رئيس التحرير: طلعت علوي

أضواء على الصحافة الاسرائيلية 21 آب 2016

الأحد | 21/08/2016 - 09:50 مساءاً
أضواء على الصحافة الاسرائيلية 21 آب 2016

 

تحذير من سياسة إسرائيلية جديدة: اعتقال الأسرى اداريا بعد انتهاء محكوميتهم

تكتب "هآرتس" ان تنظيمات لحقوق الانسان ونشطاء من اجل الاسرى الفلسطينيين، حذروا في نهاية الأسبوع، مما اسموه سياسة اسرائيلية جديدة تنعكس في اعتقال الاسرى الفلسطينيين فور انتهاء فترة محكوميتهم، من خلال الاستخدام غير المبرر لأوامر الاعتقال الاداري.

من بين الحالات التي تمت الاشارة اليها، قضية الاسير بلال كايد، المضرب عن الطعام منذ اكثر من 60 يوما. وكان كايد ضالعا في العمليات كناشط في الجبهة الشعبية خلال فترة الانتفاضة الثانية، وحكم عليه بالسجن لمدة 14 سنة. وقبل ساعات من اطلاق سراحه، تم اصدار امر اعتقال اداري ضده، لمدة نصف سنة.

وفي اعقاب ذلك، اعلن كايد الاضراب عن الطعام ويخضع حاليا للعلاج في مستشفى برزيلاي في اشكلون، وهو مقيد الى سريره. وحسب محاميه فقد اشترطت اسرائيل إطلاق سراحه بإبعاده عن الضفة الغربية لأربع سنوات، لكنه يرفض ذلك.

وستناقش المحكمة العليا، غدا، الالتماس الذي قدمته جمعية اطباء لحقوق الانسان، نيابة عن كايد، والذي تطالب فيه بفك قيوده داخل المستشفى والسماح لطبيب خارجي بزيارته. وتم تقديم الالتماس بعد رفض المحكمة المركزية في بئر السبع لالتماس مماثل.

وهناك، ايضا، قضية الاسير عايد الهريمي، من سكان بيت لحم، الذي امضى في السجن 14 عاما متراكمة، كان اخرها لمدة ثلاث سنوات، بتهمة النشاط في الجهاد الاسلامي. فبعد عشرة ايام من اطلاق سراحه في كانون الاول الماضي، صدر ضده امر اعتقال اداري. ومع تمديد الأمر، في الشهر الماضي، بدأ الهريمي اضرابا عن الطعام، ويخضع للعلاج في عيادة سلطة السجون في سجن الرملة. وتم اعتقال كايد والهريمي بادعاء وجود ادلة سرية، تدعى قوات الامن انها تدل على خطورتهما على امن الدولة.

وفي نهاية الأسبوع، تم اعتقال سفيان عبدو، من سكان القدس الشرقية، بعد ثلاثة ايام من اطلاق سراحه، بعد 14 سنة امضاها في السجن. وتدعي الشرطة انه مشبوه بالتآمر على ارتكاب جريمة والعضوية في تنظيم ارهابي.

وقالت المحامية سحر فرنسيس من مركز "الضمير" لحقوق الإنسان، لصحيفة "هآرتس"، ان الحالات الثلاث تدل على توجه متزايد لمنع اطلاق سراح الاسرى الامنيين القدامى الذين انهوا محكوميتهم، بواسطة اعتقالهم قبل إطلاق سراحهم او فور خروجهم من السجن. وقالت: "هذه سياسة مرفوضة تدل على ان الجهاز الأمني لا يحترم حتى قرارات المحاكم في اسرائيل ويحاول ايجاد مسار يلتف على القانون على اساس ما يعتبر مواد سرية".

