رئيس التحرير: طلعت علوي

غلاء المساكن في دبي يدفع متوسطي الدخل إلى الضواحي

الإثنين | 28/09/2015 - 10:46 صباحاً
غلاء المساكن في دبي يدفع متوسطي الدخل إلى الضواحي

 

أدى نقص المعروض من الوحدات السكنية للإيجار بأسعار في متناول اليد ونقص البدلات التي يحصل عليها العاملون الأجانب منذ الأزمة المالية إلى دفع الوافدين من أصحاب الدخول المتوسطة إلى مناطق أقل بهاء وفخامة في المدينة بعيدة عن أماكن العمل أو إلى إمارة الشارقة المجاورة لدبي.
وتقول شركة جيه.إل.إل للاستشارات العقارية إنه: "ربما كان المصرفيون العاملون في بنوك الاستثمار وكبار المديرين والشركات متعددة الجنسيات يتمتعون بمرتبات عالية تتجاوز المليون درهم سنوياً.. لكن غيرهم من الوافدين من مهندسي إنشاءات ومحاسبين والمديرين في مجالات مثل تكنولوجيا المعلومات والموارد البشرية وغيرهم يتقاضون مرتبات تراوح بين عشرة آلاف و30 ألف درهم للأسرة الواحدة (2720 و8170 دولاراً) في الشهر".

وتقول الشركة إن: "هؤلاء يمكنهم استئجار وحدات تبلغ قيمتها الإيجارية 72 ألف درهم (19600 دولار) أو شراء عقار في حدود 790 ألف درهم، وهو ما يمثل مبلغاً بسيطاً مقارنة بالأسعار في أحياء مثل دبي مارينا ودبي داون تاون على سبيل المثال، فقد يصل سعر الشقة المكونة من غرفتي نوم إلى أربعة ملايين درهم (نحو 1.1 مليون دولار).

وقال رئيس البحوث في شركة كلاتونز العقارية، فيصل دوراني، إنه: "يوجد ضغط على أصحاب الدخول المتوسطة.. من المرجح أن تصبح مسائل القدرة المالية أكثر حدة".

وقد شهد قطاع العقار في الإمارة بعضاً من أشد التقلبات على المستوى العالمي خلال السنوات العشر الماضية، إذ انتقل من فترة ازدهار إلى فترة كساد أعقبتها مرة أخرى فترة ازدهار.

واستقرت أسعار العقارات وإيجاراتها في السنة الأخيرة، لكنها ما زالت أعلى بنسبة 50% من مستواها قبل عامين، وفقاً لتقديرات كلاتونز، ومن المتوقع أن ترتفع من جديد بحلول عام 2017 مع استعداد دبي لاستضافة معرض أكسبو 2020.

والأحياء الوحيدة التي تتيح إسكاناً في متناول اليد لكثير من ذوي الدخول المتوسطة تقع في مناطق سكنية في حالة سيئة قرب خور دبي وأجزاء على أطراف المدينة مثل المدينة العالمية ومنطقة دبي للتعهيد، إلا أنه مع انتقال الوافدين الأجانب من المناطق الأقرب إلى وسط المدينة فقد شهدت الأحياء التي كانت إيجاراتها أرخص في ما سبق أكبر زيادات في القيمة الإيجارية.

وانتقل راندي مدرب اللياقة الفلبيني وزوجته البريطانية ليلى إلى منطقة رمرام إحدى هذه المناطق على مسافة 50 كيلومتراً من حي الأعمال في دبي في مايو/ أيار عام 2013.

وقال راندي (37 عاماً): "اعتدنا الإقامة في منطقة الخليج التجاري وكانت على مسافة عشر دقائق بالسيارة من أغلب زبائني".
وأضاف: "كنا نستأجر غرفة نوم واحدة لكنها أصبحت باهظة الإيجار ولذلك انتقلنا إلى هنا.. كان هذا هو المكان الوحيد المعقول الذي أمكننا أن نستأجر فيه شقة من غرفتي نوم.. ونحن الآن على مسافة 30 دقيقة بالسيارة من أي شيء".

