاوضات على التسوية الدائمة، ومن خلال الوعي بأن استئنافها قريبا، يعتبر احتمالا منخفضا.
كل ورقة موقف تجسد الوضع بالمعطيات والاتجاهات. فمثلا: خلال العشرين سنة الماضية، منذ اقامة السلطة الفلسطينية (1994) كان الناتج المحلي الخام للفرد الواحد في القطاع نحو 1.200 دولار بالمتوسط السنوي (حسب اسعار 2004). ووصلت ذروته في عامي 1998 – 1999، حيث بلغ 1.450 دولار. ووصل الى أدنى مستوى له في عامي 2007 – 2008، حين هبط الى 900 دولار. وللمقارنة، في الاردن بلغ الناتج المحلي الخام للفرد 4.200 دولار، وفي اسرائيل (بأسعار 2004 أيضا)، كان 20 الف دولار.
بل ان احتساب الناتج المحلي الخام لكل عامل يجسد التدهور بشكل أكبر: من 24 الف دولار في العام 2005 الى نحو 10 الاف دولار اليوم. هذا هو السبيل، ايضا، لحساب انتاجية العمل في الاقتصاد. ويشدد الكاتبان مرة اخرى الأمر المفهوم ضمنا، حيث يقولان ان “هذا الانخفاض الدراماتيكي توقف اساسا بسبب اغلاق غزة”، ويذكران ببحث اجراه بنك اسرائيل ووجد أنه بين 2006 و 2009 انخفضت العمالة في القطاع الانتاجي بمعدل 33%، بينما طرأ ارتفاع في قطاع الخدمات بمعدل 24%  في عدد العاملين. وهناك معطيات اخرى ذات صلة: في 2015 بلغت البطالة بين الشباب في غزة 57.6 %، بينما بلغت نسبة البطالة بين عموم السكان في القطاع 41%.
وهناك طريقة أخرى لاظهار الهبوط بواسطة القيمة الاجمالية للاستيراد للفرد. في 1997، بلغ 800 دولار للفرد في القطاع وألف دولار في الضفة. في 2015 كان 400 في القطاع مقابل 1.400 دولار في الضفة. وماذا عن التصدير للفرد؟ لقد كان دوما منخفضا في القطاع، لكنه تم تقليص حتى هذا القليل: في 2000 شكل التصدير نسبة 10% من الناتج المحلي الخام، مع 15.255 شاحنة خرجت من غزة كل يوم. وقد انخفض ذلك الى 6.8% من الناتج المحلي الخام في 2005 (مع 9.319 شاحنة)، والى 0 في أعوام 2008 – 2010. وتم تسجيل ارتفاع طفيف في عامي 2015 – 2016، مع 1.400 شاحنة تخرج كل سنة (بفضل هولندا التي ضغطت للسماح لغزة بتصدير المنتجات الزراعية الى الخارج).
يزيد الغليان والغضب
يمنع الحصار الاسرائيلي الاقتصاد في غزة من الحركة على مستوى البضائع والناس. وهكذا فان الكلفة العالية تقلص الانتاج وتردع المستثمرين. ويجب ان نضيف الى ذلك تدهور اوضاع البنى التحتية في غزة، والخطر العسكري والسياسي الذي يردع المستثمرين ايضا. ولا يتجاهل الكاتبان عنصر التدهور الداخلي: الحكم الثنائية في القطاع والخصومة بين حماس والسلطة.
يدحض الكاتبان الادعاء الثابت للسلطة الفلسطينية، بأن نحو 40% من ميزانيتها تستثمر في قطاع غزة (وبالتالي، مثلا، لا يمكنها أن تخفض ضرائب السولار لمحطة توليد الطاقة). وفقا لحساباتهما، فان 15% فقط من الميزانية تحول الى القطاع ولا يتم تغطيتها بواسطة المدخول من الجمارك وضريبة القيمة المضافة التي تنتجها.  هذا ليس معدل دعم عال، كما يحددان: من المتعارف عليه قيام المناطق الغنية بدعم المناطق الافقر.
الكاتبان يردان على التخوف الاسرائيلي من الخطر الامني الكامن في تخفيف الاغلاق، من خلال طرح حجج تعتمد على المنطق البسيط: الحصار التعسفي لم يمنع تسلح حماس ولم يمنع الحروب. والتدهور الاقتصادي – الاجتماعي يزيد فقط من الغليان والغضب، وبالتالي يغذيان الجماعات والافكار المتطرفة. وهما على اقتناع بأن تخفيف الاغلاق سيقلص من التأييد لحماس. ويتبين أن الحصار على غزة لا يمكنه ان يشكل عقابا لحماس فقط، وانما سبيل لتثبيت حكمها في القطاع، حسب رأيهما. وكتبا انه يسهل السيطرة على منطقة مغلقة من السيطرة على منطقة مفتوحة، يدخلها الناس ويخرجون منها.
