من المُرجح أن يصل إنفاق عملاء الشرق الأوسط على المحتوى الإعلامي خلال هذا العام نحو 37 مليار دولار، في حين يبلغُ الإنفاق على ترقيات الهواتف الذكية نحو 28 مليار دولار نظرًا للقفزة التي شهدتها معدلات الاستهلاك الرقمي في المنطقة، لا سيما في بُلدان الخليج العربي.
وحسبما ذكرت ديلويت توش توهماتسو، شركة الاستشارات الإدارية، فإنه كان متوقعًا أن تتخطى معدلات ترقيات الهاتف الذكي نحو 70-100 مليون وحدة للمرة الأولى عام 2015، لتُدر بذلك عوائد تتراوح بين 18 مليار دولار إلى 28 مليار دولار.
وتابعتْ شركة الاستشارات في توقعاتها للسلوكيات الرقمية في المنطقة، بأنه "في الوقت الذي يُتوقَع إجراء غالبية عمليات ترقيات الهواتف الذكية في دول مجلس التعاون الخليجي والتي تتمتع بأعلى معدلات انتشار للهواتف الذكية، فلا تزال المعدلات نفسها في مُعظم مناطق شمال أفريقيا أقل كثيرًا؛ لاسيما وأن العديد من المستخدمين حديثو عهد بالهواتف الذكية.
وفي ضوء ذلك، تتبنى منطقة الشرق الأوسط أحدث ما وصلتْ إليه التكنولوجيا التي اخترقت كل مناحي الحياة: بدءًا من الخدمات المصرفية والتفاعل مع الحكومات، وانتهاءً بأنشطة الترفيه والأعمال.
وما من برهانٍ أدلّ على أحدث ما وصلت إليه التكنولوجيا مما هو معروف بـ "إنترنت الأشياء" والذي يَمنحُ الأشخاص قدرات التحكم عن بُعد في العديد من ملامح حياتهم، مثل إيقاف تشغيل الأضواء في المنزل من خلال أجهزة التكنولوجيا القابلة للارتداء، مع تمكين جيل جديد من الأجهزة اللاسلكية في التفاعل مع بعضها البعض، الأمر الذي من شأنه المساعدة في توصيل شبكات كاملة من المدن.
"إنترنت الأشياء" أكبر العوائد المُحركة لقطاع الاتصالات
في الوقت الذي لم تنتهِ الشركات بعدُ من تسخير قوى التكنولوجيا بأسرها؛ إلا أنها تمكنت من شحن 2.8 مليار جهاز لاسلكي بتقنية "إنترنت الأشياء" على الصعيد العالمي، ومن المتوقع أن يتم شحن نحو 25 مليون من هذا النوع من الأجهزة إلى منطقة الشرق الأوسط خلال هذا العام فقط.
وفي السياق نفسه، فلن يقف الاستخدام الإقليمي لـ "إنترنت الأشياء" عند حدود مسار النمو العالمي وإنما سيتجاوزه، لاسيما وأن تقدم هذا المسار يكونُ مرهونًا بتضافُر استثمارات الحكومات والشركات كليهما في أعمال تطوير المدن الذكية في أنحاء الشرق الأوسط، جنبًا إلى جنب مع أخذ بلدان الخليج العربي بزمام المبادرة.
وبحسب شركة ديلويت، فقد كان نصيب منطقتيّ الشرق الأوسط وأفريقيا ما يربو على 30 إكسابايت (30 مليار جيجا بايت) من النقل السحابي للبيانات عام 2013، مع معدلات مُتزايدة لـ "إنترنت الأشياء"، ومن المتوقع أن يشهد هذا الرقم زيادة تصل إلى ثمانية أضعاف ليتخطى حاجز 260 إكسابايت بحلول عام 2018، محققًا بذلك أعلى معدل نقل سحابي للبيانات في العالم.
وتابعتْ ديلويت، أنه "مع دفع تقنية إنترنت الأشياء عجلة هذا النمو المُطرد في مجاليّ إنشاء البيانات والنقل السحابي، فمما لا شك فيه أن إنترنت الأشياء يُمثل أكبر مُحرك محتمل لإيرادات شركات قطاع الاتصالات مستقبلاً."
وتعكفُ الشركات الإقليمية العاملة في قطاع الاتصالات على تعزيز قدرات إنترنت الأشياء، مع سعي شركة "اتصالات" الإماراتية لإقامة شراكات دولية حول أنشطة بحث وتطوير تقنية آلة إلى آلة (M2M)، فضلاً عن تأسيس مركز تحكم آلة إلى آلة (M2M) لتقديم خدمات إنترنت الأشياء، مثل إدارة الأجهزة منذ عام 2011.
