رئيس التحرير: طلعت علوي

التأمين على قطاع التأمين - (دراسة) سوق التأمين الفلسطيني لا يحتمل استيعاب شركات تأمين جديدة!

الأحد | 19/03/2017 - 08:40 مساءاً
التأمين على قطاع التأمين - (دراسة) سوق التأمين الفلسطيني لا يحتمل استيعاب شركات تأمين جديدة! التأمين على قطاع التأمين - (دراسة) سوق التأمين الفلسطيني لا يحتمل استيعاب شركات تأمين جديدة!

دراسة من قبل جهة مهنية عالمية مستقلة
تؤكد عدم قدرة سوق التأمين الفلسطيني على استيعاب دخول شركات تأمين جديدة

 

 

صرح الأمين العام للإتحاد الفلسطيني لشركات التأمين أمجد جدوع في مقابلة صحفية أجريت معه، بأن الإتحاد قام مؤخراً بالتعاقد مع جهة مهنية عالمية ومستقلة وذات اختصاص لإجراء دراسة مهنية حول واقع قطاع التأمين الفلسطيني ومقوماته والتحديات التي تواجهه وقدرته الاستيعابية على دخول شركات تأمين جديدة له والتي أكدت نتائجها عدم وجود متسع في السوق نظراً لصغر حجمه وشحه ومحدودية حجم أقساط التأمين فيه وبسبب غياب المناخ الملائم والبنية التحتية المواتية لنمو وتطور قطاع التأمين في فلسطين.

 

 

وأشار جدوع إلى أن الإتحاد توجه لعمل هذه الدراسة من خلال جهة مهنية محايدة تتمتع بخبرات كبيرة في هذا المجال ويمتد نشاط عملياتها ليغطي معظم دول العالم وذات تواجد وحضور مميز على الصعيد الإقليمي العربي، للتأكد بشكل مطلق من المعطيات والدراسات المتوفرة لديه عن واقع قطاع التأمين الفلسطيني والتي يقوم بها بشكل دوري على الأرقام والنتائج الفنية لشركات التأمين، والتي كانت دائماً تؤكد بأن سوق التأمين لا يوجد به متسع لدخول أي شركة تأمين جديدة متوافقة تماماً مع قرار وتوجهات هيئة سوق رأس المال الفلسطينية السابقة بتجميد منح أية تراخيص جديدة لمزاولة أعمال التأمين في فلسطين نتيجة لمعطيات ومؤشرات القطاع التي لم يطرأ عليها أي تغيير، وأنه بحاجة للعديد من الإجراءات والقرارات والتدخلات من مختلف الجهات ذات الصلة وعلى رأسها الجهة الرسمية المناط بها الإشراف والرقابة على التأمين ألا وهي هيئة سوق رأس المال الفلسطينية، لتمكين هذا القطاع من النهوض والنمو والتوسع وزيادة مساهمته في الناتج المحلي وغيرها من العوامل الأخرى التي من شأن توفرها تعزيز مستوى الخدمات المقدمة من قبل شركات التأمين للمواطن الفلسطيني.

وحول أهمية هذه الدراسة، أشار جدوع إلى أن أهميتها تنبع من كونها الدراسة الأولى من نوعها في فلسطين والتي تُشخص وبشكل مهني واقع سوق التأمين ومقدرته على استيعاب دخول شركات تأمين جديدة للسوق ومستوى وحجم الانعكاسات التي ستطرأ على السوق حال الإقدام على مثل هذه الخطوة، وذلك من قبل بيت خبرة مختص ومستقل.

