رئيس التحرير: طلعت علوي

أضواء على الصحافة الاسرائيلية 10 آذار 2017

السبت | 11/03/2017 - 12:49 مساءاً
أضواء على الصحافة الاسرائيلية 10 آذار 2017

 

اسرائيل هددت بمقاطعة مبعوث الاتحاد الأوروبي لعملية السلام وتراجعت امام الاصرار الاوروبي على رفض مطالبها
تكتب صحيفة "هآرتس" ان اسرائيل هددت، في الأسبوع الماضي، بقطع العلاقة مع مبعوث الاتحاد الأوروبي لعملية السلام، فرناندو جنتليني، الذي تم تمديد فترة مهمته قبل عدة أيام، لكنها تراجعت امام الاصرار الاوروبي على رفض مطالبها. وقال مسؤولون كبار في وزارة الخارجية الاسرائيلية ودبلوماسيين اوروبيين ان سبب هذا التهديد هو اجراء تغيير طفيف في كتاب التعيين، والذي شمل التذكير بقرار مجلس الأمن الدولي 2334 ضد المستوطنات.
وبدأت القضية قبل عدة أسابيع، عندما ارسل قسم خدمات الخارجية في الاتحاد الأوروبي الى اسرائيل والفلسطينيين مسودة كتاب التعيين الجديد لجنتليني، الذي يشغل هذا المنصب منذ نيسان 2015. ويعتبر تعيين جنتليني تعيينا شخصيا من قبل وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي وهو دبلوماسي مهني، مقبولا على الطرفين، متوازنا في مواقفه ووديا لإسرائيل.
وعندما قرأوا في وزارة الخارجية الاسرائيلية مسودة كتاب التعيين لاحظوا بأنه تم اجراء بعض التغييرات الطفيفة مقارنة بكتاب التعيين الأصلي، فقد تم في مكانين من الوثيقة التذكير بقرار مجلس الأمن 2334 الذي صدر في اواخر كانون الثاني 2016، ويشجب المستوطنات الاسرائيلية.
وجاء في النص، ان "تفويض المبعوث الخاص لعملية السلام هو الاسهام في النشاطات التي ستدفع الاتفاق الدائم بين اسرائيل والفلسطينيين على اساس حل الدولتين، بما يتفق مع المبادئ التي حددها الاتحاد الأوروبي وقرارات مجلس الامن، بما في ذلك القرار 2334". وكانت اسرائيل قد رفضت هذا القرار وردت "بفرض" عقوبات دبلوماسية ضد بعض الدول التي صوتت ضده وضد الامم المتحدة.
كما يتضمن كتاب التعيين بندا يتعلق بمبادرة السلام الفرنسية التي رفضت اسرائيل التعاون معها. وجاء فيه ان "المبعوث الخاص سيعمل من اجل دفع اطر جديدة للمفاوضات، خاصة من خلال دفع الاهداف التي عرضت في البيان المشترك الذي تبناه المشاركون في مؤتمر باريس في كانون الثاني 2017".
وقال مسؤولون كبار في وزارة الخارجية ودبلوماسيين اوروبيين ان اسرائيل غضبت عل هذا التغيير، خاصة التذكير بقرار مجلس الامن 2334. وقالوا ان سفير اسرائيل لدى مؤسسات الاتحاد الاوروبي في بروكسل، روني لشنو – ياعر، والنائب السياسي للمدير العام لوزارة الخارجية، الون اوشفيتس، توجها الى مسؤولين في الاتحاد الاوروبي وهددا بأنه اذا شمل كتاب التعيين هذه التغييرات فان اسرائيل ستتوقف عن الاتصال والتعاون معه. وقال مسؤول اوروبي انهما "حذرا من ان التغيير في كتاب التعيين سيترك أثرا".
وقام رجال وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فدريكا موغريني باطلاع ممثلي الدول الأعضاء في مؤسسات الاتحاد الاوروبي في بروكسل، على التهديدات الاسرائيلية، وتشاوروا معهم بشأن الحل الممكن للأزمة، لكن بعض الدول البارزة في الاتحاد وعلى رأسها فرنسا رفضت الادعاءات الاسرائيلية نهائيا واوضحت بأنه اذا استسلمت موغريني للضغط الاسرائيلي وازالت التعديلات فانهم سيصوتون ضد التعيين.
واوضحت موغريني ورجالها لإسرائيل بأن الدول الاوروبية لن توافق على الغاء التذكير بقرار مجلس الامن من كتاب التعيين، وقالوا انه يمكن لإسرائيل الرد كما تشاء، لكنهم اضافوا تهديدا غير مباشر يلمح الى انه اذا قاطعت اسرائيل جنتليني فان هذا سيصعب اقناع الدول الاوروبية بتحديد موعد جديد للقاء القمة مع اسرائيل، الذي كان مخططا لأواخر شباط الماضي، وتم تأجيله بسبب تمرير قانون مصادرة الأراضي الفلسطينية الخاصة في الكنيست.
وقامت وزارة الخارجية الاسرائيلية بإعادة التفكير وفهمت بأن الضرر سيكون اكبر من الفائدة، فقررت التخلي عن مطلبها والتراجع عن تهديداتها بمقاطعة جنتليني. ووصف مسؤول رفيع في وزارة الخارجية الحل الذي خرجت منه اسرائيل من هذا الأمر بـ"الأكذوبة الاسرائيلية"، ووفقا له فان اسرائيل ستتعاون مع جنتليني فقط بناء على كتاب التعيين السابق. وقال المسؤول الاسرائيلي: "هذا يشبه ان تكون ابن 30 وانا اتحدث معك وكأنك ابن 29".
وقال الناطق بلسان الخارجية الاسرائيلية، عمانوئيل نحشون، معقبا ان اسرائيل تشعر بخيبة الأمل ازاء شروط التعيين الجديد لمبعوث الاتحاد الاوروبي للعملية السلمية. "اسرائيل تتأسف لأن كتاب التعيين يذكر القرار 2334 ونتائج مؤتمر باريس. هذه كلها تخلق عقبات امام استئناف المفاوضات المباشرة بين الأطراف. المواقف المفروضة قسرا من الخارج والقرارات الأحادية الجانب، تمس بالسلام وتبعد الفلسطينيين عن طاولة المفاوضات. اسرائيل ستعمل مع المبعوث الاوروبي فقط وفقا لما يشبه في كتاب التعيين الجديد ما ورد في كتاب التعيين القديم، والذي يمكنه دفع السلام. لن نتعاون مع اجراءات تتعارض مع هذا الهدف".
نتنياهو يطالب بوتين بضمان انسحاب ايران من سورية
تكتب "هآرتس" ان رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو طلب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اثناء اجتماعه به امس الخميس، في موسكو، ضمان انسحاب ايران من سورية، قائلا "ان اسرائيل ليست معنية بأن يتم استبدال الارهاب السني المتطرف للقاعدة وداعش في سورية، بارهاب الاسلام الشيعي المتطرف الذي تقوده ايران".
وبعد ان رحب بوتين بنتنياهو بمناسبة عيد المساخر، رد رئيس الحكومة بأنه جرت في فارس القديمة محاولة لابادة الشعب اليهودي، ولكنها لم تنجح، وهذا هو سبب الاحتفال بعيد المساخر. وقال: "اليوم توجد محاولة مكملة لفارس، ايران، لابادة دولة اليهود. انهم يقولون ذلك بشكل واضح تماما، ويحفرون ذلك على صواريخهم الباليستية. اسرائيل اليوم هي دولة، لدينا جيش ونستطيع الدفاع عن انفسنا. لكن تهديد الاسلام الشيعي المتطرف ليس موجها الينا فقط وانما الى المنطقة كلها ولسلامة العالم".
وقبل وقت قصير من مغادرته لموسكو، عائدا الى اسرائيل، قال نتنياهو في حديث هاتفي مع المراسلين الصحفيين، انه اكد امام بوتين، بأن اسرائيل لا تعارض الاتفاق السياسي في سورية لإنهاء الحرب الأهلية، وانما تعارض ان تبقى ايران ونقائلها ضمن هذا الاتفاق في سورية بشكل دائم. وقال: "لقد تم توضيح الأمر بأفضل شكل واعتقد انه تم استيعاب الرسالة".
وقال نتنياهو انه رغب بتوضيح الموقف الاسرائيلي من الاتفاق السياسي في سورية للرئيس بوتين: "كان من المهم لي انه حتى اذا استغرقت عملية الاتفاق فترة طويلة، ان يكون الموقف الاسرائيلي واضحا. لقد اكدت معارضتنا الشديدة لتجذر ايران ونقائلها في سورية. نحن نشاهد محاولات ايران لبناء قواعد عسكرية في سورية بنية ترسيخ وجودها، ونرى محاولات ايران لبناء ميناء بحري في سورية. هذا ينطوي على ابعاد خطيرة على امن اسرائيل. قلت لبوتين ان هذا سيزعزع الاستقرار ويمس بإمكانية الاتفاق السياسي في سورية".
وكان نتنياهو قد قال في بداية جلسة حكومته، يوم الاربعاء، بأنه سيطلب من بوتين بأن يضمن كل اتفاق في سورية انسحاب القوات العسكرية الايرانية من هناك. وقال انه ينوي تكريس غالبية اللقاء مع بوتين لمناقشة نية ايران البقاء في سورية حتى بعد انتهاء الحرب هناك. واضاف ان ايران تعمل على انشاء ميناء في سورية، وهي خطوة يمكن ان تساعدها على البقاء في المنطقة لفترة طويلة.
المصادقة على تعيين ربيب الاستيطان فريدمان سفيرا لواشنطن لدى اسرائيل
كتبت "هآرتس" ان لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي صادقت على تعيين ديفيد فريدمان سفيرا للولايات المتحدة لدى اسرائيل. وخلال التصويت الذي جرى يوم الخميس، حظي فريدمان بتأييد كل اعضاء اللجنة من الحزب الجمهوري، وبدعم سيناتور واحد من الحزب الديموقراطي. وهذه هي المرة الاولى منذ عشرات السنوات التي ينقسم فيها تصويت الحزبين على تعيين سفير في اسرائيل بشكل واضح. ويناط تنفيذ القرار بمصادقة مجلس الشيوخ على التعيين، حيث يتوقع ان يحظى فريدمان بتأييد كل اعضاء الحزب الجمهوري الذين يشكلون غالبية في المجلس.
ويشار الى ان فريدمان الذي اثار عاصفة بسبب تصريحاته المتطرفة خلال الحملة الانتخابية للرئاسة الأمريكية، وبعد اسابيع منها، حاول خلال جلسة استجوابه في اللجنة، قبل ثلاثة اسابيع، تصحيح الضرر الذي سببته تصريحاته، في سبيل نيل دعم اعضاء الحزب الديموقراطي في اللجنة. واعرب خلال ذلك عن ندمه لأنه وصف رجال اوباما باللاسامية، وتراجع عن وصفه لرجال اللوبي اليهودي جي ستريت بأنهم "اسوأ من كابو" (الحراس اليهود في معسكرات تركيز اليهود خلال الحقبة النازية)، بل اعرب عن دعمه لحل الدولتين الذي وصفه في السابق بأنه "وهم".
