فارس هاني التركي
المكسيك بلد معروف بالفقر والفساد وبالمخدرات والعصابات التي تتحكم في البلاد بشكل أفضل مما تفعل الحكومة الرسمية في بعض المناطق، ولكن ما لا يعرفه أغلبنا هو أن المكسيك بلد اقتصادي قوي جداً، فهي أكبر دولة منتجة للفضة، وهي عاشر أكبر مصدر للنفط في العالم، ولكن للأسف الأثر غير واضح على البلد أو على الشعب بسبب الفساد الكبير المنتشر والمستشري في معظم القطاعات والمستويات لديها.
اقتصاد المكسيك في الترتيب 15 على مستوى العالم وهي من ضمن دول العشرين G20 حيث إن ناتجها المحلي الإجمالي GDP يقدر بحوالي 1.29 تريليون دولار أي ما يعادل ضعف حجم الاقتصاد السعودي تقريباً.
ربما تكون هذه المعلومة صادمة ولكن هذه هي الحقيقة، فبالإضافة لكونها أكبر منتج للفضة وعاشر أكبر مصدر فهي أيضاً سادس مصنع للالكترونيات في العالم بعد أمريكا والصين واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان، وتشكل صناعة الالكترونيات حوالي 30% من صادرات المكسيك.
صناعة السيارات لديها مزدهرة بشكل كبير، فكبرى مصنعي السيارات في العالم مثل مرسيدس وBMW وفورد وGM وتويوتا وفولكس واجن لديهم مصانع في المكسيك يعود تاريخ بعضها لعام 1930، حيث إن رخص الأيدي العاملة وقربها من السوق الأمريكي الضخم يشكل عامل جذب للعديد من هذه الشركات العملاقة.
صناعة ضخمة بعوائد مرتفعة ففي عام 2014 على سبيل المثال تجاوزت الاستثمارات الجديدة لهذه الشركات أكثر من 10 مليارات دولار في المكسيك.
اقتصاد ضخم وقوي ومستمر في النمو بوتيرة ممتازة لدرجة أن بنك «جولدمن ساكس» يتوقع أن يكون الاقتصاد المكسيكي في المرتبة الخامسة عالمياً بحلول عام 2050.
الجدير بالذكر أيضاً هو أن المكسيك تعتبر سادس أكثر بلد في العالم يحتوي على أماكن أثرية مسجلة في اليونيسكو حيث يبلغ عددها تحديداً 32 موقعا، وبالتأكيد هذه المواقع الأثرية جعلت من المكسيك بلدا سياحيا كبيرا رغم كل الخطورة وانعدام الأمان، فهي في الترتيب 128 عالمياً من ناحية الأمن والأمان، ولكنها على الرغم من ذلك تعتبر الدولة العاشرة في العالم من ناحية عدد السياح حيث بلغ عددهم العام الماضي حوالي 30 مليونا.
المكسيك في السنوات الأخيرة أثبتت كفاءتها ورغبتها في أن تكون لاعبا مهما في الاقتصاد العالمي، وكانت مثالا واقعيا ورائعا لتنويع مصادر الدخل فبعد أن كانت تعتمد بشكل كبير على صادرات النفط والتي شكلت 60% من صادرات الدولة عام 1980 نجد اليوم أن النفط لا يشكل سوى 10% من صادراتها.
ملفات ضخمة تمكنت المكسيك من التغلب عليها، ولكن يبقى الملف الأهم وهو عدم انعكاس كل ذلك على المواطنين، فأكثر من 50% من الشعب المكسيكي يعيش على خط الفقر، وتوزيع الثروات يعتبر من الأسوأ على مستوى العالم، والبنية التحتية للبلد مهترئة بشكل محزن.
تناقض غريب من بلد لم نكتشفه بما فيه الكفاية بعد، ولكن فعلاً مثير للجدل.