وأكد الأمين العام للإتحاد الفلسطيني لشركات التأمين إلى أن نتائج هذه الدراسة أكدت أيضاً على المعيار الأساسي الذي كان الإتحاد قد تحدث عنه سابقاً لقياس قدرة أي سوق تأميني على استيعاب دخول أية شركة تأمين جديدة له، حيث أشارت النتائج إلى أن هذا المعيار والذي ينص على ضرورة أن تكون حجم أقساط التأمين في السوق تعادل خمسة أضعاف رؤوس أموال شركات التأمين العاملة فيه استناداً لأفضل الممارسات المعمول بها عالمياً، حيث بينت الدراسة أن حجم أقساط السوق في نهاية العام 2016 وفقاً للبيانات الأولية المفصح عنها لشركات التأمين عن أعمال السنة المالية المنتهية في 31/12/2016 غير المصادق عليها من قبل هيئة سوق رأس المال الفلسطينية، ما يزال بحدود ثلاثة أضعاف رؤوس أموال الشركات العاملة في الوقت الراهن، هذا مع الأخذ بالاعتبار أقساط تأمين العمال التي تشكل ما نسبته حوالي 10% من محفظة أقساط السوق والتي ستؤول لاحقاً لمؤسسة الضمان الاجتماعي حال تطبيق قانون الضمان الاجتماعي إضافة لأقساط التأمين الصحي والحياة التي تشكلان حالياً ما نسبته تقريباً 23% من إجمالي المحفظة، مما يؤشر على أن سوق التأمين الفلسطيني يتجه إلى التقلص بشكل كبير وليس التوسع من خلال فقدانه لأقساط ثلاثة فروع تأمين رئيسية تشكل ما يقارب من ثلث المحفظة الحالية وأن معيار حجم الأقساط لرؤوس الأموال سيصل إلى نسبة تراوح الضعفين فقط، الأمر الذي يؤكد عدم وجود متسع في السوق في الوقت الراهن لأية شركة تأمين جديدة.

وحذر جدوع من انعكاسات ترخيص شركات تأمين جديدة في الوقت الحالي، حيث أشار إلى أن التداعيات السلبية الخطيرة جداً ستطال أولاً المواطن الفلسطيني من جهة تأثر مستوى الخدمات المقدمة له من قبل شركات التأمين نتيجة تأثر مقدرتها على الوفاء بالتزاماتها القانونية تجاهه نظراً لما سيؤدي ذلك من احتدام غير مسبوق في مستوى المنافسة على أقساط تأمين شحيحة في السوق، الأمر الذي سيؤدي إلى تراجع حاد في نتائج عمليات شركات التأمين المتواضعة حالياً، وعلى الخزينة العامة من ناحية فقدانها لإيرادات الضرائب والرسوم  وستزيد أيضاً من حجم الأعباء الملقاة على عاتق الصندوق الفلسطيني لتعويض مصابي حوادث الطرق حال تعثر أي شركة تأمين "لا قدر الله" حيث تنتقل مسؤولية التعويض عن مصابي حوادث الطرق المتعلقة بوثائق التأمين التي تغطي الإصابات الجسدية الصادرة عن شركة التأمين للصندوق وفقاً للقانون، الأمر الذي سيضاعف أيضاً من مسؤوليات الحكومة ووزارة المالية على وجه الخصوص في حال عجز الصندوق عن الوفاء بالتزاماته، حيث أنه ووفقاً للقانون أيضاً تلتزم وزارة المالية بسد أي عجز قد يتحقق للصندوق وذلك من حساب الخزينة العامة.

وفي معرض رده حول تقييمه لواقع قطاع التأمين في فلسطين، أشار الأمين العام للإتحاد الفلسطيني لشركات التأمين إلى أن سوق التأمين ما زال يعاني من حالة عدم الاستقرار وأن هذه الحالة نابعة أساساً عن التزاحم والمنافسة على أقساط التأمين الشحيحة والمحدودة المتوفرة فيه، إضافة لعدم الالتزام بتطبيق القوانين ذات الصلة المباشرة خاصة قانوني التأمين والمرور.

وأشار جدوع إلى أن قانون المرور النافذ أكد على عدم جواز استخدام أية مركبة أو حتى السماح باستعمالها دون أن تكون مرخصة ومؤمنة حسب الأصول، إلا أن واقع الحال كما أكد عليه الأمين العام للإتحاد مغاير بالمطلق، حيث أشار إلى أنه ووفقاً للبيانات الصادرة عن وزارة النقل والمواصلات فهناك أكثر من 90 ألف مركبة مسجلة لدى الوزارة في الضفة الغربية فقط غير مرخصة وغير مؤمنة كما في نهاية العام 2016، وأكد جدوع أن هذا التراخي بتطبيق القانون يحرم أولاً المواطن من توفير بيئة مرورية آمنة ويحرم خزينة الدولة من إيرادات مفقودة على مدار سنوات طويلة تقدر بمئات الملايين من الشواكل نتيجة لعدم ترخيص هذه المركبات، إضافة لما يتكبده الصندوق الفلسطيني لتعويض مصابي حوادث الطرق من مبالغ مالية طائلة يصرفها كتعويضات عن إصابات جسدية ناتجة عن حوادث هذه المركبات.