ومن بين القطاعات الأخرى المتوقع أن تحقق عظيم الاستفادة من هذه التقنيات قطاع المرافق والنقل واللوجستيات.
والشيء بالشيء يُذكر، فقد ذكرت ديلويت أن "عمليات انتشار تقنية التطوير بعيد المدى (LTE) في المنطقة قد شهدتْ تقدمًا ملحوظًا بخطى أسرع في منطقة الشرق الأوسط مقارنةً بالمملكة المتحدة، مع إقامة شراكات بالفعل للجيل الخامس من شبكات الجوال. وقد يبدو المستقبل بعيدًا أمام إنترنت الأشياء، غير أنه في واقع الأمر، قد يُشعل ثورة وشيكة في منطقة الشرق الأوسط بأسرع مما نتخيل."
معدلات إنفاق جيل الألفية
لا شك في أن زيادة مُعدلات انتشار "إنترنت الأشياء" تُسهِم في تغيير سلوكيات العملاء؛ إذ يبدو البون شاسعًا بين جيل "الألفية" -وهو المصطلح الذي يُطلق على مواليدِ ما بعد عام 1980- وبين أسلافهم من جيل الألفية السابق، مع حالة من الإعراض عن طباعة الجرائد واستخدام برامج التلفزيون الكبلي، ليحل محلها استهلاك المحتوى الإعلامي عبر الإنترنت، والذي غالبًا ما يكون مجانًا.
ومن المتوقع أن تكون منطقة الشرق الأوسط مسرحًا لنحو 125 مليون من أبناء الألفية، ومن ثم، فإنه يتعين على الشركات الاهتداء إلى طرق جديدة لاستيعاب هذا العدد الذي يُمثل 37% من توزيع السكان.
وبحسب ما ذكرت ديلويت، فإن "أبناء الألفية في منطقة الشرق الأوسط على استعداد للإنفاق على المحتوى الإعلامي، وهو القطاع الذي شهدَ نموًا إيجابيًا في الآونة الأخيرة، الأمر الذي يرجعُ إلى الأطراف الفاعلة الرئيسية في تحقيق التميز والاستجابة للاحتياجات الدائمة التطور لعُملاء الألفية ذوي التأثير الفعَّال والذكاء التقني."
الجدير بالذكر أن متوسط إنفاق كلٍ من هؤلاء يبلغ 300 دولار، مقارنةً بمعدلات إنفاق بلغت نحو 750 دولار في أمريكا الشمالية، والذي ينصب بصفة أساسية على مدفوعات الاشتراك التلفزيوني والموسيقى وألعاب الكمبيوتر.
وبحسب توقعات ديلويت، فإنه "بحلول عام 2017، من المتوقع أن تحظى السعودية بنصيب الأسد كأكبر سوق لمدفوعات الاشتراك التلفزيوني في منطقة الشرق الأوسط مع حصيلة إيرادات سنوية تُقدَّر بنحو 466 مليون دولار في السعودية، مقارنةً بنحو 258 مليون دولار و258 مليون دولار في كلٍ من الإمارات ومصر على الترتيب."
ومع ذلك، لا تمثل نسبة مدفوعات التنزيلات الموسيقية القانونية سوى 11%؛ إذ تبلغ قيمة سوق الموسيقى في منطقة الشرق الأوسط أقل من 2 مليار دولار، مقارنة بـ 15 مليار دولار في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها.
وفي السياق ذاته، توضح ديلويت أن "معدلات الإنفاق المنخفضة في هذه الفئة تُعزى بشكل كبير إلى مدى توافر التنزيلات المجانية الموسيقية، إضافة إلى معدلات الوصول المحدود لموسيقى البث المباشر، والتي ترتكز بشدة في الإمارات."
وفي الوقت الذي قد يجدُ أبناء الألفية غضاضة في إنفاقهم على الموسيقى، إلا أنهم يدفعون نظير الحصول على الألعاب عن طيب خاطر. كذلك من المتوقع أن تبلغ معدلات إنفاق جيل الألفية الجديد نحو 1.7 مليار دولار على ألعاب الجوال وحدها هذا العام، لتكون بذلك هذه الفئة هي الأسرع نموًا إقليميًا وعالميًا.
وفي ضوء ما سبق، فقد نجحَ سوق الألعاب عبر الإنترنت في استقطاب أكثر من 66% من مُستخدميّ الإنترنت في السعودية، مما يشير إلى تزايُد مُعدلات الطلب على هذه الخدمات. وتتوقع "ديلويت" أن يدفع مستخدمو الهواتف الذكية ما يصل إلى 26 دولار على التطبيقات شهريًا، وعلى رأسها الألعاب، لا سيما مع إتاحة محتوى زاخر محليًا وإقليميًا.
© Zawya 2015