رئيس التحرير: طلعت علوي

مصير دولة نووية سجنت نفسها خلف الجدران !

الثلاثاء | 16/02/2016 - 11:06 صباحاً
مصير دولة نووية سجنت نفسها خلف الجدران !


محمد خضر قرش – القدس


(ملاحظة هامة: عند قراءتك لهذا المقال تذكر بأنك في العام 2050 ميلادية)


كانت هناك دولة تسمى إسرائيل يحكمها متطرفون يمينيون مهووسون بالاستيطان وبالسطو على أصحاب الأرض( تماما كما كان يفعل قبلهم الغزاة والقراصنة في العصور الوسطى)وقد قرروا وبسبب عدم الثقة واليقين في مستقبلهم والخشية مما حولهم إحاطة نفسهم ودولتهم النووية بالجدران الأمنية الإسمنتية وبالسياجات (الأسوجة) الشائكة لحمايتها مما أسموه " الحيوانات المفترسة"،ولأنهم ليسوا أصحاب الأرض الشرعيين فهم يعيشون في خوف وقلق دائمين.وكان أحد أبرز رؤساء وزراءها شخص يسمى نتنياهو وهو الذي صرح على الملأ حينها قائلا "علينا أن نحيط دولة إسرائيل بالجدران لنحمي أنفسنا من الحيوانات المفترسة”". وقد تعجب الناس أشد العجب والاستغراب بمختلف القارات كيف تم ذلك وكيف آل مصيرهم وانتهت دولتهم بهذه الطريقة ؟.ومن الأهمية بمكان أن نجيب على استغراب وتعجب الأجيال ونبين لهم أسباب ما آلت إليه الدولة النووية الإسرائيلية ولماذا كان مصيرها هكذا،لكي يتم الاستفادة منها وعدم تكرار نفس الحكاية أو التجربة في أي مكان آخر في العالم مرة أخرى. وباختصار شديد وبدون إطالة سنشير إلى أبرز الأسباب التي كانت وراء اختفاء دولة إسرائيل.