الأمن للفلسطينيين
صحيح أن غور الاردن ليس مقطوعا اليوم عن باقي أجزاء الضفة الغربية، ولكن منذ 50 سنة، لا سيما خلال العشرين سنة الاخيرة، كما تذكر ورقة الموقف الثانية، تمنع اسرائيل الفلسطينيين من الوصول، البناء والتطوير في نحو 75% من اراضي الغور، وبذرائع مختلفة: مناطق اطلاق للنار، محميات طبيعية، مناطق أمنية، اراضي حكومية، وحوالي 90% من اراضي الغور تندرج ضمن مناطق نفوذ 24 مستوطنة. و85% من الاراضي مصنفة كمناطق C. (فئة A و B  وC  التي تقسم الضفة يصفها المؤلفان بأنها "التمييز السيء السمعة"). من بين نحو 160 الف دونم مناسبة للفلاحة في الغور، يفلح الفلسطينيون نحو 42 الف دونم فقط، بينما يفلح المستوطنون بين 30 الى 50 الف دونم، واما بقية الأراضي فهي مغلقة في وجه الفلسطينيين. من ناحية الوصول الى المياه، يكفي المعطى التالي: كمية المياه التي يستهلكها المستوطن اكبر بنحو عشرة اضعاف الكمية التي يستهلكها الفلسطيني.
النتيجة: “تنمية متدنية تجد تعبيرها في التنمية القروية المحدودة والنمو الاقتصادي الهزيل، ما يؤدي الى ارتفاع نسبة الفقر، وشروط صحية سيئة وتدهور بيئي ومادي”. هذا المعطى يقول الكثير: متوسط العمر لدى الفلسطينيين في الغور هو 65 سنة، مقابل 71.8 في كل الضفة.
يبحث الكاتبان في مسألة الامن وقيود الحركة المنسوبة لها. في ورقة الموقف عن غزة كتب: “الامن يتحقق ليس فقط بوسائل عسكرية، بل ايضا، بوسائل تخفيض محفزات الطرف الاخر على القتال. حالة الفقر المتزايد وتدهور مستوى المعيشة تخلق دفيئة للغضب واليأس، من شأنها ان تؤدي آجلا أم عاجلا الى جولات اخرى من العنف. الكاتبان لا يتطرقان الى مشكلة غياب الامن للفلسطينيين، الخاضعين للتنكيل والاعتداءات، سواء من قبل الجيش والشرطة أم من المستوطنين.
هكذا، في هذه الايام بالذات، يلجأ سكان البؤر الاستيطانية العشوائية في شمال الغور الى اساليب التخويف، العنف، اطلاق النار، الاعتقالات الواهية والتعرض للمواشي بهدف طرد الرعاة والمزارعين الفلسطينيين من مناطق واسعة. وعليه، سيفعل الكاتبان جيدا اذا اضافا توصية بتبني اساليب ناجعة لاحباط اعتداءات المستوطنين التي من شأنها أن تتسع كلما سمحت القيادة المسؤولة البالغة للفلسطينيين بحرية الحركة الى اراضيهم.
ترتيب روسي جديد
يكب بوعاز بيسموط، في "يسرائيل هيوم" انه عندما انضمت روسيا الينا، الى الشرق الاوسط، في ايلول 2015، كانت لديها ثلاثة أهداف واضحة: لقد سعت لإنقاذ نظام الاسد المنهار، تقليص دور القوة العظمى الأمريكية  في سورية (واذا أمكن، ففي الشرق الاوسط كله)، وكذلك، في الفرصة ذاتها، ان تصبح رافعة الراية في الحرب ضد التنظيم الارهابي داعش، الذي فرض ولا يزال الرعب على العواصم الغربية بعد سلسلة من العمليات الناجحة. يوم امس حظي النموذج الشيشاني، الذي ارعب الغرب، بتأييد من قبل مواطني اوروبا. فجأة، في الحرب ضد داعش، دخل النموذج الروسي الى الموضة.
في ختام سنة ونصف منذ انضم الينا الروس، يمكن القول انه تم استكمال المهمة بنجاح: روسيا تشكل اليوم عاملا مركزيا في النظام الجديد في سورية، الاسد يرفع رأسه، لدرجة أنه بات بوسعه التفكير بتغيير الأثاث في القصر الرئاسي في دمشق، وحتى بمشروع اعمار حلب. المحادثات بشأن مستقبل سورية، بمشاركة روسيا، تركيا وايران، تجري الان في الاستانة، عاصمة كازخستان، وليس في فيينا. لقد انتقل الوزن الثقيل الى آسيا، بينما تظهر واشنطن بصعوبة في الصورة، تتخبط في مسألة ما اذا ستدعم المتمردين الاكراد ضد الاسد وحلمهم بالاستقلال، أو تدعم تركيا، حليفتهم في حلف الناتو، التي تعارض فكرة استقلال كردستان. اما الروس؟ فليست لديهم مشاكل كهذه.
