رئيس التحرير: طلعت علوي

وقاحة وصلف إسرائيلي غير مسبوق من انضمام فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية

السبت | 17/01/2015 - 04:44 مساءاً
وقاحة وصلف إسرائيلي غير مسبوق من انضمام فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية

بسبب الدعم والتأييد الأميركي المطلق

محمد خضر قرش – القدس


وصف التصريحات الرسمية الإسرائيلية التي صدرت في أعقاب قرار فلسطين تقديم طلب الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية بالحمقاء والساذجة والغبية، غير كافية ولا تعكس حقيقة الموقف.فهي لا تخرج عن كونها وقاحة وصلف وابتزاز ومحاولة استهبال الفلسطينيين والعرب بل والعالم أجمع. وحتى الوصف الأخير لا يعبر تماما عن حقيقة سلوك وتصرفات الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة وخاصة الحالية منها برئاسة نتنياهو.وعليه لا يمكن تفسير هذا السلوك المستهجن والمتعاكس مع رغبات شعوب ودول العالم بدون الوقوف مليا أمام الأسباب الحقيقية لهذه الوقاحة الناجمة عن التأييد الأميركي الأعمى والمطلق لكل ما تفعله وتمارسه إسرائيل أو يصدر عنها سواء كان ضد منظمة التحرير أو ضد اتفاقية أوسلو أو معارضتها لتطبيق قرارات مجلس الأـمن الدولي أو رفضها وقف الاستيطان أو معارضتها للاستقلال الوطني والانعتاق والتخلص من براثن الاحتلال الإسرائيلي البغيض.

فالولايات المتحدة الأميركية تتخذ مواقف جوهرها وفحواها الحقيقي دعم العدوان الإسرائيلي وبقاء الاحتلال وتوسيع الاستيطان ومصادرة الأرض الفلسطينية وهدم العقارات وتبييض الوجه البشع للاحتلال الإسرائيلي وحمايته من خلال استخدام الفيتو المتكرر ضد الفلسطينيين فقط والذي تجاوز 41 مرة ضد مشاريع القرارات الدولية التي تطالب إسرائيل بالانسحاب من الأراضي التي احتلت عام 1967 وفرض العقوبات عليها وعدم شرعية الاستيطان وتهويد القدس والمقدسات واللاجئين .فلولا الدعم الأميركي المطلق لما استطاعت أو تمكنت أو تجرأت إسرائيل الاستمرار بسياستها العدوانية والاستخفاف بالمجتمع الدولي وتجاهل القرارات التي تصدر عن مجلس الأمن والجمعية العامة بما فيها تقرير جولد ستون المتعلق بالجدار العنصري. 

 
الانضمام لعضوية المحكمة حق لفلسطين
في تبريره لعدم قبول فلسطين عضوا في المحكمة الجنائية الدولية قال الرئيس الأميركي باراك أوباما في المحادثة الهاتفية التي أجراها مع نتنياهو يوم الثلاثاء الماضي "بان فلسطين غير مؤهلة لعضوية المحكمة الجنائية لكونها دولة غير مستقلة بعد وان القرار الفلسطيني يعتبر أحادي الجانب ولا يساعد على تحقيق السلام مع إسرائيل وأنه سيقوض الثقة بين الفلسطينيين وإسرائيل" بالإضافة إلى أنه ليس من حقها الانضمام؟! لم أسمع أو أقرأ بحياتي تبريرا هابطا ومعوجا ومنحازا ومنحرفا ومنافقا وبعيدا عن جادة الصواب والحق والحقيقة كالذي صدر عن الرئيس الأميركي أوباما.

ففلسطين الدولة المسالمة والساعية للاستقلال والحصول على حقها بالالتحاق بالمنظمات الدولية صبرت وتحملت ما لم تتحمله دولة في العالم قط. فموعد الاستقلال والتحرر الفلسطيني من قهر وبطش الاحتلال الإسرائيلي،قد حدد في شهر أيار 1999 وفقا لاتفاقيات أوسلو وما تبعها برعاية أميركية كاملة، لكن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة المدعومة أميركيا بلا حدود أو سقوف أو حتى تحفظات فعلية، أغلقت كل الطرق أمام الحلول السياسية على مرأى ومسمع العالم اجمع دون أن يصدر رد فعل أميركي مستنكرا أو محتجا أو شاجبا. فأيهما أحق بالتأييد والدعم والمساندة، الدولة الساعية للسلام والحق والعدل أم الدولة الباغية المعتدية ؟ أيهما أحق بالوقوف إلى جانبها ومساعدتها الدولة التي تذهب إلى الهيئات الدولية لتطالب بحقوقها وإنصافها أم الدولة التي لم تحترم يوما قرارا للأم المتحدة ولم تنفذ أي اتفاقية حتى لو كان الرئيس الأميركي بنفسه شاهدا وموقعا عليها؟ أيهما المؤهلة أكثر ولها الحق بالانضمام والانتساب للمنظمات الدولية، الدولة التي تنبذ العنف والإرهاب وتعلن قبولها بالشرعية الدولية أم الدولة التي تمارس الإرهاب وتنشر في الأرض الفساد وترفض كل قرارات الشرعية الدولية؟ أيهما أحق بالحصول على الدعم والمساندة والتأييد الدولة التي تُحتل أراضيها ويبنى عليها المستوطنات غير الشرعية التي تتعارض كليا مع المعاهدات والمواثيق الدولية وتُصادر حقوقها وتُحجز أموالها وتُقسم أراضيها إلى مناطق ( أ،ب ،ج) وتُقطع أوصالها وتُنتهك حرية العبادات فيها،بالإضافة إلى حرمانها من بناء اقتصادها والعيش بأمان وسلام،أم الدولة المعتدية والمحتلة لأراضي الغير والتي بفعل التأييد الأميركي الأعمى لها جعلتها دولة فوق القانون الدولي لا تُحاسب على جرائمها مهما ارتكبت من فواحش وإرهاب موثق بالصوت والصورة؟ أيهما أحق بالوقوف معه ودعمه ومساندته رئيس الدولة الذي يصرح بأن حل الصراع مع إسرائيل المحتلة للأرض لن يكون إلا عبر المفاوضات والأمم المتحدة ومجلس الأمن والمنظمات الدولية وأن لا مجال لانتفاضة ثالثة،رغم معارضة معظم الشعب الفلسطيني وأحزابه السياسة لذلك،أم رئيس حكومة الاحتلال الذي يمارس العنف والإرهاب ويأمر بقتل الأطفال ويمارس جيشه المدجج بالسلاح هواية الحروب بمعدل كل 3 سنوات عدوانا ويستخدم فيها الأسلحة الأميركية الحديثة ضد الفلسطينيين المدنيين ويدمر البيوت والمؤسسات في غزة والضفة ولبنان ومصنع العمال في ابوزعبل ومدرسة بحر البقر الابتدائية في مصر وغيرها كثير! لعلنا هنا نسأل الولايات المتحدة الأميركية أليس الاستيطان تصرفا أحادي الجانب!أو أليس مصادرة الأراضي وهدم البيوت تصرفا أحادي الجانب أيضا!!

