• دورٍ محوري للسعودية في إحياء "طريق الحرير" نظرا لثقلها السياسي والاقتصادي
قال السفير الصيني في المملكة العربية السعودية لي شيتغ وين إن جمهورية الصين الشعبية تعوّل على دورٍ محوري للمملكة في تفعيل مبادرتها لإعادة إحياء «طريق الحرير»، أحد أهم معابر التجارة في قارات العالم القديم آسيا وأوروبا وأفريقيا، الذي تعيد الصين إحياءه وفق مبادرة «الحزام والطريق».
ويأتي ذلك انطلاقاً من النمو المطرد للعلاقات بين المملكة والصين، إذ تعتبر المملكة الشريك الاقتصادي الاول للصين في المنطقة، يضاف إلى ذلك الثقل الاقتصادي والسياسي للمملكة على المستويين الإقليمي والدولي، وأيضاً موقعها الجغرافي المهم، ولاسيما حدودها البحرية على سواحل البحر الأحمر.
السفير الصيني قال إن "العلاقات بين جمهورية الصين الشعبية والمملكة العربية السعودية، تعتبر استراتيجية بالنسبة لنا، وهذه العلاقات شاملة وعميقة. ولعل الترجمة الأمثل لهذه العلاقات، ما نتج عن زيارة الملك سلمان بن عبدالعزيز الى الصين السنة الماضية، حيث تمّ التوقيع على مجموعة من الإتفاقات بين البلدين.
وعلى الصعيد التجاري، فإن المملكة تعتبر الشريك التجاري الأول للصين في المنطقة، حيث يصل مجموع التبادل التجاري بينهما إلى نحو 70 مليار دولار سنوياً، كما أن هناك تواصلاً مستمراً بين الطرفين للتعاون في قطاعات أخرى مهمة كالتعليم، حيث لدينا في الصين نحو 1400 طالب سعودي يتابعون دراساتهم في الجامعات الصينية".
وأضاف أنه "في الوقت الذي نسعى فيه الى تطوير العلاقات على مختلف الصعد، الا أن هناك مجالات تأخذ أولوية بلا شك. وهنا نتحدث عن مبادرة الصين لإعادة إحياء ما عرف قديماً بـ« طريق الحرير»، الذي تعيد الصين إطلاقه تحت مسمّى «الحزام والطريق». وتهدف الصين من اطلاق هذه المبادرة الى تعزيز شراكتها مع دول المنطقة عموماً، ومع المملكة العربية السعودية على نحو خاص نظراً إلى موقعها وثقلها الجيوسياسي والاقتصادي. اضافة الى ذلك، فإن مبادرة «الحزام والطريق» ستلعب دوراً محورياً في تطبيق خطط التنمية التي تتبناها الصين والمنطقة حالياً، وبخاصة في مجال تطوير البنية الأساسية وخلق فرص العمل".
وتابعوين: " إن الاقتصاد الصيني دخل في مرحلة جديدة، ركيزتها الأساسية تحسين جودة الاقتصاد والحفاظ على معدلات نمو مرتفعة وتقليص الفروقات الاجتماعية بين مختلف المناطق، وهذا يتطلب مزيداً من الإنفتاح الصيني على الدول المجاورة والإقليمية بشكلٍ رئيسي، وأيضاً على دول العالم".
وتطرق إلى "دور الدول العربية في إعادة إحياء «طريق الحرير» أو مبادرة «الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري في القرن الـ21» والمعبّر عنها بمبادرة «الحزام والطريق »، والكامن في خمسة مجالات رئيسية للتعاون، والتي نعتقد أنها تصب في مصلحة دول المنطقة بشكل كبير. وتتمثل هذه المجالات في: أولاً، تواصل المنشآت أي تطوير البنية الأساسية للدول التي تشملها هذه المبادرة، من طرق، وسكك حديد، وموانئ، اضافة الى شبكة لأنابيب النفط والغاز، وبناء قطاع اتصالات متطور، الخ..وثانياً، تنشيط التجارة، وثالثاً، تسهيل التواصل والتبادل المالي عبر تسهيل حركة رؤوس الأموال وتيسير التعاملات المالية لما من شأنه المساهمة في دفع التعاون بين دول العالم. ورابعاً، التبادل الحضاري بين شعوب المنطقة، والذي يكتسب أهمية قصوى كونه عاملاً مهماً في زيادة وعي هذه الشعوب بأهمية التواصل بينها، وتعزيز العلاقات المشتركة على مختلف الصعد. وخامساً، رفع مستوى التعاون والتبادل بين الافراد الذي يصب في صلب نجاح أية استراتيجية".
وأضاف وين أن "مبادرة «الحزام والطريق» ليست محصورة بطرف أو بجهة، الصين فقط بادرت الى اطلاقها والشيء الجيد أنها لاقت ترحيباً وقبولاً كبيرين من الاصدقاء العرب، وهذا ما يفتح المجال أمامنا لتحديد سبل التعاون المستقبلي، بما في ذلك تنشيط الإستثمارات المفيدة لكلا الجانبين".
