نعى مجلس الوزراء في مستهل جلسته الأسبوعية التي عقدها اليوم الثلاثاء في مدينة رام الله برئاسة الدكتور رامي الحمد الله رئيس الوزراء، شهيدي أجهزتنا الأمنية، الشهيد البطل شبلي بني شمسة والشهيد البطل محمود طرايرة، اللذين استشهدا برصاص خارجين على القانون أثناء تأدية واجبهما الوطني في الحفاظ على أمن المواطنين في مدينة نابلس، وتقدم المجلس بأحر التعازي إلى ذوي الشهيدين، وإلى ذوي باقي شهداء أجهزتنا الأمنية، مؤكداً أن أجهزتنا الأمنية تقوم بواجبها لتكريس سيادة القانون والنظام العام، وتوفير الأمن والأمان والاستقرار للمواطنين وصون حقوقهم وممتلكاتهم، واجتثاث المجرمين والقتلة والخارجين على القانون، وكل من يحاول العبث بأمن المواطن، وتهديد أمن شعبنا واستقراره وتقديمهم للعدالة. واستنكر المجلس حملات التحريض وتشويه الحقائق تجاه أداء أجهزتنا الأمنية وجهودها ضد كل من يحاول تجاوز القانون وتهديد الأمن والنظام العام، داعياً أبناء شعبنا في كافة المناطق إلى استنكار وإدانة هذه الجرائم التي تستهدف النيل من مؤسستنا الأمنية، وإلى نبذ الحملات المشبوهة التي تستهدفها وإدانتها، والتصدي بكل مسؤولية وطنية لكل من يحاول العبث بأمننا، وضرب السلم الأهلي في مجتمعنا وتعريض مشروعنا الوطني للمخاطر. ووجه المجلس تحية اعتزاز إلى أهلنا في محافظة نابلس، لدورها المشرف طيلة مراحل نضالنا الوطني، وموقفها الوطني خلال الأحداث الأخيرة التي شهدتها المحافظة، والتي دعت فيه إلى وأد الفتنة، وأكدت دعمها الكامل والتفافها حول القيادة والحكومة والمؤسسة الأمنية لفرض سيادة القانون والنظام العام.
وقرر رئيس الوزراء تشكيل لجنة تحقيق برئاسة وزير العدل وعضوية النيابة العسكرية، والنيابة العامة بخصوص كافة الأحداث التي وقعت في نابلس، وللوقوف على حقيقة وملابسات ما حدث، مؤكداً التزام الحكومة بتحقيق العدالة الجزائية وضمان الحقوق وتجسيد سيادة القانون والنظام والمحاكمة العادلة للجميع.
وفي سياقٍ آخر، حذّر المجلس من أن المشروع العنصري الذي طرحه وزير الحرب الإسرائيلي للالتفاف على السلطة، يؤكد أن الحكومة الإسرائيلية ماضية في تنفيذ مخططاتها لمحاولة شق الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية، وفصل مدينة القدس عن محيطها الفلسطيني، استكمالاً لمشروعها في ترسيخ الانقسام بين الضفة الغربية وقطاع غزة، بالتزامن مع حملتها الاستيطانية المسعورة بهدف تخليد الاحتلال، والقضاء على أي إمكانية لإقامة دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة ومتواصلة جغرافيا، وهو يؤكد سبب إفشال الحكومة الإسرائيلية للجهود الأمريكية، ورفضها للمبادرة الفرنسية، وأي جهد دولي يعيقها عن تنفيذ مخططاتها. وأشاد المجلس بالموقف الوطني لمؤسسات المجلس التنسيقي للقطاع الخاص التي أعربت عن رفضها واستنكارها لهذا المشروع العنصري، وأكدت تمسكها بمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد، والمخول بالتفاوض عن الشعب الفلسطيني، ورفضها التفاوض من قبل القطاع الخاص مع أي جهة إسرائيلية بهذا الخصوص.