ورغم هذا التراجع فقد قرر تسعة من بين اعضاء الحزب الديموقراطية العشرة في اللجنة التصويت ضد تعيينه، وقال السيناتور اليهودي بن كاردين من ولاية ميريلاند، انه يقدر جهود فريدمان لتوضيح اقواله الا انه قرر التصويت ضد تعيينه. ويشار الى ان كاردين يعتبر احد اربعة ديموقراطيين صوتوا ضد الاتفاق النووي مع ايران ويعتبر من الشخصيات المحبوبة جدا في اسرائيل. ويؤكد قرار الديموقراطيين التصويت ضد فريدمان حقيقة تعمق المصاعب في جوهر العلاقات بين الحزب الديموقراطي واسرائيل.
وكان النائب الديموقراطي الوحيد الذي دعم تعيين فريدمان هو روبرت منانديس من ولاية نيوجرسي، التي تعيش فيها جالية يهودية ارثوذكسية كبيرة. ويعتبر هذا من المقربين جدا من اللوبي اليهودي ايباك الذي امتنع عن اعلان دعمه لترشيح فريدمان.
وقال لوبي جي ستريت ان "حقيقة امتناع غالبية مندوبي الحزب الديموقراطي عن تأييد فريدمان تشير الى ان فريدمان لا يستحق تسلم المنصب الهام وان اختياره هو قرار سيء".
ترامب يحادث عباس هاتفيا
كتبت "هآرتس" على موقعها الالكتروني انه لأول مرة منذ تسلمه لمنصبه، تحدث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، هاتفيا، اليوم الجمعة، مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ودعاه لزيارة واشنطن. وقال البيت الابيض انه كرس نصف ساعة للمحادثة. وفي اعقاب ذلك من المتوقع ان يكون ترامب قد اجتمع بوزير خارجيته ريكس تيلارسون، في البيت الأبيض.
وكان عباس قد استقبل في رام الله امس (الخميس) وفدا من الحركة الاصلاحية الامريكية، الذي يقوم بزيارة الى البلاد. وابلغ عباس الوفد بأن الفلسطينيين يحافظون على علاقة مع ادارة ترامب، وان الادارة اوضحت بأن ترامب لا يزال ملتزما بحل الدولتين. وحضر اللقاء السفير الفلسطيني لدى الولايات المتحدة حسام زلمط. وقال الحاخام ريك جايكوبس، رئيس الحركة الإصلاحية بعد اللقاء بأن "الوفد لم يوافق على كل ما سمعه من عباس، لكننا سررنا لفرصة التحدث معه".
وتأتي المحادثة بين ترامب وعباس اليوم، بعد تذمر عدد من المتحدثين الفلسطينيين من تجاهل ترامب لمحاولة السلطة خلق قناة اتصال بين الجانبين. وقال المسؤول الفلسطيني الرفيع صائب عريقات، في عدة مناسبات خلال الاسابيع الأخيرة، ان كل محاولات السلطة للتقرب من الادارة واجهت التجاهل من قبل المسؤولين الكبار في محيط ترامب. وتوقف هذا التذمر في اعقاب زيارة رئيس جهاز CIA مايك فومبياو الى المقاطعة في شباط الماضي.
كما تأتي المحادثة على خلفية الزيارة المخططة في المنطقة لمستشار الرئيس ترامب جيسون غرينبلات، الذي سيعمل ايضا في الموضوع الاسرائيلي – الفلسطيني. ونشر امس في موقع "واللا" الاسرائيلي ان غرينبلات قد يجتمع بعباس في رام الله خلال الزيارة. كما قال الناطق بلسان الخارجية الأمريكية، مارك تونر، في مطلع الأسبوع، انه تم تعيين الدبلوماسي مايكل رتني، القنصل الأمريكي العام سابقا في القدس، مسؤولا عن الموضوع الاسرائيلي – الفلسطيني، وانه يحافظ على اتصال مع جهات في السلطة الفلسطينية.
ردا على قانون المؤذن: المسلمون ينصبون مكبرات صوت على بيوتهم لبث الآذان
تكتب "يديعوت احرونوت" انه ردا على مصادقة الكنيست في القراءة التمهيدية على قانون المؤذن، قرر مواطنون مسلمون تركيب مكبرات للصوت على اسطح بيوتهم لبث صوت الآذان، خاصة في موعد صلاة الفجر التي يستهدفها القانون بشكل خاص، كونه يمنع استخدام المكبرات بين الساعة 11 ليلا والسابعة صباحا.
احد هؤلاء، اشرف ابو علي من قلنسوة، قال: "صوت المؤذن لن يصمت. اشتريت مكبر صوت خاص، وخلال كل صلاة، خاصة الفجر، اقوم ببث صوت المؤذن. هذه الحكومة تهدم لنا البيوت وتهيننا والان تمس بالدين. على الحكومة ان تعرف بأن المس بالمؤذن والدين هو خط احمر يمكن ان يقود للحرب".
وفي باقة الغربية، امر رئيس البلدية المحامي مرسي ابو مخ ببث الآذان من دار البلدية، بواسطة المكبرات المنصوبة على سطح البناية. وقال: "هدفنا هو بث رسالة لكل من يقف وراء القانون الذي يهدف الى منع المؤذن، والقول اننا لن نوافق على القرار الذي يمس بالمشاعر والدين".
صحف بريطانية تدعي ان العائلة المالكة ستحيي مئوية وعد بلفور في اسرائيل
تكتب "يسرائيل هيوم": هل ستقوم العائلة المالكة في بريطانيا بأول زيارة رسمية الى اسرائيل؟ اذا كنا سنعتمد على وسائل الاعلام البريطانية التي تطرقت الى الدعوة التي وجهها الرئيس رؤوبين ريفلين الى القصر الملكي بواسطة وزير الخارجية البريطاني، بوريس جونسون، يبدو ان الجواب هو نعم. فقد نشرت صحيفة "تايمز" تقريرا واسعا حول الموضوع، تحت عنوان "العائلة المالكي ستحيي الذكرى المئوية لوعد بلفور بزيارة رسمية الى اسرائيل".
ورغم ان التقرير لم يوفر معلومات تدعم الموضوع، الا انه تم التوضيح بأن "اول زيارة رسمية باتت جاهزة للتنفيذ، وبذلك ستتولد سابقة بعد ان كان القصر الملكي يرفض دعوات من جانب الدولة اليهودية بهدوء".
كما نشرت صحيفة "اندبندت" على موقعها الالكتروني توقعات متفائلة بهذا الشأن، وكتبت ان "جهات في وزارة الخارجية تلمح الى ان اول زيارة للعائلة المالكة البريطانية ستتم هذا العام".
وجاء في التقرير انه اذا تمت الزيارة، فمن المحتمل ان لا تتمكن الملكة من الوصول، لأنها قلصت زياراتها الى الخارج بتوصية من الأطباء. "ولذلك يمكن الافتراض بأن الأمير تشارلز سيكون هو الذي سيقوم بالزيارة".
وكان الأمير تشارلز قد زار اسرائيل في العام الماضي للمشاركة في جنازة رئيس الدولة السابق شمعون بيرس، كما سبق وشارك في جنازة رئيس الحكومة سابقا يتسحاق رابين في 1995، لكنه لم يتم وصف الزيارتين بالرسمية. كما سبق ان زار والده فيليب اسرائيل في 1994، لزيارة قبر والدته الأميرة اليس، المدفونة في القدس.
واشار التقرير في "تايمز" الى ان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو دعا الامير تشارلز لزيارة اسرائيل في 2015، عندما التقيا في مؤتمر الاقليم في باريس، لكنه لم يتلق ردا على الدعوة.
وفي 1997 قام الرئيس الاسرائيلي آنذاك، عيزر فايتسمان بزيارة رسمية الى بريطانيا، ودعا الملكة لزيارة اسرائيل، لكنه لم يتم رد الزيارة. وجاء في رد مقتضب صدر عن القصر الملكي في بكنغهام ان "كل زيارة من قبل العائلة المالكة تتم بتوصية من وزارة الخارجية".
مقالات وتقارير
جريمة كراهية منظمة
تكتب كارولاينا لاندسمان، في "هآرتس" انه يتضح بأن الجمهورية الفرنسية، ايضا، لديها ما تتعلمه من التقدم الاسرائيلي في ما يتعلق بالفصل بين الدين والدولة. في مشروع قانون المؤذن الذي صادقت عليه الكنيست في القراءة التمهيدية هذا الاسبوع، جاء ان "القانون المقترح يطرح وجهة نظر تقول ان حرية العبادة يجب ان لا تشكل عامل اساءة لجودة الحياة." وشرح النائب موطي ("اييندا") يوغيف ان "هذا اولا قانون اجتماعي". في اطار صراعه الذي لا هوادة فيه من اجل حقوق الإنسان، اعلن بنيامين نتنياهو الذين يدعم القانون ان "المواطنين في اسرائيل – اليهود والمسلمين والمسيحيين على حد سواء – يملكون الحق بالنوم بهدوء". سنقول منذ الآن: الحق في العيش، الحرية والنوم بهدوء.
لقد تم طرح القانون بعد تأجيل متواصل، لأن الأحزاب الدينية عارضته. من علق الآمال على التضامن من قبل مجتمع المؤمنين في اسرائيل، ووجد العزاء في الوهم بأنه تبقى جزء طيب لم يتلوث حتى الان بفيروس العنصرية والتطرف اليهودي، من المفضل ان يصفع نفسه. المتدينون بكل بساطة تخوفوا من ان يمس القانون باستخدام مكبرات الصوت للاعلان عن دخول السبت. وعندما تمت حياكة صيغة خاصة بهم يتم وفقا لها تفعيل القانون ابتداء من الساعة 11 ليلا وحتى السادسة صباحا، أي يوجه ضربة للمسلمين فقط، ازال المؤمنون اليهود اعتراضهم.
