كشف رئيس هيئة مكافة الفساد استرداد هيئته 70 مليون دولار في المجمل للسلطة الفلسطينية ويعدد سلسلة من النجاحات ضد كبار المسؤولين بينهم ثلاثة وزراء ومدير عام بوزارة المالية.
يقول رفيق شاكر النتشة رئيس هيئة مكافحة الفساد الفلسطينية إنه استعاد 70 مليون دولار خلال خمس سنين لكن محققيه أخفقوا في الكشف عن أدلة لتبرير مزاعم اختفاء مئات الملايين من الدولارات من أموال الحكومة.
وأضاف في مقابلة لوكالة "رويترز" أن هناك حاجة لتعقب "عشرات الملايين من الدولارات" وأن أحد التحديات الكبرى التي تواجه فريقه هي استعادة الأموال التي اختفت في الخارج.
وبعد سنوات من الحديث عن اختفاء مبالغ طائلة من المال يتعرض الرئيس الفلسطيني محمود عباس لضغوط من المانحين ليظهر أنه يتخذ إجراءات في هذا الصدد. وكان النائب العام في السلطة الفلسطينية أعلن في فبراير شباط 2006 أنه ينظر في 50 قضية اختلاس أموال من ميزانية السلطة بقيمة إجمالية تبلغ 700 مليون دولار.
ويقدم الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة دعما مباشرا للميزانية الفلسطينية ويرغبان في فرض قيود أكثر صرامة فيما ذهب الأوروبيون إلى حد إرسال محققين لمعرفة إلى أين ذهبت بعض الأموال التي دفعوها.
وصدر مرسوم رئاسي في 2010 بتعيين النتشة في منصب رئيس هيئة مكافحة الفساد وهو أستاذ في العلوم السياسية ودرس في بيروت وقضى الكثير من حياته المهنية في الخارج بما في ذلك مصر والسعودية. ومنح النتشة سلطات كبيرة للتحقيق في سوء إدارة الأموال والاختلاس والرشوة والمحسوبية وغيرها من ممارسات الفساد.
وقال النتشة (81 عاما) لرويترز من مكتبه في مدينة رام الله "هناك الكثير من الحديث عن الفساد لكن هناك القليل من الفساد الفعلي."
وأضاف "تسمع الناس يتحدثون عن المليارات لكن الأمر ليس كذلك ... عندما تنظر إلى الحقائق وبالأدلة تجد أن هناك ما هو أقل من ذلك بكثير. ظننت أنني سأكتشف فسادا أكبر."
وتراجع الدعم المباشر للميزانية الفلسطينية من الاتحاد الأوروبي وغيره خلال السنوات الخمس الأخيرة من حوالي 1.3 مليار دولار سنويا إلى أقل من 700 مليون دولار ويرجع الانخفاض إلى حد بعيد للشعور بالإحباط من ألا تنفق الأموال في الغرض المراد لها أو ألا تذكر أوجه إنفاقها بالكامل.
ويقول النتشة إنه استمع إلى الشكاوى وأشار إلى مقالة نشرتها مجلة دير شبيجل الألمانية الأسبوعية وزعمت اختفاء 1.7 مليار دولار. وأضاف وهو يصب الشاي ويدخن أنه لا يوجد ما يدعم هذه المزاعم.
وقال "سألت الجميع ولم أجد أي دليل".
"نسمع أشياء عديدة من الأوروبيين والأمريكيين لكن الأدلة ليست موجودة. نعمل وفقا للقانون. والمتهم بريء حتى تثبت إدانته."
وأشار إلى أن الأمر نفسه ينطبق على المنظمات الفلسطينية غير الحكومية التي أنشئت لمراقبة الفساد. وقالت منظمة غير حكومية إنها وثقت 1800 حالة. لكن لدى سؤاله عن التفاصيل قال النتشة إنها قدمت معلومات بشأن عشر حالات فقط ولم تتم مراجعة أي منها.
"ضاغط وصعب"
يقول النتشة إنه منذ أن تولى منصبه استرد موظفوه وعددهم 50 بينهم سبعة محققين 70 مليون دولار في المجمل للسلطة الفلسطينية ويعدد سلسلة من النجاحات ضد كبار المسؤولين بينهم ثلاثة وزراء ومدير عام بوزارة المالية.
وقال "استعدنا 40 مليون دولار من مصر و20 مليون دولار من العراق" وتحدث عن صفقات استخدم فيها مسؤولون فلسطينيون أموال الدولة للقيام بأعمال في الخارج والاحتفاظ بالإيرادات عوضا عن تحويلها إلى خزينة السلطة الفلسطينية.
ويتحدث النتشة عن إدانة محكمة جرائم الفساد لمستشار للرئيس السابق ياسر عرفات لكن المبلغ المفقود وقيمته 34 مليون دولار لم يُسترد بعد. وينطبق الأمر أيضا على قضية تتضمن مليون دولار. وإلى جانب ذلك أدين السفير الفلسطيني السابق للإمارات باختلاس أكثر من مليوني دولار.
وقال "التحدي الأكبر الذي نواجهه هو استرداد الأموال. هناك عدة ملايين خارج فلسطين لذا الأمر يعتمد على الدول الأجنبية حتى يتسنى لنا استرداد الأموال."
وعندما سئل عن كم الأموال التي يجري تعقبها بالخارج تحدث النتشة دون الخوض في تفاصيل عن "عشرات الملايين" من الدولارات. وقال "إنه عمل ضاغط وصعب".
ورغم النجاحات الصغيرة لا يزال دبلوماسيون أجانب يشعرون بقلق شديد بشأن الفساد في الأراضي الفلسطينية سواء داخل السلطة الفلسطينية أو مؤسسات أخرى. وإلى جانب تقليص الدعم المباشر للموازنة الفلسطينية اتجه الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إلى برامج المساعدة الثنائية حيث تكون لهما سيطرة أكبر على كيفية إنفاق الأموال على الأرض.
وتنتهي فترة ولاية النتشة العام المقبل ورغم تقدمه في السن فإنه يقول إنه مفعم بالطاقة والعزم على ملاحقة الفساد أينما كان. ويأمل أن يعين المزيد من الموظفين قريبا بما في ذلك المزيد من المحققين.
وكان النتشة صديقا لعرفات وعباس منذ الخمسينيات من القرن الماضي وعاش فترة في قطر والكويت. ويقول إن سلطاته تشمل كل إدارات الحكومة ووزاراتها وحتى الرئاسة.
وعندما سئل إن كان مستعدا للتحقيق في أمر الرئاسة إذا كان لديه سبب لذلك أجاب بأنه لن يتردد.
وقال "إذا قدم شخص ما أي أدلة فسنحقق في الأمر. لكن حتى الآن لم يوجه أحد اتهامات ضد الرئيس أو مكتبه."
©رويترز