أو أليس تجميد الأموال الفلسطينية ومنع تحويلها يعتبر تصرفا أحادي الجانب إلى جانب كونه بلطجة وزعرنة!أو أليس رفضها تنفيذ قرارات الشرعية الدولية تمردا على الأمم المتحدة ومجلس الأمن الذي اعترف بدولة إسرائيل عام 1948!!أو ليس محاولات تهويد القدس وتغيير معالمها العربية تصرفا أحادي الجانب!! فلا يكفي أن نصف السلوك الإسرائيلي عقب انضمام فلسطين لعدد من المنظمات الدولية بأنه وقاحة وصلف واستهتار بعقول الناس،فهو يتجاوز ذلك فهو يعتبر عدوانا مباشرا على الشعب الفلسطيني لمنعه من ممارسة حقه في العيش بكرامة بعيدا عن الهيمنة والسطو والاحتلال بمساندة أميركية رسمية كاملة. الولايات المتحدة وإسرائيل تتصرفان كمن يرى الشعرة أو القشة في عيون غيره ويتجاهل الخشبة التي تدمي عينيه الاثنتين.كل ما تقوم به إسرائيل قانوني وصحيح حتى لو كان يتضمن مصادرة الأرض وبناء الاستيطان وقتل الأطفال وحرق بعضهم وهدم البيوت وفقا للمنطق الأميركي الإسرائيلي، وبالمقابل فأن كل ما يقوم به الفلسطينيون غير قانوني ويعتبر تصرفا أحادي الجانب ولا يخدم السلام ويقوض الثقة حتى لو كان للدفاع عن حقهم في الحياة وبناء مستقبلهم وإقامة دولتهم المستقلة بالطرق السلمية عبر مجلس الأمن الدولي . فقديما قالوا القوي عايب ولا يرى إلا ما يملكه من أدوات القوة والبطش والتأييد والدعم اللا محدود من الدولة الراعية للمفاوضات.الولايات المتحدة الأميركية كانت وما زالت تقف ، وهذا هو حالها دائما، مع كل معتدي وغاصب ومُحتل وضد حق الشعوب في تقرير المصير.

هذا هو الستار أو الجدار الذي تحتمي وراءه إسرائيل وتستند إليه في كل حروبها وعملياتها العدوانية ضد الشعب الفلسطيني، ولولا الدعم والمساندة الأميركية لإسرائيل لما تمكنت من الغلو في الأرض وارتكاب الفواحش والآثام،وهنا بالذات يمكن فهم الوقاحة والصلف الإسرائيلي غير المسبوق الذي تمارسه ضد حق الشعب الفلسطيني بالعيش بسلام وحرية وأمان.ووفقا للمنطق الأميركي فأن استمرار الاحتلال وإقامة المستوطنات وهدم البيوت وقتل الأطفال ومصادرة الأراضي لا يقوض الثقة ويخدم السلام كما أنه لا يعتبر تصرفا أحادي الجانب ؟؟ ذلك هو المعيار المقلوب والأعمى الذي تمارسه الولايات المتحدة الأميركية وتردده بوقاحة منقطعة النظير، تفوق وقاحة نتنياهو والحكومات الإسرائيلية المتعاقبة. ولعل المكالمة الهاتفية التي تمت بين أوباما ونتنياهو سالفة الذكر تؤكد وتثبت ما ذهبنا إليه، حيث انه لم يطلب منه وقف الاستيطان والانسحاب وتطبيق قرارات مجلس الأمن الدولية ووقف القتل والإرهاب وتهويد القدس وهدم البيوت، كان كل همه مركزا في جانب واحد هو :أن فلسطين غير مؤهلة لعضوية المحكمة الجنائية وليس من حقها فعل ذلك وضمان عدم قدرة إيران على إنتاج قنابل نووية في المستقبل ،مع العلم بأن إسرائيل هي الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تملك أسلحة التدمير الشامل من كل الأنواع والوحيدة التي تحتل أراض الغير. حقا إذا لم تستح فافعل ما شئت وهذا بالضبط ما يفعله أوباما ونتنياهو.

التعليـــقات