وأشار إلى أن "الصين عملت على اطلاق بنك الاستثمار الآسيوي في البنى التحتية AIIB، والذي سيخصص للاستثمار في تطوير البنية التحتية لدول القارة الآسيوية. وقد لاحظنا مساهمة واسعة من دول المنطقة في البنك، وفي مقدمها المملكة العربية السعودية".
وأكد أن من بين الاهداف الرئيسية لمبادرة «الحزام والطريق» هو تعزيز التعاون في تنمية القدرات الإنتاجية. إن الدول النامية تحاول تحقيق التنمية المستدامة، وهذا يتطلب قطاعاً صناعياً قوياً. وفي هذا الصدد، نعتقد أن هناك أفقاً واسعاً للتعاون بين الصين ودول طريق الحرير؛ ذلك لأن كثيراً من الدول المعنية تحتاج وتسعى إلى تطوير الصناعات المختلفة، وخصوصاً في المملكة العربية السعودية".
وحول عمل بنك الاستثمار الآسيوي فإن عمله بحسب السفير لي "سيتركز على تطوير وتنشيط مشاريع البنية الاساسية في آسيا. وهناك العديد من الدول الآسيوية التي تعاني من ضعف بنيتها الاساسية نتيجة ضعف قدراتها المالية، ونحن نعوّل على ان يعمل البنك بالتعاون مع جهات دولية أخرى، كالبنك الدولي، على توفير الاموال اللازمة لمشاريع البنية الأساسية في هذه الدول".
ولفت أن جميع الدول المساهمة في تأسيس هذا البنك تعمل على إنهاء الإجراءات اللازمة للإعلان الرسمي عن التأسيس، والذي نتوقع أن يتم الاعلان عنه مع نهاية هذه السنة. وبالتأكيد فإننا نعوّل على دور الدول الخليجية في دعم مسيرة البنك لما تتمتع به من ثقلٍ اقتصادي ومالي على الصعيدين الاقليمي والعالمي من دون أن نغفل الدور المهم الذي تلعبه الدول العربية الأخرى التي انضمت إلى البنك، وقد اصبح العدد الإجمالي للدول الاعضاء نحو 60 دولة".
وتطرّقوينإلى مشاريع الطاقة بين الصين والمملكة العربية السعوديةقائلاً إن هناك نموذج تعاون رائداً في مجال الطاقة بين الصين والمملكة تم تدشينه مؤخراً، وهو مشروع مصفاة ينبع. وتبلغ قدرة انتاج المصفاة نحو 20 مليون طن سنوياً من النفط المكرر، كذلك هناك شراكة بين الصين وشركة «أرامكو» في مشروع «مصفاة سينوبك» في الصين إلى جانب مشاريع اخرى مع شركة «أرامكو» أيضاً وشركة «سابك» في الصين تتركز في كل من مدينة «تينجين» و «شنغهاي» ومقاطعة «فوجيه» . ونحن على يقين بأن هذه المشاريع الناجحة، ستقود الى مشاريع أخرى في الصين وفي المملكة.
وتابع: "نحن نلاحظ اهتمام المملكة عموماً بتطوير الطاقة البديلة بمختلف قطاعاتها، النووية، والشمسية، والرياح..الخ. والصين لديها التكنولوجيا اللازمة في كل هذه المجالات، وهناك بحث بين البلدين على هذا الصعيد لإنشاء مشاريع مستقبلية في الطاقة البديلة". مشيراً إلى أن حجم الاستثماراتالاستثمارات الصينية في الخارج تفوّق على الاستثمارات الاجنبية في الداخل الصيني، وهذا يشمل زيادة استثمارات الصين في دول الخليج العربي، وفي مقدمها المملكة العربية السعودية. ولا أذيع سراً بأن هناك تشجيعاً مستمراً من الحكومة الصينية للشركات الصينية لزيادة استثماراتها في دول الخليج لما تتمتّع به من استقرار سياسي واجتماعي، ومتانة اقتصادية. وأخصّ بالذكر هنا، زيادة الاستثمارات الصينية في المناطق الصناعية، وفي المدن الاقتصادية لدول الخليج العربي".
وعلى مستوى الحضور المصرفي والمالي الصيني في المنطقة أكد لي وجود مسار واضح لتعزيز هذا الحضور في المنطقة. وأولى الخطوات على هذا الصعيد، افتتاح «فرع بنك الصين للصناعة والتجارة» (ICBC) في المملكة العربية السعودية، وهو البنك الصيني الاول في المملكة، وهذا يحمل رسالة واضحة على أهمية التعاون في المجال المالي والمصرفي بين البلدين.
©الاقتصاد والاعمال