يجب رفض التعامل مع هذا القانون بشكل موضوعي. لا يوجد أي شيء موضوعي في هذا القانون. يمكن لأنصاره القول "اجتماعي" و"بيئي" و"جودة حياة" – الكل اكاذيب. من الواضح انه في الدولة التي يقوم فيها الفصل بين الدين والدولة، والتاريخ وثقافة حماية المجال العام خاليا من الرموز الدينية، كان يمكن مناقشة سن قانون كهذا، يسري على كل الأديان بشكل متساوي. وبالطبع، في الفترة التي لم يكن فيها التوتر بين اليهود والمسلمين كبيرا، كان يمكن مناقشة تغيير المعايير. ولكن في اسرائيل 2017؟؟! على من يكذبون؟ من الواضح ان المقصود جريمة كراهية منظمة. ولذلك ليس من المفاجئ انه في الرد على ذلك سمع هتاف "الله اكبر" في قاعة الكنيست. اسرائيل تقوم بتحريض الاقليات فيها ضدها. البلطجية القومية اليهودية ضد الاقلية في الدولة هي دعوة للانتفاض. يمكنها ان تسبب جنون الأفيال، وتحويل الحمائم الى صقور.
لقد شرح المؤرخ دافيد بنكير ان الدعاية النازية قامت، عمدا، بتنمية مشاعر الذنب الجماعي لدى الألمان. منذ بداية 1942، زودتهم بتلميحات حول ما يحدث لليهود، لكي يشعر الألمان بأنهم اجتازوا مع قادتهم حدود الاخلاق الطبيعية. وفي 1943، كتب غابلس في يومياته: "بالنسبة للمسألة اليهودية بشكل خاص، اتخذنا موقفا لا مفر منه. هذا جيد. فالحركة والشعب الذين احرقوا جسورهم يحاربون بإصرار كبير، اكثر من اولئك الذين يمكنهم التراجع".
لا يوجد هنا أي تلميح الى المقارنة بين جرائم النازيين وقانون المؤذن. هناك ما يكفي من هذه الجرائم للجميع. المقصود هو تسليط الاضواء على اجراءات يمر بها المجتمع في دولة ترتكب جرائم جماعية. منذ الانتخابات الأخيرة، يسود الشعور بتسريع التدهور الاخلاقي في اسرائيل. لقد تم هنا نزع الكوابح والأقنعة. كل شيء اصبح ظاهرا. نحن عنصريين ولا نعتذر. نحن نسرق الاراضي ونطالب بأن يتم ذلك بشكل قانوني. نحن نطلق النار لقتل الأعداء حتى عندما يتم احباطهم. نحن نريد الأبرتهايد، ونحن نريده الآن. بدلا من السلوك حسب القانون، نريد ملاءمة القانون لسلوكنا.
يكتب بنكير انه عندما لاحظ النازيون الانهيار في الأفق، اكدوا في الصحف والخطابات، ان هتلر لم يفرض ابدا نفسه، وان سياسته حظيت مرة اخرى بالإجماع، كما تم التأكيد بأن الكثيرين اغتنوا بفضله. ربما تقوم هنا آلية مشابهة: اسرائيل تفهم انها تتقدم على مسار بلا مخرج، وتحاول تعزيز الصفوف بواسطة ابراز مسؤولية كل الشعب عن الاحتلال ونتائجه. يتخلون عن الخجل ويصرون على سن القوانين من اجل تجنيد الشعب كله في دائرة المسؤولية والذنب. نحن نحرق الجسور واحدا تلو آخر. ألا يزال من الممكن التراجع؟
دراما مزيفة
يكتب مدير الاعلام في مجلس المستوطنات في الضفة الغربية يغئال ديلموني، في "هآرتس" ان شاؤول اريئيلي اختلق في "هآرتس" (3.3) "دراما مزيفة". لقد اخترع نظرية وحددها كهدف، وجمع من حولها انصاف الحقائق، وربطها بكلمات دراماتيكية، وخلق دراما (تراجع المشروع الصهيوني). صحيح ان النظرية جديدة، لكن الأسلوب معروف جدا في مشهد اليسار الاسرائيلي. يجلسون تحت ضوء المصباح من دون ان يعرفوا الوقائع على الأرض، وينثرون انصاف الحقائق، دون ان يتعلموا من الماضي، وبشكل خاص – يحاولون خلق دراما مزيفة عن الجميع، من اجل تأطير الواقع. والاستهتار بالمتدينين سكان يهودا والسامرة، هو أيضا، جزء من التوجه الذي يجب ان يزول من العالم.
في نظرية اريئيلي المعروضة، هناك الكثير من اطراف الخيوط التي يمكن شدها، الى حد يصبح معه من الصعب معرفة أين نبدأ. وبالتأكيد لن يفاجئكم المعرفة بأنه في كل سنة ينشر من على هذا المنبر مقالات مشابهة، مع ادعاءات مشابهة. في الصيف الأخير نشر مقالة عنوانها "فشل مشروع الاستيطان (هآرتس 17.6)، وفي ربيع 2015، نشر مقالة بعنوان "اكذوبة ازدهار المستوطنات" (هآرتس 5.3)، ورغم كل المحاولات، فإن نبوءات الغضب غير المسنودة عن فشل المستوطنات، لا تتحقق، بل على العكس.
يكفي طرح ادعاء واحد بسيط من اجل مواجهة الدراما المزيفة التي يحاول ارئيلي خلقها: كل نظريته تعتمد على معطيات الجمهور في النصف الثاني من 2016. هذا مثير للحزن اكثر من كونه مضحكا، ويخجل ثقافة القراء. بناء نظرية ديموغرافية على أساس معطيات نصف سنوية هو مسالة غير جدية، وبشكل خاص خاطئة ومضللة. فتوجهات النمو او التراجع يتم فحصها على مدار سنوات، او على الأقل على مدار سنة كاملة.
اذن، انسوا كل ما كتب. فيما يلي المعطيات الكاملة، مع حقائق حقيقية واستنتاجات صحيحة، حتى وان لم تكن مريحة لنا. الزيادة في عدد سكان مستوطنات يهودا والسامرة مستمرة. حسب معطيات دائرة السكان، ازداد عدد الجمهور في يهودا والسامرة وغور الاردن في 2016، بنسبة 3.9%، أي 15.765 مواطنا جديدا. وتضاعف وتيرة الزيادة هذه بمرتين، وتيرة متوسط الزيادة على المستوى القطري التي بلغت 1.9% سنويا.
في العقد الأخير ازداد عدد سكان يهودا والسامرة بنسبة 66% (!). منذ عام 2005، حيث كان يعيش في الضفة 254.500 مستوطن، انضم اليهم ما لا يقل عن 167 الف مستوطن جديد. في 2016، بلغ عدد السكان في هذه المناطق اكثر من 422 الف نسمة (مستوطنين).
للأسف، وعلى الرغم من ان الزيادة تفوق المتوسط القطري، الا اننا نشهد اعاقة معينة في النمو. في 2008 ازداد عدد السكان بنسبة 5.6%، ومنذ ذلك انخفضت الوتيرة بالتدريج الى 3.9% في 2016. عندما نفحص جيدا العوامل المؤثرة على وتيرة الزيادة نرى الانخفاض في النسب كنتيجة للهجرة الداخلية (سكان جدد) وارتفاعا في النسب كنتيجة للزيادة الطبيعية.
هناك تفسيران حقيقيان لهذه الظاهرة: التفسير الأول هو احصائي. عندما تبقى الزيادة في عدد الأنفس ثابتة في الارقام المطلقة، تتقلص نسبة الزيادة في النسب المئوية عن النسبة العامة والتي تتزايد كل سنة. التفسير الثاني جوهري اكثر وينبع من السياسة الحكومية – تجميد التخطيط والبناء. منذ 2010 توقفت بشكل شبه مطلق كل مخططات البناء المستقبلية، والحكومة تمنع تسويق منازل في المدن الكبيرة. تقلص عدد المساكن التي تبنى وتباع – يعني تقلص عدد السكان الذين يصلون للاقامة. وهكذا تصبح الزيادة الطبيعية اكبر بكثير.
في 2016، لم تطرأ زيادة، تقريبا، في مدينة معاليه ادوميم. وللدقة، كانت نسبة زيادة ضئيلة جدا (0.3%). وتتشابه المعطيات في مستوطنات اخرى. هذا لا ينبع من عدم الطلب، وانما من السياسة الحكومية. لو لم يتم تجميد البناء لكان قد وصل الى يهودا والسامرة وغور الأردن عدد اكبر من السكان. في المستوطنات التي لا يمكن وقف تسويق البيوت فيها، نشهد حالة نمو: طلمون 5.5%، شيلو 7.2%، غيتيت 15%، معون 6.5%، بروخين ومغداليم 16.5% وغيرها.
كما تثبت ذلك اسعار المنازل. فانخفاض الطلب يجب ان يؤدي الى انخفاض اسعار البيوت في المنطقة، لكن الحقائق تقول شيئا آخر. لقد ارتفعت اسعار البيوت في يهودا والسامرة خلال السنوات الأخيرة بحوالي 30%. كما يتواصل ارتفاع الأسعار في المدن التي لا تشهد زيادة في السكان. وكما نتعلم في دورات الاقتصاد: الطلب الكبير مع العرض الصغير يسبب ارتفاع الأسعار.
الدراما المزيفة هنا مضاعفة. من جهة يدعي اليسار انه يجب وقف البناء في المستوطنات، ومن جهة اخرى يعرض معطيات تدعي عدم ازدياد عدد السكان.
ازالة الحواجز امام البناء ستفتح السد الذي يوقف النمو حاليا، وسيزيد من حجم المنازل المعروضة في اسرائيل ويقود الى النمو الديموغرافي. اذا لم يحدث هذا، سنقرأ في السنة القادمة، ايضا، مقالة اخرى تتحدث عن فشل الاستيطان، بينما سيتزايد الطلب على الأرض وسيتواصل تسارع النمو اكثر مما في بقية انحاء البلاد.
بينت وعون متفقان: لا يمكن الفصل بين لبنان وحزب الله
يكتب عاموس هرئيل، في "هآرتس" انه قبل حوالي شهر، في 12 شباط، سافر الرئيس اللبناني ميشيل عون في زيارة رسمية الى القاهرة. وقبل الزيارة اجرى عدة مقابلات مع وسائل الاعلام المصرية. عون الذي انتخب للرئاسة بعد صراع قوى متواصل، تحقق فيه الفوز لايران وحزب الله، تحدث عن حقيقة أن المنظمة الشيعية لا تزال المليشيا اللبنانية الوحيدة التي ترفض على الملأ التخلي عن سلاحها. وقال عون ان حزب الله يشكل جزء كبيرا من الشعب في لبنان. وأضاف: “طالما كانت اسرائيل تحتل الارض وتطمع بالموارد الطبيعية للبنان، وطالما لا يملك الجيش اللبناني القوة الكافية للوقوف في وجه اسرائيل، فان السلاح (في أيدي حزب الله) حيوي، لكونه يكمل عمل الجيش ولا يناقضه. إنه جزء اساسي في الدفاع عن لبنان".
