رئيس التحرير: طلعت علوي

تل ارميدة في الخليل.. تُصَادَر بالسكين الاستيطانية!

الإثنين | 30/11/2015 - 10:59 صباحاً
تل ارميدة في الخليل.. تُصَادَر بالسكين الاستيطانية!



القبس- بثينة حمدان 


عمليات الطعن ضد المستوطنين وجنود الاحتلال ما بين حقيقية ومزعومة اسرائيلياً، يجعلها المحتل سيناريو لتنفيذ مخطط اسرائيلي سيطبق بمبرر أو من دون مبرر.
وخلال شهر بكامله فرضت قوات الاحتلال قيوداً جديدة على حرية الحركة وعمليات تفتيش صارمة، فتشتد وطأة السكين المسلّطَة على رقاب الفلسطينيين منذ زمن. سكين لا يراه العالم .. السكين اسرائيلي والدماء فلسطينية، وفي تل الرميدة وشارع الشهداء في مدينة الخليل نور وحرمان وخوف وأحلام..وموت مرتقب!

نور تل الرميدة
يستيقظ، ينظر من حوله، يحصي جدران البيت التي تبدو أكثر يوماً بعد يوم، كل شيء معتم.. حتى فسحة الضوء شحيحة لأن خلفها جدرانا من الأسلاك الشائكة حماية من لعنات المستوطنين المتدينين. الشاب نور أبو عيشة ( 30 عاماً) يعيش وعائلته في حي تل الرميدة، يخرج من بيته وعند الباب الخارجي يبدأ أول حاجز اسرائيلي ثم ينطلق إلى عمله الذي لم يختره.
قال نور للقبس: «الحاجز تحت بيتي، يفتشونني ويفتشون ملابسي يوميا بشكل مذل، وحين اعود يبدأ التفتيش من جديد والتأكد من هويتي مع انني من سكان الحي، ولا يكتفون بذلك فلا يسمحون لي بالدخول إلا حين يأتي أحد أفراد البيت لاستقبالي!».
وعن أحلامه قال: «أتمنى أن يزول الاحتلال ويرحل المستوطنون من حارتي، وأن يعود مصنع أبي للعمل الذي أغلقه الاسرائيليون، وأعود للعمل في متجري الصغير الخاص بالاتصالات».
نور أنشأ صفحة تل الرميدة على الفيسبوك لينقل معاناة أحد أصعب أحياء الخليل وأكثرها تضرراً من هجمات المستوطنين المتطرفين.

كل من يدخلها.. فان!
يريد الاحتلال أن يستولي على أجزاء أكبر ليس فقط من القدس بل الخليل أيضاً ، التي يعتبرها اليهود ثاني أهم مكان بعد القدس، حيث الهيكل المزعوم. لذا كانت أولى حالات عمليات الطعن الملفقة اسرائيلياً في الثاني والعشرين من سبتمبر بقتل الفتاة هديل الهشلمون على مدخل شارع الشهداء في تل الرميدة ورمي السكين بجانبها، لكن شاهدا برازيليا فضح بالصور الادعاءات الاسرائيلية. وخلال هذه الهبة الشعبية قتلت قوات الاحتلال العديد من الشبان الفلسطينيين الذين مروا بتل الرميدة وألقت إلى جانب جثثهم سكيناً اسود نظيفاً من الدماء. والشهيد همام اسعيد (22 عاماً) هو إحدى ضحايا الحي، فقد اطلق جنود الاحتلال نحو عشر رصاصات تجاهه وتركوه ينزف حتى الموت، فيما استشهد هاشم هاشم (63 عاماً ) جراء استنشاقه للغاز المسيل للدموع في الحي ذاته.. واستشهد فضل القواسمة في شارع الشهداء وأظهر فيديو من تصوير تجمع شباب ضد الاستيطان في الخليل كيف ألقى جنود الاحتلال بالسكين إلى جانب الشهيد بوضوح أمام الكاميرا.
سكان الحي يشاهدون لحظات الموت الأخيرة وكأنهم يشاهدون موتهم المرتقب.

