رئيس التحرير: طلعت علوي

انهيار أسواق المال العالمية بعد قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي -

الأحد | 26/06/2016 - 02:36 مساءاً
انهيار أسواق المال العالمية بعد قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي -

انهارت الاسواق المالية العالمية، ولاسيما في اوروبا، أمس، تحت وقع صدمة قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الاوروبي، في حين تراجع الجنيه الاسترليني الى ادنى مستوى له منذ 1985. وكانت البورصات والمصارف الاوروبية الاكثر تأثرا في هذا اليوم الاسود مع تسجيل تراجع يماثل ما حصل يوم اعلان افلاس بنك «ليمان براذرز» الاميركي في 2008. وفي منتصف النهار تراجعت بورصة باريس بنحو 8% وفرانكفورت باكثر من 7% تقريبا ولندن بنحو 5%. وسجل مصرف «دويتشه بنك» تراجعا بنحو 14% مثل «كريدي اغريكول» (الائتمان الزراعي)، و»بي ان بي باريبا» بأكثر من 16% بينما تراجع «سوسييتيه جنرال» بنحو 20%. وقال مدير الاسهم الدولية لدى شركة هندرسون غلوبال انفستورز الاستثمارية لفرانس برس «انها صدمة كبيرة جدا للاسواق وزلزال بالنسبة لبريطانيا ستنتشر تبعاتها ولا شك خارج حدود بريطانيا مع تاثير مباشر قد يدوم على التبادلات التجارية وكل الاصول المالية». وقال المحلل في مجموعة «اي تي اكس كابيتال» جو راندل انها «واحدة من اكبر الصدمات في التاريخ (...) كل العالم سيشعر بانعكاساتها. يصعب تقدير حجم الاضرار ولكنه سيكون على الارجح اكبر من كل الاحداث التي حصلت منذ افلاس ليمان براذرز».

منذ بدء حملة الاستفتاء كانت الاسواق تخشى خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي وما يمكن ان يترتب عليه من انعكسات كارثية على الاقتصاد الاوروبي والعالمي وايضا على عالم المال. وبعد ان ارتفع الجنيه الاسترليني الى اكثر من 1,50 دولارا عند اغلاق مراكز الاقتراع، عاد وتراجع في البدء الى ما دون 1,45 دولارا ثم الى 1,40 دولارا قبل ان يواصل انهياره الى مستويات غير مسبوقة منذ العام 1985 ليصل الى 1,3229 دولارا ويفقد اكثر من 10% من قيمته خلال النهار. منتصف النهار، كان سعر الجنيه يقارب 1,3708 دولارا. في موازاة ذلك، سجلت القيم المرجعية مثل الين واونصة الذهب ارتفاعا كبيرا بينما تهافت المستثمرون على سوق السندات. وارتفع الذهب الى اعلى قيمة له منذ عامين. وسجلت سندات الدين الالمانية «بوند» نتيجة سلبية كما كانت فائدة الاقتراض على عشر سنوات في فرنسا وبريطانيا عند ادنى مستوى تاريخي بينما اهمل المتعاملون سندات ديون الدول الاضعف اقتصاديا. امام هذا الانهيار، اعلن «بنك انكلترا» استعداده لـ «ضخ 250 مليار جنيه استرليني» (326 مليار يورو). وبدوره ابدى المصرف المركزي الاوروبي استعداده لتوفير «السيولة اللازمة عند الضرورة باليورو والعملات الاجنبية» وقال انه سيتحمل مسؤولياته ازاء ضمان استقرار الاسعار والقطاع المالي في منطقة اليورو.

