أقفلت أسواق الأسهم لدول مجلس التعاون الخليجي العام 2014 على تراجع مقارنة مع بداية العام. حيث شهدت الأسواق انتعاشاً لمعظم العام 2014 بدعم من قوة الأوضاع الاقتصادية. إلا أن تراجع أسعار النفط في وقت لاحق تسبب في تراجع أداء الأسواق العالمية وأسواق دول الخليج بشكل كبير ما أدى إلى محو معظم الأرباح. فقد أقفل مؤشر ستاندرد ان بورز لدول مجلس التعاون بارتفاع بواقع 1٪ فقط خلال العام بعدما كان قد ارتفع بواقع 23٪ خلال الأرباع الثلاثة الأولى من العام. وقد استقرت القيمة السوقية لأسواق دول مجلس التعاون عند تريليون دولار بعد أن سجلت زيادة بواقع 89 مليار دولار في العام 2014.
وكانت أسواق الأسهم لدول مجلس التعاون الخليجي قد سجلت انطلاقة قوية في بداية العام 2014، إذ ساهم تحسن الأوضاع الاقتصادية والمالية في معظم دول مجلس التعاون الخليجي بدعم من ارتفاع أسعار النفط، في جعلها أسواق جاذبة، لاسيما عند مقارنتها مع الأسواق الناشئة التي استمرت بالتراجع. وقد استفادت الأسواق الإقليمية من إعادة تصنيف أسواق الإمارات وقطر من الأسواق الأولية الى الأسواق الناشئة.
وبحلول منتصف العام، شهدت الأسواق تراجعاً كان منتظراً خلال منتصف العام وذلك نتيجة زيادة المخاوف بشأن الأوضاع الجيوسياسية في العراق ودول أخرى بالإضافة إلى بعض العوامل السوقية. ولكن بحلول نهاية الربع الثالث من العام 2014، شهدت أسواق الأسهم الخليجية أداءً قويا مع تحقيق مكاسب سنوية بلغت 50٪ و32٪ للإمارات وقطر على التوالي و23٪ لمؤشر "ستاندرد ان بورز" لدول مجلس التعاون الخليجي. في الوقت نفسه، ارتفع مؤشرا "ستاندرد ان بورز 500" و"ستاندرد ان بورز" للأسواق الناشئة بواقع 7٪ و3٪ على التوالي.
لكن الأسواق عادت وسجلت تراجعا حادا في الربع الأخير من العام 2014، ما أدى إلى محو معظم الأرباح التي تم تسجيلها في الفترة الأولى من العام. فقد أدى تراجع أسعار النفط بواقع 50٪ إلى بروز العديد من المخاوف بشأن الأوضاع المالية وأسعار التعادل للنفط والأثر الذي قد يواجهه الإنفاق الحكومي. وأصبحت تلك الأمور محط اهتمام المستثمرين، وتركت أثراً على أسواق المنطقة. وقد تراجع مؤشر "ستاندرد ان بورز" لدول مجلس التعاون الخليجي بواقع 18٪ خلال الربع الأخير من العام. كما ازدادت حدة التقلبات مقارنة مع الأرباع الثلاثة الأولى من العام.
وقد خيم هذا التراجع في الأخير من العام على جميع الأسواق الخليجية، ولكن بدرجات متفاوتة، إذ تراوح ما بين 21٪ في دبي إلى 4٪ في البحرين. ومن الممكن أن تكون القيم المرتفعة في بعض الأسواق قد لعبت دورا في تحديد حجم التصحيح فيها. فعلى سبيل المثال، ارتفع مؤشر دبي بواقع 50٪ خلال الأرباع الثلاثة الأولى من العام فيما سجل مؤشر البحرين ارتفاعا أكثر اعتدالا بلغ 18٪.
وتفسّر التقلبات أيضاً تفاوت حجم الخسائر التي تكبدتها أسواق المنطقة خلال الربع الأخير من العام 2014. فقد واجهت معظم هذه الأسواق تقلبات مماثلة في السابق. لكن سوق دبي لطالما شهد مستويات عالية من التقلبات، وهو ما يفسر ردة فعل السوق الملحوظة على تراجع أسعار النفط.
كما إن اختلاف الوضع المالي بين الدول الخليجية قد يكون سببا في تفاوت حجم الخسائر في أسواقها. فالأسواق التي تمتلك احتياطات وفيرة (تقاس بنسبة صافي الاحتياطات من الناتج المحلي الإجمالي)، بما فيها أسواق قطر وأبو ظبي والكويت، قد شهدت تراجعاً أقل مقارنة بالأسواق الأخرى ذات الأوضاع المالية الأقل قوة خاصة أسواق دبي وعمان، حيث استطاعت هذه الاحتياطات أن تشكل مصدر دعم خلال فترة تراجع أسعار النفط.