حسب ما كتبه مؤخرا العميد (احتياط) آساف  اوريون، من معهد دراسات الامن القومي في جامعة تل ابيب، فان تصريحات عون تعني “ازاحة الستار وتمزيق القناع، بشكل رسمي، للواقع اللبناني المعروف، الذي يقوم العرف الدبلوماسي الغربي بتمويهه.  فالرئيس اللبناني يلغي التمييز القسري بين الدولة السيادية، ظاهرا، وبين حزب الله. وبذلك يتحمل الرئيس اللبناني رسميا المسؤولية عن نشاطات حزب الله، بما في ذلك نشاطه ضد اسرائيل”. كما ان تصريحات عون تتناسب مع ما يحدث على الأرض. وقد ادعى وزير الأمن ليبرمان، هذا الاسبوع، امام لجنة الخارجية والامن البرلمانية، أن الجيش اللبناني الآن هو “وحدة اخرى في منظومة حزب الله”.
ما الذي يعنيه ذلك بالنسبة للرد الاسرائيلي على حزب الله في حال اندلاع حرب اخرى في الشمال؟ قبل ثلاثة اسابيع تم الحديث هنا عن الصعوبة الاساسية التي تواجه الجيش الاسرائيلي في لبنان: القدرة المحدودة على مواجهة تهديد الصواريخ الموجهة ضد السكان المدنيين في اسرائيل والبنى التحتية الاستراتيجية في الجبهة الداخلية. عندما لا يمتلك سلاح الجو الاسرائيلي ردا هجوميا مناسبا للصواريخ على الجبهة الجنوبية، ايضا، تكفي منظومات التصدي للصواريخ، وفي مقدمتها القبة الحديدة، لاعتراض غالبية الصواريخ. ولكن في الشمال، عندما يستطيع حزب الله اطلاق اكثر من ألف صاروخ خلال يوم واحد من الحرب، فان الحل الهجومي يبدو جزئيا، بينما الرد الدفاعي محدود.
تقرير مراقب الدولة عن "الجرف الصامد" نزل من عناوين الصحف خلال ايام معدودة، لكن الصعوبات التي ستواجه اسرائيل في المواجهة المستقبلية في غزة، وبشكل اكبر في لبنان، بقيت على حالها. في هذه النقطة من المثير بالذات، سماع موقف عضو المجلس الوزاري المصغر  الوزير نفتالي بينت، الذي تبنى مراقب الدولة ادعاءاته في الخلافات مع رئيس الحكومة نتنياهو في قضية الانفاق الهجومية في القطاع. في الوقت الذي يبدو فيه بينت، في المجال السياسي متحمسا لفرض حقائق احادية الجانب على الأرض، حتى لو كان الثمن الدخول في صراع مع الدول الاوروبية واحراج ادارة ترامب، يبدو أن موقفه في المسائل العسكرية اكثر تعقيدا. في أكثر من مرة، عبر عن تشكك صحيح بالمواقف التي تطرحها القيادة الأمنية، ويرفض قبول مفاهيمها كاستنتاجات لا جدال فيها.
هذا السبوع، قال بينت لصحيفة "هآرتس" إن صيد راجمات الصواريخ اثناء الحرب، هي “مهمة شبه مستحيلة تقريبا – وأنا اقول ذلك كمختص في صيد الصواريخ”. خلال حرب لبنان الثانية قاد بينت، كضابط احتياط ، قوة من وحدة خاصة تم ارسالها الى عمق جنوب لبنان، وبحثت عن خلايا حزب الله التي تطلق الصواريخ. ويقول: “عندما عملنا في منطقة معينة، صحيح اننا قلصنا اطلاق الصواريخ منها، لكن الخلايا تحركت الى مسافة اكبر في الشمال”. ومنذ ذلك الوقت، كما يقول، مرت 11 سنة وتعلم حزب الله كيفية الاستعداد بشكل اكثر حكمة. “لقد قاموا بنقل منصات الصواريخ من المحميات الطبيعية ومن البؤر في المناطق المفتوحة، الى داخل المناطق المأهولة. لا يمكن محاربة الصواريخ بدبوس. طالما أنك لم تصل الى البيت الذي تتواجد  فيه المنصة فأنت غير ناجع. وعدد البيوت التي يجب الوصول اليها ضخم.
"بعد تسريحي من الخدمة في الاحتياط، قرأت جميع الكتب التي الفتموها عن الحرب. وفهمت، بأثر رجعي، أن الحدث المفصلي للحرب حدث في يومها الاول، خلال المحادثة الهاتفية بين ايهود اولمرت وكونداليسا رايس″. فقد طلبت مستشارة الامن القومي للرئيس بوش من رئيس الحكومة عدم استهداف البنى التحتية في لبنان. وتمت الاستجابة لطلبها. وهكذا تم صد الباب امام امكانية انتصار اسرائيل في الحرب.
" لقد عرض لبنان نفسه في حينه كدولة تريد الهدوء، ولا يتمتع بتأثير على حزب الله”، قال بينت، "أما اليوم، فان حزب الله هو جزء من النظام اللبناني السيادي، جزء من السلطة، وحسب الرئيس فهو، أيضا، جزء من الامن القومي. لقد فقد التنظيم حقه في التظاهر كتنظيم صعب المراس، امتلاك الشيء والشعور بدونه".
يعتقد بينت أن هذا التوجه يجب أن يكون الموقف الرسمي لإسرائيل. “المؤسسات في لبنان والبنى التحتية والمطار ومحطات الطاقة وجسور المواصلات والمواقع العسكرية، كلها يجب أن تكون اهداف مشروعة للهجوم اذا نشبت الحرب. يجب علينا قول ذلك لهم وللعالم منذ الآن. اذا اطلق حزب الله الصواريخ على الجبهة الداخلية الاسرائيلية، فان هذا يجب أن يعني اعادة لبنان الى العصور الوسطى. الحياة في لبنان اليوم، ليست سيئة، لا سيما قياسا بما يحدث في سورية. يجب على المواطنين في لبنان أن يعرفوا، ومن ضمنهم الشيعة، بأن هذا ما ينتظرهم وأن حزب الله يورطهم لاعتباراته الخاصة أو في خدمة ايران”.
الى جانب ذلك، يوضح بينت أن هذه ليست بالضرورة خطة الحرب المقتربة، وانما محاولة لمنع لمعركة اخرى. “اذا صرحنا وسوقنا هذه الرسالة بشكل قوي بما يكفي الآن، قد نستطيع منع الحرب القادمة. فنحن ليست لدينا أي نوايا هجومية في لبنان”. وحسب رأيه، اذا نشبت الحرب رغم ذلك، فان الاستهداف المكثف للبنى المدنية، بالتوازي مع اجراءات اخرى للجيش في الجو والبر، ستسرع التدخل الدولي، الامر الذي سيقلص زمن الحرب. “هذا سيجعلهم يتوقفون بسرعة. ومن مصلحتنا أن تكون الحرب قصيرة قدر الامكان. حتى الآن لم أقل هذه الامور علنا، لكن من المهم البدء بنقل الرسالة والاستعداد منذ الآن لمواجهة الابعاد القانونية والدبلوماسية. هذه هي أفضل طريقة لمنع الحرب".
التوجه الذي يعبر عنه بينت ليس جديدا كليا. في العام 2008، بعد عامين من الحرب الاخيرة في لبنان، عرض قائد المنطقة الشمالية، في حينه (رئيس الاركان الحالي)، غادي آيزنكوت، “نظرية الضاحية”. لقد تحدث ايزنكوت عن التدمير الشامل للمباني في المناطق المتماثلة مع حزب الله (كما تم على مستوى مصغر في حي الضاحية الشيعي في بيروت اثناء الحرب)، كوسيلة لردع المنظمة وتقصير زمن الحرب. في تلك السنة اقترح الجنرال (احتياط) غيورا آيلاند الاضرار بالبنى التحتية السياسية في لبنان خلال الحرب. لكنه لم يتم، حتى اليوم، تبني هذه النظرة كسياسة اسرائيلية علنية أو سرية. تصريحات بينت تعكس محاولة عضو مركزي في المجلس الوزاري المصغر تحويلها الى سياسة كهذه. التعادل الذي حققته اسرائيل في غزة في الجرف الصامد، أقنع بينت بصحة موقفه. فهناك، ايضا، وافقت حماس اخيرا على وقف اطلاق النار بعد 51 يوما من الحرب، فقط بعد أن بدأ سلاح الجو عمليات التدمير المنهجي للابراج السكنية التي اقام فيها قادة المنظمة.
تنظيم الاستخبارات
الانتقادات الضعيفة التي اسمعها مراقب الدولة بسبب غياب بدائل سياسية عشية الحرب في غزة، وفرت رافعة معينة، رغم انها محدودة، للنقاش حول ظروف الحياة الرهيبة في القطاع. عضو المجلس الوزاري المصغر، الوزير يسرائيل كاتس اعلن انه سيطرح مجددا اقتراحه بإقامة ميناء على جزيرة اصطناعية امام شواطئ غزة. ولكن ربما من المفاجئ ان بينت، ايضا، يؤيد فحص هذا الخيار بجدية، وما اذا كان يمكن تنفيذه بقدر محدود من المخاطرة الامنية. بل انهم في البيت اليهودي على استعداد لفحص تأييد خطوات اخرى لتخفيف الوضع في القطاع، كمنح تصاريح دخول للعمال الزراعيين من القطاع للعمل في بلدات غلاف غزة، وهي خطوة يوصي بها، ايضا، رؤساء السلطات المحلية في النقب. ويبدو ايضا انه في الجناح الاكثر يمينية في حكومة نتنياهو يدركون خطر نشوب الحرب من جديد مع حماس، التي تعزز من قوتها. طالما تواصل الركود الحالي.
من الادعاءات الاخرى التي طرحها المراقب حول نوعية المعلومات الاستخبارية التي توفرت لدى الجيش الاسرائيلي في مسألة التعامل مع تهديد الانفاق، واجهت معارضة شديدة ليس فقط من قبل الشخص الرئيسي الذي تعرض للانتقاد، رئيس الاستخبارات العسكرية السابق الجنرال افيف كوخافي، بل ايضا، من قبل رئيس الاركان السابق بيني غانتس وقادة آخرين. لكن التقرير يشمل ايضا ملاحظات اخرى بنيوية حول الاستخبارات، التي تستحق الانتباه. لقد وجد المراقب انه بعد الانفصال عن القطاع في 2005 لم توزع اسرائيل بشكل منظم المسؤوليات لمتابعة ما يحدث في القطاع، بين الاجهزة الاستخبارية. وفي هذا السياق لم تتم متابعة تهديد الانفاق، واصبح الاهتمام بالساحة الغزية ضعيف نسبيا من قبل جهاز المعلومات الحيوية – جدول الأولويات، في الاجهزة الاستخبارية.
