انطلقت فعاليات المنتدى الرابع لرجال الأعمال في الدول العربية ونظرائهم في دول أميركا الجنوبية، الذي ينظمه مجلس الغرف السعودية بالتعاون مع جامعة الدول العربية واتحاد الغرف العربية، أمس في الرياض وذلك لبحث سبل تعزيز علاقات التعاون الاقتصادي والتجاري بين الجانبين، بمشاركة أكثر من 350 شخصية من المسؤولين الحكوميين ورجال الاعمال والسفراء من الدول العربية ودول أميركا الجنوبية.
العالم العربي وأميركا الجنوبيّة يتقاسمان جوانب مشتركة
وفي مستهل اللقاء نوه رئيس مجلس الغرف السعودية وعضو مجلس إدارة اتحاد الغرف العربية الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الزامل بأهمية المنتدى وجمعه لنخبة متميّزة من رجال الأعمال من الدول العربيّة ودول أميركا الجنوبيّة وتزامنه مع قمّة أميركا الجنوبيّة - الدول العربيّة الرابعة، وقال إنّ المنتدى والقمة، يكمّلان مسيرة التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري والمالي والثقافي والعلمي والتكنولوجي، وحتّى السياسي، التي بدأت مع القمم الثلاثة السابقة وما نتج عنهم من مُقررات أكّدت على أهميّة التعاون المشترك، بين بلداننا العربيّة ودول أميركا الجنوبيّة، في شتّى المجالات وعلى المديين القصير والطويل.
وأشار الزامل الى أن العالم العربي وأميركا الجنوبيّة يتقاسمان الكثير من الجوانب المشتركة، كما تشترك المنطقة العربيّة وأميركا الجنوبيّة الرؤى ذاتها فيما يخص تحقيق التنمية والعدالة. وان المنطقتين تحويان أكثر من ثلثي الاحتياطي المعروف من النفط، وموارد اقتصادية مهمّة؛ ولفت الى أهمية قيام منطقة تجارة حرّة بين العالم العربي وأميركا الجنوبيّة يخلق ديناميكية جديدة في الواقع الاقتصادي لكلا المنطقتين، لا سيّما في مجالات تبادل الاستثمارات المباشرة، والتعاون الصناعي والزراعي، وفتح أسواق كبيرة للتبادل التجاري، واستقطاب التكنولوجيا المتطوّرة من دول أميركا الجنوبيّة.
وأضاف أنّ الإنتاج الصناعي العربي يحتاج إلى مكونات تكنولوجية ذات مستويات وسيطة حتّى يتم توطينها واستيعابها بسهولة. ومن هنا فإنّ المنتدى الرابع للأعمال للدول العربيّة ودول أميركا الجنوبيّة، والقمّة الرابعة للدول "الأسبا ASPA"، بمثابة فرصة ثمينة لبحث وتطوير التعاون السياسي والاقتصادي بين بلداننا من أجل تفعيل دور الدول الناشئة المحوريّة، مثل البرازيل والمملكة، في مجموعة العشرين وفي أروقة النظام المالي العالمي، بهدف المشاركة الفاعلة في خلق نظام مالي عالمي جديد أكثر عدالة وإنصافاً وشفافية.
وزير المالية: التعاون الحالي لم يرتقِ إلى ما يتطلع إليه الجميع خاصة في المجالات التجارية والاستثمارية
وقال الزامل إن مجتمع الأعمال في العالم العربي بصفة عامة والمملكة بصفة خاصة يتابع باهتمام وعن كثب التطورات الاقتصادية في دول أميركا الجنوبية، بما في ذلك انضمام البرازيل إلى مجموعة البريكس BRICS في 16 يونيو 2009، وانضمام كلاً من بيرو وتشيلي إلى اتفاقية الشراكة الاقتصادية عبر المحيط الهادي TPP في 5 أكتوبر 2015. ومن الأهمية بمكان دراسة آثار هذه الاتفاقية. فيما حث حكومات المجموعتين العربية وأميركا الجنوبية الإسراع في تحرير التجارة وتشجيع وضمان الاستثمارات تفادياً للازدواج الضريبي، لما لهذه الخطوة من آثار إيجابية في تنمية التجارة والاستثمار بين الطرفين.
