رئيس التحرير: طلعت علوي

ايها الرئيس ... نحن بحاجة لبرنامج اقتصادي حقيقي

الإثنين | 07/03/2016 - 10:46 مساءاً
ايها الرئيس ... نحن بحاجة لبرنامج اقتصادي حقيقي

بقلم فضل سليمان

الرئيس عباس في جاكرتا طالب بإنشاء برنامج لتمكين الاقتصاد الفلسطيني، وامل ان يركز هذا البرنامج على المشاريع والمبادرات الكفيلة بدعم الصمود والعيش الكريم على الأرض، ولتعزيز منعة الفئات والمجتمعات الأكثر ضعفاً في فلسطين، وهذه المطالبة جاءت في وقتها، لماذا لا يتم طرح الموضوع هنا فلسطينيا، نقصد البحث في الاليات المطلوبة للبدء في برنامج متكامل للتمكين الاقتصادي؟

وزارة الاقتصاد الوطني، تعول على اجتماع اللجنة الفلسطينية الروسية المشتركة الذي سيعقد منتصف اذار لبحث سبل تطوير علاقات التعاون الاقتصادية والتجارية بين البلدين.على امل البدء بإقامة علاقات اقتصادية وتجارية قوية مع الجانب الروسي ، مما سيكون لها اثرا ايجاباً على الاقتصاد الفلسطيني وخاصة فيما يخص المنتجات الفلسطينية.لكن هل فعلا لدى وزار الاقتصاد رؤيا متكاملة تطرحها على الجانب الروسي لاحداث النقلة النوعية المنشودة.
من اجل احداث النقلة النوعية المنشودة على مستوى تمكين الاقتصاد الفلسطيني نود التطرق الى بعض العناصر  وتحليل جزء ربما هو الاهم من مكونات تلك العناصر .

خريجون بلا امل

في المسالة التعليمية ...إن انتشار الكليات الجامعية أتاح الفرصة لقبول الطلاب الحاصلين على درجات متدنية على مستوى الثانوية العامة للحصول على درجة الدبلوم، والتعليم العالي متاح للحصول على درجة الماجستير في الغالبية العظمى من التخصصات وبشروط ميسرة، وخلال السنوات الماضية طرحت بعض الجامعات عددا من البرامج للحصول على درجة الدكتوراه .

إن هذا المستوى المتكامل من المنظومة التعليمية على امتداد أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة أتاح الفرصة لتخريج مئات الالاف من الشباب على مستوى الجنسين مع تدفق أكثر من جانب الإناث، مع ميل نحو إلحاق الإناث بالتخصصات التربوية، لتكون الفرص الوظيفية في مجال التعليم. ولكن التراكم الكبير في أعداد الخريجين غير القادرين على إيجاد فرص عمل أسهم في زيادة الفجوة بين احتياجات سوق العمل مع اعداد ونوعيات لخريجين الجدد في كثير من الأحوال، بحيث أظهر ذلك عجز وزارة التربية والتعليم العالي، ووزارة العمل، وكذلك مؤسسات التعليم العالي ذاتها، إضافة إلى الطلاب وأولياء الأمور نحو التقييم الدقيق لاحتياجات السوق.وامتد الأمر إلى عدم قدرة سوق العمل على استيعاب أعداد متزايدة من الراغبين.

إن المجتمع الفلسطيني كان وما يزال يعتمد على الخارج في اكتساب جانب من فرص العمل، سواء كان الأمر من خلال التوجه للداخل الإسرائيلي أم العمل في البلاد العربية المجاورة، أم حتى من خلال النزوح لبلدان شمال أوروبا وغيرها.

أما عن القوى العاملة التي تشارك في النشاط الإنتاجي والراغبة فيه فهي في تزايد مستمر ويشكل المشتغلون فعلاً بنحو 917 ألفاً سنة 2014، بمعدل نمو قدره 7.2% مقارنة بسنة 2013[1]، مع عجز في بعض الحالات في عدد من التخصصات النادرة الصحية والهندسية وغيرها، وبالرغم من القدرات الواسعة للمشتغلين فعلاً والدور الحيوي لهم في النشاط الإنتاجي، فإن المجتمع الفلسطيني يعاني من خلل كبير في سوق العمل أسفر عن ارتفاع معدلات البطالة، ففي حين كان عدد المتعطلين عن العمل عام 2000   هو 84  الف ، وصل عدد المتعطلين عن مع نهاية 2015 الى 360   الف بنسبة تزيد عن 27% ، يقدر الباحثون ان جزء كبير من المتعطلين هم من الخريجين حيث يصل عدد المتعطلين منهم الى 280 الف .

اكثر من 100  الف يعمل باقل من الحد الادنى

يتضح حجم ومستوى الخلل في سوق العمل الفلسطيني من خلال تزايد أعداد المتعطلين عاماً بعد آخر، آخذين في الحسبان أن اكثر من 100  الف ممن يعملون في القطاع الخاص، لا يحصلون على الحد الأدنى للأجور، 1450, شيكلاً شهرياً، مع ملاحظة وجود فوارق كبيرة في الدخل بين المراكز الوظيفية العليا والوظائف الدنيا.
في الضفة الغربية نجد أن هناك فرص عمل متاحة في "إسرائيل" ويتجاوز العاملون في "إسرائيل" ومستوطناتها من الفلسطينيين 111 ألف[2]، سواء وفقاً لتصاريح رسمية أو ممن يعملون بدون تصاريح.

