باص 47"، اسم غريب قد يثير أفكاراً ما، لكنه في الغالب لن يأخذنا إلى الفكرة المقصودة، الرقم بحد ذاته قريب من 48، أي سنة النكبة من القرن الماضي، لكن هل للرقمين علاقة بالباص؟
نعم بين الرقمين كل العلاقة والجامع بينهما باص، ابتدع فكرته الصحافي الفلسطيني محمد نصار، الذي يقول لـ "الأخبار" إن الفكرة تحاول إعادة مقولة الوحدة العربية، وأن لا حدود كانت بين البلاد قبل احتلال العصابات الصهيونية لفلسطين، وكل واقعنا الحالي والتقسيم القائم بين الدول العربية مسؤول عنه الاستعمار.
بالفعل الباص نمرته "فلسطين 4600572" ومكتوب على جانبيه المدن التي يصل إليها "كويت ـ بغداد ـ عمان ـ الشام ـ بيروت ـ القدس ـ رام الله ـ نابلس ـ جنين ـ حيفا ـ يافا ـ غزة ـ عكا ـ القاهرة ـ صنعاء ـ جد ـ السلط ـ الشونة"، الغاية من ذكر كل هذه المدن على الباص لتأكيد فكرة كسر الحدود ويكتب محمد على صفحته في فيسبوك "لأول مرة بعد استكمال احتلال فلسطين عام 1967، كسرنا الحدود".
الباص بدأ رحلته فعلياً من الأدرن وشاهده الأردنيون في عاصمتهم، وخلال زيارته إلى مدينة السلط، وكانت الانطباعات حسب محمد مدهشة، ويضيف أنه من خلال الناس تحول الباص من فكرة لبرنامج، إلى حلم حقيقي بالعودة وانهاء الاحتلال وكل أنواع الاستعمار، ليس من خلال الباص بحد ذاته، إنما من خلال الناس الرافضين فعلاً لكل أنواع القيود والحدود.
الباص يشبه تلك الباصات القديمة، والتي شاهدنا منها في بعض المسلسلات حول فلسطين كـ "التغريبة الفلسطينية" للمخرج حاتم علي والكاتب وليد سيف؛ لكن الباص هنا في 2016 من القرن الحالي سيكون استديو لتصوير برنامج وثائقي تروى من خلاله المراحل الثورية للشعب الفلسطيني والعربي، وسيعمل البرنامج عبر ما سيقدمه على أن يعيد تأكيد أن لا بوصلة للعرب والمسلمين سوى القدس.
البرنامج سيحمل اسم "باص 47"، وحسب معلومات خاصة لـ "الأخبار" سيعرض أوائل شهر أيار/مايو المقبل على قناة "فلسطين" وهو مؤلف من 75 حلقة ستعرض في 5 مواسم، والبرنامج من إنتاج شركة "موريا" للانتاج الفني في رام الله.
الباص يحاكي تماماً نماذج الحافلات التي كانت عاملة في فلسطين قبل النكبة، وليس سراً أن بعضها كان ينقل الركاب بين العواصم الحالية، أو المدن التجارية في الدول العربية بتقسيماتها الراهنة.
التجربة ليست جديدة بمضمونها، لكنها حديثة من ناحية الشكل، خاصة أن الاستديو والاستضافات ستكون داخل الباص، وهي محاولة لأخذ الحاضر الحالي إلى الماضي الجميل الذي كان، لا من أجل التباكي عليه، لكن لإثارة تلك الحالة العفوية في معرفة ما كانت عليه منطقتنا، وفلسطين بشكل خاص، في زمن بات الجيل على معرفة أقل من غيره بظل ضخ إعلامي يريد توجيه العقول إلى ما يريد، وغالباً ما يريده الاعلام الحديث ليس ما تريده فلسطين.
بين نكبة وحلم، تكون الفكرة على ما يبدو، و"باص 47" محاولة جادة لشاب فلسطيني، يحاول من خلالها إعادة الاعتبار لفكرة الوطن العربي، وبالطبع فلسطين الغصة الكبرى في قلب كل عربي يؤمن أن لا بد للثورة مهما طال الزمن أن تنتصر، ولربما يتمكن الباص من عبور الحدود عبر الأغوار إلى فلسطين من دون نقطة حدودية يرفرف عليها علم الاحتلال الإسرائيلي.
©الاخبار