رئيس التحرير: طلعت علوي

إسرائيل وتركيا: خط المواجهة يتقاطع مع خطي النفط والإرهاب

الخميس | 28/01/2016 - 10:11 صباحاً
إسرائيل وتركيا: خط المواجهة يتقاطع مع خطي النفط والإرهاب

دخلت إسرائيل على خط اتهام تركيا بشراء النفط من "داعش"، وذلك بعد أن صرح وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون بأن الأموال التركية دعمت التنظيم الإرهابي.

يعالون، وفي معرض حديثه عن مشاركة أنقرة في محاربة الإرهاب، قال إن "داعش" نَعِمَ بالأموال التركية مقابل النفط لفترة طويلة جدا.
وأوضح الوزير الإسرائيلي أن ثمة أدلة كافية لاتهام تركيا بدعم تنظيم "داعش" وتقديم التسهيلات المالية له، مطالبا إياها بإنهاء دعمها للإرهاب.

الاتهام الإسرائيلي يعدُّ الأحدث في إطار سلسلة اتهامات منفصلة إلى تركيا صدرت عن عدة دول بشراء أنقرة النفط من التنظيم، الذي يسيطر على حقول نفطية في العراق وسوريا.

وجاءت تصريحات موشيه يعالون جاءت لترمي حجرا في بركة ما أعلن عنه الطرفان مؤخرا حول مفاوضات لتطبيع العلاقات بينهما، والمنقطعة نسبيا منذ عام 2010 على خلفية أحداث سفينة مرمرة، والتي راح ضحيتها العشرات من المواطنين الأتراك بين قتيل وجريح؛ فبينما تتجه تركيا وإسرائيل لحل هذه القضية، تأتي هذه الاتهامات، التي ترفضها أنقرة في كل مرة توجه إليها تهمة دعم تنظيم "داعش"، بل وحاولت أن تغير بوصلة الاتهامات إلى أشخاص ينتمون إلى دول أخرى من بينها روسيا وسوريا.

في الحالات الطبيعية يمكن أن تثير تصريحات الوزير الإسرائيلي أزمة دبلوماسية مع تركيا، فما بالك والعلاقات أصلا متوترة وليست في أحسن أحوالها كما تبدو، لكن تركيا لم تُبد رد فعل على ما قاله يعالون، أو على الأقل لم يكن ردها مثلما كان عندما اتهمتها دول مثل إيران وروسيا.

وقد يقول قائل إن تركيا لم تعر اهتماما كبيرا لاتهامات إسرائيل لأنها لا تريد الدخول في سجال مع دولة لا تكترث بعلاقاتها معها، لكن إذا ما نظرنا إلى مستوى العلاقات التركية الإسرائيلية والمجالات، التي تتركز فيها، لوجدنا أن الدولتين تتمتعان بعلاقات تاريخية قوية تراجعت مؤخرا دبلوماسيا وإعلاميا لكنها حافظت على مستواها اقتصاديا، حيث استمرت العلاقات الاقتصادية من دون أي عائق؛ وعلى الرغم من تراجع السياحة الإسرائيلية في تركيا، فإن التجارة بين البلدين ظلت في مستوى مرتفع وواصلت نموها، وذلك لأن تعليق التجارة بين أنقرة وتل أبيب بعد أحداث سفينة مرمرة اقتصر فقط على التجارة الثنائية في مجال صناعة الأسلحة، وحتى هذه الأخيرة لم تتوقف بشكل كامل، خاصة بعد أن خف التوتر في العلاقات عام 2013 إثر اعتذار إسرائيلي عبر الهاتف.

ومن دون الدخول في تفاصيل أكثر حول العلاقات التركية الإسرائيلية، فإن خبراء يعدُّونها علاقات تحكمها البراغماتية ومؤهلة للتطور، ولا سيما أن تركيا تبحث عن دور فاعل مع إسرائيل في ملف الغاز المكتشف قبالة شواطئ غزة.

وبالعودة إلى اتهامات تل أبيب إلى أنقرة بدعمها لتنظيم "داعش" عبر شرائها نفط الحقول، التي يسيطر عليها، فإن أسئلة تثار حول مدى استفادة إسرائيل من النفط، الذي يدخل إلى الأسواق الدولية عبر ميناء جيهان التركي، وبالطبع فإن الأمر لا يتعلق بالضرورة بنفط "داعش"، بل بالنفط المصدَّر من شمال العراق إلى السوق الدولية عبر تركيا؛ إذ إن هناك تقارير تحدثت عن اعتماد إسرائيل بنسبة 75% من احتياجاتها النفطية على النفط المصدر من شمال العراق عبر تركيا، وبالتالي قد يختلط نفط "داعش" المهرب مع نفط أكراد العراق، العابرَيْنِ للأراضي التركية، وبذلك قد تكون إسرائيل شريكة تركيا إن صحت اتهامات تل أبيب إلى أنقرة في دعم تنظيم "داعش" عبر شراء نفطه.

والسؤال الذي يطرح نفسه - لماذا توجه إسرائيل اتهامات إلى تركيا بشراء نفط "داعش" ودعم تنظيمات إرهابية في هذا التوقيت؟ ولا سيما أن إسرائيل لم تتضرر من هذا التنظيم، ولم يهددها لا من قريب أو بعيد، وبالتالي قد يكون الأمر مرتبطا كذلك بمفهوم إسرائيل للإرهاب؟ ولا سيما أن وزير الدفاع الإسرائيلي انتقد إيواء تركيا مسؤولي حركة حماس في اسطنبول، وطردهم كما هو معلن شرط إسرائيلي على تركيا لعودة العلاقات بين البلدين، والمفاوضات الأخيرة بين تل أبيب وأنقرة أظهرت أن هذه الأخيرة قد تتنازل عن استضافة أعضاء من حركة حماس على أراضيها. فتركيا تحكمها المصلحة كبقية الدول الأخرى، وإن كانت إحدى عينيها كما تقول مفتوحة على دعم غزة وفلسطين فإن عينا أخرى تبحث عن مصادر الطاقة وغاز شرق البحر الأبيض المتوسط، ما قد يكون أكبر جائزة تعيد إسرائيل إلى حضن أكبر دولة إسلامية في الشرق الأوسط.

وكالات

التعليـــقات