رئيس التحرير: طلعت علوي

أين الزامية التأمين على اصابات العمل؟

الأربعاء | 15/02/2017 - 12:28 صباحاً
أين الزامية التأمين على اصابات العمل؟


  
نبيل عباسي

حين أقر المشرع الفلسطيني الزامية قانون العمل الفلسطيني رقم (7) لسنة 2000 كان يدرك تماماً أهمية الحفاظ على حياة العمال باعتبارهم أساس العملية الانتاجية وعصب الاقتصاد الوطني، حيث ألزم القانون جميع أصحاب العمل بتوفير الحماية التأمينية لجميع المستخدمين في أية منشأة سواء كانت صناعية أو خدماتية من خلال شملهم في التغطية التأمينية ضد اصابات العمل. 

حقائق مغايرة على أرض الواقع!

ان الحقائق على أرض الواقع تختلف اختلافاً كلياً من ناحية الالتزام بتطبيق بنود ونصوص قانون العمل والأنظمة الصادرة بمقتضاه، حيث يشير التقرير السنوي الصادر عن الادارة العامة للتفتيش وحماية العمل في وزارة العمل عن أعمال العام 2016، الى أن 41% من المنشآت التي تمكن طواقم مفتشي العمل زيارتها لم تكن مؤمنة على عمالها ضد اصابات العمل، واذا عرفنا بأن عدد المنشآت الاقتصادية الخاضعة للتفتيش تبلغ أكثر من 90 ألف منشأة وأن مفتشي الوزارة قاموا خلال العام الماضي بالتفتيش على ما يقارب 5 ألاف منشأة وتم اكتشاف هذه النسبة العالية جداً من عدم التزام أصحاب عمل هذه المنشآت باجراء التأمين على عمالهم التزاماً بالقانون، فعلينا أن نتصور واقع الحال في المنشآت الأخرى التي لم يتم زيارتها والتفتيش عليها.

  29% من الاصابات القاتلة لم تكن مؤمنة!

ان عدم الالتزام بتطبيق قانون العمل يأخذ دلالاته الخطيرة جداً اجتماعياً واقتصادياً اذا ما عرفنا بأن حوادث اصابات العمل أودت بحياة 14 من العمال خلال العام الماضي 29% منها لم يكن مؤمن عليها وفقاً لنفس التقرير الصادر عن الادارة العامة للتفتيش وحماية العمل، وعلينا أن نتخيل حجم النزاعات الاجتماعية التي تنشأ بين أصحاب العمل وعائلات المتوفين وحجم الأعباء المالية التي تترتب عليهم لتعويض ورثة العمال المتوفين، وعلينا أيضاً أن نتخيل مصير العائلات التي فقدت معيليها والتغيير الجوهري الذي يطرأ على حياتها خاصة اذا ما اضطرت للجوء للقضاء لتحصيل حقوقها المالية التي تستحق لها لدى أرباب العمل.

50% من الاصابات القاتلة في قطاع التشييد والبناء!

يعتبر قطاع التشييد والبناء من أكثر القطاعات الاقتصادية نمواً، الا أن هذا القطاع الحيوي يشهد أعلى نسبة من اصابات العمل التي تُسجل سنوياً اضافة لتحقيقة لأعلى نسبة من الاصابات القائلة، حيث وقعت في قطاع التشييد والبناء العام المنصرم 50% من الاصابات القاتلة.  ويُعزى ذلك لغياب البيئة الملائمة ولعدم التقيد بشروط واجراءات الصحة والسلامة المهنية في مواقع العمل، حيث لا تتوفر في الغالية العظمى من ورش البناء أدوات السلامة الواجب توفرها من قبل أصحاب العمل لاستخدامات العمال، وان توفرت نرى عدم تقيد العمال أنفسهم باستخدامها لضحالة الثقافة لديهم بأهمية استخدامها باعتبارها أدوات حماية للحفاظ على حياتهم بالدرجة الأولى ولغياب الدور الفاعل للجهات الرقابية في الزام أرباب العمل بفرض استخدام أدوات ومعدات السلامة والتقيد من قبل العمال.

التأمين حماية!

على الرغم من عدم الالتزام بتطبيق القانون وعدم التزام المشغلين بالتأمين على جميع عمالهم وضحالة نسبة العمال المؤمن عليهم، الا أن عدد حوادث اصابات العمل المسجلة لدى شركات التأمين خلال العام 2016 ناهزت 5 آلاف حادث، وعلى الرغم من أن فرع تأمين اصابات العمل لا يشكل أكثر من 8% من محفظة سوق التأمين الفلسطيني على الرغم من الزامية القانون، الا أن شركات التأمين سددت ما يزيد عن 50 مليون دولار أمريكي كتعويضات خلال الخمسة سنوات الماضية لفرع اصابات العمل، وهذا يؤشر بوضوح الى الاهمية البالغة التي تملكها بوليصة التامين ضد اصابات العمل باعتبارها الدرع الحامي للعديد من العائلات التي وجدتها الوسيلة الوحيدة لتخفيف النتائج المترتبة على غياب رب الأسرة أو المعيل وانقطاع مصدر رزقها الوحيد. وعلينا أن نتخيل الانعكاس الايجابي الكبير ليس اجتماعياً فقط بل اقتصادياً أيضاً لو كان القانون مطبق وأن جميع القوى العاملة الخاضعة لقانون العمل الذي يناهز عددهم 670 ألف عامل في الضفة الغربية فقط مؤمن عليها!

غياب للبنية التحتية الملائمة!

في ظل هذه المعطيات، أين البيئة المناسبة الواجب توفرها لحماية العمال والمحافظة على حياتهم وزيادة انتاجيتهم؟ وأين البنية التحتية المواتية الملائمة لبناء اقتصادنا الوطني في ظل مستوى قياسية من عدم الالتزام بتطبيق قانون الزامي كقانون العمل؟ وكيف ستتمكن مؤسساتها الوطنية والتي من ضمنها شركات التأمين من الاستمرار بالعمل والتطور في ظل غياب تطبيق القانون؟ وكيف ستتمكن شركات التأمين من تعزيز وزيادة مستوى خدماتها المقدمة للمواطن والعامل في ظل غياب أهم قواعد العمل التي تقوم عليها صناعة التأمين عالمياً وهي قاعدة الأعداد الكبيرة؟

ان المطلوب الان ادراك تام ومن قبل الجميع لأهمية تطبيق القانون ولقيمة بوليصة التأمين كسلاح حماية وإطار ضامن للمجتمع واقتصاده، وعلينا أن نفكر معاً في ايجاد الحلول العملية القابلة للتطبيق لتوفير البيئة والبنية التحتية الملائمة والمستدامه لحماية العمال ولنهضة اقتصادنا الوطني والتي منها ربط ترخيص وتجديد ترخيص جميع المنشآت الاقتصادية بتوفر وثائق تأمين اصابات العمل لجميع العاملين في هذه المنشآت واقرار تعليمات تتعلق بالزامية تعيين مفتش مقيم داخل هذه المنشآت يكون مسؤولاً عن التأكد من تطبيق قانون العمل وكافة تشريعاته الثانوية.

التعليـــقات