رئيس التحرير: طلعت علوي

2015 عام الإعدامات الميدانية .. وأهل القدس "مش خايفين"

السبت | 02/01/2016 - 10:14 صباحاً
2015 عام الإعدامات الميدانية .. وأهل القدس "مش خايفين"

فداء الرويضي

 

 استقبل العالم العام الجديد، وسط صخب الإحتفالات وجنون الأمنيات، عاشت بيوت لحظات صمت وطقوس حزن داخل جدرانها الأربعة التي امتزجت بألم الفقدان والحسرة، وبعيدا عن عدسات المصورين وأسئلة الصحفيين عاشت هذه العائلات ليلة قاسية بوجود ابنها الشهيد داخل ثلاجات العذاب، وعائلات أخرى كانت أوفر حظا فأكرمت شهيدها ودفنته تحت تراب الوطن، لكن الفرح لم يجد طريقه بينها فألم الفقدان كان أكبر، وبيوت سُرق منها ابنها ليدخل العام الجديد داخل قضبان السجون التي لا تعرف وقتا، وآخرون لم يجدوا بيتا يأويهم من برد الشتاء، فالإحتلال هدم خلال العام الماضي 80 منزلا، وبينما كان العالم يصرخ بالعد التنازلي لتدق الساعة الثانية عشر وتعلن بدء عام أخر برقم أخر، كان المعتقل الإداري قد نسي العد ميقنا أن الأرقام باتت بلا جدوى فهو المحكوم حكما لا عدد له من الأيام.

حياة داخل ثلاجات العذاب

شبان وأطفال تقاربوا في الأعمار، كان لكل منهم حياة وأحلام، والتقوا هذا العام في ثلاجات باردة، فثائر أبو غزالة (19 عاما) هو أقدم الشهداء المحتجزة جثامينهم، هو صاحب الابتسامة الخجولة، وكان يعمل في محل لأجهزة التكييف، بعد استشهاده بأيام اعتقل والده اعتقالا إداريا، أما مصطفى الخطيب (17 عاما) طالب الثانوية العامة المتفوق، كان ينتظر نهاية العام الدراسي ليسافر الى ألمانيا ويدرس هناك، أحمد أبو شعبان (23 عاما) العاشق للرياضة، كان يحلم أن يصبح "شيف حلويات"، واسحق بدران (16 عاما) كان مواظبا على الصلاة في المسجد، ومجتهدا في دراسته، ومحمد سعيد علي (19 عاما) أكبر اخوته الثلاثة، قبل استشهاده نظف حديقة المنزل وتناول المقلوبة، أما بهاء عليان (22 عاما) فهو المبادر الطموح لديه العديد من النشاطات التطوعية والكشفية وكان لديه مشروع مطبعة، علاء أبو جمل (32 عاما) متزوج وأب لثلاثة أطفال، هو شاب خلوق جدا وهادئ جدا،  معتز عويسات (15 عاما) استشهد حاملا حقيبته، كان يحب القراءة ويبحث دائما في المكتبات عن قصص اختراعات ناجحة، كان يحب تصليح كل الأدوات والآلات المتضررة بالمنزل، وطموحه أن يصبح مخترعاً، محمد نمر (37 عاما) هو أكبر الشهداء المحتجزة جثامينهم، أعدم في منطقة المصرارة، لديه ثلاثة أبناء أكبرهم يبلغ من العمر 19 عاما، وأصغرهم 5 سنوات ، أما حسن مناصرة (15 عاما) كان يحب الرياضيات ولكنه لم يقرر بعد ماذا سيدرس في المستقبل، وأخر الشهداء المحتجزة جثامينهم هو الشهيد مصعب الغزالي (27 عاما) كان يجمع الزجاجات الفارغة عند إعدامه، وهو من ذوي الإحتياجات الخاصة، ويعاني من "اعاقة عقلية".

لم يترك المقدسيون أهالي الشهداء وحدهم في معركة استعادة الجثامين، فنظموا مسيرات عديدة كان أبرزها أطول سلسلة بشرية لإستعادة جثامين الشهداء المحتجزة، وانطلق هاشتاغ استعادة جثامين الشهداء بعد أن كتب محمد عليان والد الشهيد بهاء عبر صفحته على موقع التواصل الإجتماعي فيسبوك:"إذا لم ينفع القضاء .. وفي ظل صمت المستوى السياسي .. ربما يفيدنا هاشتاغ #استعادة_جثامين_الشهداء أطلقوه فقد ينفع".