في البداية دفع الزوجان اللذان أنجبا ابناً عمره الآن 13 شهراً 55 ألف درهم إيجاراً سنوياً، لكن الإيجار ارتفع إلى 63 ألف درهم، إذ ظل مقيداً بالقيود الإيجارية السارية، إلا أن القيود على الزيادات السنوية لا تسري إلا في حالة تجديد عقد الإيجار.

وفي الوقت الحالي يعلن أصحاب الشقق المكونة من غرفتي نوم في رمرام عن تأجيرها بمبلغ يتراوح بين 80 ألف و100 ألف درهم سنوياً.

ويجري تداول أراضي البناء مثل سلعة في دبي، مما يعمل على تضخيم الأسعار، ودفع ذلك المطورين العقاريين إلى التركيز على المشروعات الفاخرة التي تتيح هامش ربح مرتفع، فمن الصعب تحقيق أرباح من المشروعات السكنية المتوسطة إذا لم تكن أسعار الأراضي مدعمة.

وفي العام الحالي بدأ المطورون العمل في مشروعات جديدة يبلغ إجمالي عدد الوحدات السكنية فيها 19500 وحدة تقدر شركة جيه.إل.إل أن 22% منها فقط تلبي احتياجات ذوي الدخل المتوسط.

وتقدر (سي.بي.آر.إي) أن نحو 70 ألف وحدة سكنية جديدة ستستكمل في دبي بحلول نهاية عام 2018، أي أكثر من مثلي العدد الذي اكتمل في 2013-2014، لكنه أقل من الذروة التي سجلها في 2007-2008 وبلغت 90 ألف وحدة سكنية.
وقال مات غرين رئيس البحوث في (سي.بي.آر.إي) الشرق الأوسط، إن: "هذه الوحدات لا تستكمل بوتيرة سريعة ولهذا نشهد أثراً سلبياً كبيراً على سوق الإيجارات".

* خيار الشارقة
وقد توقف الكثير من أصحاب الأعمال في الإمارة عن صرف بدل السكن كما تقلصت المرتبات بصفة عامة في أعقاب الأزمة المالية في2007-2008، لكن ربما يتعيّن عليهم إعادة تقييم عروضهم إن هم أرادوا الاحتفاظ بنفس مستوى العمالة والمهارات.
وقالت مديرة البحوث في جيه.إل.إل، دانة سلباق: "ستشتد الحاجة لإسكان في متناول اليد.. وسيتعين على أصحاب الأعمال زيادة الأجور أو بدلات السكن لجذب العاملين والاحتفاظ بهم".

وقد انتقل بعض السكان إلى الشارقة المجاورة لدبي، وتقدر شركة كلاتونز أن أسعار العقارات فيها أقل من نصفها في دبي، وفي أواخر العام الماضي سمحت الشارقة للأجانب المقيمين في الإمارات بشراء العقارات في بعض المشروعات العقارية.


وتبعد الشارقة نحو ساعة بالسيارة عن دبي في ساعة الذروة، وليس فيها المطاعم ومراكز التسوق والحياة الليلية التي تتيحها دبي.

وقال غرين من سي.بي.آر.إي إنه: "على دبي أن تعطي الأولوية للمشروعات المخصصة للإيجار، والتي يحتفظ فيها المطورون بالملكية ويؤجرون الوحدات بهدف الحفاظ على الإيجارات في متناول اليد.. والشركات الكبرى القائمة على التطوير العقاري مملوكة للإمارة".

وأضاف: "لكن المطورين كيانات تجارية لها مسؤوليات تجاه مساهميها لتحقيق أرباح وتقديم توزيعات نقدية".
وقد أصبح امتلاك وحدة سكنية أبعد من متناول الوافدين المقيمين لفترات طويلة مثل راندي، إذ إن دولة الإمارات رفعت الحد الأدنى لمقدم الرهن العقاري خلال العامين الأخيرين إلى 25 في المائة بهدف منع المضاربة. كما أن دبي رفعت رسوم تسجيل المبيعات العقارية لمثليها لتصل إلى 4%.
وقال راندي: "إذا أردت أن أشتري عقاراً بمليون درهم فيجب أن يكون معي في البداية نحو 300 ألف درهم. ومن أين لي بهذا المبلغ؟".
 

©العربي الجديد

التعليـــقات