بعبارة اخرى، حسب المراقب، لم يكن هناك جهاز استخباري اسرائيلي محدد يتولى ما يحدث في القطاع. وهذه المسألة يتحمل مسؤوليتها مباشرة رئيسي الحكومة (اولمرت وبعده نتنياهو)، المسؤولان عن تحديد جدول الأولويات، والجهة التي يخضع لها الشاباك والموساد مباشرة. عضو الكنيست عوفر شيلح الذي، العضو في لجنة الخارجية والامن وأحد المنتقدين بشدة للجرف الصامد منذ اللحظة الاولى، سيستغل هذه الانتقادات لكي يقدم في الاسبوع المقبل، مشروع قانون يدعو لتنظيم عمل الخدمات السرية.
ويقول شيلح إنه في ظل الوضع القانوني الحالي، لا يتمتع وزير شؤون الاستخبارات بصلاحيات حقيقية، وفي الواقع لا توجد جهة حكومية تشرف على عمل الاجهزة الاستخبارية، في الوقت الذي تصل فيه ميزانية الشباك والموساد السنوية الى 8 مليارات شيكل. وهذا يساوي ميزانية وزارة حكومية متوسطة. وكما يتبين من تقرير المراقب، فان رئيس الحكومة لا يصغي الى ذلك، باستثناء الانشغال الموضعي في المصادقة على العمليات الخاصة ومناقشة القرارات الاستراتيجية.
ولهذا يعتقد شيلح أنه نشأ وضع لا توجد فيه صلاحية تشرف عن قرب على وضع الحدود الفاصلة بين الاجهزة الاستخبارية وجدول الاولويات في تخصيص الموارد لجمع المعلومات. لقد اصبحت الحاجة الى ذلك ملحة، لأن طبيعة التهديدات لاسرائيل تغيرت نتيجة للهزة الاقليمية. في الماضي، عندما انشغلت اسرائيل في الأساس بالدول المعادية، كان تقاسم المسؤولية اكثر وضوحا. تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) هو افضل مثال على التغيير. عندما يجري الحديث عن تهديد اهداف اسرائيلية ويهودية في الخارج، تكون هذه المخاطر بمسؤولية الموساد والشاباك. وماذا بالنسبة لتواجد داعش على الحدود، كما في جنوب هضبة الجولان وسيناء؟ هل هي مشكلة شعبة الاستخبارات والموساد. وماذا عن تأثير داعش على العرب في اسرائيل؟ هذا بالتأكيد مجال اهتمام الشاباك. كل هذه المسائل تحتم التنظيم، ولكن، ايضا، المراقبة الحكومية.
مشروع قانون شيلح يقوم بتنظيم مكانة وزير شؤون الاستخبارات، ايضا كعضو دائم في المجلس الوزاري، وكذلك صلاحياته. وسيكون الوزير مسؤولا من قبل رئيس الحكومة عن الخدمات السرية، التي ستبقى خاضعة لرئيس الحكومة. الوزير سيراقب نشاط المنظمتين الاستخباريتين والميزانيات والتعيينات، وسيكون مسؤولا عن الصلة اليومية بينها وبين رئيس الحكومة. كما سيكون مسؤولا عن تنظيم قطاعات عمل اجهزة الخدمات السرية والتقييمات الاستخبارية السنوية. لقد سئل شيلح هذا الاسبوع عن فرص نجاح قانونه في الكنيست والحكومة الحالية، فاعترف قائلا أنه "لا توجد أي ذرة من الفرص" حاليا. ربما في الكنيست القادمة.
تدمير كلي
يكتب ناحوم برنياع في "يديعوت أحرونوت"، انه في صباح احد الأيام الباردة اتصل روني ديرمر، سفير اسرائيل لدى واشنطن، مع غارد كوشنر، نسيب الرئيس الامريكي (زوج ابنته ايفينكا) والمسؤول عن العلاقة بين حكومة اسرائيل والبيت الابيض. مرحبا غارد، قال له، كيف مر يوم السبت على الرئيس؟ فأجابه غارد: بعون الله. وضحكا. وقال له السفير: لدي طلب صغير، رئيس الحكومة يرغب جدا في التحدث مع الرئيس في موضوع هام. لا توجد مشكلة، أجاب غارد، سأقوم بتنسيق الأمر على الفور. هذا هو، قال السفير، نحن نريد أن تجري المكالمة في توقيت محدد.
ثم ذكر السفير الموعد. وفي الموعد المحدد، رن الهاتف في القدس، ورئيس الحكومة الذي كان في ذروة التحقيق معه من قبل الشرطة، قال لأفراد الشرطة، اسمحوا لي، رئيس الولايات المتحدة يبحث عني وأنا ملزم بالتوقف. المحققون أصابهم التأثر: ليس في كل يوم يشهدون حدثا تاريخيا. ورددوا في أذهانهم: لماذا نقوم بإزعاج هذا الرجل بالأسئلة حول السيجار في الوقت الذي يربت فيه مصير العالم على كتفيه.
بعد انتهاء المحادثة أصدر رئيس الحكومة بيانا: الرئيس ترامب اتصل بي اليوم، وتحدثنا عن الصراع ضد ايران. ويدرك الاسرائيليون للمرة الألف أنه لا بديل لرئيس حكومتهم. ليس مهما أنه في الوقت نفسه، كانت سفينة حربية ايرانية تحاصر سفينة حربية امريكية في البحر الاحمر. وامام المفاجأة التي اصابت بعض المخضرمين في الادارات السابقة، لم يقم ترامب بإطلاق ولو رصاصة واحدة. ليس مهما أن الكلام شيء والافعال شيء آخر – لا توجد لدى ادارة ترامب حاليا، اي خطة لفتح أو الغاء الاتفاق النووي مع ايران. لقد مرت 50 يوم منذ بداية ولاية ترامب وحتى الآن لا توجد لديه سياسة خارجية.
ليس لدي أي فكرة عما اذا جرت هذه المحادثة فعلا بين السفير وزوج ابنة ترامب (في مكتب رئيس الحكومة نفوا وجود تنسيق كهذا حين توجه ايلهم مراسلنا ايتمار ايخنر). أنا أعرف فقط أنه عندما سألت جهات مختلفة من خريجي الادارة السابقة في واشنطن عن موعد المكالمة، كان الجواب ضحكة كبيرة. وقال احدهم: “بيبي صنع معروفا كبيرا مع ترامب عندما اعفى ادارته تماما من المسؤولية عن موجة اللاسامية في امريكا، وترامب رد له الجميل. لا يوجد أي ارتباط بين المحادثة وايران".
سأعود الى ترامب ونتنياهو فيما بعد. الشخصية المثيرة للفضول في هذه القصة هو غارد كوشنر، زوج ابنة الرئيس. كوشنر (36 سنة) هو الاسم الاكثر اثارة في الشائعات التي تغذي المدينة. مكانته ليست واضحة، هل هو اليد اليمنى للملك، والشخص الذي سيحسم الامور، وهل هو، في هذا الجيل الصغير، سيكون البالغ المسؤول؛ هل سيكون عامل الصيانة الرئاسي، الشخص الذي يتولى مهمة الاصلاح، التأهيل، مصالحة من يشتمه عمه في تغاريده؛ أم أنه احد المخصيين في ساحة الملك؛ الشخص الذي يقولون له "اذهب لإحضار كذا"، فيذهب ويحضر. يمكن أن يكون كل هذه الاشياء معا. احد الاشخاص الذي التقى بهما قال لي: “ترامب يثق بغارد. ففي نهاية المطاف هو الوحيد الذي سيواصل الالتقاء به، حتى بعد انتهاء ولايته كرئيس″.
نهاية العالم
واشنطن ليست مدينة في المعنى المعروف للكلمة. لقد ولدت في عملية اخصاب اصطناعي، في لقاء بين طموح سياسي ومعايير عقارات. إنها قائمة ككيان منفصل، يكرهها معظم الامريكيين ويبجلونها. في ديترويت ينتجون السيارات، وفي واشنطن ينتجون القوة: مدينة ذات صناعة واحدة. في السنوات الاخيرة، سنوات بوش واوباما، تمت ترجمة القوة الى المزيد والمزيد من المال، وتمت ترجمة المال الى فساد. لقد تحولت السياسة من هدف في الحياة، الى ممر قصير يقود الى المهنة الحقيقية – حشد التأييد. الناس يصلون من أرجاء البلاد وهم مسلحون بوجهات نظر ونوايا حسنة. وخلال ولاية أو ولايتين يحولهم رجال اللوبي الى فاسدين، ويتحولون هم بأنفسهم الى لوبي يفسد الآخرين. في العام 2013 نشر الصحافي مارك لايفوفيتش كتابا بعنوان “هذه المدينة”، وصف فيه واشنطن كنادي مغلق فوق حزبي، مليء بـ “الأنانية” والمصالح والصواب السياسي، ويعيش بين حفل وآخر وبين حدث وآخر. بيل وهيلاري كلينتون كانا في وسط هذا الحفل، الذي بدا وكأنه لن ينتهي أبدا، الى أن جاء ترامب.
ترامب وستيف بانون. بانون الذي وقف على رأس موقع الاخبار الفائق في تطرفه اليميني "رايتبرات"، هو مهندس انتصار ترامب في الانتخابات. انه مليونير بقواه الذاتية، مثقف وذكي وعدواني. لديه وجهة مبلورة، قريبة من الفاشية، ومزاج متقلب. لقد وصل الى البيت الابيض من اجل هدف معلن وهو تدمير المؤسسة السياسية الامريكية. لا للتصحيح ولا للتغيير، وانما للتدمير. هناك يكثرون من مقارنته بلينين، مؤسس الثورة البلشفية، الذي قال إنه كلما ازداد الوضع سوءً سيكون الوضع افضل. انه يفكر بمفاهيم مشابهة، وبنفس القدر يمكن مقارنته مع راسبوتين، المخادع المظلم الذي سيطر على بلاط القيصر نيكولاي.
هذا الاسبوع وجدت في واشنطن فزعا كبيرا. تذكرت الجملة التي قالها تيدي كوليك، رئيس بلدية القدس السابق، بعد الانقلاب السياسي الذي اوصل مناحيم بيغن الى السلطة: “لقد انتقلنا من حكومة معادية الى حكومة اجنبية”. ترامب مثل بيغن، انه شخص شعبوي قومي متطرف، لكن هنا ينتهي التشابه. فبيغن قدس القانون والمحكمة والتقليد البرلماني وقواعد اللعب. أما ترامب فيتقبل في الوقت الحالي قرارات المحكمة، وكل ما دون ذلك يحتقره.
مارتن انديك، مبعوث الادارة الامريكية السابق لشؤون الشرق الاوسط، و نائب رئيس معهد الدراسات بروكينغز حاليا، يقول ان "امريكا هي دولة تقوم على مؤسسات راسخة في الدستور. ستيف بانون يؤمن بأنه يجب هدم هذه المؤسسات كليا، وهو يدفع ترامب في هذا الاتجاه".
