رئيس التحرير: طلعت علوي

35 مليون دولار من دافعي الضرائب لاعلام الراي الواحد

الإثنين | 11/04/2016 - 10:10 مساءاً
35 مليون دولار من دافعي الضرائب لاعلام الراي الواحد

فضل سليمان

((قال % 93 من المستطلعة اراؤهم ان وسائل الاعلام الفلسطيني الرسمي تتجاهل المخالفات التي يرتكبها موظفون عموميون وانها حين لا تتجاهلها فانها قد تشير لها بشكل عابر))

(تهدف هذه المقالة الى الاشارة الى اهمية تعزيز مباديء الادارة الرشيدة ووالى تحفيز الجهود الرسمية لاتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة التحديات في قطاع الاعلام الرسمي )
في غياب او ضيق هامش الحرية الذي تعمل وسائل الاعلام الرسمي في نطاقة، فان وسائل الاعلام الفلسطينية الرسمية أصبحت بعيدة في ممارساتها العملية اليومية عن مباديء ومعايير  العمل الصحفي المهني الحر وغدت منحازة وبعيدة عن الحيادية والموضوعية والتوازن في تغطياتها ما قوض ثلاثاً من أهم وظائف الاعلام وأدواره المنتظرة من الجمهور، وهي وظائف الإخبار، والرقابة عى الاداء العام، وإثارة النقاش العام حول ما يطرح من قضايا.
وبما أن الاعلام الفلسطيني الرسمي مرتبط إرتباطا مركزيا بالسلطة ، فإن مشاركة الجمهور الفلسطيني في تحديد نوعية المنتج الإعلامي ضعيفة، ما يثير  التساؤل حول الجدوى من تمويل هذه المؤسسات الإعلامية من أموال دافعي الضرائب.

اخفاق في تجسيد مباديء ومعايير العمل الصحفي المهني الحر

لقد حددت المادة الثالثة في المرسوم الذي صدر عام  2010 م بشأن الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون الفلسطينية وتم تعديله عام  2012خمسة أهداف تسعى الهيئة العامة للاذاعة والتلفزيون الفلسطيني لتحقيقها منها دعم الوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي، وصيانة كرامة الفرد وحرياته، والعمل على ترويج الثقافة الديمقراطية، وطرح القضايا العامة والإسهام في التعبير عن مطالب المواطنين ومشكلاتهم، ودعم حقهم في المعرفة والتعبير عن الرأي والمشارك/ة .
تقول الهيئة العامة للاذاعة والتلفزيون الفلسطيني في الرؤية » خاصتها انها تضع في مركز اهتمامها
اكتساب المصداقية لدى الفئات الأوسع من المجتمع، من خلال تقديم المعلومة ومساءلة الذين في موقع صنع القرار
الان ان المراقب للاعلام الرسمي يجد انه اخفق في ممارساته اليومية وتغطياته في تجسيد مبادي ومعايير العمل الصحفي والمهني الحر، حيث تخلص دراسة اعدها الباحث ماجد العاروري وصدرت عن الائتلاف من اجل النزاهة والمساءلة «امان » ان هيئة الاذاعة والتلفزيون الفلسطينية «لا تزال تراوح مكانها فيما يتعلق بالتحول الى هيئة مستقلة للبث العمومي، وكافة المراسيم القانونية التي صدرت لم توفر البيئة القانونية اللازمة لتحولها الى هيئة عامة. تمثل عموم الشعب الفلسطيني.
تتبع مؤسسات الاعلام الرسمي مكتب الرئيس الفلسطيني مباشرة وهو المسؤول عن تعيين واقالة اداراتها ولا تتبع الحكومة او المجلس التشريعي. ومؤخرا وبعد تقلبات في تبعية جريدة «الحياة الجديدة » ما بين السلطة وصندوق الاستثمار والصندوق القومي لمنظمة التحرير فانه جرى وضعها تحت مسؤولية مباشرة وكاملة للسلطة لتكون ضمن مسؤوليات مسؤول الاعلام الرسمي الفلسطيني.

تحجب الاخبار التي تحرج شخصيات في السلطة

وقد اشارت دراسة اعدها مركز مدى حول الاعلام الرسمي الى ان هناك تعتيما واسعا للاخبار والاراء التي لا تروق للسلطة او الحكومة الفلسطينية او تتعارض مع سياساتها، كما تعمد لحجب الاخبار والاراء التي تتعارض او قد تمس او تحرج شخصيات في السلطة او الحكومة او شخصيات ذات نفوذ سياسي او اقتصادي او عشائري، وتتجاهل المخالفات التي يتورط فيها موظفون عموميون او جهات رسمية، وانها منحازة للسلطة وللحزب الحاكم، ولا تراعي تعددية الاراء في المجتمع الفلسطيني ولا تحرص على اظهار ذلك ولا تعبر في تغطياتها عن الكُل الفلسطيني.
حيث اشار استطلاع الدراسة (مركز مدى) الى ان % 75  من الصحافيين المستطلعة اراؤهم ان وسائل الاعلام الفلسطيني الرسمي تحجب الاخبار والاراء التي قد تمس او تحرج شخصيات في السلطة او الحكومة الفلسطينية، في حين  قال % 93 ان وسائل الاعلام الفلسطيني الرسمي تتجاهل المخالفات التي يرتكبها موظفون عموميون وانها حين لا تتجاهلها فانها قد تشير لها بشكل عابر، وقال نحو نصف العاملين في مؤسسسات الاعلام الرسمي ذاتها ممن شملهم الاستطلاع، ان وسائل الاعلام الفلسطيني الرسمي تتعمد تجاهل واخفاء وجهات النظر المغايرة للمواقف والتوجهات الرسمية او الحكومية ونادرا ما يتم السماح بظهور مواقف مناقضة للمواقف او التوجهات الرسمية للسلطة او الحكومة الفلسطينية.
وعزا % 83 من المستطلعين السبب الاهم الذي يعرقل الاداء الحر لوسائل الاعلام الفلسطيني الرسمي الى غياب الارادة السياسية لدى الجهات الرسمية ولدى هيئات التحرير التي تشرف على هذه المؤسسات.