السلطة الفلسطينية تطالب المجتمع الدولي بإجراءات عملية ضد الاستيطان

تكتب صحيفة "هآرتس" ان السلطة الفلسطينية توجهت خلال الأيام الأخيرة، الى عشرات الدول في اوروبا وجنوب امريكا وممثلي الرباعي الدولي، وطلبت اتخاذ اجراءات عملية ضد المستوطنات، وليس فقط الرد على البناء فيها. ويشير امين سر اللجنة التنفيذية للمنظمة، صائب عريقات في رسائله الى سلسلة من مخططات البناء الاسرائيلي وراء الخط الأخضر، والى هدم عشرات بيوت الفلسطينيين ومصادرة اراضيهم وغيرها من الخطوات التي تهدف الى تعميق الاحتلال.

وطالب عريقات الدول المعنية بالفصل المطلق بين اراضي اسرائيل السيادية والمناطق المحتلة عام 1967، ومنع كل تعاون مع المستوطنات، خاصة مع الشركات التجارية الناشطة فيها. وحسب مسؤول فلسطيني رفيع، فان السلطة تشعر بأنه لا يمارس الضغط على اسرائيل في موضوع المستوطنات. وعلى سبيل المثال لم يتم القيام بأي خطوة، ردا على التقارير المتعلقة بمخططات البناء الجديدة وراء الخط الاخضر، باستثناء الشجب، الذي تعتبره السلطة الفلسطينية ساخرا. ويعتقد قادة السلطة انه في ضوء الخطوات الاسرائيلية فان التصريحات بشأن الاستعداد لاستئناف العملية السياسية ليست الا ذر رماد في العيون. وقال مسؤول فلسطيني رفيع ان "محاولات نتنياهو اجراء عدة لقاءات اخرى بهدف التقاط الصور فقط لن تنجح، لأنه عمليا، لا يوجد أي دليل على سعي حكومة اسرائيل حتى لبداية اتفاق ولذلك فإننا نتوقع من المجتمع الدولي العمل".

الى ذلك نفى مصدر في ديوان الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في حديث ادلى به لصحيفة "هآرتس" وجود أي اتصالات من اجل عقد مؤتمر اقليمي في القاهرة خلال الفترة القريبة. وقال ان المبادرة الوحيدة المطروحة على الجدول الان هي الفرنسية، وفي نهاية السنة فقط، الموعد المتوقع لانعقاد المؤتمر الدولي للسلام، يمكن فحص قنوات اخرى.

لكن "يسرائيل هيوم" تدعي عكس ذلك حيث تكتب ان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، ابلغ الرئيس المصري السيسي، استعداده للمشاركة في مؤتمر سلام ترعاه مصر. وحسب تقرير اذاعه راديو اسرائيل، فقد اوضح ابو مازن بأن جهود الوساطة المصرية يجب ان تجري بشكل مواز للمبادرة الفرنسية وليس بدلا منها، وانه معني بمشاركة ممثلي فرنسا وروسيا وسويسرا في المؤتمر.

البرلمان التركي يصادق على اتفاق المصالحة مع اسرائيل

كتبت صحيفة "هآرتس" ان البرلمان التركي صادق، امس، على اتفاق المصالحة مع اسرائيل، وحوله الى قانون. وبناء على الاتفاق ستلغي تركيا كل الدعاوى التي تم تقديمها ضد جنود الجيش الاسرائيلي الذين شاركوا في السيطرة على سفينة "مافي مرمرة" في 2010، وستمنح الاسرائيليين حصانة تحميهم من تقديم دعاوى مشابهة في المستقبل. في المقابل المطلوب من اسرائيل الآن هو تحويل مبلغ 20 مليون دولار الى صندوق انساني تركي، خلال 25 يوما، ليتم دفع التعويضات لعائلات القتلى والجرحى الاتراك الذين اصيبوا بنيران قوات البحرية الاسرائيلية. ومن المتوقع ان تبدأ الآن، ايضا، اجراءات اعادة تطبيع العلاقات بين البلدين، وتعيين سفيرين، ورفع العلاقات الدبلوماسية وازالة العقوبات التي فرضها كل طرف على الآخر.