فرص واعدة في كافة المجالات
عقب ذلك أكد د. إبراهيم بن عبدالعزيز العساف وزير المالية أنه على الرغم من التعاون القائم بين دولنا العربية ودول أميركا الجنوبية والذي قطع شوطاً لا بأس به في عدد من المجالات، إلا أن ذلك لم يرقَ إلى ما يتطلع إليه الجميع خاصة في المجالات التجارية والاستثمارية، عطفاً على ما تتمتع به دولنا من فرص واعدة في كافة المجالات كالطاقة والبناء والتشييد والصناعات التحويلية، والمكانة التي تحتلها في الاقتصاد العالمي، منوهاً إلى أن ذلك يحتم علينا العمل لمزيد من التنسيق والتعاون بين القطاع الخاص في الاقليمين، خاصة أن القطاع الخاص يمثل الأداة الفاعلة لزيادة التبادل التجاري والاستثماري بين بلداننا. مؤكداً حرص المملكة على تعزيز هذا التعاون.
وأشار العساف إلى أن محاور أعمال المنتدى تعكس الرغبة الأكيدة لرجال وسيدات الأعمال في المنطقتين في المساهمة في زيادة حجم التجارة والاستثمار بالاستفادة من الإمكانات التي تتمتع بها اقتصاداتنا، معرباً عن تطلع الجميع إلى نتائج ملموسة تسهم في تقوية التعاون والتنسيق بين قطاعات الأعمال في دولنا، لافتا إلى ما يبعث على التفاؤل نمو التجارة الخارجية للدول العربية مع دول أميركا الجنوبية في العقد الأخير، حيث بلغ متوسط النمو السنوي في الصادرات العربية لدول أميركا الجنوبية خلال السنوات الأخيرة 17%، فيما تتمثل أهم الصادرات العربية لدول أميركا الجنوبية في النفط ومشتقاته والأسمدة والحديد والصلب، في حين بلغ متوسط نمو الواردات العربية من دول أميركا الجنوبية 20%، بينما تشمل أهم الواردات العربية من أميركا الجنوبية في اللحوم والحبوب وخامات المعادن والمواد الغذائية. وطالب معاليه بأهمية تعزيز الربط البحري بين الجانبين نظرا لطبيعة المنتجات المتبادلة وبعد المسافة بينهما.
وزير التجارة: القمم العربية مع دول أميركا الجنوبية شكلت مصدر دعم قوي للعلاقات الاقتصادية
ترحيب بمستثمري
أميركا الجنوبية
وأعرب العساف عن ترحيبه بالمستثمرين من دول أميركا الجنوبية، منوها إلى ما يشهده الاقتصاد السعودي من نمو متواصل مدعوما بقطاع خاص يتسم بالحيوية والنمو الجيد، إلى جانب توافر فرص استثمارية كبيرة في الكثير من المجالات خاصة في مجال الطاقة والصناعات التحويلية، مؤكدا أن حكومة المملكة وبتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- تواصل برنامج الإصلاح الاقتصادي ومن ذلك ما وجه به -رعاه الله- مؤخرا من فتح المجال أمام الشركات العالمية بالاستثمار مباشرة في سوق التجزئة السعودي.
تكتل اقتصادي قوي ومنافس
من جانبه أكد وزير التجارة والصناعة الدكتور توفيق بن فوزان الربيعة على أهمية المنتدى الذي يأتي استكمالاً للجهود المبذولة بين الجانبين لتعزيز علاقات التعاون الاقتصادي والتجاري والتي تحرص على تطويرها وتنميتها حكومة المملكة وجميع حكومات الدول العربية من خلال الأطر والاليات المتخصصة في هذا الشأن. منوها إلى أن المنتدى يسعى لإعداد رؤية مشتركة يتبناها قطاع الاعمال العربي والأميركي الجنوبي حيال الموضوعات والقضايا الرامية لتطوير العلاقات التجارية والاستثمارية بين الاقليمين. وعد المنتدى فرصة لاطلاع الجانبين على التطور الاقتصادي لدى كل جانب والمشروعات الكبيرة. وأضاف معاليه بأن القمم العربية مع دول أميركا الجنوبية شكلت مصدر دعم قوي للعلاقات الاقتصادية بينهما، ولمنتديات قطاع الأعمال للجانبين والتي تبنت عددا من التوصيات في هذا الشأن مما انعكس على ارتفاع مستوى التبادل التجاري بين كثير من الدول العربية ودول أميركا الجنوبية.