أهل القدس"مش خايفين"
شهدت شوارع القدس عام 2015 إعدامات ميدانية، فكان يكفي أن يصرخ مستوطن أو يشعر بالخوف لتنطلق زخات الرصاص على جسد يمر من الطريق، أحداث متسارعة جعلت المدينة تخلو من سكانها، فبعد استشهاد فادي علون وإصابة الطالبة الجامعية شروق دويات وإطلاق الرصاص على الطالبة مرح بكير، باتت القدس فارغة تماما، ولإعادة إحيائها من جديد انطلق هاشتاغ "مش خايفين" وبدأ المقدسيون بنشر صورهم على صفحاتهم الشخصية على مواقع التواصل الإجتماعي من أمام باب العامود وهو أحد أبواب البلدة القديمة، حيث استشهد على ساحته محمد علي وأسعد سدر، وبدأ المقدسيون بالتوافد إليه والجلوس على درجاته، مع كعك القدس أو فنجان قهوة.

أحمد "مش متذكر"

عل من أكثر القضايا المؤثرة عام 2015 هي قضية الطفل أحمد مناصرة (13 عاما)، خاصة بعد انتشار ثلاثة تسجيلات مصورة حازت على اهتمام كبير، أولها تركه ينزف على الأرض بعد دهسه المتعمد بالقرب من مستوطنة "بسغات زئيف" وإعدام ابن عمه حسن، ويظهر التسجيل المصور المستوطنون وهم يوجهون الشتائم والألفاظ النابية لأحمد وطالبوا بقتله، عدا عن ذلك فطواقم الإسعاف المتواجدة في المكان لم تقدم له الإسعاف.

الفيديو الثاني والذي انتشر لأحمد من داخل المستشفى، أظهر شخصا يقوم بإطعام أحمد ، وادعى الإحتلال حينها أن مندوبا من مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية قام بزيارته، وقام بإطعامه، إلا أن محامي هيئة شؤون الأسرى والمحررين طارق برغوث نفى هذه الرواية وقال إنه خلال زيارته لأحمد في مستشفى هداسا، قام الأطباء بجلب طعام الغداء له، ولكنه لم يستطع تناول الطعام بسبب الأوجاع والأورام في فكيه نتيجة الضرب الشديد الذي تعرض له، ولأن يده اليمنى مقيدة بالسرير، وما يثبت أن من قام بإطعامه هو المحامي طارق برغوث القميص الأبيض وربطة العنق التي تحمل رمز نقابة المحامين.

الفيديو الثالث من داخل غرفة التحقيق، حيث كان أحمد يجيب على أسئلة محقق لا يرحم بهذه الكلمات: "والله مش متذكر.. خذني على الدكتور.. نجنيت أنا.. شفت حالي على الكاميرا وأنا صدقت .. وانا مش متذكر أنا.. أنا ماكل ضرب.. راسي.. مش قادر راسي .. مش فاهم... مش عارف شو الي حولي.. كل شي بتحكوه صح بس خلص .. والله ما أنا متذكر.. حسب ما شفت على الكاميرا.. بس انا مش متذكر اشي".

"11307  متطرفا" اقتحموا الأقصى

لم يسلم المسجد الأقصى عام 2015 من اقتحامات المستوطنين والتخريب والتنكيل بالمصلين، نشر مركز معلومات وادي حلوة – سلوان إحصائيات تتعلق بالمسجد الأقصى خلال العام الماضي وكانت كالتالي:

"بلغ عدد المقتحمين للمسجد الأقصى المبارك 11307 متطرفا، فيما فرضت السلطات الإسرائيلية قيودا على دخول المسلمين الى المسجد الأقصى لأداء الفروض خلال العام المنصرم 18 مرة (لا تشمل أيام الجمع)، وأبعدت سلطات الاحتلال خلال العام الماضي 297 فلسطينياً عن المسجد الأقصى المبارك،في الوقت الذي أعدت فيه سلطات الإحتلال قائمة أطلقت عليها "القائمة السوداء"وضمت ما يزيد 70 إسماً، معظمهم من النساء اضافة الى مجموعة من الشبان والرجال وكبار السن، منعوا من دخول الأقصى بجة افتعال المشاكل".

"مش طالع" رفضا لقرار الإبعاد
الأيام الأخيرة من عام 2015 شهدت اعتصاما مفتوحا أمام الصليب الأحمر في القدس للشابين سامر أبو عيشة وحجازي أبو صبيح رفضا لقرار إبعادهما عن مدينة القدس، وأنطلقت حملة "مش طالع" دعما لهما، وستقوم "راية" بنشر قصة الشابين في تقرير لاحق.

 

 راية 

التعليـــقات