بفضل بوتين، بات يمكن للأسد أن يبتسم لنفسه أمام المرآة في كل صباح. حين يعالج شاربه الصغير؛ في صيف 2013 خطط براك اوباما، دافيد كمرون وفرانسوا هولاند لمهاجمة النظام في دمشق، بعد قيام الاسد باستخدام السلاح الكيميائي ضد ابناء شعبه، للمرة الـ 14 منذ بدء الحرب الاهلية في 2011. وكما هو معروف، لم يتم في نهاية المطاف القيام بعمل ضد سورية، لان اوباما نسي ماذا تعني الخطوط الحمراء. لقد اصبح الرئيس الامريكي السابق، ورئيس الوزراء البريطاني السابق، منذ زمن بعيد، مجرد تاريخ، بينما يحصي هولاند ايامه بسبب الاستطلاعات غير اللطيفة جدا، والتي تمنعه من التنافس ثانية على رئاسة فرنسا. لا شك أن الاسد نجا بفضل هذا الثلاثي، والان ايضا بفضل فلاديمير بوتين.
الرهان الروسي
السؤال الكبير المطروح الان، هو الى اين تسير روسيا اليوم وما الذي تريد تحقيقه في الشرق الاوسط. يجب ان نتذكر بان الروس يقفون على مفترق طرق، ايضا كنتيجة لحادثة اطلاق صاروخ “حيتس” (منظومة السهم)، الاسبوع الماضي، والذي ادى الى استدعاء السفير الاسرائيلي في موسكو لمحادثة استيضاح.
المفارقة هي، انه من أجل النجاح في تحقيق السلام تحتاج روسيا لإسرائيل والولايات المتحدة. ولعل هذا هو سبب عدم رؤيتنا لانتقادات لإسرائيل في وسائل الاعلام الروسية تزامنا مع استدعاء السفير الاسرائيلي في موسكو. فقد كانت الرغبة هي العودة الى الاعمال كالمعتاد، وبأسرع وقت ممكن.
ينبغي الفهم بانه رغم انجازات الروس في سورية، الا انهم لا يزالون يخضعون لقيود: فالأسد وايران لا يصغيان، بالذات، لأوامرهم، ولذلك، لا حاجة للتعامل مع كل مقولة تصدر عن الاسد وكأنه تم صياغتها في موسكو. كما أنه ليست كل خطوة أو عمل ايراني يجري على الارض السورية يتم بموافقة روسيا. بل على العكس، من المحتمل جدا أن روسيا، كما اسرائيل، تملك مصلحة في تضييق خطوات ايران في سورية. اسرائيل تخشى من نشوء حدود مطلقة لها مع ايران في الشمال. وفي المقابل، بالنسبة للروس، يمكن لطهران ان تشكل وجع رأس غير صغير، ولو من الناحية الديمغرافية.
هناك من يرى حتى في روسيا دولة اسلامية. للتذكير: لقد وصل الاسلام الى روسيا قبل 1300 سنة، وتصل نسبتهم في الاراضي الروسية، اليوم الى اكثر من 15%، وهناك اكثر من 10 الاف مسجد، بما في ذلك المسجد الكبير في موسكو. المسلمون الروس لا يتحمسون لقصة الغرام بين موسكو والمحور الشيعي: الاسد – ايران – حزب الله. ربما تنتصر روسيا في المدى القصير – المتوسط، ولكن في المدى البعيد، ليس مؤكدا بان رهانها لصالح المحور الشيعي هو الرهان الصحيح.
في موسكو يمكنهم الان بالتأكيد التخوف من ربيع اسلامي في دول القوقاز وباقي الاراضي العلمانية ذات الحكم الاستبدادي كما هو الأمر لديها الان. ولهذا السبب لا يمكن لروسيا السماح لإيران بالسيطرة على الاراضي في سورية، في العراق وفي لبنان، كما تحلم ايران. ربما لهذا السبب لا تواجه روسيا واسرائيل مشكلة كبيرة في ايجاد قاسم مشترك في المسألة الايرانية.
