(خاص) نور الدين مرزوق "السفير الاقتصادي"
قبل عدة ايام وقعت الاطراف الثلاث المشاركة في الفريق الوطني للضمان الاجتماعي مسودة قانون الضمان الاجتماعي ورفعتها لمجلس الوزراء لقراءتها واطلاع الجهات المعنية عليها وتعديلها ومن ثمة تقديمها للرئيس للتوقيع عليها واقرارها لبدء العمل بها.
اثارت هذه المسودة الكثير من الضجة، حول مدى انصافها للعامل الفلسطيني ومدى قدرتها على تغطية كافة فئات المجتمع كما هو المرجو من اي قانون ضمان اجتماعي في اي دولة في العالم.
ضمان لا يضمن شيئ
لا يختلف احد على مفهوم الضمان الاجتماعي والذي يجب ان يغطي ويحمي كافة فئات المجتمع العاملة وغير العاملة من ذكور واناث شباب وكبار في السن، الى ان قانون الضمان الاجتماعي الفلسطيني المزمع اقراره لا يلتفت الا لفئة صغيرة في المجتمع وهي فئة العاملين ويهمش الفئات العاطلة عن العمل، ولا يلتفت لسائق التكسي والمزارع والعاطل عن العمل هؤلاء الذين لا يستطيعون دفع اشتراكات شهرية تمكنهم من الاستفادة من الضمان بعد ثلاثين عام وتقاضي راتب، ولامر من ذلك ان الحكومة ترفض مساعدة هذه الفئات في اشتراكاتهم ودفع جزء منها لتمكنهم من الدخول في الضمان رغم ان ذلك سيساعد الحكومة نفسها وينقذها من عبء اعالة هؤلاء عبر الشؤون الاجتماعية، هذا ما يقوله اياد الرياحي الباحث في مرصد السياسات الاجتماعية والاقتصادية في مقابلة خاص مع "السفير الاقتصادي".
اتفاق تحت التهديد
واتفقت الاطراف الشريكة (الحكومة، القطاع الخاص ونقابات العمال) على مسودة قانون الضمان الاجتماعي ووقعت عليه وبحسب الرياحي فان التوقيع على المسودة خطأ اقترفته النقابات من شأنه تضيع حقوق العمال خاصة وان تصريحات النقابة تثبت انهم وقعوا على المسودة بعد تهديد القطاع الخاص بالانسحاب من المحادثات، وهنا يتسائل الرياحي، اين الحكومة عن هذا الابتزاز الذي يتبعه الاقطاع الخاص بحق العمال؟، ويشدد على اهمية حسم النقابات لامرها بما يتعلق بموقفه من قضية الاشتراكات والانتساب قبل فوات الاوان.
وزارة العمل راضية
وزارة العمل من جانبها كشريك اعربت عن رضاها عن الاتفاق، هذا ما جاء على لسان وكيل وزارة العمل ناصر القطامي الذي اكد على اهمية وجود قانون للضمان الاجتماعي يساهم في تحقيق السلم الاهلي وهو مدخل لتامين اربع مخاطر تؤرق كل فرد في المجتمع وهي الشيخوخة والامومة والطفولة والوفاة واصابة العمل.
وعن ملاحظاته على القانون يقول قطامي " للسفير الاقتصادي" لا يوجد ملاحظات جوهرية لان الموضوع تم بمباركة منظمة العمل الدولية ورغم ذلك ممكن ان يكون هناك خلل في المستقبل لذا سيكون هناك مراجعة كل 3 سنوات لادخال تعديلات تتناسب مع واقعنا، وفي حال تحسن وضعنا الاقتصادي والسياسي سيكون هناك تعديلات تتعلق بزيادة مساهمة القطاع الخاص.
نقاط خلاف
عند الاعلان عن توقيع المسودة الاولى للقانون برزت اصوات كثيرة تتهم الموقعين بالتضحية بحقوق العاملين والتحيز لصالح القطاع الخاص باعتباره الجهة الاقوى في الحوار، وكانت ابرز النقاط المنتقدة نسب الاشتراكات واستثمار اموال صندوق التقاعد.
عن موضوع نسب الاشتراكات يعلق الرياحي ان النسب مجحفة بحق العامل اذ انه وبحسب مواد هذا القانون فانه يتحتم على العامل ان يدفع ما نسبته 7.5% بينما ارباب الاعمال بنسبة 8.5%، ولو قارنا بيننا وبين الاردن سنجد فرق شاسع بحسبه اذ هناك 13% من ارباب العمل مقابل 3% من العامل، وهذا الساري في جميع الدول اذ تدفع الجهة المشغلة ثلثي الاشتراك والثلث الباقي يدفعه العامل.
قطامي من جانبه يؤكد ان النسب هذه اقرت بناء على دراسة اجرتها منظمة العمل الدولية، ويبرر قطامي هذه النسب بالوضع الاقتصادي والسياسي الصعب الذي تمر به البلاد وفي نفس الوقت يعد برفع نسبة مشاركة القطاع الخاص في حال حصل تبديل في الوضع القائم .
استثمار لمن؟
اما في ما يتعلق في استثمار اموال الضمان الاجتماعي فستتولاها شركة خاصة تدير استثماراتها ( بنك على الاغلب)، الا ان المأخذ على هذا الاستثمار ان العمال لا يوجد لهم ممثل في هذا الصندوق، وبحسب الرياحي فان المادة 42 في القانون والتي تنص على تعين شركة خارجية لادارة الصندوق غير منطقية وكان الاجدر اتخاذ مثل هذا قرار بعد تعين مجلس ادارة للصندوق، كما يجب الزام المؤسسة التي ستدير الصندوق بالاستثمار في فلسطين وليس في الخارج لان ذلك يلغى جدوى الصندوق.
قطامي من طرفه يؤكد ان هناك رقابة من هيئة من كافة الاطراف وعلى راسها وزير العمل، ستمارس هذه الهيئة الرقابة على الجهتين اللتان ستتصرفان بالاموال وهما البنك العربي كحافظ وبنك فلسطين كمستثمر وستلعب الحكومة دور الضامن لهذه الاموال.
ضمان لمن يشاء
يخشى الكثيرون في حال اقرار القانون ان يكون الضمان كقانون الحد الادنى للاجور، اي غير مطبق على نطاق واسع، والذي بحسب الاحصاء الفلسطيني لا يتم الالتزام به في رواتب 116 الف عامل بحسب اخر الاحصائيات الرسمية.
قطامي يؤكد ان القانون سيطبق خلال السنتين القادمتين وسيشمل كل العمال، الرياحي يشكك بقدرة الاطراف الشريكة على تطبيق القانون خلال سنتين ويؤكد انه سيطبق فقط على الشركات الكبيرة وسيتجاهل المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تشكل النسبة الاعلى من من المشاريع في فلسطين، اما منظمة العمل الدولية وبحسب تصريحات لها فقد اكدت ان تطبيق القانون بالشكل المطلوب سيحتاج حتى عام 2022.
موعد الاقرار
بحسب قطامي فانه قبل نهاية العام سيتم التوصل الى الصيغة النهائية للقانون وبعد ذلك سيقدم للرئيس للتوقيع عليه واقراره والعمل فيه. من جانبه الرياحي يقول انه ما زال هناك وقت لتعديل نقاط ضعف في في هذا القانون فما زال هناك قرائتين للقانون يمكن التغير فيهما وانصاف العامل.
جزء من مقابلة اياد رياحي مع برنامج ملف الرقيب:
المقابلات لبرنامج " ملف الرقيب" من اعداد وتقديم رئيس تحرير " السفير الاقتصادي"