نور الدين مرزوق – السفير الاقتصادي
منذ اكثر من شهر ومراكز الصحة الحكومية تعاني من نقص في الادوية، اذ وصل عدد الاصناف المفقودة الى 70 صنف جلها ادوية الامراض المستعصية والخطيرة كالسرطان والضغط والتصلب اللويحي.
هذه الازمة تتكرر كل سنة بسبب تاخر الحكومة عن دفع مستحقات موردي الادوية ، لكن هذه المرة الازمة نطاقها اوسع وتفاصيلها معقدة، فاتحاد الموردين لم يتقدم للعطاء المطروح من الصحة اساسا ويصر على عدم اخذ اي عطاء توريد قبل تسديد كامل ديونه او حتى جزء منها
اليس علاج المواطن اولوية الاولويات لدى الصحة ومن خلفها الحكومة؟
تكرار الازمة الا يدل على خلل وربما تراخي من الحكومة في التعامل مع قطاع الصحة؟ المالية والصحة من المسؤول؟ هل الموردون يمرون بازمة مالية حقا ام انهم يريدون الضغط على الحكومة وتحصيل ديونهم فقط من غير اعتبار صحة المواطن وخطورة القضية؟
عانى وما زال يعاني الاف المرضى خلال هذه الفترة بسبب نقص الادوية، خاصة تلك المخصصة للامراض الخطيرة، فهناك اكثر من 350 مريض هيموفيليا يعانون جراء نقص 13 صنف من الادوية.
مرضى الاضطرابات النفسية هم الاخرون يعانون الامرين من نقص 16 صنف، وهذا يؤثر على صحتهم بشكل مباشر وكبير.
التصلب اللويحي هو ايضا مرض خطير دائما ما تشهد ادويته انقطاع من المراكز الصحية وفي هذه الازمة انقطع تماما.
يقول المدير التنفيذي لاتحاد موردي الادوية السيد مهند حبش "المشكلة الحقيقية في ادوية الامراض المستعصية والتي تعد من الادوية المدرجة في قائمة الحفاظ على الحياة، واغلب النقص الموجود في سلة الادوية هو من هذه القائمة وهذا امر خطير، واذا لم يتم التعامل معه قريبا سيشهد القطاع الصحي كارثة. ويضيف حبش "على وزارة المالية ان تدفع مستحقاتنا في اسرع وقت لنستطيع توريد الادوية".
بلغت الديون المتراكمة على وزارة الصحة للموردين 350 مليون دولار، ورغم ان وزارة الصحة تتجاوز ميزانيتها ال10% اي 1.75 مليار شيكل من الموازنة العامة للحكومة الا انه لا يتم تسديد الديون اول باول وهذا ما يؤدي الى تكرار المشكلة في كل عام.
ويؤكد حبش ان الحكومة تتعامل مع الموضوع بطريقة ردة الفعل وليس باستراتيجية وخطة ولو تم وضع استراتيجية لقطاع الادوية لما كنا وصلنا الى هنا، ويشير انه ولاول مرة من 20عام لم تشارك الشركات في العطاءات المطروحة من الصحة، وهذا لسبب واحد، وهو عدم القدرة على التوريد بسبب تراكم الديون. وفي الاتفاقات الموقعة بيننا كان يجب على الحكومة ان تدفع خلال 120 يوم وهذا لا يحدث وامتدت هذه الفترة الى 400 يوم في الاعوام السابقة ووصلت في الاونة الاخيرة الى الدفع خلال 700 يوم وهذه مدة طويلة وفوق طاقتنا.
من جانبه يقول المتحدث باسم وزارة الصحة اسامة النجار "وزارة المالية مسؤولة عن صرف الميزانية الخاصة بالصحة، لكن ما يتم صرفه هو جزء منها وذلك بحسب توفر الاموال لدى المالية، وهذا ما يسبب الازمة في كل عام ويضيف النجار" عمرها ما كانت الاموال المحولة تتوافق مع الاحتياجات "
وعن موقف الموردين يضيف النجار "اتحاد الموردين يقول انه لن يدخل العطاء الا اذا تم تحويل اموال لحسابه والمتضرر في نهاية المطاف من هذا القرار هو المواطن البسيط، الذي يحملنا المسؤولية لعدم توفير الادوية، وهذا حقه، لكن في الحقيقة المسؤولية لا تقع على عاتق الصحة و حدها .
يقول رئيس اتحاد موردي الادوية هيثم مسروجي" الشركات المستوردة تدفع الضريبة عند استيراد الادوية وتعود هذه الضريبة لللسلطة خلال شهر واحد فقط، في المقابل نحن نطالب بمستحقاتنا منهم وهم لا يتجاوبون معنا رغم ان تكلفة الادوية المستوردة من قبلنا لوزارة الصحة لا تتجاوز ال100 مليون دولار سنويا وهذا المبلغ بالمقارنة مع دوره ووظيفته لا يجوز ان يكون عبئ على احد.
ويضيف مسروجيي "نحن نقترض من البنوك واصبحنا على الهاوية و ليس لدينا القدرة على الاستيراد، اذ وصل الدين للبنوك الى 3 اضعاف راس مال شركات الادوية، وهذا خطير. ويوجه مسروجي سؤال للحكومة قائلاً "هل الدواء وصحة المواطن اولوية للحكومة"!
من جانبه يقول النجار" البلد كلها ترقيع والقصة ان وزارة الصحة تطلب من المالية ميزانيتها، لسد احتياجاتها، والمبلغ الذي تستطيع توفيره المالية تدفعه لنا، ولو ان وزارة المالية تملك ما يكفي لكانت اعطتنا القيمة المطلوبة، وما كان في ديون، لكن حسب ما بعطونا بندفع".
يبدو ان صحة المواطن ليست من اولوية الحكومة وهذا يبدو جليا عند عودتنا بالنظر الى الوراء، عندما حصلت ازمة الوقود وارتفعت مديونية الحكومة لشركات الوقود، في ذلك الوقت لم تستمر الازمة اكثر من يومين وهذا لشيئ غريب بالمقارنة مع ازمتنا الحالية المستمرة من ايام طويلة، اضاف حبش.
ويفيد السيد اسامة النجار ان الازمة ستستمر لثلاثة اسابيع قادمة ورغم ذلك وخلال هذه الفترة سيتم توريد بعض انواع الادوية المهمة .
الرقم | ماهيته |
---|---|
350 مليون ش | الديون المتراكمة على الصحة للموردين |
1.75 مليار ش | موازنة وزارة الصحة من الموازنة العامة |
100 مليون د | المبلغ المطلوب سنويا لتوريد الادوية |
%10.5 | نسبة موازنة الصحة من الموازنة العامة |
600 | عدد اصناف الادوية في فلسطين |
70 | عدد الاصناف المفقودة بسبب الازمة |
120 | عدد الايام التي يفترض على الحكومة فيها سداد ديون الموردين . |
خاص_السفير الاقتصادي
(المقابلات من برنامج 90 دقيقة في الاقتصاد على اثير راية اف ام)