أين الكرة؟
د. سارة فاينبرغ، الباحثة في معهد دراسات الامن القومي، تقول: “فضلا عن الجهد المبذول لإنقاذ نظام الاسد لا تملك روسيا وايران، بالضرورة، ذات المصالح الاستراتيجية في سورية. روسيا تملك مصلحة في تقييد اتساع المحور الشيعي. ولهذا السبب بالذات، تضع روسيا نفسها في موقف القاضي بين ايران، تركيا، السعودية واسرائيل. ولكن يجب ان نأخذ في الحسبان الشك القائم بين ايران وروسيا، الأمر الذي يقيد قدرة روسيا على املاء ما يفعله الايرانيون”. وتعتقد فاينبرغ انه في موضوع حزب الله هناك موقفين متناقضين لدى الروس: فمن جهة يفهمون القلق الاسرائيلي من تعاظم المنظمة في سورية، ومن جهة اخرى يرون في المنظمة الشيعية قوة مساعدة لحماية الاسد والحرب ضد داعش، وكذلك مركبا سياسيا شرعيا في لبنان. ولهذا السبب بالذات يحتاج الروس الى الولايات المتحدة بقيادة دونالد ترامب؛ من اجل تقييد مكانة ايران في الشرق الاوسط يحتاج الروس للمساعدة الامريكية. وفي هذه الاثناء، ينتظر كل اللاعبين، بمن فيهم روسيا، معرفة خطوة ترامب التالية.
وهناك نقطة أخرى يجب ان نتعلمها من حادثة “حيتس” في الاسبوع الماضي، وهي أن الروس يسمحون لإسرائيل بالعمل، ولكن شريطة الا نحرجهم. روسيا معنية ببيع اكبر قدر ممكن، بما في ذلك في مجال السلاح، وهي ليست الوحيدة. فالولايات المتحدة، الصين، فرنسا والمانيا تنافس ايضا على الاسواق الكبرى. ويجب أن نفهم بان حادثة اطلاق “حيتس” كشفت قيود منظومات القتال الالكترونية والدفاع الجوي الروسي حيال السلاح الغربي والاسرائيلي. فالحادثة لم تسهم في ترويج مبيعات كبيرة للسلاح الروسي في العالم. كما أن صناعة السلاح الصينية تنافس الروس.
لا شك أن هذه هي نهاية عصر وانه يعاد توزيع الاوراق. بالنسبة للكثير من الدول هذا مدعاة للقلق، وبالنسبة لأخرى هذه فرصة. في مثل هذه الفترة يبحث كل طرف عن الفرصة لترقية مكانته. روسيا أخذت على عاتقها دور المراقب الرئيس في المنطقة. روسيا ليست الاتحاد السوفييتي. قد يكون هذا كبير عليها بعض الشيء. ولكن الان، بعد أن وجدت واشنطن نفسها تتمتع بدور ثانوي في سورية، فان موسكو معنية بمنحها دورا هاما، ولكن بالتأكيد ليس رئيسيا. الكرة لدى ترامب – وليس لدى بوتين فقط.
سورية، روسيا ونحن: شروط القتال سائلة
يكتب دان مرجليت، في "يسرائيل هيوم" ان الضابط الذي اطلق صاروخ "حيتس" باتجاه صاروخ S-200‬ الذي اطلقه الجيش السوري ضد هدف اسرائيلي، اتخذ القرار الصحيح. حتى اذا تبين من التحقيق الذي سيجري كما يجب، بأنه كان يمكن تجنب الاحراج الذي سببه إطلاق "حيتس" لأول مرة، وتم في المستقبل تحسين الأمر، فان هذا لا يعني تغيير الاستنتاج الايجابي من حيث إطلاق النار. هذا هو الجوهر الكامن في مفهوم "الحقيقة في موعدها".
في اعقاب الحادث، استدعت موسكو السفير الاسرائيلي جيري كورن لمحادثة توضيح هي الاولى من نوعها في وزارة الخارجية الروسية. وقدر بنيامين نتنياهو، الذي التقى بوتين مؤخرا، بأن استدعاء السفير لا يدل على حدوث تغيير في سياسة روسيا ازاء العمل الاسرائيلي في سماء سورية من اجل منع نقل الاسلحة لحزب الله.
وعادت اسرائيل لشن هجوم آخر، فتم استدعاء السفير كورن مرة اخرى لمحادثة في موسكو، ومع ذلك لا يزال نتنياهو يعتقد بأن الموقف الروسي لم يتغير ازاء هجمات الجيش الاسرائيلي في سورية. يمكن الافتراض بأن تقديره صحيح، لكنه يجب ان يكون في محل فحص.
مثل كل سياسي رفيع في التاريخ، تبنى بوتين المبدأ التوراتي في سفر الجامعة – "حسن أن تتمسك بهذا، وأيضا أن لا ترخي يدك عن ذاك". انه يناور من اجل الحفاظ على علاقات جيدة مع اسرائيل ومع ايران، ويتهرب من امكانية الاختيار بينهما. اذا اضطر الى الحسم، يبدو انه سيفضل ايران، لكنه ليس مؤكدا، وفي كل الأحوال من المريح لإسرائيل انه لا يفعل ذلك.