وأكد المجلس أن الرد على مخططات الاحتلال وسياساته العنصرية، ومواجهة التحديات التي تواجهنا يقتضي منا إيلاء بيتنا الداخلي كل الجهد، ومنحه أعلى درجات الاهتمام الوطني، وإعطاء الأولوية لعملية إنهاء الانقسام، وتحقيق المصالحة الوطنية، وإعادة الوحدة للوطن ومؤسساته، وتوحيد الجهد والبرنامج الوطني بالتعاون والعمل المشترك، وبدعم من كافة مكونات المجتمع الفلسطيني، حتى نتمكن معاً من حماية مشروعنا الوطني، وتعزيز قدرتنا على مواجهة التحدي الأكبر المتمثل في إنهاء الاحتلال، ومواجهة مشاريع الاستيطان وتهويد القدس، وإنجاز قيام دولتنا الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وحذّر المجلس بمناسبة الذكرى السابعة والأربعين لجريمة إحراق المسجد الأقصى المبارك، من أن إسرائيل لم تتخلَ يوماً عن مخططاتها للسيطرة على المسجد الأقصى المبارك منذ احتلال فلسطين، فقد شرعت بأولى المراحل الفعلية للاستيلاء على المسجد الأقصى فور سقوط الجزء الشرقي من مدينة القدس في قبضة الاحتلال عام 1967، ومضت في مخططاتها لتهويد المسجد الأقصى، من خلال الاقتحامات والاعتداءات اليومية من قبل قوات الاحتلال والجماعات اليهودية المتطرفة بتشجيع وتحريض من حكومة الاحتلال، لتحقيق هدف تقسيم المسجد الأقصى المبارك على غرار الحرم الإبراهيمي الشريف في الخليل، وسعيها المحموم لإقامة هيكل أسطوري مزعوم على أنقاض المسجد الأقصى المبارك. وأكد المجلس أن هذه الذكرى المشؤومة تحل علينا بينما تتواصل عمليات حصار المسجد الأقصى المبارك ومنع المصلين من الوصول إليه، والقيام بمجموعة من الإجراءات الاحتلالية العدوانية التي تشمل شبكة من الأنفاق حفرتها المؤسسة الإسرائيلية الاحتلالية أسفل المسجد الأقصى المبارك وفي محيطه، وتطويق المسجد الأقصى بنحو 100 كنيس ومركز يهودي، وتوسيع البؤر الاستيطانية حول المسجد، والعمل على زيادة عدد المستوطنين داخل البلدة القديمة، والاستيلاء على المنازل القريبة من المسجد الأقصى وتحويلها إلى كنس ومعاهد دينية، ومحو ملامح بلدة سلوان وتحويلها إلى حدائق توارتية بهدف محو تاريخها العربي الإسلامي، وتغيير المعالم الثقافية والدينية والتاريخية والحضارية للمدينة المقدسة. ودعا المجلس إلى تحرك عربي وإسلامي جاد يتناسب مع حجم المخاطر والتهديدات التي يتعرض لها شعبنا وخاصة في المدينة المقدسة والترفع عن البيانات والانتقال إلى الفعل الجاد والحازم لحماية القدس مدينة وشعبا ومقدسات.
وأدان المجلس بشدة التصعيد الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، معتبرا انه يأتي استمراراً لجرائم القتل والتدمير ولحصارها الخانق على قطاع غزة، ولعدوانها المتواصل على شعبنا وأرضنا ومقدساتنا. وأكد المجلس أن الحكومة الإسرائيلية تتحمل المسؤولية الكاملة عن هذا التصعيد الخطير، محذراً من نوايا الحكومة الإسرائيلية وسياساتها الهادفة إلى تفجير الأوضاع، ومطالباً المجتمع الدولي بالحذر من أكاذيب وتضليل الحكومة الإسرائيلية، وضرورة التحرك العاجل لوقف التصعيد الإسرائيلي.
