رئيس التحرير: طلعت علوي

المخاوف الجيوسياسية تُلقي بظلالها على قطاع التشييد في الشرق الوسط

الإثنين | 07/12/2015 - 09:25 صباحاً
المخاوف الجيوسياسية تُلقي بظلالها على قطاع التشييد في الشرق الوسط



      استطلاع يكشف تراجع مستويات التفاؤل، فترات سداد أطول، عدم جاذبية شروط العقود، وزيادة  المنازعات في ظل الأوضاع الصعبة للأسواق

 


كشف استطلاع رأي عن حالة من التراجع الحاد في مستويات التفاؤل في أوساط العاملين في قطاع التشييد والبناء بشأن في دول مجلس التعاون الخليجي مقارنة مع العام الماضي. وشاركت في الاستطلاع شركات رائدة في القطاع تقوم غالبيتها بتنفيذ مشاريع تصل قيمتها إلى أكثر من 100 مليون درهم.

وأشار استطلاع بنسنت ماسونز السنوي حول قطاع التشييد والبناء في دول مجلس التعاون الخليجي، والذي   قامت بمشاركة نتائجة أمام ممثلين عن القطاع خلال المؤتمر الشركة السنوي لقوانين الأعمال الهندسية والبناء في دبي، إلى أن 32% من الشركات تنظر بقدر أكبر من التفاؤل خلال العام 2015، مقارنة مع 77% خلال العام الماضي.

ويأتي هذا التحول المفاجىء في مستويات التفاؤل متوافقاً مع ردود المشاركين فيما يتعلق بطلبات تنفيذ مشاريع جديدة، وشروط العقود، وفترات السداد والنزاعات، والتي جاءت جميعها أقل إيجابية مقارنة مع العام الماضي.

وأفاد 16% ممن شملهم الاستطلاع بأن حصولهم على طلبات لتنفيذ مشاريع جديدة انخفضت بنسبة 10%، مقارنة مع 4% خلال العام الماضي. وفي سؤال يتعلق بشروط العقود، أشارت 93% من الشركات إلى أنها أصبحت أقل جاذبية خلال العام 2015، مما يشكل زيادة بنسبة 14% مقارنة مع العام الماضي. بالإضافة إلى ذلك، أكدت 95% من الشركات أن فترة سداد المستحقات كانت أطول خلال العام الحالي، بينما أكد 60% أن لديهم  منازعات خلال العام 2015 أكثر مما كان متوقعاً عند بداية العام.

وتدل هذه النتائج على  صعوبة الأوضاع في ظل التحديات التي يواجهها قطاع التشييد والبناء، مثل بقية القطاعات، أبرزها استمرار انخفاض أسعار النفط، والتوترات الجيوسياسية في بعض أنحاء منطقة الشرق الأوسط، ونفور المستثمرين العالميين من الأسواق الناشئة.

وشهدت مستويات التفاؤل حيال المملكة العربية السعودية تراجعاً  كبيراً؛  ففي ردهم على سؤال حول أكثر الأسواق التي تتمتع بأعلى فرص نمو خلال العام 2016، أفاد 12% من المشاركين إلى المملكة العربية السعودية، ما يشكل انخفاضاً كبيراً مقارنة مع 40% من المشاركين الذين أكدوا بأنها ستكون من أقوى الأسواق خلال العام 2015.
في المقابل، تنظر نسبة متزايدة من الشركات إلى قطر كونها الأوفر حظاً إقليمياً في توفير فرص النمو، لترتفع مستويات الإيجابية حول أداء هذا القطاع حسبما أفاد 33% من المشاركين خلال العام الحالي مقارنة مع 14% خلال العام الماضي. وتعتبر دولة الإمارات العربية  أفضل الأسواق  التي يتوقع المشاركون أن توفر فرصاً خلال العام 2016.