وأشار إلى ان التعاون بين الجانبين في القطاعات الاقتصادية المختلفة سيؤدي إلى وجود تكتل اقتصادي قوي ومنافس يسهم في ترسيخ علاقات دولية قائمة على الإنتاج والتعاون ومبنية على تكافؤ وتبادل المصالح والاستفادة من حجم السوق الاستهلاكي الكبير للجانبين حيث يتجاوز حجم السكان لهذه المنطقة مجتمعة 800 مليون نسمة، داعيا إلى ضرورة تذليل العقبات التي تحد من زيادة المبادلات التجارية بين الاقليمين.
تحديات مشتركة
من جهته أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي في الكلمة التي القاها نيابة عنه السفير أحمد بن حلي نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية عن شكره لخادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وإلى الشعب السعودي وحكومة المملكة على الاستضافة الكريمة للقمة الرابعة للدول العربية ودول أميركا الجنوبية ، وقال إن مجالات التعاون العربي الأميركي الجنوبي تقف على أرضية صلبة، قوامها الإرادة السياسية المشتركة، والرؤية الاستراتيجية لتحقيق مصالح الطرفين.
الزامل: الإنتاج الصناعي العربي يحتاج إلى مكونات تكنولوجية ذات مستويات وسيطة
وأضاف السفير أحمد بن حلي أن آلية منتدى رجال الأعمال تشكل رافد مهم ودعامة أساسية في بناء شراكة حقيقية بين دول العالم العربي والأميركي الجنوبي مؤكدا قدرة المنتدى على ترجمة توجيهات القمم المشتركة في مشاريع تكاملية ذات عائد مربح ، وطالب الجهات الرسمية في المجموعتين بتسهيل عملية التواصل المباشر والتعارف بين المتعاملين الاقتصاديين وتوفير البيئة الجاذبة والرابحة والمشجعة للاستثمارات وإتاحة المجال للاطلاع على المعلومات والإحصائيات اللازمة لإنجاز المشروعات المشتركة، ومجالات تنمية التجارة وتسهيل الخدمات المالية والمصرفية، والاستفادة من الاتفاقيات المبرمة في الإطار الثنائي لتوسيع آفاقها على مستوى المجموعتين بغية زيادة انسياب السلع والبضائع والخدمات وتنشيط الحركة الاقتصادية بشكل عام.
ولفت بن حلي للتحديات المشتركة التي تواجهها دول المنطقتين في سبيل تحقيق التنمية المستدامة في أبعادها المتعددة، وقال إن دولنا النامية التي تشكل فئة الشباب فيها الغالبية العظمى، يجب إعطاؤها كل الفرص الممكنة، وفتح أمامها أبواب الأمل والعمل لتوظيف طاقاتها الشابة في الإنتاج وتحقيق الازدهار، وبناء المستقبل. وإنقاذها من سراب، ومغامرات الهجرة غير الشرعية، أو سقوطها في يد تجار الإرهاب والجريمة المنظمة.
وشدد على ضرورة العمل المشترك على أحكام سبل التنسيق على المستوى الدولي في المواقف والرؤى بين دول الإقليميين لتعزيز دور دولنا في المنظومة الاقتصادية الدولية والحفاظ على مصالحنا وتأكيد إرادة دولنا بأن تكون قوة مشاركة ومؤثرة في تشكيل النظام الاقتصادي العالمي، ولعب أدوار محركة في الملفات المطروحة على الأجندة العالمية مثل قضايا المناخ وتداعياتها على عالمنا، وإصلاح النظام الاقتصادي الدولي، وتحريك الركود الاقتصادي والعمل على تحقيق أهداف خطة التنمية المستدامة لفترة 2015 - 2030 التي أقرتها الأمم المتحدة في سبتمبر الماضي.
35 مليار دولار حجم
التبادل التجاري
من جهته عبر الدكتور مارسيلو نبيه سلوم رئيس الغرفة التجارية العربية البرازيلية عن سعادته للمشاركة في فعاليات هذا المنتدى الذي يهدف بالدرجة الأولى لتعزيز علاقات التعاون والتكامل بين الدول العربية ودول أميركا الجنوبية، لافتا إلى التطور والنمو الكبير الذي شهدته العلاقات التجارية بين الاقليمين نتيجة للعمل الدؤوب وتبادل الزيارات وإقامة المعارض ولقاءات العمل، حيث قفز حجم المبادلات التجارية من 13.6 مليار دولار إلى 35 مليار دولار بزيادة 156%. داعيا كلا الجانبين لمواصلة الجهود والعمل على ابرام الاتفاقيات الرامية لتنمية وازدهار العلاقات الاستثمارية خاصة وان دول الاقليمين تمتلك أكبر احتياط للنفط والغاز ناهيك عن المواقع الجغرافية الاستراتيجية والبنية التحتية للمطارات وغيرها والمقومات السياحية ورأس المال البشري الفعال.