الأسهم الأميركية تفتح على هبوط حاد وفتحت الأسهم الأميركية على هبوط حاد أمس، بعدما صوتت بريطانيا لصالح الخروج من عضوية الاتحاد الاوروبي ما أثار اضطرابا لم تشهده الاسواق منذ الازمة المالية في عام 2008. واتجه المستثمرون الى الاصول التي تمثل ملاذا امنا مثل الذهب وسندات الخزانة الأميركية في الوقت الذي عزفوا فيه عن شراء الاصول التي تنطوي على مخاطر مثل الاسهم والنفط. وهبط مؤشر داو جونز الصناعي بواقع 04ر243 نقطة أو ما يعادل 35ر1 بالمئة الى 03ر17768 نقطة. وانخفض مؤشر ستاندرد اند بورز 500 بواقع 25ر34 نقطة أو ما يعادل 62ر1 بالمئة الى 07ر2079 نقطة. ونزل مؤشر ناسداك المجمع بواقع 73ر192 نقطة أو ما يوازي 93ر3 بالمئة ليصل الى 31ر4717 نقطة. وفي صباح أمس، ومع انهيار الاسواق الاسيوية، اعلن بنك اليابان «استعداده لضخ السيولة» بالتشاور مع المصارف المركزية الاخرى للحد من الاضرار في الاسواق المالية. ولكن ذلك لم يمنع بورصة طوكيو من الاغلاق بتراجع ناهز 8% عند الاقفال. وخسر عملاقا تصنيع السيارات اليابانيان «تويوتا» و»نيسان» اللذان لديهما مقرات في بريطانيا اكثر من 8%. وتاثر النفط ايضا مسجلا تراجعا باكثر من 6% في التبادلات الالكترونية في اسيا مع تسحيل تراجع قوي في باقي الاسواق.

وان كانت بعض شركات ادارة الاسهم على غرار اكبرها عالميا الاميركية «بلاكروك» سعت الى طمأنة المستثمرين من خلال جعلهم يرون في هذه التحركات «فرصا» للاستثمار، فان الشكوك والحيرة هي اكثر ما يثقل كاهل الاسواق. وتقول شركة «الاينز غلوبال انفستورز» انه «بالطبع يمكن ان نتوقع ان تقيم بريطانيا علاقات تجارية جديدة مع الاتحاد الاوروبي ودول اخرى ولكن هذه العملية ستأخذ وقتا وتتطلب جهودا جبارة. في هذه الاثناء سيظل السوق تحت رحمة الشكوك و»على المستثمرين ان يكونوا مستعدين لاجتياز الكثير من المطبات». هزة كبيرة في البورصات الآسيوية احدث تصويت البريطانيين مع الخروج من الاتحاد الاوروبي هزة كبيرة في اسواق المال من انخفاض البورصات الآسيوية وسعر الجنيه الاسترليني الى ادنى مستوى له منذ 1985. وقال المحلل في مجموعة «اي تي اكس كابيتال» جو راندل انها «واحدة من اكبر الصدمات في الاسواق في التاريخ». واضاف ان «كل العالم سيشعر بالانعكاسات».

واضاف ان «حجم الاضرار يصعب تقييمه لكنه سيكون الاكبر على الارجح منذ افلاس مصرف ليمان براذرز في 2008». ومن المتوقع ان تهبط البورصات الاوروبية حوالى عشرة بالمئة حسب العقود الآجلة التي اوردتها وكالة بلومبرغ للاخبار المالية. وحسب هذه العقود، ستخسر لندن عند بدء الجلسة 9 بالمئة وفرانكفورت 9,5 بالمئة وبورصة يورستوكس التي تضم اسهم اهم الشركات الاوروبية 12 بالمئة. وبعد ان ارتفع الجنيه الاسترليني الى اكثر من 1,50 دولارا عند اغلاق مراكز الاقتراع، عاد وتراجع في البدء الى ما دون 1,45 دولارا ثم الى 1,40 دولارا قبل ان يواصل انهياره الى مستويات غير مسبوقة منذ العام 1985 ليصل الى 1,3229 دولارا ليفقد اكثر من 10% من قيمته خلال النهار. وتراجع الجنيه امام اليورو الذي سجل 81,96 بنسا في مقابل 76,02 قبل بضع ساعات.