ويفسّر التفاوت أيضاً بالوزن الذي تمثله شركات النفط والغاز في أسواق الأسهم. ويظهر هذا جلياً في السوق السعودي، حيث تستحوذ شركات النفط والغاز على 19٪ من القيمة السوقية، ما أدى إلى تسجيل السوق السعودي ثاني أسوأ أداء بعد سوق دبي. وكذلك الحال بالنسبة للسوق العماني الذي سجل ثالث أسوأ أداء بين الأسواق. وفي المقابل، سجل سوق البحرين أقل الخسائر نتيجة التنويع الاقتصادي وعدم إدراجها لأي من شركات النفط والغاز، رغم أن الوضع المالي للبحرين هو الأقل قوة بين أقرانها.
من جهة ثانية، شهدت مستويات السيولة في السوق ارتفاعا خلال العام 2014، وكان ذلك أكثر وضوحاً في الإمارات وقطر في الوقت الذي يترقب فيه السوقان رفع تصنيفهما إلى الأسواق الناشئة. وقد بلغ متوسط التداول اليومي في أسواق دول مجلس التعاون الخليجي 2.8 مليار دولار في الربع الأخير من العام 2014 مرتفعاً بواقع 56٪ مقارنة بالربع الرابع من العام 2013.
نشاط الأسهم الكويتية يتبع وتيرة الأسواق الإقليمية
لقد جاء أداء سوق الكويت للأوراق المالية مشابهاً إلى حد ما لأداء الأسواق الإقليمية خلال العام 2014. ولكن انتعاش السوق ثم تراجعه لم يظهرا بالدرجة نفسها التي سجلتها بعض الأسواق الأخرى. فقد أغلق المؤشر الوزني للسوق بتراجع بواقع 3.1٪. وقد شهدت الأسهم الأصغر تراجعاً أكبر كما يظهر في المؤشر السعري الذي تراجع بواقع 13.4٪ في العام 2014. وقد تراجعت القيمة السوقية بواقع ربع مليار دينار لتنهي العام عند 29.5 مليار دينار. كما تراجعت مستويات التداول أيضاً في العام 2014 مقارنة بالعام الماضي. ومن جانب آخر، تحسن الاهتمام الأجنبي بالسوق المحلي بشكل ملحوظ وذلك نتيجة ارتفاع وزن السوق الكويتي وفق بعض معايير الأسواق الأولية.
وقد سجل سوق الكويت للأوراق المالية أرباحاً جيدة خلال معظم العام 2014 بدعم من قوة الأوضاع الاقتصادية. ومن المتوقع أن يحافظ النمو الاقتصادي على تسارع وتيرته بدعم من الإنفاق الحكومي والخطة الخمسية للتنمية. وقد كان المؤشر الوزني قد ارتفع، قبل التراجع الذي سببه انخفاض أسعار النفط، بواقع 9٪ منذ مطلع العام، كما سجل السوق مكاسب بنحو 3 مليارات دينار في القيمة السوقية. وعقب انخفاض أسعار النفط، تراجع كل من المؤشر الوزني ومؤشر "كويت 15" بواقع 11.2٪ و12٪ على التوالي، كما تراجع المؤشر السعري بواقع 14.3٪. كما زاد اعتدال أرباح الشركات من الضغط على أداء السوق.
وقد تباين الأداء في مختلف القطاعات، حيث سجل قطاعا السلع الاستهلاكية وقطاع التأمين أفضل أداء مع ارتفاعها بواقع 11.3٪ خلال العام. في المقابل، سجلت أسهم شركات الإتصالات أضعف أداء متراجعة بواقع 17.7٪. بينما أنهى قطاع البنوك العام بارتفاع قدره 0.8٪.
كما تراجعت أيضاً مستويات التداول خلال العام 2014. فقد بلغت قيمة التداول اليومي 29 مليون دينار في المتوسط خلال العام 2014، متراجعة بواقع 44٪ على أساس سنوي.
من الواضح أن هذا العام قد استفاد من زيادة تدفقات الأموال الأجنبية في السوق. حيث تشير بيانات مستويات التداول الشهرية إلى أن حصة المشترين غير الكويتيين قد بلغت 15٪ في المتوسط خلال الأشهر الإحدى عشرة الأولى من العام مقارنة مع 9٪ في المتوسط للعام 2013 (لم تتوفر بعد الآن البيانات الخاصة بشهر ديسمبر). أحد العوامل لذلك هو زيادة وزن الكويت في الأسواق الأولية بعد رفع أسواق الإمارات وقطر إلى مرتبة الأسواق الناشئة.