ولذلك، يمكن الافتراض انه وعد نتنياهو بأن ما كان لن يتكرر، ولكن في الواقع، تفقد القوى العظمى، ايضا، السيطرة. التعقيد الذي بدأ بمقولة غير حذرة اطلقها رئيس الأركان السابق يتسحاق رابين، جعل روسيا تحرك العرب، الذين دهوروا الشرق الاوسط الى حرب الأيام الستة؛ وخطأ روسي قاد الى معركة جوية بين الجيش الاسرائيلي والسوفييت في 1970، وكان يمكن ان يتدهور الى كارثة دولية.
في النقاش الذي دار آنذاك، اقترح موشيه ديان "الاصغاء الى مسار الفيلة" من اجل الامتناع عن الحرب مع روسيا. لكنهم ليسوا جميعا اظهروا الحذر. الوضع الان يختلف تماما. لكن المعضلة لم تتغير. روسيا تطمح تاريخيا الى تثبيت وجودها في "المياه الدافئة" – هكذا اسمت البحر المتوسط منذ تسللت اولى سفنها في 1772، وتراجعت وعادت، لتصبح هنا مرة اخرى، واسرائيل تعتبر شريكة مرغوب فيها بالنسبة لها، ولكن ليس في الصف الأول. ربما لم تغير سياستها، لكن الشروط في ساحة الحرب سائلة، وتتحرك الى الوراء.
فخ الشمال
يكتب اليكس فيشمان، في "يديعوت احرونوت" انه اذا سألتم وزير الأمن افيغدور ليبرمان، فسيقول ان حزب الله سيحصل خلال أقل من عامين على كمية حاسمة من الصواريخ الدقيقة وطويلة المدى وسيبدأ العد التنازلي للحرب الشاملة في الشمال.
ليس صدفة أن هناك وزراء وضباط يتحدثون علنا، في الاسابيع الاخيرة عن أن الحرب القادمة ستعيد لبنان الى القرن الثامن عشر. كما يبدو فان تعبير" القرن الثامن عشر" يطرح مرة اخرى في التقييمات والتقديرات الخاصة بسورية ولبنان. وهذه الرسالة موجهة بشكل خاص، الى مسامع الشعب اللبناني والقيادة اللبنانية، وكأنها تقول: لا تسمحوا لمجانين حزب الله بجركم الى الضياع. في الحرب القادمة سيتم أولا، تدمير اهداف الدولة اللبنانية، من اجل فرض مصاعب امام حزب الله الذي يتغذى منها: الشوارع والمواصلات والكهرباء والوقود والغذاء ومؤسسات السلطة والمؤسسات المالية. كل شيء سيحترق.
اسرائيل تهدد بملء الفم، وهذا يعني أن هجمات اسرائيل في سورية ضد المستودعات وقوافل السلاح ونشطاء منظومة التهريب لدى حزب الله، ستتعاظم من اجل تأجيل الحرب قدر الامكان. وفي هذه الأثناء لا تهاجم اسرائيل منصات الصواريخ طويلة المدى التي باتت قائمة في لبنان، ربما لأنه لا توجد هناك كمية كبيرة، حتى الان، ولأن قصف لبنان في هذا التوقيت سيشعل الجبهة الشمالية دون مبرر كاف.
صحيفة “الجريدة” الصادرة في الخليج الفارسي كشفت مؤخرا أن حزب الله يقيم داخل انفاق في لبنان، مصانع تحت الارض لإنتاج الصواريخ الدقيقة. وحسب وصف الصحيفة فان الحديث يدور عن منظومة مصانع تشبه تلك التي اقامتها الصناعات العسكرية السورية “سيرس″. خطوة حزب الله لم تؤد الى عمل اسرائيلي عسكري. ولكن من يريد، يمكنه أن يفهم ما نشر في الصحيفة كتحذير: كل شيء مكشوف، كل شيء معروف. اذا بدأت مصانع الانفاق هذه، بإنتاج الصواريخ فستقوم اسرائيل بتدميرها حتى لو خاطرت بنشوب الحرب.
مظلة بوتين
ايران هي عدو عنيد يملك قدرات، وهي لا تنوي التنازل عن اقامة منظومة الصواريخ الدقيقة في لبنان، التي يفترض أن تسبب ضررا بالغا لقدرة اسرائيل العسكرية. استهداف قوافل السلاح الموجهة لحزب الله في الاراضي السورية يضع ايران أمام تحدي تأمين المعلومات. ويبدو أن الدرس الذي تعلمته هو محاولة تحقيق الهدف بطرق اخرى، مثل اقامة مصانع انتاج في لبنان وبناء ميناء ايراني في اللاذقية السورية. ويمكن لهذا الميناء استيعاب كمية كبيرة من المعدات الثقيلة التي ستصل عن طريق البحر تحت مظلة القوات الروسية التي تسيطر على الميناء. بالنسبة لموسكو، ايران ليست هي المشكلة في سورية بل هي جزء من الحل. لذلك فان ايران تحظى الآن بحصانة روسية.
