رئيس التحرير: طلعت علوي

العملة البلاستيكية

السبت | 04/04/2015 - 09:02 صباحاً
العملة البلاستيكية

إبراهيم دشتي


تصدر العملة الورقية من المطبعة بصورة أنيقة وجذابة بألوانها الزاهية، ولكن بعد اشهر قليلة تتحول الى مجرد أوراق مهترئة رثة المظهر نتيجة سوء استخدام بعض الناس لها اثناء التداول، اذ لا تحلو لهم كتابة رسائل الغرام وتهاني الاعياد وطلبات المنزل الا على اوراق النقد، وبعضهم يمارس هواية الرسم والتوقيع عليها أو يستخدمها كأجندة لتقييد مواعيده، ناهيك عن تلوثها بالزيوت والدهون والعرق والأتربة بسبب انتقالها من يد الى اخرى، حتى تصل مع الوقت الى مرحلة تعاف فيها النفس من امساكها!


وقد حاول بعض الدول ايجاد علاج لظاهرة تلوث العملة الورقية من خلال توعية المواطنين للرفق في التعامل معها، ولكن من دون جدوى، اذ لم يستجب لهذا النداء سوى فئة قليلة من الناس، وشرعت اليابان الى حل آخر وهو غسل العملة ببعض المساحيق الخاصة حتى تظل نظيفة ولكن يشترط في هذا الحل ان يتم قبل استهلاك الورقة نفسها.


وبعد كل هذه المحاولات اليائسة جاء الحل البديل والامثل من استراليا في استخدام العملة البلاستيكية، التي اثبتت تفوقها على العملة الورقية التقليدية كونها اكثر متانة منها، وعمرها الافتراضي يزيد اربع مرات عن عمر تداول العملة الورقية، كما انها تحتوي على عناصر حماية اكثر تطورا ويصعب تزويرها، اضافة الى ان خيط الامان الخاص بها لا يمكن نزعه أو تقليده، بعكس العملة الورقية التي يمكن نزع خيط الامان لأي عملة ووضعه في عملة ذات قيمة اعلى.


كذلك تظل العملة البلاستيكية نظيفة دائما ولا تعلق بها الاتربة والميكروبات ولا تنقل الامراض خلال تداولها كما اكدت ذلك منظمة الصحة العالمية، ولا يمكن تلويثها او الكتابة عليها، اضافة الى انها سهلة الميكنة ويمكن تحويلها الى منتجات بلاستيكية اخرى بعد انتهاء عمرها الافتراضي.


ونظرا لكل هذه المزايا المتوافرة في العملة البلاستيكية، فقد اتجه العديد من دول العالم الى استخدامها كي تحد من عمليات تزييف العملة، الى جانب التوفير في التكاليف التي تتكبدها هذه الدول سنويا جراء سحب العملات القديمة التالفة والملوثة من الاسواق وطرح عملات جديدة بدلا منها.


ولذلك فقد حان الوقت للبدء في استخدام العملة البلاستيكية في البلاد لتفوقها على العملة الورقية في نواح كثيرة كما ذكرنا آنفا، ولكن يجب ان تخضع عملية الاستخدام الى دراسة متأنية تتناول فيها سلبيات ومعوقات التطبيق ومحاولة الاستفادة من الخبرة الاسترالية في هذا المجال، لأنها - أي استراليا - اول دولة استخدمت هذه العملة وتمتلك المصنع الوحيد على مستوى العالم لانتاج العملة البلاستيكية، الى جانب ضرورة تهيئة النظام المصرفي في البلاد للتعامل مع هذه العملة الجديدة لأنه يحتاج في هذه المرحلة الانتقالية الى تغيير مكائن العد وكشف التزوير والسحب الآلي.


في النهاية أنا متفائل كثيرا بأننا سوف نستخدم العملة البلاستيكية في البلاد، ولكن في زمن ستطغى فيه التكنولوجيا على تعاملات الناس بشكل كبير وربما ستحل بطاقات الائتمان محل اوراق النقد، وقد تصل الى مرحلة لا تقبل فيها استخدام العملة الورقية او البلاستيكية حتى عند صاحب البقالة!
 

alqabas.com

التعليـــقات