وكان المدير العام لوزارة الخارجية د. دوري غولد، قد وقع في اواخر حزيران، رسميا، على اتفاق المصالحة مع تركيا، خلال مراسم مغلقة جرت في وزارة الخارجية في القدس، فيما وقع نائب وزير الخارجية التركي فريدون سينرلي اوغلو الاتفاق في انقرة. وفي اليوم التالي صادق المجلس الوزاري الاسرائيلي على الاتفاق، فيما عارضه ثلاثة وزراء، افيغدور ليبرمان ونفتالي بينت واييلت شكيد.

وقد تأخر التصديق على الاتفاق في البرلمان التركي بسبب محاولة الانقلاب الفاشلة التي جرت في البلاد، لكن مسؤولين اتراك كبار اوضحوا مؤخرا خلال محادثات مع اقرانهم في القدس انه سيتم تطبيق الاتفاق.

وجاء من ديوان رئيس الحكومة، امس، ان "اسرائيل ترحب بالمصادقة على اتفاق المصالحة في البرلمان التركي، وتتوقع مواصلة تطبيقه، بما في ذلك اعادة السفيرين".

وتم التوصل الى الاتفاق بين البلدين بعد اكثر من ست سنوات سادت خلالها ازمة عميقة بين البلدين في اعقاب مقتل تسعة مواطنين اتراك خلال السيطرة على مرمرة. وتراجعت تركيا في نهاية المفاوضات عن مطلب رفع الحصار عن غزة، ووافقت على نقل مساعدات انسانية الى القطاع عبر ميناء اشدود.

من جانبها وافقت اسرائيل على السماح لتركيا بدفع سلسلة من المشاريع الانسانية في القطاع، من بينها انشاء مستشفى ومحطة طاقة ومنشأة لتحلية مياه البحر.

واكد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ان تركيا التي يقوم فيها مقر لحماس التزمت بعدم السماح بأي نشاط عسكري ضد اسرائيل من على اراضيها. ويشار الى ان الاتفاق لم يشمل أي تطرق لمسألة المواطنين الإسرائيليين وجثتي الجنديين المحتجزين في غزة، لكن انقرة حولت الى اسرائيل رسالة التزم فيها الرئيس اردوغان بمحاولة دفع مسألة اعادتهم الى اسرائيل.

نتنياهو وهرتسوغ استأنفا الاتصالات لتوسيع الائتلاف

ذكرت القناة الثانية في التلفزيون الاسرائيلي، في نهاية الأسبوع، بأن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ورئيس المعسكر الصهيوني، يتسحاق هرتسوغ، استأنفا الاتصالات لضم المعسكر الصهيوني الى الحكومة. وحسب المصدر فقد التقى نتنياهو وهرتسوغ، الأسبوع الماضي، في بيت نتنياهو في قيسارية. لكن المعسكر الصهيوني والليكود نفيا هذا النبأ.

وقالت "هآرتس" ان التقرير اثار انتقادات من جانب عدد من نواب المعسكر الصهيوني. وصرح النائب عمير بيرتس انه لا يوجد أي امل بانضمام المعسكر الصهيوني الى الحكومة. وادعى ان ما نشر هو اسفين هدفه خدمة يئير لبيد. ونشر على لسان بيرتس لاحقا، انه اجرى اتصالا مع هرتسوغ فنفى ان يكون قد اجتمع بنتنياهو. وقال بيرتس انه يصدق هرتسوغ.

وقال النائب اريئيل مرجليت، في اعقاب التقرير انه يحظر على حزب العمل العودة الى المحاولات المتآمرة من اجل انقاذ حكومة نتنياهو وحكومته الفاشلة. وقال: "يمنع انقاذ نتنياهو وانما يجب استبداله عاجلا وبسرعة، وكما سبق وافشلنا محاولات مشابهة سنفشل هذه المرة ايضا محاولة انقاذ نتنياهو".