وبالنظر إلى القطاعات، حظي قطاع العقارات بالنسبة الأكبر من تراجع مستويات التفاؤل حيث اعتبر 26% من المشاركين في الاستطلاع أن هذا القطاع سيوفر فرصاً قوية خلال العام المقبل، مقارنة مع 48% من المشاركين الذين أكدوا تفاؤلهم تجاه هذا القطاع خلال العام الماضي. ويعود ذلك إلى وجود حالة من عدم اليقين تجاه زيادة العرض في بعض الأماكن وتحديداً إمارة دبي.
وهناك حالة من التردد يشهدها قطاع التشييد والبناء في كل من إيران والهند، حيث وصلت نسب الشركات الراغبة في اقتناص الفرص في تلك الدول إلى 40% و42% على التوالي. ويعود ذلك إلى اعتماد نهج التمهل تجاه إيران بانتظار رفع العقوبات عنها رسمياً. ومع ذلك، جاءت النظرة تجاه أداء القطاع في الهند مفاجئة إلى حد ما، آخذين بعين الاعتبار الروابط التجارية التاريخية مع دول مجلس التعاون الخليجي، إضافة إلى قوة النمو الاقتصادي والزيارة الأخيرة لرئيس الوزراء الهندي إلى دولة الإمارات العربية المتحدة.

على صعيد مماثل، جاءت النتائج تجاه الشراكات بين القطاعين العام والخاص مفاجئة أيضاً، حيث أكد 67% من الشركات عدم انخراطها حالياً، أو عدم وجود نية للانخراط في شراكات بين القطاعين العام والخاص خلال الشهور الإثني عشر القادمة. وكان متوقعاً الحصول على نتائج أفضل تجاه الشراكات بين القطاعين العام والخاص خاصة في ظل الضغوط المالية التي تواجهها الدول المصدرة للنفط في المنطقة.

وتعليقاً على نتائج الاستطلاع، قال ساشين كرور، رئيس شركة بنسنت ماسونز في منطقة الخليج:
" تراجع مستويات التفاؤل تجاه أداء قطاع التشييد والبناء هي الأقوى على الاطلاق، ولا شك بأن المخاوف المالية والجيوسياسية أثرت بشكل كبير على قرارات وتفكير الشركات. ويبدو جلياً أن الأوضاع الجيوسياسية تلعب دوراً في حجب المقومات الجيدة في العديد من الأماكن. ومع ذلك، هناك إمكانية بعودة الإيجابية إلى مستويات مرضية فور معالجة هذه القضايا."

وأضاف: "تبقى المملكة العربية السعودية في طليعة الأسواق التي تشهد تراجعاً في مستويات التفاؤل نظراً للتحديات التي تواجهها والدور الحيوي لقطاع النفط في الحفاظ على استقرار الاقتصاد. وبالرغم من ذلك، هناك شعور عام في أوساط العاملين في  القطاع  بأن الضغوط المالية الحالية قد تدفع إلى تحقيق المزيد من الجهود لتنويع الاقتصاد، وتعزيز مكانة المملكة كوجهة جاذبة مرة أخرى. بالتأكيد طرحت سياسات إيجابية فيما يتعلق بالتنويع الاقتصادي، وإذا تم تطبيقها ستتيح مشاركة أكبر للقطاع الخاص في التنمية الاقتصادية في السعودية. في قطر، تعمل شركات القطاع على الاستفادة من الفرص المتوفرة مع اقتراب استضافة فعاليات كأس العالم."

وأوضح ساشين كرور أنه "من المفاجئ عدم توقع المشاركين لشراكات بين القطاعين العام والخاص، ووذلك على خلفية التحديات المالية التي تواجهها العديد من الدول في المنطقة، حيث تتيح هذه الشراكات فرصاً واسعة لمشاريع أساسية في البنى التحتية والتشييد"، مشيراً إلى أن هناك "تعديلات تشريعية التي تم القيام بها لتشجيع هذه الشراكات وجعلها أكثر جاذبيةً. ومن المحتمل أن يكون القطاع الخاص يعتقد بضرورة إجراء المزيد من الإصلاحات لتكون الشراكات بين القطاعين العام والخاص نموذجاً أساسياً في تنفيذ المشاريع".

وقال: "هناك تردد لدى غالبية الشركات العاملة في قطاع التشييد بدول مجلس التعاون الخليجي من دخول أسواق إيران والهند، ومن الحكمة اتباع منهج حذر عند دخول أسواق جديدة، خاصة تلك التي كانت تحت العقوبات. مع ذلك، فإن الهند تعتبر من الدول القليلة في العالم التي تشهد تحقيق مستويات قوية للنمو الاقتصادي. وتتميز الشركات العاملة في دول مجلس التعاون الخليجي بأفضلية في الوصول إلى السوق الهندية، وأود أن أشجعهم لتبني منهج إيجابي للاستفادة من الفرص المتوفرة في الهند مع القيام بالدراسات اللازمة".

 

بيان صحفي 

التعليـــقات