يتبين أن اللقاء الاخير بين نتنياهو وبوتين لم يثمر عن النتائج المرجوة. لقد حاول نتنياهو اقناع روسيا بمنع اقامة الميناء الايراني في اللاذقية، لكنه فشل. الموظفون في وزارة الخارجية الروسية يتظاهرون وكأنهم لا يعرفون جوهر الطلب الاسرائيلي، ويقولون لنظرائهم في وزارة الخارجية الاسرائيلية: “نحن ايضا أقمنا ميناء بحريا، فكيف يمكننا منع دولة سيادية من استضافة دولة سيادية اخرى لإنشاء ميناء لديها".
هذه السذاجة تعتبر احدى روائع الدبلوماسية الروسية. عندما اشتكت اسرائيل على مسامع روسيا وصول السلاح الروسي المخصص للجيش السوري الى حزب الله، والتي تشمل حسب مصادر اجنبية، صواريخ الشاطئ “ياحونت”، "صُدمت" ووعدت بفحص هذا الامر. وخرج ضباط روس الى الميدان، وفحصوا، وعادوا مع الجواب: لا يوجد أي اساس لذلك.
لقد اعتاد  الجمهور في اسرائيل على التعامل مع دول العالم باللونين الاسود والابيض: إما أنها تحبنا أو لا. إلا أن الروس هم فئة بحد ذاتها. اسرائيل بالنسبة لهم هي جندي آخر على طاولة الشطرنج، وليست بالضرورة ضمن فريقهم. لا توجد لديهم أي مشاعر: لا تجاه السد، ولا الايرانيين، ولا الأكراد في سورية، الذين يغازلونهم الآن. امس الأول خنقوا اردوغان، واليوم يحتضنونه.
كان يمكن لسلاح الجو الاسرائيلي مواصلة اعمال القصف في سورية طالما لا يضر هذا الامر ب المصالح المباشرة لروسيا. إلا أن اسرائيل فاجأتهم في نهاية الأسبوع الماضي، وقصفت في المنطقة التي تتواجد فيها قوات روسية وقيادة روسية لمراقبة هجمات القوات السورية في تدمر. خلال ذلك الهجوم أصيب كما يبدو عتاد غير تابع لحزب الله. وأثارت وسائل الاعلام في سورية ضجيجا عاليا ووجهت التساؤلات الى روسيا. وشعر الروس بأنهم اذا لم يظهروا العضلات، حتى لو كانت دبلوماسية، ضد اسرائيل، فان الأمر سيجعلها تبدو ضعيفة، ولذلك قامت باستدعاء السفير الاسرائيلي والملحق العسكري الاسرائيلي في موسكو، عشية يوم السبت، للقاءين في وزارة الخارجية الروسية مع نائبي وزراء يهتمون بالشرق الاوسط (وبالمناسبة يوجد لوزير الخارجية الروسي 11 نائبا). ولم يتم نشر ما قيل خلال تلك اللقاءات، وهذا ليس صدفة. فمجرد اجراء اللقاءات سمح لسفير سورية في الامم المتحدة بالإعلان بأن روسيا حذرت اسرائيل، الامر الذي خفف الضغط عن الروس. ولكن طالما لم يتصل الرئيس بوتين مع نتنياهو لتحديد الموقف الروسي، فان شيئا لن يتغير، ويمكن مواصلة مهاجمة قوافل الأسلحة الموجهة لحزب الله، بالوتيرة المناسبة وفي المناطق الصحيحة.
هذه هي ميزة وزير الأمن ليبرمان. انه يقرأ سلوك المؤسسة الروسية أفضل بكثير من غالبية الاشخاص الجالسين حول طاولة المجلس الوزاري المصغر، وبالتأكيد بشكل أفضل من القيادة العسكرية التي تأتي اليه كل يوم خميس لكي يصادق لها على  العمليات والطلعات الجوية وراء الخطوط. لذلك فان ليبرمان ليس فقط لا يكبح أو يرفض العمل العسكري ضد تسلل السلاح المتقدم وطويل المدى الى لبنان، بل انه يشجعه. وحسب مفهومه،  فان كل تلكؤ اسرائيلي تجاه التهديد السوري والضغط الدبلوماسي سيترجمه الروس كضعف. واسرائيل المترددة ستعتبر شريكا هامشيا يمكن تجاهله عند اجراء المفاوضات حول مستقبل سورية.