وكان هرتسوغ ونتنياهو قد ناقشا حتى ايار الماضي امكانية انضمام المعسكر الصهيوني الى الائتلاف. لكن المحاولات لم تثمر، وبينما اعلن هرتسوغ بأنه تم اغلاق الباب اثر انضمام "يسرائيل بيتينو" الى الائتلاف، واصل نتنياهو الحديث عن امكانية استئناف المحاولة، وفي الأشهر الأخيرة، دعا هرتسوغ مرة اخرى للانضمام الى حكومته. وقبل ثلاثة اسابيع صرح خلال لقاء مع المراسلين السياسيين بأنه لا يزال معنيا بضم المعسكر الصهيوني الى الائتلاف في "ضوء التهديدات والفرص السياسية" التي تواجه اسرائيل. وقال نتنياهو ان هذا السبب هو الذي يجعله يواصل الاحتفاظ بحقيبة الخارجية.

الليكود يهاجم براك ردا على اتهاماته لنتيناهو

تكتب "يسرائيل هيوم" ان حزب الليكود نشر بيانا هاجم فيه بشدة رئيس الحكومة ووزير الأمن سابقا، ايهود براك، على خلفية تصريحه بأن نتنياهو تسبب بضرر استراتيجي لأمن إسرائيل. ووصف البيان براك بأنه "رئيس الحكومة الفاشل في تاريخ دولة اسرائيل، الذي سجلت على اسمه الانتفاضة الثانية والتخلي عن مدحت يوسف والتنكيل في رام الله، والانسحاب المتسرع من لبنان الذي تسبب بإطلاق الاف الصواريخ على مدن اسرائيل". واضاف البيان ان "محاولاته المثيرة للشفقة للعودة الى الجهاز السياسي من خلال هجماته الواهية وغير المسؤولة على رئيس الحكومة تلامس الفلتان. يستحسن ببراك نفسه الذي فقد ثقة الشعب بسرعة قياسية خلال سنة واحدة من الحكم، ان يتوقف عن الوعظ الاخلاقي لرئيس الحكومة نتنياهو الذي يحظى بثقة الجمهور المرة تلو الأخرى".

الى ذلك قال رئيس لجنة الخارجية والامن، النائب افي ديختر (الليكود) ان اللجنة لن تجتمع لمناقشة تصريحات ايهود براك. وحسب تصريح ديختر فقد اتصل ببراك وطلب الاجتماع به لسماع تفاصيل حول الحدث الذي اشار اليه براك، لكن الاخير رفض. وقال ديختر انه "في غياب معلومات حول سبب طلب الظهور امام اللجنة، لن يتم عقد اجتماع للجنة الفرعية لشؤون الاستخبارات لمناقشة الموضوع، كما طلب بعض اعضاء الكنيست من المعارضة". واضاف: "اللجنة الفرعية ليست برنامجا حسب الطلب، لا لمسؤولين سابقين ولا لهامشيين. عندما يتفضل السيد براك باشراك رئيس اللجنة في الموضوع الذي يطلب المثول من اجله امام اللجنة يمكن فحص الطلب بشكل جدي ومحترم".

مقالات

فوضى في اليسار

يكتب عبد عزب، في "هآرتس" انه لو لم يكن المقصود ابناء عمومتنا، الذين نعيش معهم، هم غالبية ونحن أقلية، وهم يسيطرون علينا بقبضة حديدية – لكنت سأتعقب باهتمام اكاديمي فقط، النقاش الذي دار على صفحات الجريدة بين غدعون ليفي (هآرتس 14.8) وعوزي برعام الذي رد عليه في (17.8)، وعاموس شوكن الذي رد عليهما معا (17.8). لو ان الموضوع لم يكن يتعلق ليس فقط بأبناء عمومتنا الذين يسيطرون علينا، وانما، ايضا، بأولئك من بينهم الذين يفترض ان يكونوا حلفاء طبيعيين لنا، اليسار الصهيوني، لكنت قد تطرقت الى هذا النقاش كله كما اتطرق الى الخبر الصارخ الذي ظهر في كل المواقع الاخبارية تقريبا. فقد اعلن علماء للآثار انه خلافا للاعتقاد الذي كان مقبولا حتى اليوم – والذي يقول بأن قدامى اليونانيين، وخلافا للشعوب المجاورة، لم يقدموا الضحايا البشرية – يتضح ان زيوس، والد الآلهة، استلطف بالذات الضحايا البشرية خاصة الشبان الصغار، الاصحاء والأقوياء. لخيبة أمل الساجدين للثقافة الهلنستية والذين ينسبون للغرب التفوق على الشرق، يبدو أنكم انتم ايضا، ابناء الغرب، كنتم ذات مرة همج مثلنا.