1- لقد وضعت هذه الدولة نفسها فوق القوانين والشرائع والمحاسبة وأنها بسبب البطش والتعذيب الذي لحق باليهود على أيدي النازيين وغيرهم كثير في منتصف القرن العشرين،كما يقولون ، طالبت بان تكون فوق القوانين وان ما يحق لها لا يحق لغيرها وانه لا يجوز مقارنتها بالشعوب والأمم الأخرى لاعتقادها بأنها تمثل شعب الله المختار.
2- لذا فقد قرر حكام إسرائيل بان تنفرد هي دون غيرها بامتلاك الأسلحة النووية في منطقة الشرق الأوسط وبأنه لا يحق لأي دولة عربية أو إسلامية تَكُن أو تناصبهم العداء بان يكون لديها القدرة أو حتى بمجرد التفكير بإنتاج أسلحة نووية، لذا فمن حقها وحدها أن تدمر أية منشآت مخصصة لهذا الغرض.
3- وفي سبيل تنفيذ ما سبق كانت تشن حروبا منتظمة وغارات شبه سنوية على المنشآت والمؤسسات الاقتصادية والعلمية والعسكرية لدول الجوار لكي يقروا لها بحقها في البقاء وبأن يكون لها اليد الطولى والرأي المقرر في كل ما يتعلق بالشرق الأوسط .
4- وكانت تتهم كل من يعارضها أو ينتقدها بأنه معادي للسامية حتى لو كان يهوديا مثل جدعون ليفي وهيلين توماس ونعوم تشامسكي والقاضي ريتشارد غولد ستون وغيرهم كثير
5- وقد حصلت على اعتراف رسمي من كل العرب بحقها في الوجود واستغلت هذا الاعتراف بتهجير شعب فلسطين صاحب الأرض وحاصرته وصادرت بقية أملاكه وهدمت قراه وأقامت عليها مستوطنات وقد كانت متخصصة في قتل الأطفال وقصف المدارس والمصانع وحجز الجثث، ثم بدأت بتخريب النسيج الاجتماعي للدول العربية وإذكاء الفتن المذهبية والطائفية والحروب الداخلية بينها في محاولة منها لإطالة عمرها.
5- ولكي توهم نفسها بأنها حققت كل ما تريد انبرى رئيس وزراء لها كان يسمى بنيامين نتنياهو وقال: "في دولة إسرائيل كما أراها، سيكون هناك سياج يحيط بها بأكملها… سنحيط دولة إسرائيل بأكملها بسياج وبجدار”.ووفقا له سيكون جزءا من “خطة متعددة السنوات تقضي بإحاطة دولة إسرائيل بجدران أمنية من أجل الدفاع عن أنفسنا في الشرق الأوسط."
6- وقد قيل لها من قبل  شخصيات غربية صديقة لإسرائيل وبعضها يهوديا ،بان الجداران والسياجات الأمنية لن تتمكن من حماية الدولة على المستوى البعيد وخاصة أمام الصواريخ البعيدة المدى وان بالإمكان وبسهولة ويسر قصف العاصمة تل أبيب وتدمير المنشآت الصناعية بما فيها النووية وان الجدران الأسمنتية يمكن هدمها برمشة عين وفتح ثغرات واسعة فيها بل وهدمها بدقائق معدودة باستخدام متفجرات بدائية الصنع.
7- لكن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة لم تنصت لكل النصائح وأصرت على سجن نفسها خلف الجدران متوهمة بأنها بذلك ستحمي نفسها مما وصفتهم"بالحيوانات المفترسة" .
8- ورغم كل ما فعلته من جرائم وقتل وتشريد بحق شعب فلسطين المغلوب على أمره والمكلوم بظلم ذوي القربى وبؤس اغلب قياداته التي تبوأت الحكم ، إلا أنه استمر في النضال ولم تهن أو تلن قناته أبدا.وقد قدم عشرات الألوف من الشهداء وأضعافهم من الجرحى والمعتقلين وتحدى الجور والعنصرية التي كانت تتسم بها تلك الدولة. وقال لها مرارا وتكرارا وعلى مسمع من المجتمع الدولي كله بأنه لا يخشى الأسلحة النووية وأنه مصمم على التحرر من الاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي وان حل الدولتين مع كل ما فيه من جور وظلم وعدم عدالة، قد يشكل بالنسبة إليه مدخلا لتوطيد الأمن والاستقرار في المنطقة ولو على حساب حقوقه التاريخية .
9- لم يذعن حكام تلك الدولة لكل القرارات التي صدرت عن مجلس الأمن ولا للتقرير الذي كتبه القاضي اليهودي ريتشارد غولدستون والذي أكد فيه انتهاك الجيش الإسرائيلي للقانون الإنساني الدولي وارتكاب جرائم حرب أثناء العدوان على قطاع غزة عام 2008 كما أنها تجاهلت كل المناشدات الدولية والعربية وحتى الفلسطينية واستمرت في عنجهيتها وغرورها وصلفها وأقامت الجدران الأسمنتية وقالت أنا ربكم الأعلى تماما كما قال فرعون لشعبه أمام نبي الله موسى، ولم تكتف بكل ما سبق بل ادعت بان القدس عاصمة أبدية لها وستبقى موحدة تحت حكمها ومنعت شعب فلسطين من الصلاة في المسجد الأقصى وكنيسة القيامة وقالت له بعد كل ذلك اذهب وافعل ما تريد.
10- بل أن رئيس استخباراتها العسكرية عاموس يادلين صرح عام 2010 ،بأن إسرائيل تمكنت من نشر الفوضى في معظم الدول العربية وزادت الاحتقان والاقتتال الطائفي وساهمت في الحروب الطائفية والمذهبية بين الدول العربية كما قامت بتأجيج نار الفتن في كل الدول العربية بالإضافة إلى قيامها بقتل  العديد من علماء الذرة في إيران وقبلها بنسف المفاعلين النوويين العراقي والسوري.
11- أمام كل هذا الأعمال الوحشية واستمرار الغطرسة الإسرائيلية لم يكن أمام الشعب العربي وفي المقدمة منه الشعب الفلسطيني سوى الانتفاض وإعلان الثورة على الأنظمة العربية كلها وقرر اخذ زمام المبادرة وتحرير فلسطين.فاندفع عشرات الألوف من الشباب العربي والفلسطيني يقودون سياراتهم المملوءة بالسولار والغاز وكل أنواع الوقود والمتفجرات والديناميت واقتحمت الحدود من كل الاتجاهات فقتل منهم ما قتل وتمكن الباقي من الوصول إلى أمكان تخزين وتصنيع الأسلحة النووية والكيماوية والمنشآت الحيوية وفجروا أنفسهم بها واشتعلت فيها النيرات والتفجيرات فهرب منهم ما هرب عن طريق البحر وبذلك انتهت دولة إسرائيل وصلفها وغرورها .
تلك حكاية دولة سجنت نفسها خلف الجدران وتسلحت بكل أنواع الأسلحة الفتاكة ولم تنصت للحكمة ولم تُفَعل أو تُحكم العقل وأصرت على أن تأخذ كل شيء .ومن يريد كل شيء لا يحصل على أي شيء. وهذا ما تم وجرى.

التعليـــقات