رئيس التحرير: طلعت علوي

صندوق النقد" يحذر من "تأثير سلبي" على اقتصاد بريطانيا حال خروجها من الاتحاد الأوروبي

الأحد | 19/06/2016 - 02:19 مساءاً
صندوق النقد" يحذر من "تأثير سلبي" على اقتصاد بريطانيا حال خروجها من الاتحاد الأوروبي

 قال خبراء صندوق النقد الدولي في تقييمهم السنوي المالي للاقتصاد البريطاني، أول من أمس، إن خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي سيكون له تأثير «سلبي وكبير» على اقتصادها الذي قد يعاني من الانكماش العام المقبل.

ويأتي هذا التقييم للهيئة المالية الدولية قبل أسبوع على الاستفتاء على عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي الذي سيجري في 23 حزيران.
ورأى هؤلاء الخبراء انه إذا قرر البريطانيون في الاستفتاء الخروج من الاتحاد الأوروبي، فإن ذلك سيؤدي إلى «فترة طويلة من عدم اليقين الذي قد يؤثر على الثقة والاستثمار ويزيد من تقلب أسواق المال، إذ إن المفاوضات حول شروط جديدة قد تستمر سنوات».

وفي تقرير منفصل بعنوان «التبعات الاقتصادية الكبرى لمغادرة المملكة المتحدة الاتحاد الأوروبي»، وضع الصندوق احتمالين لنتائج الاستفتاء، الأول «سيناريو محدود» والثاني «غير مشجع» في حال «لم تجر بشكل جيد» مفاوضات الخروج من الاتحاد.

وفي الحالة الأولى، سيتباطأ نمو إجمالي الناتج الداخلي البريطاني ليبلغ 1,7 بالمئة هذه السنة ثم 1,4 بالمئة في 2017 بدلا من 1,9 بالمئة و2,2 بالمئة متوقعة في الوضع الحالي.

ووفق السيناريو الثاني، سيعاني الاقتصاد البريطاني من انكماش في 2017 (ناقص 0,8 بالمئة) قبل أن يتحسن ويرتفع إلى موجب 0,8 بالمئة في 2018، كما يتوقع خبراء صندوق النقد الدولي.

وأكد مسؤول في الصندوق في مؤتمر هاتفي، الجمعة: «في حال حدوث السيناريو غير المشجع، فإن العواقب ستكون نموا سلبيا».
أما معدل البطالة الذي يقدر حاليا بخمسة بالمئة في 2016، فسيرتفع إلى 5,3 بالمئة في 2017 في السيناريو الأول و6,5 بالمئة في السيناريو الثاني الذي سيرتفع التضخم بموجبه إلى أربعة بالمئة في 2017 بدلا من 1,9 بالمئة متوقعة.

وقال خبراء الصندوق: إن «تأثير (خروج بريطانيا من الاتحاد) على الأمد الطويل على الإنتاج والمداخيل البريطانية سيكون سلبيا وكبيرا أيضا لأن حواجز جديدة ستضر بالتجارة والاستثمار والقدرة الإنتاجية».

وأضافوا: إن «الأسواق يمكن أن تسرع من ظهور هذه الآثار السلبية على الأمدين المتوسط والبعيد بردها السريع فور انتهاء التصويت».

وتابع الخبراء: إنه في حال الخروج من الاتحاد، سيكون على السلطات البريطانية التأكد من أن النظام المالي يواصل تلقي سيولة كافية لتجنب انخفاض في الأموال، مرحبين بالمبادرات التي اتخذها بنك إنكلترا (المصرف المركزي البريطاني) لمواجهة أي احتمال.

وصرح مسؤول في صندوق النقد الدولي بأن اتفاقات لضمان تدفق العملات الصعبة (سواب) بين المصارف المركزية الكبرى بما فيها الاحتياطي الفدرالي الأميركي أبرمت «قبل بعض الوقت».
وقال: «في حال نقص في السيولة بالدولار مثلا، يمكن لبنك إنكلترا تفعيل اتفاقات سواب هذه».
وفي الخارج ستعاني دول أخرى من خروج الاقتصاد البريطاني المحتمل من الاتحاد الأوروبي نظرا لأهمية العلاقات التجارية المتبادلة. وهذه الدول هي إيرلندا ومالطا وقبرص وهولندا وبلجيكا وكذلك لوكسمبورغ بسبب الروابط المالية.

وقال صندوق النقد في تقريره: إن «فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا يفترض أن تكون اقل تأثرا من دول أخرى في الاتحاد» الأوروبي.
ويتوقع الصندوق ارتفاعا في معدل النمو في حال صوت البريطانيون مع البقاء في الاتحاد الأوروبي.

وقال: إن «النمو يفترض أن يتعزز في نهاية 2016 مع تراجع آثار الاستفتاء التي طالته حتى الآن».

وقال خبراء اقتصاديون: إن إفراط شركات بريطانية في الحذر قبل التصويت أدى إلى انخفاض الاستثمارات في بداية السنة، مع أن محللين آخرين نفوا ذلك.
وفي حال بقيت بريطانيا في الاتحاد، يتوقع خبراء الصندوق ارتفاع إجمالي الناتج الداخلي في نهاية الأمر بنسبة 2,2 بالمئة في 2017، بعد 1,9 بالمئة هذه السنة.