يحدد غدعون ليفي انه "لا يمكن ان تكون علمانيا وتؤمن بالحق التوراتي على شيلو وايتمار". وسارع عوزي برعام، رجل اليسار الذي لا يمكن التشكيك بمساهمته لهذا المعسكر، الى الرد على ليفي، وفي اطار ذلك حدد بأن "هآرتس" تفقد القراء بسبب الصحفي المتطرف. وقام عاموس شوكين بإحضار المعطيات في رده، ولي أنا كقارئ قديم للصحيفة لم يتبق الا ان افرح واتمنى بأن يزيد عدد القراء.

عوزي برعام كان محقا في انزعاجه. فهو كان احد القادة البارزين لحركة العمل التي بدأت التطبيق الفعلي للاحتلال، أي المستوطنات. وبالنسبة لبرعام وغالبية مواطني اسرائيل اليهود فان "الوعد الالهي" الذي منح لليهود ما يسمى ارض اسرائيل، هو مسألة مطلقة لا جدال فيها. ولكن حقيقة ايمان شخص بحق مطلق ما، يعني الغاء امكانية طرح الآخر لهذا الادعاء. ولذلك فان الايمان بالحق النابع من الوعد الالهي، الذي اعطي قبل الاف السنين، هو يميني في تجسيده. وكيفما حاولنا تطبيق هذا الوعد، سنجده ينفي حق الآخر، خاصة اولئك الذين تواجدوا هنا قبل العبرانيين والذين يعتبرون الوعد ومن اعطاه هم مجرد مسألة نظرية، في افضل الحالات. من اجل تطبيق الوعد، الذي يشكل قاعدة الصهيونية لدى شوكن وبرعام، يجب شطب كل ذكر للعماليق (اصحاب البيت) ونفي كل مبرر "اخلاقي" مشابه للشعوب الأخرى، كالفلسطينيين مثلا.

اليسار الأصلي يشكل اولا ايديولوجية اقتصادية – اجتماعية. ليس هذا هو المكان المناسب لمناقشة تطورات حركات اليسار على مختلف انواعها، وحتى الصدامات بينها، وكذلك الصدامات بين الحركات اليمينية، لكن احدى مفارقات اليسار الصهيوني هي انه اولا سياسي: محب للعرب (يتسحاق هرتسوغ) او كاره للعرب. اليسار الاقتصادي – الاجتماعي، في المصدر والجوهر، قام تماما من اجل الغاء الحقوق المطلقة للرأسمالية /الكنيسة، التي نبعت من كون الرأسماليين قاموا بتعريف انفسهم كأصحاب حقوق زائدة.

الله الذي اعطى الوعد الذي يسمح لليهود بمصادرة اراضي كنعان وبقية شعوب المنطقة، بدأ علاقته مع "شعب اسرائيل" قبل وقت طويل من الوعد. بالنسبة لشعوب المنطقة فان الأمر "اذهب" لا يعني شيئا. هذا يشبه كون اليهودية والمسيحية لا تعترفان بشرعية الشرائع الدينية للإسلام، رغم ان الديانات الثلاث هي ديانات سماوية تطورت في الشرق الاوسط، لكن اوامر وشرائع ديانة ما لا تنطوي على مؤمني الديانة الأخرى، وليس هناك ما هو اكثر طبيعي من ذلك. ولذلك فان ايمان برعام وشوكن بقوة الوعد الالهي يتعارض بشكل واضح ومبدئي مع تعريف اليسار، مهما كان، وغدعون ليفي كان محقا في ذلك.