ارتفاع تكلفة النقل العائق الاساسي
بدوره قال رئيس الاكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري الدكتور اسماعيل عبدالغفار ان العائق الأساسي أمام تعزيز التجارة البينية بين الدول العربية ودول أميركا الجنوبية هو الارتفاع الشديد في تكلفة النقل واهمال النقل البحري كأحد وسائط النقل منخفضة التكلفة وأشار الى ان التجارة العربية الامريكا جنوبية المنقولة بحرا لا تزيد في احسن الأحوال عن 15%. وقال إن من المزايا الطبيعية ان اغلب دول المجموعتين تطل بشكل او اخر على منافذ بحرية مما يجعلها مؤهلة لتنفيذ مشروع الربط البحري.
ونوه عبدالغفار بتكليف مجلس وزراء النقل للأكاديمية بأعداد دراسة حول تطوير دور النقل البحري في دعم منظومة التجارة بين الدول العربية ودول أميركا الجنوبية والتي قامت الاكاديمية بإنجازها ورفعها لمجلس وزراء النقل العرب والذي اعتمدها ورفعها للمجلس الاقتصادي وبدوره وافق عليها وسيقوم بعرضها خلال القمة العربية الامريكية الجنوبية، كما نوه بعمل الاكاديمية دراسة بشأن انشاء شركة مشتركة للخدمات اللوجستية بين الدول العربية ودول أميركا الجنوبية سيتم رفعها للقمة.
رئيس الغرفة التجارية العربية البرازيلية: حجم المبادلات التجارية بين الجانبين ارتفع إلى 35 مليار دولار بزيادة 156%
عقب ذلك ناقش المنتدى أربعة جلسات عمل، حيث استعرضت جلسة العمل الأولى وهي جلسة حوارية وزارية مفتوحة استراتيجيات التعاون والتكامل بين الدول العربية ودول أميركا الجنوبية في الانشطة الاقتصادية المختلفة خاصة مجالات التجارة والصناعة والنقل والسياحة. فيما ناقشت الجلسة الثانية دور النقل البحري والخدمات اللوجستية من خلال استعراض الصعوبات والمقترحات الرامية للنهوض بهذا المجال، حيث تم استعراض تجربة الشركة العربية المتحدة للملاحة في نقل التجارة بحرا بين الدول العربية ودول أميركا الجنوبية، ومناقشة دراسة جدوى إنشاء شركة مشتركة للخدمات اللوجستية بين الجانبين، بالإضافة إلى دراسة جدوى إنشاء شركة مشتركة للنقل البحري بين الطرفين. في حين تناولت الجلسة الثالثة واقع السياحة والخدمات المالية لدى الجانبين وذلك باستعراض أهم الفرص الاستثمارية المشتركة في قطاع السياحة والخدمات المالية، إلى جانب الاطلاع على تجارب صناديق الاستثمار في الدول العربية ودول أميركا الجنوبية كأداة لتنشيط الخدمات المالية المشتركة. أما الجلسة الرابعة فبحثت التجارب الناجحة في مجال المشروعات المشتركة، بالإضافة إلى مناقشة التشريعات والاجراءات وحرية التنقل بين الدول العربية ودول امريكا الجنوبية لدعم منظومة التجارة.
الجدير بالذكر أن المنتدى يهدف إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدان العربية وأميركا الجنوبية، والترويج للفرص الاستثمارية المشتركة بين الجانبين، حيث يشكل المنتدى فرصة لاطلاع مجتمع الأعمال العربي والأميركي الجنوبي على ملامح التطور الاقتصادي في كل جانب، والمشروعات الكبيرة التي تنفذ فيه، بالإضافة إلى شرح وتوضيح أنشطة مجتمعات الأعمال العربية والأميركية الجنوبية، ومواكبتها للسياسات الاقتصادية العالمية ودور مؤسسات القطاعين العام والخاص التكاملي في دعم الاقتصاد لكل جانب.
© صحيفة الرياض 2015