وأشار جدوع، إلى أنه وبالإضافة إلى المركبات التي تزيد عن 90 ألف مركبة المسجلة في سجلات وزارة النقل والمواصلات وغير المرخصة وغير المؤمنة، فهناك ما يقارب (180-200) ألف مركبة من  المركبات المشطوبة وغير القانونية وفقاً لتقديرات بعض الجهات، التي يتم إغراق السوق الفلسطيني بها تشكل خطراً محدقاً على حياة المواطن وممتلكاته، وأكد جدوع أنه إذا ما أضفنا أعداد المركبات غير المرخصة لأعداد المركبات المشطوبة فان أعداد المركبات غير القانونية قد يكون أكثر من أعداد المركبات القانونية.

وأكد الأمين العام للإتحاد إلى أن انعكاسات عدم تطبيق القانون وعدم الالتزام بترخيص وتأمين المركبات على شركات التأمين لا يقتصر على أقساط تأمين هذه المركبات المفقودة، بل يتجاوزه للعديد من عمليات تزوير الحوادث التي تتعرض إليها شركات التأمين، حيث أنه وحين وقوع حادث من قبل مركبة غير مرخصة أو مشطوبة يتم الادعاء بأن الحادث وقع من قبل مركبة مرخصة ومؤمنة وذلك لتلافي حق الصندوق الفلسطيني لتعويض مصابي حوادث الطرق بالرجوع على مرتكبي هذه الحوادث بالمبالغ المالية التي يسددها عن أية إصابات جسدية تنجم عن هذه الحوادث، الأمر الذي يكبد شركات التأمين مبالغ مالية طائلة في حال عدم تمكنها من اكتشاف عمليات التزوير هذه.

وحول أعداد الحوادث المرورية والوفيات الناتجة عنها خلال العام 2016، فقد أكد الأمين العام للإتحاد الفلسطيني لشركات التأمين إلى أن عدد وحجم الحوادث المرورية التي سجلتها شركات التأمين خلال العام الماضي والتي ناهزت 40 ألف حادث طرق بارتفاع بلغ 25% عن تلك المسجلة لدى شركات التأمين خلال العام 2015، ما هي إلا مؤشر خطير جداً يستدعي تدخلاً من جميع الجهات ذات العلاقة بالعملية المرورية في فلسطين، لما ينتج عنها من انعكاسات سلبية ليس فقط من منظور اقتصادي وتأميني بل على المنظومة الاجتماعية والسلم الأهلي المجتمعي برمته كونها تمس حياة المواطن الفلسطيني. فعلا الرغم من آلاف المخالفات المرورية التي أوقعتها شرطة المرور خلال العام 2016 إلا أن عدم الالتزام بتطبيق القانون سواء بقطع الإشارات الضوئية باللون الأحمر أو عدم التقيد باستخدام حزام الأمان وتجاوز السرعة المحددة والتجاوز الخاطئ وغيرها من الأمور التي تزيد من حجم وأعداد الحوادث المرورية، يستدعي إعادة صياغة للإجراءات الحالية التي باتت غير رادعة بما يكفي ويتطلب التشدد بإيقاع العقوبات وتطبيق القانون، لحماية أبنائنا ومقدراتها الاقتصادية.

