يقترب سعر الذهب من إغلاق عامه الثالث على انخفاض، حيث أن سعر الذهب شهد انخفاضاً خلال عامي 2013 وكذلك 2014. ارتفع سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل سلّة العملات الأجنبية للعام الثالث على التوالي أيضاً، ورغم أن الارتفاع كان طفيف نسبياً خلال عام 2013، إلا أن الاتجاه الصاعد استمر خلال السنوات الثلاث 2013 و 2014 وخلال هذه السنة أيضاً 2015.
كذلك، لو نظرنا إلى مستويات التضخم في الولايات المتحدة الأمريكية الاقتصاد الأكبر في الاقتصاد الدولي، سوف نلاحظ بأن مستوى التضخم بدأ في الانخفاض بشكل كبير خلال عام 2015، وهذا ما أضاف الضغط على أسعار الذهب، فيما انخفض أيضاً سعر برميل النفط الأمريكي الخفيف خلال عامي 2014 و2015 بشكل قوي بعد قليل من الاستقرار خلال عام 2013.
الظروف العامة للذهب خلال السنوات الثلاث من 2013 حتى نهاية هذه السنة 2015 كانت سلبية، فانخفاض مستويات التضخم وارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي كانت أسباب ضاغطة وبقوّة على سعر الذهب. كذلك، لا يجب أن نتجاهل الارتفاع المتواصل في مؤشرات الأسهم الأمريكية والعديد من مؤشرات الأسهم العالمية خلال السنوات منذ عام 2009 قبل أن تستقر هذه السنة 2015 في تذبذب كبير لكنه قرب مسويات مرتفعة.
سياسات البنوك المركزية التسهيلية في العالم تجعل المتداولين يفضّلون الاتجاه نحو الأصول ذات المخاطرة العالية للاستثمار بها، لكن مع انخفاض مستويات التضخم وارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي، لا نجد الإقبال الكبير على الذهب، فشهدنا انخفاضاً كبيراً في استخدام الذهب كملاذ آمن من قبل المتداولين والعديد من الجهات، وأصبح العديد من الجهات يفضّلون السندات الحكومية، الأمريكية منها على وجه الخصوص استغلالاً لارتفاع سعر سعر صرف الدولار.
قيام الفيدرالي الأمريكي برفع الفائدة خلال الشهر الأخير من عام 2015 أعطى التوقعات في أن يبقى الدولار الأمريكي في موقف قوّة، وتشير العديد من الآراء إلى أن الفيدرالي ربما يقوم بمزيد من الرفع في أسعار الفائدة خلال 2016، وهذا أيضاً قد يجعل الضغط السلبي على سعر الذهب يستمر.
هل أسعار ما دون الـ 1000 دولار متاحة خلال عام 2016؟
الجواب متعلّق بالتأكيد في اتجاهات الفيدرالي الأمريكي لأسعار الفائدة ومستويات التضخم إلى جانب حركة سعر صرف الدولار الأمريكي، والتوقعات تشير إلى أن مستويات التضخم سوف تبقى منخفضة نوعاً ما في الاقتصاد الدولي، وهذا ما يقلل من طلب الذهب لتغطية مخاطر ارتفاع الأسعار. كذلك، أعلن الفيدرالي مسبقاً بأنه سوف يتجه لرفع الفائدة في خطى بطيئة، لكن حتى لو كانت الخطى بطيئة، فرفع الفائدة متاح خلال عام 2016 لمرتين على الأقل، حيث تشير التوقعات إلى أن الفيدرالي الأمريكي قد يرفع سعر الفائدة من 0.50% المستوى الحالي إلى 1.00% على أقل تقدير خلال عام 2016، وذلك بعد أن بدأت سلسلة الرفع الأولى في ديسمبر 2016 من أدنى مستوى تاريخي 0.25%.
رفع الفائدة يرافقه قوّة في سعر صرف الدولار الأمريكي، وبذلك اجتمعت الظروف لدعم موجة سعر الذهب الهابطة، والتي قد تدفع أسعار الذهب نحو مستويات ما دون الـ 1000.00 دولار للأونصة بالفعل خلال عام 2016. تشير بعض الدراسات إلى أن سعر الذهب سوف يتجه إلى مستوى 950.00 دولار للأونصة كهدف أول مرّج لعام 2016، ولو ظهرت ظروف داعمة لانخفاض أكثر قوّة، فمستويات حول سعر 890.00 دولار غير مستبعدة أبداً بالسنبة لسعر الذهب.
ما هي احتمالات ارتفاع سعر الذهب؟
في الوضع الراهن في الاقتصاد الدولي، لا يوجد ما هو داعم لارتفاع سعر الذهب، لكن لا يجب استثناء حصول تغيّرات في الاقتصاد الدولي بشكل مفاجئ وغير متوقع. لكن، في حال تحرّك الاقتصاد الدولي ضمن التوقعات المستقبلية الطبيعية ضمن الدورة الاقتصادية العادية في العالم، فلن يكون هناك ما يدعم ارتفاع سعر الذهب.
الظروف التي قد تدعم ارتفاع سعر الذهب هي:
انخفاض قوي في سعر صرف الدولار الأمريكي: وهذا الأمر مستبعد في ظل تعارض سياسات البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي مع البنوك المركزية في العالم لصالح الفيدرالي الأمريكي.
تدهور حاد في الاقتصاد الدولي ووقوعه في ركود أو أزمات مالية جديدة: لكن بالنظر إلى سياسات البنوك المركزية، سوف نلاحظ بأنها تحفّز الاقتصاد الدولي، ورغم عدم استبعاد التباطؤ، إلا أن الوقوع في أزمة جديدة عام 2016 ليس مرجّحاً، مع التأكيد على استمرار التباطؤ في الاقتصاد الدولي بسبب تباطؤ الدول النامية لكن مع استمرار تعافي الاقتصاد في الدول العظمى.
ارتفاع كبير جداً في مستويات التضخم: هذا الأمر لا يجب استبعاده أبداً، فيكفي لإطلاق موجة ارتفاع حاد في مستوى التضخم ارتفاع كبير في سعر برميل النفط، لكن حتى هذه اللحظة، لا توجد ظروف تشير إلى ارتفاعات كبيرة في أسعار النفط والغذاء بسبب الظروف الاقتصادية والسياسية.
الظروف الثلاث السابقة لو تحرّك الاقتصاد الدولي وفق ظروف دورته الطبيعية، فلن يتحقق أي منها، وحتى ارتفاع سعر برميل النفط لو حصل، فقد يكون محدوداً وغير كبير نسبياً مقارنة في الانخفاض الذي حصل خلال هذه السنة، وبذلك من المحتمل أن تبقى مستويات التضخم منخفضة نسبياً حتى لو ارتفعت قليلاً، والاقتصاد الدولي من غير المرجّح أن يدخل عام 2016 في أزمة اقتصادية جديدة رغم احتمالات التباطؤ بين الحين والآخر.
التغيرات السياسية وحركة سعر الذهب
قد تكون التغيرات السياسية مؤثرة في سعر الذهب، لكن خلال الأعوام الماضية، وخصوصاً خلال التوتّرات السياسية خلال 2015، لم يستجب سعر الذهب بشكل كبير لأي توتّر سياسي، ولذلك لا نعتقد بأن التوترات السياسية سوف تكون مؤثرة. لكن، نؤكد بأننا في ICN لسنا مؤهلين لتقديم دراسات سياسة ولهذا نمتنع عن إدراج التأثيرات السياسية مفصّلة على حركة الأسواق المالية.
ICN