هل يملك فرصة النجاح؟ طرحت هذا السؤال على توماس فريدمان، صاحب القلم المؤثر جدا في “نيويورك تايمز″. فريدمان متفائل جدا. لكن تصرفات ترامب حولته الى متشائم. في نهاية الاسبوع الماضي قال خلال مقابلة تلفزيونية إنه اذا واصل ترامب هكذا سيضطرون في النهاية الى انتزاع سيطرته على الرقم السري النووي.
قال لي: " لست متأكدا من أن المؤسسات ستصمد. طريقة سلوك الجمهوريين تترك السؤال مفتوحا. عندما يتهم احد الرؤساء، الرئيس السابق بجريمة بحجم ووترغيت من دون ان يطرح أي دليل- وعندها يقول قادة الحزب الجمهوري بأن لديه سببا لقول ذلك- فان هذه هي نهاية العالم. فكر بالمفارقة: هناك تدخل روسي في الانتخابات الامريكية، ومن الذي يرفض التحقيق في ذلك؟ اليمين الجمهوري. باستثناء قلة، اصبح حزبهم كله فاسدا. اذا تواصل هذا النهج، قد نصل الى نقطة اللاعودة".
"ترامب ملوث العقل"، يقول فريدمان.
لا يعاودون الاتصال
طوال 20 سنة، كان بيتر بيكر، مراسل البيت الابيض لصحيفتين هما الافضل في الولايات المتحدة- “واشنطن بوست” و”نيويورك تايمز″. في العام الماضي تم تعيينه مديرا لمكتب صحيفة “التايمز″ في اسرائيل. عندما انتخب ترامب للرئاسة، قال له محرر الصحيفة: آسف، يجب عليك العودة الى البيت الابيض: لقد التهم انتخاب ترامب كل الأوراق. وتم زيادة طاقم الصحيفة في البيت الابيض من اربعة صحافيين الى ستة صحافيين. وهم يكتبون يوميا آلاف الكلمات للنشرة المطبوعة والنشرة الالكترونية. ومنذ اشهر لا يوجد في وسائل الاعلام الامريكية أي قصة اخرى: فقط ترامب.
سألت بيكر الى أي حد يستطيع كاتب مثله الوصول الى البيت الابيض برئاسة ترامب. فقال: “لا مجال للوصول، لقد قمت بتغطية جمهوريين وديمقراطيين في البيت الابيض، ولم اواجه مثل هذا الأمر”.
وقلت له إن الصحيفة مليئة بالمعلومات. ويبدو لي أن ما تخسرونه نتيجة عدم الوصول، تكسبونه بواسطة التسريب، مثلنا بالضبط.
فقال: ان "التسريب هو تمرد واشنطن على الادارة الجديدة. كل مرشح للرئاسة يدعي أنه خارجي، أنه ضد واشنطن. هذا صحيح، فالرؤساء يأتون من الخارج – من اركانسو وتكساس وشيكاغو، لكنهم يأتون من الخارج لكي يصبحوا في الداخل. ترامب يتصرف بطريقة مختلفة. انه يقوم بانقلاب".
قلت، لكن الرئيس في هذه المدينة هو ضيف فقط. ويقف أمام المقيمين الدائمين، مثلث وسائل الاعلام، موظفو الدولة والعاملين في الكونغرس.
"هذا صحيح”، قال بيكر، "في العادة تتصارع مراكز القوة هذه ضد بعضها البعض، لكنها موحدة أمام ترامب، وهذا تمرد".
قلت له إن زميلك فريدمان يختلف معك.
"لحظة"، قال، “ترامب في المنصب منذ ستة اسابيع فقط. وبعد ستة اشهر سيكون الكونغرس مختلفا. الآن، ايضا، عندما اتهم ترامب اوباما بارتكاب مخالفات جنائية لم يخرج أي عضو في الكونغرس للدفاع عنه. قانون الصحة الحكومي الذي يقترحه ترامب واجه اعتراضات شديدة. وهذه هي البداية فقط”.
قلت: هل منعكم ترامب من حضور اللقاء اليومي مع الصحفيين؟
"لقد حدث هذا الامر مرة واحدة فقط. كانوا يريدون خلق الانطباع بأنهم الذين يسيطرون وليس نحن. وبعد ذلك عادوا الى الترتيب القائم. لكنهم لا يعيدون الاتصال الهاتفي. وفي اللقاءات مع الصحفيين يتوجهون أولا الى مراسلي وسائل الاعلام المؤيدة.
"الديمقراطيون لا يتصرفون في هذه المرحلة كمعارضة، وترامب يحتاج الى عدو. ووسائل الاعلام توفر له ذلك".
قلت له انني أعرف هذه القصة من البيت. ما الذي تعلمته خلال هذه الاشهر عن ترامب ولم تكن تعرفه؟.
"تعلمت اكثر عن حالته النفسية وسلوكه الخاص. إنه يشاهد النشرات الصباحية في التلفاز، يغضب من شيء ويرد. عشرات آلاف الاشخاص يعملون من اجله. وهم جاهزون لفحص كل معلومة من اجله، لكنه لا يتوجه اليهم ولا يقوم باستشارة أحد”.
لقد كتبتم أنه يتراكض في المساء بـ “برنس الحمام” في أروقة البيت الابيض وهو مصاب بالملل وعدم الراحة.
"ربما تنازل عن “البرنس”، لكن المشكلة قائمة. الرئيس بوش كان ينهي في المساء جدوله الزمني ويصعد الى قسم السكن لقضاء المساء مع لورا. وكان اوباما يصعد في المساء الى ميشيل والبنات. وهذا ما جعل حياتهم طبيعية. أما حياة ترامب فليست كذلك. ملينيا تعيش في نيويورك وبين الفينة والاخرى تنزل الى واشنطن، والابن بارون يعاني كما يبدو من مصاعب  في التعليم. ولذلك يبقى ترامب في معظم الوقت، لوحده مع التلفاز وتويتر. وهذا غير صحي".
هل سيحقق هذا الرجل الانقلاب؟
"لا، سياسته الاساسية لن تتغير –اللهجة فقط هي التي ستتغير. لا يمكن اعادة التاريخ الى الوراء وأنا أعتقد أن الجهاز أقوى من أي شخص وأقوى من الرئيس"؟
وستيف بانون ايضا؟
"ستيف بانون ايضا. بانون يعرف أن وقته قصير. وسيفعل ما يستطيع ويذهب.
"الامر المثير هو أن معظم الاشخاص الذين يخدمون في البيت الابيض يريدون بناء اشياء حسب وجهات نظرهم. وترامب ايضا، بناء في روحه. لقد عمل طوال حياته ببناء البيوت. بانون يريد الهدم: انه استثنائي في محيط ترامب".
هل توجد ايديولوجيا لدى ترامب؟
"ربما لا تكون لديه ايديولوجيا، لكنه منهجي في بعض الامور. انه يؤمن بأن العالم يخدع امريكا، وأنها تصرفت كغبية. انه يؤمن بأنهم ضحكوا علينا".
هل لديه سياسة خارجية؟
"لديه لهجة، يمكنه ان يقول امور مثيرة للاستفزاز،  لكنه حذر جدا في الافعال. انظر ماذا قال عن المستوطنات".
يؤمن بالفوضى
السيرة المهنية القصيرة لـ آليوت ابرامز في خدمة ادارة ترامب، هي مثال جيد. ابرامز (69 سنة) خدم في مناصب رفيعة في ادارات رؤساء مثل ريغان وبوش الابن وكلينتون. انه جمهوري في انتمائه الحزبي، ومحافظ جديد في وجهات نظره – أي انه يؤمن بضرورة تدخل الولايات المتحدة في العالم – انه صديق مقرب لاسرائيل في واشنطن، وكان احد المنتقدين لسياسة الرئيس اوباما الخارجية.
أبرامز لم يؤيد ترشح ترامب للرئاسة، وقد كتب مقالة عبر فيها عن موقفه السلبي تجاهه.
بعد الانتخابات توجه اليه ريكس تيلارسون، وزير خارجية ترامب، واقترح عليه أن يكون الرجل الثاني في الوزارة. ووافق ابرامز. وحظي ترشيحه بالدعم الشامل، ليس فقط في اوساط من يتفق معهم في الرأي، بل في اوساط الخصوم، ايضا. وعلى مدار شهرين تم منع ابرامز من الكتابة أو قول كلمة. وتم تجميد الكتاب الذي كان على وشط اصداره. وكل ذلك انتظر لحظة مصادقة ترامب على التعيين.
في اليوم الموعود، الساعة الرابعة بعد الظهر، وصل ابرامز وتيلارسون وكوشنر الى الغرفة البيضاوية، واستمر اللقاء لساعة، وكان ترامب حميميا جدا. وفوجئ الجميع بأنه لم يقل أي كلمة عن المقال الناقد الذي كتبه ابرامز عنه. وعندما خرجوا من البيت الابيض كانوا على قناعة بأنه تمت المصادقة على التعيين، ولم يبق إلا تهنئة الفائز السعيد.
في الساعة الثامنة مساء اتصل غارد كوشنر وقال أنا آسف، الامر لن ينجح. كما اتصل تيلارسون. ومر وقت حتى تبين ما الذي حدث خلال الساعات الثلاثة بين التعيين والاقالة: لقد تدخل بانون، كان السبب ايديولوجيا. فبانون هو انفصالي، وبالنسبة له فان “امريكا اولا” ليست مجرد شعار انتخابات. امريكا أولا وأمريكا أخيرا. ابرامز يؤمن بتوجه معاكس. لقد استغل بانون المقال الناقد لتحريض ترامب.
لقد بقي أبرامز في مكتبه الجميل في مجلس العلاقات الخارجية، في منتصف الطريق بين البيت الابيض ووزارة الخارجية. وتعرض تيلارسون الى ضربة شديدة. اذا كان لا ينجح باقناع ترامب بالرجل الثاني في الوزارة، فما الذي يستطيع أن يفعله. حتى الآن لم يتم تعيين احد لهذا المنصب.
الصحافيون الذين يغطون ترامب اكتشفوا بأنه تم تسجيل اللقاء في جدول عمل الرئيس. كان هذا الأمر غريبا بالنسبة لهم. فمثل هذه اللقاءات تجري عادة بدون نشر. وتم الاشتباه ببانون: فهو لم يعرقل التعيين فقط، وانما قام بتوثيقه من اجل اهانة تيلارسون علنا. بانون يقول بأنه يؤمن بالفوضى. وهكذا فقط يمكن تحقيق التغيير. لقد نظم لترامب فوضى كاملة.
يعتبر تيلارسون أحد اعضاء المجموعة الصلبة في المجلس الوزاري المصغر لدى ترامب. وزير الدفاع ماتيس ورئيس مجلس الامن القومي الجديد ماكماستر، ينتميان الى هذه المجموعة، ومعهم ابنه ترامب، ايفانكا وزوجها غارد. نائب الرئيس فينس يفضل الوقوف جانبا. فهو ينظر الى الانتخابات القادمة. وهكذا تعمل تحت سلطة ترامب حكومتان متخاصمتان عمليا، فيما يدير ترامب حكومة تغاريد خاصة به.