ورداً على سؤال عن احتمال أن يكون خروج بريطانيا مفيدا لاقتصاد المملكة المتحدة، قال خبير في صندوق النقد الدولي: إن فرضيات كهذه «يتم تداولها» تؤكد أن الأمر سيكون كذلك «إذا تخصصت المملكة المتحدة حصرا بالخدمات مع زوال قطاعي الصناعات التحويلية والزراعة». وأضاف: «لا نرى ذلك سيناريو ممكنا».

من ناحية أخرى، طالب وزير الاقتصاد الفرنسي إيمانويل ماكرون بتبني الاتحاد الأوروبي لنهج صارم وواضح في العلاقات المستقبلية مع بريطانيا في حال خروجها من التكتل.

وفي مقابلة مع صحيفة «لوموند» الفرنسية الصادرة، أمس، قال ماكرون: إنه في حال رفض البريطانيين للاتحاد الأوروبي فلا بد أن يكون الخروج شاملا.
ورأى الوزير الفرنسي أن على مجلس الاتحاد الأوروبي أن يبعث برسالة واضحة للدول الأعضاء وإرشادات ملزمة في حال خروج بريطانيا من التكتل «فإما داخل التكتل أو خارجه»، واقترح في اليوم التالي لخروج بريطانيا وقف منح جوازات سفر تابعة للاتحاد الأوروبي للمؤسسات البريطانية.

يذكر أن مجلس وزراء الاتحاد الأوروبي سينعقد في الثامن والعشرين من حزيران الجاري للتشاور حول نتائج الاستفتاء الذي سيجريه البريطانيون في الثالث والعشرين من نفس الشهر حول مستقبل عضوية بلادهم في الاتحاد الأوروبي.

وأضاف ماكرون أن مصلحة الاتحاد الأوروبي تقتضي عدم السماح بأي سوء فهم أو تضييع الوقت، وقال: إنه إذا رغبت بريطانيا بعد خروجها في الدخول إلى السوق الداخلية للاتحاد الأوروبي فعليها أن تسهم في ميزانية التكتل كما تفعل سويسرا والنرويج.
وأردف: إن «موقف الرئيس الفرنسي في هذا الاتجاه سيكون واضحا جدا».

وقال وزير المالية الالماني فولفجانج شيوبله، أول من أمس: إن أوروبا تتخذ خطوات للاستعداد لأي نتيجة محتملة للاستفتاء الذي ستجريه بريطانيا على عضويتها في الاتحاد الأوروبي.

ومتحدثا بعد اجتماع لوزراء مالية الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورج قال شيوبله أيضا: إن أوروبا مستعدة بشكل جيد للرد على القلق الحالي في الأسواق المالية المرتبط باحتمال خروج بريطانيا من الاتحاد المؤلف من 28 دولة.

وجاءت تعليقاته بعد أن قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الخميس الماضي: إن بريطانيا ستخسر انضماما مميزا إلى السوق الأوروبية الموحدة إذا انسحبت من الاتحاد الأوروبي وذلك في أقوى تعليقاتها حتى الآن بشأن الاستفتاء الذي سيجرى الأسبوع القادم.

وتوقعت غرفة التجارة والصناعة الألمانية (دي آي إتش كيه) أن يؤدي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إلى تداعيات خطيرة على قطاعي التجارة والصناعة.

وفي تصريحات لصحيفة «نويه أوسنابروكر تسايتونج» الألمانية الصادرة أمس، قال مارتين فانسليبن كبير المدراء التنفيذيين في الغرفة: إن الشركات الألمانية تورد سنويا بضائع بقيمة نحو 90 مليار يورو إلى بريطانيا.

وأوضح فانسليبن أن أكثر من 750 ألف وظيفة في ألمانيا تعتمد على هذا النشاط وحذر من عواقب خروج بريطانيا على علاقات التجارة والصناعة بين برلين ولندن.

وتابع فانسليبن: إن نتائج استطلاع أجرته غرفة التجارة الخارجية الألمانية البريطانية أظهر أن أكثر من نصف الشركات الألمانية ستوقف نشاطها في هذه الحالة.

وأضاف فانسليبن: إن بريطانيا هي أكبر مستثمر مباشر في ألمانيا مشيرا إلى أن أكثر من 200 ألف موظف يعملون لدى شركات بريطانية في ألمانيا.
واختتم فانسليبن تصريحاته بالقول: إن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيُصَعِّب الاستثمارات البريطانية في ألمانيا بصورة واضحة.

يذكر أن البريطانيين سيجرون في الثالث والعشرين من الشهر الجاري استفتاء حول مستقبل عضوية بلادهم في الاتحاد الأوروبي، وتعد نتيجة الاستفتاء غير واضحة إذ إن الاستطلاعات تشير إلى تقارب نسبة مؤيدي ومعارضي استمرار عضوية بريطانيا في التكتل.

©أ.ف.ب

التعليـــقات