وبالفعل، في بداية الاسبوع تحدثت الصحف الاجنبية عن قصف اسرائيلي، وهذه المرة في خان أرنبة في هضبة الجولان السورية. وبعد هذا القصف لم تزقزق روسيا، لكن ذلك لم يكن اختبارا حقيقيا، لأنه لم يكن للقصف اي صلة بحزب الله أو النظام السوري، وتم تنفيذه، كما يبد،  في سياق العمل الامني الشامل والمشترك ضد الجهات الارهابية المتماثلة مع النضال الفلسطيني. ياسر السيد الذي قتل داخل سيارته حين كان في طريقه من خان أرنبة الى دمشق، كان كما يبدو، سوريا عمل في خدمة منظمة ارهابية فلسطينية خططت لتنفيذ عملية كبيرة عشية عيد الفصح العبري.
لكن الاختبار الحقيقي سيأتي عندما يعلن ليبرمان أن اسرائيل ستهاجم كل منصة صواريخ تستخدم لإطلاق الصواريخ على طائرات سلاح الجو. يمكن التكهن ان هذه ليست مجرد اقوال بل توجيهات. ولذلك يمكن لنا الافتراض أنه اذا اقامت ايران خلال هذه السنة – اذا لم يزعجوها - الميناء في اللاذقية لاستيعاب السفن الايرانية التي تنقل السلاح لحزب الله، فان اسرائيل ستقصف هناك ايضا، رغم التواجد الروسي في المكان.
هذا الاسبوع، حين ضجّت الكنيست بسبب قضية اتحاد البث العام، جلس وزير الأمن في مكتبه مشدودا الى التلفاز، حيث شاهد البث المباشر لمساءلة رئيس مكتب التحقيقات الفيدرالي الامريكي FBI جيمس كومي في الكونغرس، وشاهد بعيون منهكة، كيف يبتعد تدخل الولايات المتحدة في التسوية المستقبلية في سورية. لقد تحدث كومي عن فتح تحقيق رسمي بشأن تدخل روسيا في الانتخابات الامريكية والاتصالات التي اجراها اشخاص من محيط ترامب مع ممثلين روس رسميين. ويتبين أن FBI كان يقوم بمراقبة هذه العلاقة منذ العام 2015. وفي نهاية العام 2016 اعتقلت روسيا ضابطين في جهاز الامن الفيدرالي الروسي FSB، وموظف رفيع المستوى في شركة “كسبارسكي”. هؤلاء الاشخاص الثلاثة هم خبراء في السيبر، ويبدو أنهم من سربوا المعلومات حول تدخل روسيا في الانتخابات الامريكية. يمكن لهذا التحقيق ان يدخل ادارة ترامب في ضائقة، وفي هذا الوضع فان فرصة مبادرة واشنطن لخطوة روسية – امريكية مشتركة للاتفاق في سورية، آخذة في التلاشي. وطالما أن الولايات المتحدة لا تتدخل في الحل السياسي لسورية فان تأثير الشركاء الآخرين في المحادثات، مثل ايران سيزداد. بالنسبة لإسرائيل هذه بشرى سيئة. وبالنسبة لليبرمان فان تهديد ايران ما زال في أولوية سلم التهديدات لإسرائيل، والاستثمارات تتم بناء على ذلك.
في سجن حماس
هذا السبوع، ازيل وشاح الغموض للحظة، ليس فقط عن هجمات سلاح الجو في سورية، بل ايضا عن طريقة العمل وطبيعة الاهداف التي يقصفها سلاح الجو في غزة. في يوم الاربعاء الماضي، اثناء جلسة للكنيست، كشف رئيس الاركان غادي آيزنكوت أنه منذ عملية الجرف الصامد استهدف الجيش الاسرائيلي مئات الاهداف النوعية، بما في ذلك الانفاق، بواسطة تقنية جديدة طورها سلاح الجو. طابع العمل في غزة خلال فترة ليبرمان لا يركز على الردع والعقاب كرد على اطلاق الصواريخ من القطاع، وانما يذكر بطابع العمل في الشمال. الساحة الغزية تحولت كما يبدو الى جزء من العمل بين الحربين لتدمير قوة العدو قبل نشوب المعارك. إلا أن اسرائيل في غزة تختبئ وراء ما يسمى “استغلال الفرص” من اجل قصف اهداف لحماس ومنع زيادة قوتها.
