رئيس التحرير: طلعت علوي

أسعار النفط تتعافى قليلا رغم مؤشرات ضعف الطلب

الأربعاء | 26/08/2015 - 08:07 صباحاً
أسعار النفط تتعافى قليلا رغم مؤشرات ضعف الطلب

بقيت قرب أدنى مستوى في 6 أعوام ونصف العام
استأنفت أسواق النفط الخام تصحيح مسار أسعارها وتحقيق بعض التعافي النسبي متغلبة على فترة من الانخفاضات القياسية لترتد الأسعار في حركة تصحيحية نحو الارتفاع.
وما زالت حالة وفرة المعروض في مقابل ضعف الطلب تهيمن على أجواء سوق النفط الخام، حيث عاد النفط الصخري لتسارع الإنتاج من جديد ما أشعل المنافسة في السوق واضطرت "أوبك" أيضا لزيادة الإنتاج للذود عن حصصها السوقية.

ولا تزال أجواء ضعف مؤشرات الاقتصاد الصيني تلقي بظلالها على السوق في ضوء خسائر الأسهم وتراجع النشاط الصناعي وتقلص الصادرات وهو ما اضطر الصين لتخفيض قيمة اليوان أكثر من مرة على التوالي.



يأتي هذا في وقت أكد فيه الدكتور يروبان روسناك الأمين العام لميثاق الطاقة العالمي أن الاقتصاد الدولي يعيش مرحلة زيادة التقلب وعدم اليقين من تطورات النشاط الاقتصادي. مشيرا إلى أن أسواق النفط العالمية بصفة خاصة يغلب عليها تذبذب الأسعار.
وأكد ضرورة التغلب على ذلك بمزيد من الثقة والتعاون بين الدول سواء تم تصنيفها منتجة أو مستهلكة للطاقة.

وأشار روسناك- في تقرير اقتصادي- إلى أن التطورات المتلاحقة في سوق الطاقة تفرض مزيدا من الأعباء على تحقيق أمن الطاقة الذي تسعى له كل دول العالم.

وقال إن هناك كثيرا من الصور النمطية التي عفى عليها الزمن عن أمن الطاقة ويجب أن يدرك الجميع أن الواقع العالمي في أسواق الطاقة يؤكد حدوث تغيرات سريعة ومتلاحقة وهيكلية، إضافة إلى التحول في أنماط علاقات الطاقة الدولية.

وشدد روسناك على خطأ تسمية الدول وتصنيفها بدول منتجة أو مستهلكة للطاقة لأن خريطة الطاقة وبصفة خاصة سوق النفط العالمي قد تغيرت ولم يعد هناك خط فاصل واضح بين المنتج والمستهلك، الذي كان واضحا في الماضي والآن أصبح مبهما.

وتابع "كثير من الدول المستهلكة في الماضي أصبحت منتجة اليوم وعلى رأسها الولايات المتحدة التي تقترب من التحول إلى مصدر للنفط الخام، كما تتسارع برامج إنتاج الطاقة في عديد من الدول إلى جانب الاستكشافات الجديدة فيما يتعلق بالطاقة التقليدية، وهو ما غير خريطة العالم السابقة وبدل مراكز الدول من الإنتاج إلى الاستهلاك أو العكس".

ويقول مايكل تورنتون المحلل في مبادرة الطاقة الأوروبية لـ "الاقتصادية" إن حالة وفرة المعروض أربكت حسابات عديد من المنتجين. مشيرا إلى أن تسارع إنتاج النفط الصخري الأمريكي أدى إلى وصول الأسواق الأمريكية إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي من النفط والتوقف عن استيراد النفط الخام من الخارج.

وأشار تورنتون إلى أنه في المقابل نجد كثيرا من منتجي النفط الذين يعتمدون على الأسواق الأمريكية بالأساس مثل نيجيريا وأنجولا لا يجدون أسواقا لنفطهم ويتحولون إلى المنافسة في أسواق الصين.

وتابع أنه في ضوء الأزمة الاقتصادية في الصين والتباطؤ الاقتصادي بها أصبحت المنافسة شديدة الصعوبة، خاصة أن الصين اتخذت قرارا أخيرا بوقف استيراد نفط نيجيريا، وهو ما وضع نيجيريا بصفتها منتجا مهما وعضوا مؤثرا في "أوبك" في مأزق اقتصادي وتسويقي لإنتاجها من النفط الخام.