اراضي مصادرة واخرى غير مستغلة

تسير الحكومة الإسرائيلية منذ أمد بخطى تدريجية لضم أراضي الضفة الغربية لها، حيث سارت خلال السنوات الماضية بثبات في نهجها الاستيطاني والتوسعي في كافة أرجاء الأراضي الفلسطينية، بهدف إبقائها تحت سيطرتها، الا ان الفلسطينيين عزفوا عن استغلال ما تبقى تحت سيطرتهم من ارض، كما تراجع مستوى اهتمام المزارعين في استثمار اراضيهم، وما يؤكد هذا التراجع  إن الوزن النسبي قد تدنى إلى مستوى غير مسبوق حيث يمثل الان الانتاج الزراعي قرابة  3.2% فقط من مجموع الناتج المحلي الإجمالي، بعدما ما كان يشكل اكثر من 25 % عام 1995 . وإسهامه العالي في النشاط الاقتصادي، ومكون مهم من مكونات الصادرات الفلسطينية.

وجاء هذا التراجع نتيجة لنمو القطاعات الأخرى بمعدلات أعلى من الزراعة خاصة خلال العقدين السابقين رغم أهمية هذا النشاط في الجوانب الحياتية المختلفة خاصة في مجال الحفاظ على الأرض وتثبيت المزارعين عليها وتمكينهم من إيجاد مصدر الرزق الملائم لهم، فإن مسؤولية السلطة الفلسطينية إيلاء النشاط الزراعي الأهمية القصوى، إذ يسهم في توفير الكثير من المحاصيل الزراعية التي يشتد عليها طلب المواطنين والتي تسهم في توفير الأمن الغذائي، كما تشكل منتجاته مدخلاً رئيسياً للصناعات الغذائية وغير الغذائية، كما يسهم في الحد من عجز الميزان التجاري الزراعي، وهو القادر على توفير فرص عمل متزايدة خاصة في مجال عمل المرأة الريفية وفي المشاريع الصغيرة وفي الأعمال التسويقية المرتبطة بها

تشجيع الاستثمار في الارض

وتمثل الإرادة السياسية والاقتصادية مقوما اقتصاديا هاما في السعي الى النفوذ لبسط سيطرتها على الأرض ، نعم انه رغم صدور العديد من القرارات الأممية وأهمها في الوقت الحاضر حل الدولتين، فلا تزال إسرائيل هي العقبة الكؤود أمام تنفيذ هذه القرارات الا ان وضع رؤيا مستندة الى التمكين الاقتصادي وتيسير رجوع الناس الى اراضيهم واستثمارها ، ورفع الضرائب عن المنتج الزراعي كجزء من تشجيع الاستثمار في الارض، اضافة الى مجموعة من الخطوات المعززة القائمة على فكر المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر .

وعلى وزارة العمل التي أطلقت بالتعاون وزارة شؤون المرأة، قبل يومين برنامجا  يهدف الى توفير فرص عمل للمرأة وتقليص الفجوة الموجودة في سوق العمل بين الذكور والإناث بتمويل من الوكالة الايطالية للتعاون الإنمائي ، ان المحاشرة والمنافسة على عدد الوظائف وفرص العمل الموجودة والمحدودة اصلا ، لا يخلق فرصا جديدة ، ولا يساهم في احداث تنمية او اختراق في ازدياد معدلات البطالة والفقر، بل يجب البدء في التفكير بشكل مختلف ، على امل وضع خطط برامجية جديدة كفيلة فعلا بزيادة فرص العمل للنساء والخريجات المتعطلات من خلال اليات لايجاد موارد مالية لايجاد مشاريع منزلية او مشاريع صغيرة او تعاونيات ، او مشاريع تشاركية .
وحسب بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني فان نسبة مشاركة المرأة في سوق  العمل تصل حوالي الى 18% وهي نسبة تقل عن مشاركة الرجل بأربع مرات.

(صندوق التشغيل والاقراض الوطني)..متى؟

لقد سبق وقلنا ذلك وراسلنا اكثر من جهة رسمية، وقدمنا مقترحا تلو الاخر ، من اجل البدء بتاسيس (صندوق التشغيل والاقراض الوطني)  يتم تمويله من قبل البنك الإسلامي للتنمية وبعض الصناديق العربية الأخرى ومن ما نسبته 3% من ارباح الشركات والبنوك الفلسطينية كمسؤولية اجتماعية، ومن قبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي/ برنامج مساعدة الشعب الفلسطيني .
وتنسجم فكرة هذا الصندوق واهدافه مع ما طالب به الرئيس عباس قبل ايام، والغاية هي تشكيل موارد لتمكين العائلات الفلسطينية التي تعاني من الحرمان والفقر المدقع ، ومساعدتها على الخروج من حالة الاعتماد الاقتصادي  لتصل إلى حالة الاستقلال الاقتصادي المستدام، وذلك عن طريق إنماء رأس المال البشري والطبيعي، والمالي والفيزيائي ، بالإضافة إلى تطوير قدرات المؤسسات العاملة في مجالات مساندة لمكافحة الفقر ، بحيث تحقق أهدافها بكفاءة وفعالية أكبر ، وتساند الفقراء بطريقة أفضل ، للوصول  والمساهمة الفّعالة بتقليل نسبة الفقر على المستوى الوطني .

التعليـــقات