وأكد جدوع إلى أن حجم وأعداد الحوادث المرورية ووتيرتها بالمؤكد ينعكس على حجم وقيمة التعويضات التي تسددها شركات التأمين، فخلال العام 2015 سددت شركات التأمين ما يقارب 57 مليون دولار أمريكي كتعويضات عن إصابات جسدية وأضرار مادية لمركبات وأضرار ممتلكات، أما في العام 2016 ونتيجة للارتفاع الكبير بأعداد الحوادث المرورية التي وقعت والوفيات التي وصلت إلى 159 وفاة بارتفاع بلغت نسبته 45% عن تلك التي وقعت خلال العام 2015، ارتفع إجمالي التعويضات التي سددتها شركات التأمين عن حوادث المركبات إلى ما يقارب 77 مليون دولار أمريكي أي بارتفاع بلغت نسبته 35% عن العام 2015، وأكد الأمين العام للإتحاد إلى أن نتائج هذه التعويضات لم تنعكس كاملة على ميزانيات الشركات لنفس الفترة بل سيتحمل جزء منها عام 2017 وبالتالي هناك زيادة ملحوظة في جانب التعويضات والالتزامات والأعباء المالية المترتبة على شركات التأمين وخصوصاً في أعداد الحوادث التي شهدها عام 2016.

أما بما يتعلق بتطبيق قانون العمل، فقد أشار الأمين العام للإتحاد الفلسطيني لشركات التأمين إلى أنه وعلى الرغم من إلزامية القانون إلا أن الحقائق على أرض الواقع تختلف اختلافاً كلياً من ناحية الالتزام بتطبيق بنود ونصوص القانون والأنظمة الصادرة بمقتضاه، حيث تؤكد دراسات الإتحاد الداخلية المستمرة بأن نسبة العمال المؤمن عليهم في سوق العمل الخاضعين لقانون العمل الفلسطيني لا تتجاوز 25% فقط.

وأكد جدوع على أن سوق التأمين سوف يفقد ما نسبته تقريباً 10% من إجمالي محفظة أقساطه الحالية حال البدء بتطبيق قانون الضمان الاجتماعي رقم (19) لسنة 2016 الذي تمت المصادقة عليه في أيلول من العام الماضي، حيث نص القانون على شمل منافع تأمين إصابات العمل التي حالياً هي من اختصاص شركات التأمين وفقاً لقانون العمل الساري المفعول، لتصبح من اختصاص مؤسسة الضمان الاجتماعي، إضافة لما سيفقده أيضاً من أقساط فرعي تأمين الصحي والحياة والذين يشكلان ما يقارب نسبة 23% من محفظة أقساط السوق الحالية، الأمر الذي يؤكد بأن سوق التأمين الفلسطيني يتجه للانكماش وليس النمو مما سيزيد من الأعباء والتحديات الكبيرة التي تواجهها شركات التأمين.

وقد أكد جدوع إلى أن قطاع التأمين في فلسطين يعد من القطاعات الاقتصادية الواعدة إلا أنه بحاجة لايلاءه العناية اللازمة وبحاجة للعديد من التدخلات التي من شأنها تعزيز مقوماته وتوسيعه وزيادة مقدرته على النمو وذلك من خلال تطبيق القانون والتشدد بإيقاع العقوبات الرادعة على المخالفين، وأكد الأمين العام للإتحاد الفلسطيني لشركات التأمين على أن شركات التأمين الحالية والإتحاد يرحبان دائماً بأي مستثمر جديد يرغب بالاستثمار في قطاع التأمين وينظران بايجابية مطلقة لتوجه أي مستثمر جديد للاستثمار في القطاع، إلا أن معطيات السوق ومؤشراته الحالية تعكس محدودية عالية المستوى وعدم وجود متسع في ظل عدم الالتزام بتطبيق القوانين النافذة ذات العلاقة وحجم التحديات والمعيقات التي تواجهه حالياً والتي يتطلب تذليلها جهداً ووقتاً من قبل جميع الجهات ذات الصلة، بهدف أن يتمكن هذا السوق من التوسع والاستقرار ليصبح ناجحاً واعداً وقادراً على استيعاب شركات تأمين جديدة تتمتع بالقدرة على الاستحواذ على حصة لها من السوق ولديها إمكانيات تحقيق عوائد من استثمارها تلبي طموحات مستثمريها. مطالباً بتكاتف جهود جميع الجهات ذات العلاقة لحماية هذا القطاع وتطويره ونموه وتوفير المناخ الملائم والبنية التحتية الضرورية له، باعتباره احد أهم ركائز التنمية الاقتصادية الحامي للثروة القومية الفلسطينية.

 

التعليـــقات