وأشار إلى أن الوضع أكثر صعوبة لدى منتجين كبار أخرين مثل روسيا التي فقدت قرابة نصف قيمة عملتها أمام الدولار الأمريكي خلال شهور قليلة بسبب الانخفاض الحاد في أسعار النفط، إلى جانب فنزويلا التي تضغط على كل المنتجين لخفض الأسعار واعتبرت ما يحدث حاليا بمنزلة حرب اقتصادية.

ويقول أندرياس جيني مدير شركة ماكسويل كوانت للخدمات النفطية لـ"الاقتصادية" إن التصريحات الإيرانية المستمرة عن طفرة واسعة ستقوم بها للصادرات النفطية بمجرد رفع العقوبات الاقتصادية أربكت حسابات السوق وعززت حالة تخمة المعروض خاصة في ضوء إصرار إيراني على استعادة سريعة لحصتها السوقية من مبيعات النفط الخام.

وأشار إلى أن الآمال معقودة على الدول النامية والاقتصاديات الناشئة في إسراع وتيرة الطلب على النفط الخام، وهذا إن تحقق كفيل بإعادة التوازن سريعا لسوق النفط وتضييق الهوة بين العرض والطلب وإعادة الأسعار إلى مسارها الطبيعي وتحقيق ارتفاعات جيدة.

وأوضح أن انتشار المضاربات في أسواق النفط وأسواق المال العالمية هو ما زاد عدم الاستقرار وضاعف الخسائر. مشيرا إلى أهمية العمل على زيادة الاستثمارات المتوسطة والطويلة الأجل من أجل دعم نمو الأسواق وتحجيم أنشطة المضاربة.

وأكد ضرورة أن يسعى الاقتصاد الصيني إلى التعافي السريع والتغلب على مشكلاته وأبرزها الفساد والديون المعدومة الكبيرة وبعض التوترات السياسية الناتجة عن عدم الرضا عن السياسات الحالية للحكومة الصينية.

من ناحية أخرى وفيما يخص الأسعار، تعافت أسواق النفط الخام قليلا أمس بعدما منيت بخسائر فادحة في الجلسة السابقة، ولكن الأسعار ظلت قرب أدنى مستوياتها في ستة أعوام ونصف العام بسبب تخمة المعروض، والقلق إزاء خطورة التباطؤ الاقتصادي في الصين.

وتعافت أسواق الأسهم في أوروبا أمس في حين أغلقت الأسهم في الصين على هبوط تجاوز 7 في المائة وتفاقمت موجة البيع بعد أن نزل مؤشر شنغهاي المجمع عن مستوى دعم رئيس عند ثلاثة آلاف نقطة.

وأعلنت الصين أمس خفض أسعار الفائدة في أحدث خطوة تتبناها لتحفيز النمو، ولكن لم يطرأ تغيير يذكر على سعر النفط من جراء ذلك.

وارتفع الخام الأمريكي 1.15 دولار إلى 39.39 دولار للبرميل، في حين زاد برنت 1.30 دولار إلى 43.99 دولار، بحسب ما نقلته وكالة رويترز. وأمس الأول انخفضت أسعار النفط لأقل مستوياتها منذ أوائل عام 2009 ورغم الارتفاع الطفيف اليوم فإن محللين كثيرين يرون أن العوامل الأساسية ستبقي الأسعار منخفضة.

وسجلت سلة خام "أوبك" تراجعا وبلغ سعر السلة 40.67 دولار للبرميل الإثنين مقابل 43 دولارا للبرميل في التعامل السابق.

وقال التقرير اليومي للمنظمة إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 12 خاما من إنتاج الدول الأعضاء سجل سابع انخفاض على التوالي.

وأضاف أن الانخفاض الأخير هو من أكبر الانخفاضات التي تعرض لها سعر السلة وقارب نحو ثلاثة دولارات وأن السلة فقدت منذ منتصف شهر آب (أغسطس) الجاري نحو ستة دولارات.

 

© الاقتصادية 2015

التعليـــقات