هذه الفرص يوفرها لإسرائيل أعداء حماس، رجال الحركة السلفية في القطاع، الذين يطلقون القذائف على اسرائيل. حماس تقوم بملاحقتهم ومؤخرا اعتقلت 500 ناشط سلفي لمنعهم من اطلاق القذائف على اسرائيل. السلفيون، من ناحيتهم، معنيون بالرد الاسرائيلي الذي سيضعف حماس، ويدفعها على اطلاق سراح رجالهم من السجن، ولذلك يقومون بالاستفزاز على الحدود الاسرائيلية. إنهم يطلقون قذائف قصيرة المدى وقديمة، مثل قسام 5 أو الكاتيوشا 107 ملم. ليس لهم الوقت الكافي للاستعداد كما يجب من اجل اطلاق القذائف، لأنهم يتعرضون للملاحقة من قبل كتائب “المرابطين”، حرس الحدود لدى حماس. ولهذا لا يدققون في اطلاق النار. ولكن بالنسبة لإسرائيل، فان هذا يكفي لشن هجوم آخر لإضعاف قوة حماس.
مع انتخاب يحيى سنوار لرئاسة حماس في القطاع ساد التقدير في قيادة الجيش الاسرائيلي بأن المستوى السياسي سيفحص في البداية توجه المنظمة، وربما يقوم بتخفيف العمل المباشر ضدها. إلا أن قيادة الجيش اخطأت. فاستبدال قيادة حماس ليس معيارا في الضوء الاخضر الذي يعطيه وزير المن للعمل العسكري ضد غزة.
في العادة تبدأ المصادقة على العمليات ضد اهداف العدو في يوم الثلاثاء. القيادة الجنوبية، مثلا، تعرض على قسم العمليات افكارا لشن عمليات عسكرية في قطاع غزة. ويقوم هذا القسم بمناقشة الافكار، وتصفيتها وتحديدها، ومن ثم بنقلها يوم الاربعاء لمصادقة رئيس الاركان ونائبه. وهذان يقومان بتقليص الاهداف ويضعان الاولويات. وفي يوم الخميس يقوم رئيس الاركان بتقديم الخطة التنفيذية لمصادقة وزير الأمن، ويمكن للوزير الاستعداد مسبقا لهذا اللقاء لأن سكرتيره العسكري يتواجد في النقاش الاولي لدى رئيس الاركان. ويتوقع أن لا يقدم رئيس الاركان مخططات سيكون من الصعب على وزير الأمن المصادقة عليها.
النقاش حول العمليات والطلعات الجوية، الذي يجري يوم الخميس في مكتب وزير الأمن هو نقاش رسمي وجاف، ظاهرا، لكن هذه نقطة التقاء حساسة يحتك فيها رئيس الاركان مع المعايير السياسية وغيرها، بينما يؤثر وزير الأمن في المواضيع العسكرية المهنية. والوزير الذي لم ينشأ في الجهاز العسكري يجب أن تكون لديه ثقة كاملة برئيس الاركان ونزاهته المهنية، لأنه هو الذي يصادق على الخطط التنفيذية التي قد تسبب خسائر في الأرواح والتورط السياسي. أيزنكوت يتمتع بميزة هنا لأنه كان السكرتير العسكري لرئيس حكومة ووزير أمن وهو يدرك هذه الحساسية. ويبدو أنه بينه وبين ليبرمان، لا يسود فقط التقاسم الواضح للأدوار، بحيث لا يتدخل أحدهما في صلاحيات الآخر، بل توجد بينهما ثقة كاملة. فالواحد منهما يعتمد على الآخر في عدم جره الى اماكن غير مرغوب فيها، سواء كانت سياسية أو عسكرية. وفي احيان كثيرة لا يكون وزير الأمن  راضيا عن خطة تنفيذية عرضت عليه، ولذلك يتم اللقاء الشخصي المغلق في يوم الخميس بين وزير الأمن ورئيس الاركان، أو لقاء عمل بحضور السكرتير العسكري للطرفين، من اجل تسوية الامور دون حدوث انفجارات تصل الى العناوين. يبدو أن ايزنكوت تعرف جيدا على الوزير المسؤول عنه، والخطط التي يقدمها تمر لدى ليبرمان.
استمرار سياسة استخدام القوة في قطاع غزة يسرع المواجهة القادمة. حماس قلقة جدا من العائق الذي تقيمه اسرائيل على الحدود وهي تحاول التعاون مع ايران ومعرفة نقاط الضعف فيه، تماما كما حاولت بمساعدة ايران معرفة نقاط ضعف القبة الحديدية. في الشهر الماضي اعتقل في حاجز ايرز الناشط في حماس محمد مرتجى، الذي يدير منظمة مساعدة للحكومة التركية في القطاع، وقد كان في طريقه الى تركيا للحصول على صور الاقمار الصناعية عن اسرائيل، التي قد تساعد حماس في تحسين دقة صواريخها. الجيش الاسرائيلي من ناحيته قام، هذا الاسبوع، بإجراء مناورات مفاجئة لجنود الاحتياط في الجنوب، وشمل هذه المناورات التحرك السريع للدبابات والمجنزرات نحو غزة. المواجهة القادمة تنضج على نار متوسطة. وفي نهاية المطاف ستصل الى الغليان.

التعليـــقات