رئيس التحرير: طلعت علوي

رأس المال الفلسطيني المغترب ودوره المنتظر في دفع عجلة التنمية في فلسطين

السبت | 29/08/2015 - 09:06 صباحاً
رأس المال الفلسطيني المغترب ودوره المنتظر في دفع عجلة التنمية في فلسطين

 

م. خالد يحيى *
 

ان من المعلوم والملاحظ خصوصا لدى المهتمين بالشأن الاقتصادي وأخبار المال والأعمال أن عددا كبيرا من كبريات الكيانات الإقتصادية والشركات القيادية حول العالم مملوكة لرجال أعمال فلسطينيين او من أصول فلسطينية, وبإستعراض بسيط لقوائم الأثرياء حول العالم نجد الفلسطينينين يتصدرون تلك القوائم بجدارة, ففي اخر تحديث لمجلة "الأريبيان بيزنس" لقائمة أغنى خمسين شخصية عربية نجد أن مجموع الثروات التي يملكها رجال أعمال فلسطينييون خارج فلسطين فاقت العشرين مليار دولار اذا ما اضيف اليها عشرات المليارات التي يمتلكها اخرون ممن لم ترد اسماؤهم في قائمة الخمسين الأغنى, فبإمكاننا تخيل حجم المال الفلسطيني في الخارج وقوته وتأثيره في اقتصادات دول عديدة.

ومما لا شك فيه أن هذا يعتبر انجازا يسجل لرجل الأعمال الفلسطيني الذي استطاع وفي ظل ظروف استثنائية أن يحقق كل هذا النجاح والتفوق خصوصا اذا ما علمنا أن بعض رجال الأعمال هؤلاء قد بدأ حياته المهنية موظفا بسيطا في احدى دول الإغتراب لينتهى به المطاف بفضل عوامل عديدة أهمها الجد والاجتهاد بأن يصبح أحد أعمدة الإقتصاد في تلك الدولة, ولكن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا لا يخصص جزء من المال الفلسطيني في الخارج  ليلعب دورا أساسيا في حركة السوق الفلسطينية وتنمية الإقتصاد الفلسطيني, واننا هنا لا نعني أن يمنح ذلك المال على شكل هبات ومنح لموزنة الدولة, ولكننا نتحدث عن ضخ تلك الأمول في السوق الفلسطينية من خلال استثمارات مربحة تعود على اصحابها بالنفع وتساهم فس ذات الوقت في تدعيم الإقتصاد الفلسطيني وتنميته وخلق الاف فرص العمل التي تسهم بتمكين الإنسان الفلسطيني ودعم صموده على أرضه وفي وطنه. 

 

فرص واعدة وأرباح قياسية,,
وبنظرة منصفة لوضع الإقتصاد الفلسطيني وخصوصا في ظل ما تشهده الأراضي الفلسطينية حاليا من استقرار نسبي, نجد أن السوق الفلسطينية من أفضل الأسواق الواعدة في منطقة الشرق الأوسط, فكونها ما تزال في طور النمو والتأسيس فانه ما تزال هناك حاجة ملحة للإستثمار في كثير من القطاعات الأساسية, وفي هذا الصدد نورد على سبيل المثال لا الحصر بعض النماذج من واقع ما حصلنا عليه من احصائيات من الجهات ذات العلاقة, ففيما يخص القطاع الزراعي ولنأخذ قطاع التمور على سبيل المثال فإن الإنتاج الفلسطيني من التمور لم يتجاوز الأربعة الاف طن سنويا في حين أن حاجة السوق الفلسطينية تتعدى العشرة الاف طن, ناهيك عن امكانية التصدير للأسواق الخارجية حيث من المعلوم أن التمر الفلسطيني يشهد طلبا متزايدا في اوروبا وغيرها خصوصا "المجهول" والذي يعتبر من أفضل انواع التمور حول العالم وأكثرها قيمة غذائية وبالتالي هذا المحصول وحده يوفر عشرات الفرص الإستثمارية بدأ بزراعة النخيل مرورا بالصناعات المتعلقة بتغليف التمور وتعبئتها وتصنيع المنتجات المستخلصة منها وليس انتهاءا باعادة تدوير سعف النخيل وسيقانها لانتاج الأعلاف والأخشاب. 

وبالتالي يمكن القياس أيضا على الكثير من المحاصيل الزرعية ومنها زيت الزيتون والتوت الأرضي والزهور وغيرها الكثير. وفي القطاع الزراعي ايضا يكفي أن نعلم ان أكثر من 70 بالمئة من لحوم الأبقار المستهلكة في فلسطين يتم استيرادها من الخارج وبالتالي لنا أن نتصور حجم الإستثمارات الممكنة في هذا المجال.  أما في القطاع العقاري فيبلغ حجم البناء السنوي في فلسطين حوالي الثلاثة مليارات دولار وقد فاقت ارباح المطورين العقاريين في كثير من الحالات أرباح نظرائهم في دبي التي تعتبر إحدى أهم الأسواق العقارية في العالم ان لم تكن أهمها على الإطلاق وبالتالي فإننا ندرك حجم الفرص الكامنه في هذا القطاع. وبالنظر في مختلف القطاعات الصناعية والزراعية والتجارية والخدمية نجد فرصا استثماريه مجدية ومشجعه.

في ضوء النظرة السابقة مضيفين اليها المميزات و الحوافز التشجيعية التي نص عليها قانون تشجيع الإستثمار الفلسطيني والذي  يعتبر الأفضل على مستوى الشرق الأوسط بشهادة الخبراء الإقتصاديين, بالاضافة أيضا لتوافر القوى العاملة الماهرة, وليس هناك أيضا أهم من الدور الوطني الذي يشكله الإستثمار في فلسطين باعتباره جزءا من المشروع الوطني ومقاومة الإحتلال بتكريس الوجود الفلسطيني والصمود المجتمعي, وبالتالي فان اسهام المال الفلسطيني المغترب في السوق الفلسطينية وتنميتها صار ضرورة ملحة ليس فقط للاقتصاد الفلسطيني بل للمستثمر المغترب اقتصاديا ومعنويا وانسانيا. ونختم بالمثل القائل "يا معمر بغير وطنك, لا هو الك ولا لولدك".

 

* مدير تطوير الأعمال مجموعة أسترا الصناعية استشاري التخطيط الإستراتيجي

(خاص: السفير الاقتصادي)

التعليـــقات