بانتظار رابين
في الطرق القروية في بنسلفانيا، احدى الولايات التي منحت الانتصار لترامب، يمكن رؤية لافتات هنا وهناك تشجع ترامب على أن يبقى كما هو: نحن معك. الحقيقة هي أنه رغم الفضائح اليومية إلا أن ترامب لم يفقد أي صوت. وقد حدث التغيير في اليسار، بالذات. في احدى امسيات هذا الأسبوع، اجتمع في احد البيوت في فيلادلفيا، 70 شخصا. المضيفة، وهي بروفيسور في جامعة بنسلفانيا، ا أطلقت عليهم اسم “حرس الثورة”. لقد جاءوا من اجل العمل في مسارين. الاول، العمل من اجل مرشحين ديمقراطيين يتمتعون بفرصة التغلب على اعضاء الكونغرس الجمهوريين في انتخابات تشرين الاول 2018. هناك 53 محافظة مفتوحة، ظاهرا، للمنافسة. واذا قرر نصفهم فقط استدال الأيدي، سيعود الديمقراطيون للسيطرة على الكونغرس.
المسار الثاني هو كبح سياسة ترامب في كل مكان ممكن. مثلا، تعليم المهاجرين غير القانونيين كيفية التغلب بشكل قانوني على تحقيقات الشرطة. ومثل هذه اللقاءات تجري حاليا في مختلف انحاء البلاد. الجمعيات القديمة تحظى بمؤيدين جدد، ويتم اقامة جمعيات جديدة. سلوك ترامب يثير اليسار ويجعله متطرفا. التطرف في اليسار يثير اليمين ويجعله متطرفا. الحياة تتواصل كالمعتاد، لكن الأجواء، نزع الشرعية المتبادل، تشبه الحرب الاهلية. هذا الاستقطاب يصب في مصلحة ترامب فقط، وسيواصل صب الزيت على النار والحفاظ على جذوتها مشتعلة. يبدو لي اننا نعرف ذلك ايضا، من البيت لدينا.
ما الذي يجب على الديمقراطيين فعله من اجل الفوز؟ سألت توماس فريدمان.
"اسحق رابين”، قال فريدمان. “ليست امرأة ولا لاتيني - وانما جنرال. امريكا بانتظار رابين".
"الرسالة الى الاسرائيليين هي: يجب عليكم القلق. أنتم تعتقدون أن امريكا صلبة مثل الكرة. لكن الحقيقة هي أنها هشة الآن مثل بيضة. لا تنتبهوا الى الارتفاع في البورصة. ليست هي المسألة. فكروا بما قد يحدث عندما سيواجه هذا الرجل ازمة حقيقية".
غزة، برميل قابل للانفجار
يكتب نداف شرغاي في "يسرائيل هيوم" ان حسابات الربح والخسارة التي تجريها “حماس غزة” لكي تقرر ما اذا ، ولكن في الاساس، متى، ستخوض معركة أخرى ضد إسرائيل، هي، أيضا، “المسارات المرسومة” التي تدرسها محافل التقييم في البلاد بسبعة عيون، في محاولة لفهم نوايا العدو و“الدخول الى رأسه".
السؤال ماذا ستربح حماس وما الذي ستخسره من مواجهة أخرى مع اسرائيل هو – نظريا على الاقل – السؤال الاساس، الذي يفترض أن يساعد الاستخبارات على التقييم الصحيح لمستوى احتمال وقوع معركة اخرى في الجنوب، وفي الاساس توقع توقيتها.
عندما يتحدث رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، الجنرال هرتسي هليفي، عن أزمة اقتصادية شديدة في قطاع غزة، فهو يقصد عمليا القول ان ساعة الرمل تنفد؛ وأننا نقترب من اللحظة التي يمكن فيها لحماس - غزة ان تقول لنفسها بان الوضع الاقتصادي في القطاع سيء جدا لدرجة أنه لم يعد لديها ما تخسره.
غير أنه في المقابل، هناك معطيات معاكسة كفيلة بان تعلمنا أنه، على الرغم من ذلك، لا يزال لدى حماس ما تخسره: الدول المانحة التي تعهدت بعد الجرف الصامد بتحويل نحو 4 مليار دولار لغزة، من اجل اعادة بنائها، حولت حتى الان نحو خُمس المبلغ فقط. وبعضها تطلب من حماس أدلة وضمانات على أن هذه الاموال لن تستخدم الا لإعادة البناء المدني، وليس لتطوير السلاح او بناء الخنادق والانفاق. واذا بادرت حماس الان الى جولة اخرى، فهي تخاطر بفقدان فرصة الحصول على هذه الأموال، أو على الاقل تأجيلها لفترة طويلة.
وها هما متغيران معاكسان آخران، يمكن لكل واحد منهما أن يجعل حماس تسلك بشكل مختلف: قبل بضعة اشهر فقط، درس الجهاز الأمني امكانية العودة للسماح لعمال غزة بالعمل وكسب الرزق في إسرائيل والحصول هنا على أجر يومي يفوق ضعفي وثلاثة اضعاف الاجر الذي يكسبونه في غزة. وتحدث وزير الأمن ليبرمان عن ذلك علانية. فقد وصل معدل البطالة في غزة الى 58 في المئة، وعدد حالات الانتحار هناك على هذه الخلفية ارتفع جدا في السنتين الاخيرتين.
اسرائيل، كما هو معروف، تنقل الى القطاع ايضا وبشكل متواصل احتياجاته من الغذاء، المواد الاستهلاكية البيتية، الادوية، الوقود، بل وحتى قليلا من مواد البناء. ومن شأن حدوث مواجهة وقف الواردات الاسرائيلية، وربما المصرية، ايضا الى غزة، لفترة غير معروفة، وبالتأكيد سيتم تأجيل فكرة السماح لعمال غزة بالعودة للعمل في إسرائيل لفترة غير معروفة، علما ان القرار لا يزال مطروحا على جدول الاعمال.
من جهة اخرى – تلتقي صورة  هذا الواقع المحتمل مع قيادة جديدة، ذات مزايا متطرفة، يقف على رأسها يحيى سنوار، احد كبار قادرة الجناح العسكري لحماس سابقا. والى جانبه، في “المكتب السياسي” الجديد للمنظمة، يجلس الآن، على الاقل خمسة أعضاء آخرين يتماثلون مع الجناح العسكري (كتائب عز الدين القسام)، اثنان منهم تم تحريرهما في صفقة شليط بعد قضاء فترات اعتقال في السجن الاسرائيلي. التوجه الطبيعي لمركز القوة الجديد هذا في “المكتب السياسي” يميل الى التطرف والمواجهة.
إن أحد الاعتبارات التي من شأنها ان تدفع قيادة حماس الجديدة الى المواجهة هو مدى صلاحية الانفاق الهجومية العابرة للحدود – والتي يصل عددها الى نحو 15 نفق حسب المنشورات الاخيرة – والتي بقيت لدى حماس بعد الجرف الصامد. وكلما مر الوقت وساد الهدوء، يمكن لاسرائيل أن تتقدم بارتياح وبدون عراقيل في المشروع الهندسي والتكنولوجي المضاد للأنفاق على حدود القطاع.
من وجهة نظر حماس، فان هذه الانفاق، كأدوات هجومية ضد إسرائيل، تعيش في “الوقت الضائع″؛ وهي حقيقة من شأنها أن تشجع حماس على استخدامها قبل أن تجعلها إسرائيل غير قابلة للاستخدام قبل القتال، او تنجح في خلق آليات تجعل استخدامها صعبا.
للميدان قوانينه الخاصة
هناك "لاعبان" آخران، يمكن لكل واحد منهما أن يؤثر على حماس  بشكل مختلف: وزير الأمن أفيغدور ليبرمان، من جهة، وداعش، من جهة اخرى: خلافا لموشيه يعلون، سلفه في المنصب، حذر وزير الأمن الحالي حركة حماس من انها اذا فتحت معركة اخرى في غزة، فستحرص اسرائيل على ان لا تواصل الحركة الحكم في القطاع بعد الحرب.
انتخاب دونالد ترامب لرئاسة الولايات المتحدة يمنح اسرائيل، ظاهرا، حبلا أطول مما في الماضي، لكي تحقق هدف اسقاط سلطة حماس في غزة. وحماس تعرف ذلك، لكن تكون للميدان، في اكثر من مرة، قوانينه الخاصة.
أحد “اللاعبين” الذين من شأنهم مفاقمة الوضع هو تنظيم داعش، او في صورته الغزية – رجال المنظمات والجماعات السلفية، من مؤيدي تنظيم الدولة الاسلامية في غزة وفي سيناء. حادثا اطلاق صواريخ الكاتيوشا من سيناء الى الاراضي الاسرائيلية في شباط الماضي – واحدة الى ايلات واخرى الى غرب النقب – هما من فعل هذه المنظمات، وكذلك الأمر بالنسبة لإطلاق الصواريخ باتجاه شاعر هنيغف.
إسرائيل تعتبر حماس مسؤولة عن كل اطلاق للنار من القطاع، وقواعد اللعب المتشددة في عهد وزير الأمن ليبرمان أدت الى رد ناري “غير متوازن” على نيران الكاتيوشا التي اطلقتها المنظمات السلفية، والى اصابات مباشرة كثيرة لأهداف تابعة لحماس على امتداد الشريط الحدودي.
لقد صعد الرد الاسرائيلي الشديد، بشكل لفظي على الاقل، من التهديد الحماسي. فقد أعلن قادة المنظمة علنا بانهم لن يستوعبوا بعد اليوم “المعادلة الجديدة” لليبرمان، وانه اذا ما تم قصفهم مرة اخرى – فسيردون بقوة. هل يعتبر هذا التسلق على “شجرة عالية” كهذه، ملزما حيال الجمهور الفلسطيني؟
من وجهة نظر متشائمة – وعلى محافل التقييم ان تأخذ في الحسبان الامكانية الاسوأ وعرضها امام صناع القرار – فان بعض العوامل التي جرت اسرائيل وحماس الى المواجهة في تموز 2014 باتت قائمة هنا مرة اخرى، وانضمت اليها الان عوامل خطر اخرى.
ضائقة السكان في غزة، عشية الجرف الصامد، هي احدى الامثلة التي ذكرها تقرير المراقب في الاسبوع الماضي، وليس صدفة أن رئيس شعبة الاستخبارات هرتسي هليفي يتحدث الان بالذات عن ضائقة مشابهة.