ووجه المجلس تحية إجلال ووفاء إلى كافة أسيراتنا وأسرانا الأطفال والمرضى، والمضربين عن الطعام وإلى الإداريين والمحكومين والموقوفين في مختلف السجون والمعتقلات الإسرائيلية. وأكد المجلس أن ما يتعرضون له من انتهاكات وممارسات عنصرية تستصرخ ضمائر كل أحرار العالم، لوقف ما يتعرضون له من ظلم وطغيان، بكل ما يتطلبه من موقف حازم من كافة المؤسسات الدولية والحقوقية والإنسانية، للوقوف مع حق أسرانا في الحياة والكرامة والحرية، والإقرار بحقوقهم ومكانتهم القانونية التي تؤكدها كافة المعاهدات والمواثيق الدولية، وفي مقدمتها اتفاقيتا جنيف الثالثة والرابعة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، بالإضافة إلى اتفاقية لاهاي، واتفاقية مناهضة التعذيب، من أجل إلزام إسرائيل بقواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وبقرارات الشرعية الدولية، وإلزام إسرائيل بوضع حد لممارساتها القمعية واللاإنسانية ضد الأسرى، بما في ذلك السماح للجان طبية دولية مختصة ومحايدة لتولي مسؤولية تقديم العلاج الفوري المناسب للمرضى منهم. وجدد المجلس مطالبته بضرورة تفعيل قرارات الجامعة العربية، بتشكيل فريق مختص لتحديد المكانة القانونية للأسرى في المؤسسات الدولية، واستصدار قرارات دولية بتشكيل لجان تقصي حقائق، بما في ذلك تعيين مبعوث أممي لمتابعة قضية الأسرى في كافة المحافل. كما دعا المجلس كافة القوى المؤثرة في المجتمع الدولي، وخاصة الأمم المتحدة، والمؤسسات الحقوقية، والمفوض السامي لحقوق الإنسان، إلى تحمل مسؤولياتهم السياسية والقانونية والأخلاقية، والتحرك الفوري والجاد لإنقاذ حياة الأسرى المضربين عن الطعام، وعلى رأسهم بلال كايد والأخوين البلبول، محملاً الحكومة الإسرائيلية المسؤولية عن حياتهم.
وانطلاقاً من حرص الحكومة على الاهتمام بقضايا كافة الموظفين، وسعيها لضمان الحياة الكريمة للجميع، وفق الإمكانيات المتاحة، أكدت الحكومة التزامها بصون وحماية الحريات النقابية لجميع العاملين في فلسطين، وضمان حقهم في إنشاء وتأسيس منظماتهم النقابية دون قيود وبما ينسجم مع القانون الأساسي الفلسطيني وكافة القوانين الفلسطينية، إضافة إلى الاتفاقيات والمعايير العربية والدولية، وعدم السماح لأي جسم بممارسة عمله دون الحصول على التراخيص اللازمة وفق القانون. وفي هذا السياق أكد المجلس رفضه لقيام مجموعة من المعلمين بمحاولة إعلان نقابة خاصة بالمعلمين الفلسطينيين بشكل غير نظامي وغير قانوني، ولا يعبر عن حقيقة مواقف غالبية المعلمين الفلسطينيين المنتمين إلى الاتحاد العام للمعلمين الفلسطينيين القائم على أرض الواقع والمحصن قانونياً، كأحد أجسام منظمة التحرير الفلسطينية والذي يحتكم إلى القوانين والأنظمة المعمول بها في منظمة التحرير ومفوضية المنظمات الشعبية فيها، وهو الجسم الشرعي والقانوني للمعلمين الفلسطينيين والذي يجب الحفاظ عليه، وعدم المساس به لما يحمله من أبعاد وطنية وسياسية ونقابية، مشيراً إلى أن أية عملية تغيير في بنية الاتحاد، يجب أن تكون من داخل الاتحاد وحسب نظامه الداخلي، وبشكل ديمقراطي في صنع القرار والوصول إلى هيئاته القيادية المنتخبة.
وقرر المجلس إحالة مشروع تعديل قرار بقانون حماية المستهلك إلى أعضاء مجلس الوزراء لدراسته وإبداء الملاحظات بشأنه، تمهيداً لإقراره بجلسة مقبلة، والذي يهدف إلى تشديد العقوبات، واتخاذ الإجراءات الرادعة بحق المتاجرين في المواد الغذائية الفاسدة، وحماية المجتمع والفرد من الأغذية الفاسدة، وتعزيز ثقة المستهلك بالسلع المتداولة في السوق الفلسطيني، وثقته بالقضاء الفلسطيني في ردع المخالفين.
كما قرر المجلس اعتماد الإطار العام للخطة الوطنية الشاملة لتعزيز استخدام وسائل الدفع الإلكترونية، نظراً لما تتميز به أنظمة الدفع الإلكترونية من حيث الكفاءة والأمان وسهولة الاستخدام، وانخفاض التكاليف، مقارنة بالدفع النقدي أو الشيكات، كما أن استخدام عمليات الدفع الإلكتروني تعزز من سرعة دوران النقد، وتقلل من المخاطر المتعلقة بالسيولة النقدية، ومخاطر تراكمها في المصارف، وتحد بشكل كبير من عمليات غسل الأموال، الأمر الذي يؤدي إلى تعزيز استقرار النظام المالي، إضافة إلى الفوائد التي تعود على الاقتصاد الوطني بشكل عام.