وفي موازاة ذلك وحتى قبل الاعلان الرسمي عن النتائج بدا الين ارتفاعه. فقد تراجع الدولار الى 99,04 ينا وهو امر غير مسبوق منذ تشرين الثاني 2013 في مقابل 106,84 ينا في السابق بينما سجل اليورو 109,60 ينا في مقابل 122,01 ينا. واعلن البنك المركزي البريطاني الجمعة انه مستعد للتحرك لضمان الاستقرار النقدي والمالي للمملكة المتحدة ويراقب عن كثب تطور الوضع بعد قرار البريطانيين الخروج من الاتحاد الأوروبي. وقال البنك المركزي الالماني ان «النتئاج ستكون سيئة على كل الأصعدة». وقال بنك انكلترا انه «سيتخذ كل الاجراءات اللازمة» لتحمل مسؤولياته وضمان الاستقرار النقدي والمالي للمملكة المتحدة، مؤكدا انه درس مسبقا حلولا انقاذية عميقة وسيعمل بشكل وثيق مع وزيراة الخزانة البريطانية والمصارف المركزية الكبرى الاخرى. وعلق يوسوكي هوسوكاوا مسؤول العملات الاجنبية لدى مصرف سوميتومو ميتسوي تراست ان «الضغوط على الجنيه يمكن ان تتزايد عند افتتاح الاسواق الاوروبية.

لم اشهد مثل هذه الفوضى منذ زمن طويل». واكد المصرف المركزي الياباني «استعداده لضخ سيولة» بالتشاور مع المصارف المركزية الاخرى بينما قال وزير المالية تارو اسو انه لن يقف مكتوف اليدين من اجل تهدئة الاسواق بعد قرار البريطانيين مغادرة الاتحاد الاوروبي. وادى تصويت البريطانيين على الخروج من الاتحاد الاوروبي الى تراجع كبير في بورصة طوكيو التي سجلت اسهم الشركات الكبرى فيها طوكيو تراجعا تجاوز نسبته الثمانية بالمئة الجمعة. وتراجع مؤشر نيكاي في بورصة طوكيو ب7,92% عند الاغلاق الجمعة نتيجة مخاوف المستثمرين بعد قرار البريطانيين الخروج من بريطانيا، وهي صدمة شبيهة بافلاس مصرف ليمان برذرز في العام 2008. وتراجع مؤشر كبرى الشركات ال225 ب1,286,33 نقطة ليسجل 14,952 نقطة اما مؤشر توبيكس فتراجع بـ7,26% (اقل بـ94,23 نقطة) ليسجل 1,204,48 نقطة. وقد دعا اسو الى مؤتمر صحافي عاجل مع ارتفاع سعر الين ايضا. وقد بلغ سعر الدولار منتصف النهار (بالتوقيت المحلي) 99,04 ينا وهو رقم لم يسجل منذ تشرين الثاني 2013.

واكد اسو في هذا المؤتمر الصحافي انه مستعد للتحرك في مواجهة «التقلبات المفاجئة» في اسواق الصرف. وقال «سنرد بحزم عند الضرورة»، معبرا عن «قلقه على المخاطر على الاقتصاد العالمي والاسواق المالية». وفي هذه الاجواء المتوترة، ارتفع سعر الذهب أمس، الى اعلى مستوى له منذ عامين باعتباره قيمة مرجعية. وحوالى الساعة 3,50 بتوقيت غرينتش ارتفع سعر الذهب الاصفر الى 1359,08 دولار، اعلن مستوى له منذ 19 آذار 2014 اي بزيادة نحو ثمانية بالمئة عن بداية المبادلات الآسيوية، قبل ان يستقر على 1330 دولارا. وتاثر النفط ايضا بالاجواء العامة، فقد خسر برميل النفط الخفيف (لايت سويت كرود) تسليم اب 3,11 دولار اي 6,21 بالمئة من قيمته ليسجل 47,77 دولار عند الساعة 04,00 ت غ في التبادلات الإلكترونية في اسيا. كما تراجع برميل البرنت النفط المرجعي الاوروبي أيضا تسليم اب بـ3,14 دولارا اي 6,17% ليسجل 47,77 دولار. 

©وكالات

التعليـــقات