ممنوع الزيارة
قالها لنا نور أبو عيشة: «يمنع أي شخص من دخول الحي» . أما الطفلة إيمان أبو عيشة فقالت: «لا يحضر أقاربنا بالعيد..حضروا مرة قبل عشر سنوات فهاجمهم المستوطنون بالاسلحة. نحن في سجن، حتى هذا الشبك يقصه المستوطنون كثيراً ليلقوا علينا الحجارة».
ويقوم سكان الحي الفلسطينيون بتصوير كل ما يجري فيه، ويتقدمون بالشكاوى الى الشرطة الاسرائيلية عن جيرانهم القسريين من المستوطنين وهي شكاوى يومية بالمئات، وقد يفاجأ سكان الحي بأن اسمهم غير مدرج بالكشوفات المتوفرة مع الجنود، فيمنعون من دخول الحي وقد يضطرون الى الالتفاف! هذا عدا المكعبات الاسمنيتة التي وضعت مؤخراً في الحي تقسمه تقسيماً قاسياً. وبات حديث أطفال الحي هو ما يقوم به المستوطنون وأبناؤهم ضد الفلسطينيين، لا يستطيع الطفل الفلسطيني في اي زيارة خارج الحي إلا أن يعيد لأصدقائه قصة ما يحدث في الحي!

تل الرميدة.. الخليل القديمة
يقع الحي في قلب مدينة الخليل، وهي المنطقة الأولى التي تأسست عليها المدينة قبل ستة آلاف عام ،وبدأت الحفريات فيه عام 1920 حتى اليوم. فيها عاش سيدنا ابراهيم عليه السلام وعائلته، وفي عام 1986 أقيمت في مركز الحي مستوطنة جديدة، وتقول منظمة «بيتسيلم» الاسرائيلية أن مستوطني تل الرميدة معروفون بتطرفهم، وأنهم يسكنون في جهة واحدة من شارع بلا مخرج، فيما تسكن عائلة أبو عيشة على الجهة الثانية.
وتعد الخليل المدينة الفلسطينية الوحيدة التي أقيمت في قلبها مستوطنة. وتشير المنظمة الاسرائيلية الى أن الحكومة الاسرائيلية أرادت من هذه المستوطنة تحويل البلدة القديمة في الخليل إلى مدينة اشباح، عبر سياسة وصفتها المنظمة بالممارسة الرسمية المميزة ضد السكان الفلسطينيين في المدينة.
هذا وفقدت الخليل ومنذ بداية أكتوبر وحتى الثامن من نوفمبر الحالي 28 شهيداً عدا عن 158 اصابة بالرصاص و99 اصابة بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط و59 تعرضوا للضرب و9 أصيبوا بحروق عداعن عشرات الاصابات بالغاز المسيل للدموع.

المستوطنون يحقدون بحرية
أفادت تقارير لمنظمة بتسيلم الاسرائيلية وفيديوهات كيف يهاجم المستوطنون بالحجارة السكان الفلسطينيين في البلدة القديمة بالخليل ولا يحرك جنود الاحتلال ساكناً، بينما يقوم الجنود بتفريق التظاهرات الفلسطينية واعتقال راشقي الحجارة مهما كانت أعمارهم صغيرة.
ووثق فيلم للمنظمة في أحد شوارع تل الرميدة، كيف تعيش إلى اليمين عائلات فلسطينية ومقابله عائلات اسرائيلية، وإحدى المستوط.نات تحاول منع امرأة فلسطينية من سكان الحي من عائلة أبو عيشة من الخروج من منزلها فتقول لها: ادخلي بيتك، ثم تمطرها بالشتائم النابية، فيما تحاول المرأة ادخال ابنها الى البيت.. ظلت المستوطنة تصرخ والجندي يطلب من المرأة دخول البيت.

صمود ألاهالي
يبادر الفلسطينيون بالجماعات الى زيارة احياء الخليل لدعم صمود أهالي الاحياء التي وصفت بالمنكوبة، فعقدت الحكومة الفلسطينية إحدى اجتماعاتها في الخليل بالذات واستمعت الى المحافظ كامل حميد بتقرير عن أوضاع البلدة القديمة، وأقرت الحكومة سلسلة من برامج الدعم لعائلات الخليل لضمان بقائهم في بيوتهم، كما نظمت نقابة الصحافيين الفلسطينيين جولة في البلدة القديمة.. وتقوم مجموعة شباب ضد الاستيطان بتصوير العديد من الأحداث، فقد كشفوا بالفيديو كيف أعدمت قوات الاحتلال الشهيد فضل القواسمي بدم بارد وألقت بالسكين إلى جانبه!

التعليـــقات