طه: هبوط سقف الحريات في المشهد الاعلامي الرسمي

وحسب (المتوكل طه وكيل وزارة الاعلام في مقالة له  بعنوان حالة الاعلام الرسمي، يقول "إن المشهد الإعلامي الفلسطيني في مستواه الرسمي يتميز بالتبعثر والتفكك وعدم التنسيق، ذلك أن هناك ثلاث هيئات إعلامية حكومية هي الإذاعة والتلفزيون، ووفا والاستعلامات، ومكتب الناطق الإعلامي الرسمي، وهذه الهيئات لا تنسّق فيما بينها. عداك عن وزارة الإعلام، وعداك عن أن "مكتب الناطق الإعلامي" جسم هلاميّ تم تأسيسه بعيداً عن الهيكلية والضرورة والتأصيل القانوني".

ويضيف "ان المتتبع لعمل هذه الهيئات يجد أن ليس هناك قواسم.. أو خطط.. أو حتى مقترحات مشتركة، وهناك تناقضاً..في الإطار العام، الأمر الذي ينعكس على المصداقية والثقة والإحتراف والجماهيرية، وهو ما من شأنه عدم تقديم المقولة السياسية إلى الجمهور بطريقة ملائمة فينعكس سلباً ويؤدي إلى اختلاط الأمور."
واشار د متوكل طه الى "هبوط سقف الحريات العامة، بسبب سوء فهم بعض القائمين على بعض المؤسسات الإعلامية، وتدخّل البعض بطريقة غير مباشرة" !
في آذار من عام 2010 ، كان اصدر معهد -بانوس - ومرصد البحر المتوسط للاتصالات "تقريرا حول هيئة الاذاعة والتلفزيون، اشار الى ان الإذاعة الرسمية )صوت فلسطين( «لا تسمح نشر اية آراء تنتقد الحكومة الفلسطينية في البرامج الاخبارية التي شملتها فرة التحليل.*
ان تضخّم عدد الموظفين؛ حيث بلغوا في هيئة الإذاعة والتلفزيون ووكالة وفا والإستعلامات ووزارة الإعلام ومكتب الناطق قرابة ألفي موظفٍ، تم توظيف معظمهم بشكل إرتجالي بعيداً عن ميزان المهنّية والتخصص، اثقل كاهل الهيكليات وفاقم مطالب العاملين دون نتاج نوعي مميز، في مؤسسات التبس دورها بين اعتبارها مُشرفة أم مُنتجة . وفي مناخ تغلب فيه الأبعاد الشخصية أو الفصائلية داخل هذه المؤسسات . وسيطرة "الوزير" الذي يبدأ، عند تعيينه، من "الأرض صفر" دون الأخذ بالتراكم والإنجاز، وغلبة الفردية والمزاج. *

( 146 ) مديرا عاما ومديرا في وفا فقط.

ويعمل مثلا في وكالة «وفا » كادر يضم  369 موظفا وموظفة، أحدهم برتبة وزير، وسبعة موظفين برتبة مدير عام، و( 45 مدير A)و ) 25 مدير B ( و) 69 مدير (C وفقا لما ورد في كتاب الموازنة الفلسطينية للعام 2014  .
ورغم ان موازنة الهيئة العامة للاذاعة والتلفزيون الفلسطيني للعام 2014 بلغت 112.000.000 -- شيقل.  وموازنة لوكالة وفا  - 21.000.000  - شيقل
"الا ان معظم هذه المؤسسات الإعلامية الرسمية لا تقوم الا بالنزر القليل مما هو مطلوب منها، بطريقة العلاقات العامة والموسميّة والشخصنة والإرتجال والبدائية، النائية عن الحداثة والنظرية والتخطيط المسبق والمتكامل، ويشمل ذلك غياب النظام والتراتبية والقانون، ما أنتج إعلاماً اقرب إلى العشوائية والجهل والأخطاء المهنية واللغوية والسياسية والتقنية، وبعيد عن التعددية واحترام الرأي الآخر."*
"ان ثمة مكاتب وفروع في المحافظات، لكل هيئة ومؤسسة، مستقلة وبعيدة عن أختها، وتقوم بالعمل نفسه تقريباً، دون تنسيق فيما بينها، بل ثمة حساسيات نشأت بين العاملين في هذه المؤسسات وصلت حدّ القطيعة والإتهام، ما يؤدي إلى تبديد الأموال والوقت والجهود، دون مقابل !"*
السؤال : لماذا لا يصار الى دمج وكالة وفا والهيئة العامة للمعلومات وتحويلها الى غرفة اخبار للاذاعة والتلفزيون كجزء من الخطوات الهادفة للنهوض بادائهما،كما جاء كمقترح من ال BBC البريطانية.

 

التعليـــقات