من اجل تبرير حق شعب معين على وطن معين، لا حاجة الى الوعود السماوية. اكبر مبرر لحق شعب في وطن معين هي علاقته التاريخية بالأرض التي يقيم عليها. التمسك بالوعود الالهية هو تفسير اضطراري ومصطنع لعمليات الترحال الطبيعية للبشر، التي حدثت ولا تزال تحدث على وجه الأرض. العرب، الذين توصلوا في مرحلة معينة الى نقطة مصيرية في تطورهم، وتاقوا الى الموارد الطبيعية والعلاقات مع شعوب اخرى، انطلقوا من شبه الجزيرة العربية واحتلوا اجزاء واسعة من آسيا، وشمال افريقيا واسبانيا. حسب طريقة الوعود الالهية، فان هذه المناطق كلها تتبع للعرب وبحق، لأنهم هم ايضا يملكون وعدا كالكوشان الذي يعرضه شوكن وبرعام. انا متأكد من انهما يعتبران الاحتلالات العربية امبريالية محض، وانا اوافق على ذلك.

اليمين الإسرائيلي، مثل كل يمين آخر، تبلور بشكل واضح من الناحية الفكرية حول الوعود الالهية والرأسمالية. من السهل جدا بلورة اليمين. يكفي النظر الى المنطقة المحيطة بنا لكي نرى كم من السهل اقامة كيان سياسي على اساس الوعود الالهية: داعش. اليسار الاسرائيلي لم يتبلور حتى الان. آثار الصهيونية التي سبقت قيام دولة اسرائيل لا تزال ترشده في غالبية اعماله. الاحتجاج الاجتماعي في صيف 2011 لم يحقق شيئا، تماما لأن اليسار الاسرائيلي لا يزال لا يعرف نفسه هكذا ويعتذر بشكل دائم امام اليمين. ليس من المناسب لكم منافسة اليمين في مسألة التمسك بالوعود الاهية، لأنكم ستخسرون دوما.

اتركوا الجيش الاسرائيلي خارج الجدال

تكتب سمدار بات آدم، في "يسرائيل هيوم" ان ماركة "جيش الدفاع الاسرائيلي" لم تعد منذ زمن بقرة مقدسة، لكنه في الآونة الأخيرة، اصاب التصدع، ايضا، الاجماع الواسع على الشعور بأنه، رغم ذلك، "جيش الشعب". العاصفة التي اثارها تصريح رئيس الاركان غادي ايزنكوت "لا اريد لجندي تفريغ مخزن الذخيرة على فتاة تحمل مقصا"، وتصريح الجنرال يئير جولان حول الفترات الاخرى المظلمة، وقضية الجندي مطلق النيران اليؤور ازاريا، التي ترفض الهدوء – كلها تبدو كصراع بين النخب، صراع على تحليل "قيم الجيش الاسرائيلي" والذي يعني في الواقع الصراع بين مفاهيم ثقافية /سياسية.

ظاهرا، يتمحور مركز الصراع حول مصطلح "من يقم لقتلك اسبقه واقتله"، ومدى عكسه، ان كان كذلك فعلا، لجوهر الرمز الاخلاقي للجيش. عمليا، طوال عشرات السنوات، عكست قيم الجيش واوامر فتح النيران، ليس هذا المصطلح فحسب، وانما أيضا مصطلح "العين بالعين"، وبالطبع ايضا "كي يشاهدوا ويرتدعوا".

بشكل خاص، عندما كان المقصود الارهاب. الرد على عمليات "الفدائيين" التي بدأت بعد انتهاء حرب التحرير، كان يسمى "عمليات الانتقام" (الحديث عن عمليات ارهابية قامت بها خلايا فلسطينية بدعم من اكبر الدول المعادية لنا في حينه، مصر والأردن، والتي تسللت عبر الحدود المتفق عليها، خاصة في مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة، بهدف ذبح الاسرائيليين، والتي نجحت بجباية حياة مئات المدنيين الأبرياء).

حين تقول "عمليات الانتقام" فانك تعني الوحدة 101، اريك شارون ومئير هار تسيون، والكثير من المفاخرة الإسرائيلية. "الانتقام"، حسب القاموس، هو "الثمن او العمل الذي يأتي ردا على عمل الآخرين: المقابل، اجر او عقاب." أي – الانتقام.

التعليـــقات