الوضع الاقتصادي في غزة في حالة سيئة للغاية. وقبل عامين توقعت الامم المتحدة بانه حتى العام 2020 لن تكون في غزة مياه صالحة للشرب. فالمجمعات الجوفية في غزة استنفدت ذاتها في أعقاب االضخ الزائد. ومنشأة التحلية الوحيدة لا تزود الا نحو 10 في المئة من استهلاك المياه في القطاع، واسعار المياه ترتفع. الاغنياء يدفعون مبالغ طائلة لقاء المياه المحلاة، ولكن معظم الجمهور يستهلك مياها ذات درجة ملوحة أعلى لأهداف ليست للشرب، وانما للغسيل، النظافة والاغتسال.
كما ان توريد الكهرباء الى غزة يتعثر، ورغم المساعدة الاسرائيلية والمصرية. فان البيوت في قطاع غزة تحصل على الكهرباء فقط لسبع ساعات في الحد المتوسط يوميا.
واذا لم يكن هذا كافيا – فالبطالة ايضا في القطاع تتصاعد وتقترب من 60 في المئة؛ ولا يرتبط حوالي ثلث سكان القطاع بشبكة المجاري. وتسهم قنوات المجاري الضيقة والمفتوحة، وآبار الامتصاص، في رفع مستوى الاصابة بالامراض النابعة من التلوث. وعلى شواطئ السباحة في اشكلون، يمكن في كثير من المرات، مشاهدة بقايا المجاري والمياه العادمة التي حملتها امواج البحر من شواطئ غزة الى الشمال. كما يمكن، كما أسلفنا، ان نضيف الى ذلك تأخير وتجميد اموال “الدول المانحة”، ومواد البناء التي تنقل الى غزة بالتقنين، ليتشكل لدينا مفتاح تفجير آخر لبرميل البارود الذي يسمى غزة.
منطق مقلوب
كيف يؤثر كل هذا على حماس؟ صحيح أن المنطق يستوجب توجيه كل مساعدة وميزانيات ترميم لصالح السكان، ولكن “منطق” “حماس -غزة”، ليس المنطق السائد بالضرورة. فحماس تستثمر الكثير من الاموال ووسائل المساعدة في اعادة بناء قوتها العسكرية. وبالنسبة للتنظيم – ينبغي تنفيذ الأمر الديني لفكر المقاومة، حتى لو لم يكن احتمال النصر في اطار هذه المقاومة، عاليا.
صحيح أن السنتين والنصف سنة الاخيرة كانت هي الأكثر هدوء في العقد الأخير – فقد تم اطلاق 45 صاروخا فقط من القطاع، سقط 4 منها فقط في مناطق مأهولة. غير أن حماس تستغل هذا الهدوء لاستعادة قسم على الاقل مما فقدته في الرصاص المصبوب.
أما الانفاق الهجومية، وكما تعلمنا، فلا تزال هنا. والمواد الخام التي كانت ضرورية لاعادة البناء المدني، تم تحويلها لانتاج وسائل قتالية واعادة ترميم شبكة الانفاق. لقد سيطرت حماس على المواد الخام – الاسمنت، الحديد والخشب – حتى قبل أن تصل الى اهدافها المدنية، وفي بعض الحالات صادرت أو اشترت هذه المواد من المواطنين.
خلال جنازة عصام عمر سعيد القطناني، ناشط حماس الذي قتل في انهيار نفق في الشجاعية، تحدث خليل الحية، عضو المكتب السياسي لحماس، وقال ان نشطاء كتائب عز الدين القسام سيواصلون حفر الانفاق ليلا ونهارا، لان الانفاق هي “السلاح الافضل الذي سيهزم إسرائيل".
عشية حملة الجرف الصامد كانت حماس تملك نحو 11 الف صاروخ، معظمها لمسافات قصيرة والقليل منها لمسافات بعيدة (حتى 160 كيلو متر). وفي نهاية الحملة بقي لدى حماس نحو ثلث كمية الصواريخ، بعد أن اطلقت نحو 4 الاف منها الى اسرائيل، وفقدت جزءا آخر في الهجمات الاسرائيلية.
الخبراء في “مركز معلومات الاستخبارات والارهاب” يقولون ان حماس تولي اهمية عالية الآن، لزيادة مخزون الصواريخ ومخزون قذائف الهاون، وتركز على السلاح الصاروخي للمدى القصير. وفي المقابل، تقوم حماس بتدريب قوات خاصة لنقل الحرب الى الاراضي الاسرائيلية على نحو مفاجئ، سواء بواسطة الانفاق الهجومية أم بواسطة “الكوماندوس البحري”، والتسلل الى البلدات الاسرائيلية المجاورة لتنفيذ عمليات واختطاف اسرائيليين بهدف استخدامهم كـ “اوراق مساومة”.
بعد الجرف الصامد، قامت حماس بتكثيف وتوسيع تواجدها على طول الحدود مع اسرائيل وبنت سلسلة من الاستحكامات المتقدمة على مسافة بضع مئات من الامتار من السياج الامني. والى جانب الاستحكامات تم بناء أبراج للرصد، وشق طريق بمحاذاة السياج الامني.
والى جانب ذلك، تحاول حماس طوال الوقت تطوير مسارات بديلة بغرض تهريب الوسائل القتالية، العتاد العسكري والمواد الخام. لقد تضررت اعمال التهريب عبر شبه جزيرة سيناء بشدة بعد تجند المصريين لسد هذه القناة، حيث قاموا بتدمير الانفاق واغلاق معبر رفح. والبديل الان هو التهريب من اسرائيل، في ظل استغلال نقل البضائع المدنية عن طريق المعابر وكذلك من خلال استخدام المسار البحري، بين القطاع و سيناء، وبواسطة الصيادين المحليين.
كما أن التعاون بين ذراع داعش في سيناء وكتائب عز الدين القسام يساعد حماس. ففي السنتين الاخيرتين، وفي وقت تحارب فيه حماس المنظمات السلفية في القطاع، قامت بمساعدة داعش في سيناء من خلال انتاج وسائل قتالية لها ومعالجة الجرحى، فيما تقدم داعش المساعدة حماس بتهريب وسائل قتالية الى غزة تصل من ليبيا والسودان.
حسب تقديرات الجيش الاسرائيلي فان حماس لم تستعد الوسائل والقدرات التي امتلكتها قبل حملة الجرف الصامد. وبالتالي، يقدر رجال “مركز معلومات الاستخبارات والارهاب” ان حماس ستحاول اولا، خلال المواجهة القادمة، ضرب كل البلدات والاهداف العسكرية المجاورة للحدود. فقدرتها على الوصول الى مسافة أبعد تضررت وتقلصت بشكل كبير، وان لم تكن قد فقدتها تماما.
ويجب ان نضيف الى هذا كله، كما اسفلنا، التركيبة الجديدة لقيادة حماس. فقد انتخب للمكتب السياسي في القطاع 15 عضوا. وبات يترأس الحركة يحيى سنوار، من مؤسسي الذراع العسكري للحركة، والذي أنقذته صفقة شليط من السجن لأربعة مؤبدات.
لقد كان سنوار ضالعا في تخطيط سلسلة من العمليات التي قتل خلالها اسرائيليون، وكذلك في قتل الكثير من الفلسطينيين. وكان نائبه، خليل الحية، أيضا عضو في المكتب السياسي السابق لحماس. وقد قتل ابنه في 2008 في جنوب القطاع حين حاول اطلاق صواريخ كاتيوشا على اسرائيل، وقتلت زوجته واولاده الثلاثة بنيران مدفعية الجيش الاسرائيلي اثناء الجرف الصامد.
خلافا لسنوار، الذي يقل من التصريحات، يدعو الحية بين الحين والاخر الى تشديد الارهاب ضد اسرائيل، وقد دعا مؤخرا اسرائيل للاستعداد لتلقي ضربة جدية. فقد هدد بان حماس “ستضرب من كل صوب، من الارض، من داخل الانفاق، من قلب البحر ومن الجو”. وفي مناسبة اخرى اوضح الحية ان “حماس ستواصل العمل على اختطاف جنود اسرائيليين بهدف استبدالهم بأسرى فلسطينيين معتقلين في اسرائيل".
بين الاعضاء الاخرين في المكتب السياسي الجديد لحماس هناك، ايضا، محمود الزهار، الذي شغل منصب “وزير الخارجية” في حكومة حماس برئاسة اسماعيل هنية. لقد دعا الزهار في الماضي الى تحويل الارهاب الشعبي لانتفاضة عسكرية؛ وهناك ايضا، روحي مشتهى، وهو محرر آخر في صفقة شليط والذي حكم بالسجن لسبعة مؤبدات بسبب قتل عملاء لاسرائيل؛ وكذلك مروان عيسى، المسؤول السابق عن وحدة العمليات الخاصة في حماس؛ وسامح السراج، الذي كان عضوا في المكتب السياسي السابق لحماس، ايضا، ودعا “الى تأهيل جيل يحمل علم الاسلام ويحرر فلسطين من دنس الاحتلال”.
"هذر زائد"
في تقريره الاخير، دون مراقب الدولة ملاحظة للقيادة السياسية حول السلوك الحربي خلال الجرف الصامد، لأنه لم يتناول بما يكفي “بالتعطيل” السياسي للالغام التي زرعت على طريق تلك الحرب. بعض عناصر القنبلة الموقوتة في حينه عادت لتحوم مرة اخرى في الفضاء، وهناك عناصر غيرها. هذه المرة تطرح عدة اقتراحات على جدول الاعمال، ولكنها لا تبدو ذات احتمال للتحقق في المستقبل القريب.
رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مثلا يتحدث عن صيغة “نزع السلاح مقابل الاعمار”، والتي ترفضها حماس، فيما اقترح الوزير يسرائيل كاتس اقامة ميناء في غزة.
مصر، التي تعتبر لاعبا اخر يؤثر على ما يجري في القطاع، تبدي في الاشهر الاخيرة اهتماما أكبر وتقوم ببوادر طيبة تجاه سلطة حماس في غزة. فقد خففت قليلا من شروط الحصار الذي تفرضه على القطاع وباتت تسمح بعبور مزيد من البضائع الى هناك. والسؤال حول وجهة حماس وما اذا كان الربيع المقترب سيفاجئنا بجولة دموية اخرى – هو سؤال ليس له جواب واحد.
لقد تحدث الوزيران يوآف غلانط ونفتالي بينت قبل بضعة اسابيع عن امكانية حدوث تصعيد في الجنوب في الربيع القريب. ووصف وزير الأمن افيغدور ليبرمان اقوالهما بانها “هذر زائد ليس له أي صلة بالواقع على الارض”. مهما يكن الامر فإن للجنوب قوانينه ومنطقة. ويبدو أن الحملات العسكرية الخمس التي بادر اليها الجيش الاسرائيلي في القطاع خلال العقد الأخير اثبتت ذلك.

التعليـــقات