رئيس التحرير: طلعت علوي

50 مليون عربي عاطل حتى 2020 والتنظيمات الإرهابية الرابح الوحيد

الثلاثاء | 30/12/2014 - 08:48 صباحاً
50 مليون عربي عاطل حتى 2020 والتنظيمات الإرهابية الرابح الوحيد

نسبة البطالة الأعلى عالميًا في الشرق الأوسط

 

تصاعدت حدة التحذيرات مؤخرًا من خطورة أزمة البطالة في دول المنطقة العربية والظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي يعاني منها الشباب بالمنطقة، ووفقا لتقرير صادر عن المركز الدبلوماسي للدراسات الإستراتيجية أكد أن معدلات البطالة ارتفعت في عدد من الدول العربية في نهاية عام 2013 لتصل إلى نحو 22 مليون عاطل عربي.

الأمر الذي يتطلب ضخ نحو 70 مليار دولار لرفع معدلات النمو الاقتصادي في الدول العربية وذلك لتوفير ما لا يقل عن 5 ملايين فرصة عمل سنويا، في ظل توقعات لوصول عدد الشباب العاطل إلي 50 مليون حتى العام 2020.

الخطر الأكبر لأزمة البطالة وما يعانيه الشباب من ظروف معيشية صعبة يكمن في جعله صيداً سهلاً للتنظيمات المتطرفة، مثل تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" الذي يقدم إغراءات مادية كبيرة لمن ينضمون إليه من الشباب، حيث تشير بعض التقارير الصحفية إلى أن "داعش"ينفق بسخاء منقطع النظير، ويعرض فرصا للعمل بأعلى الأجور لنوعيات معينة من المهنيين غير المقاتلين، وبالتحديد المهندسين الذين يستخدمهم في تشغيل مواقع إنتاج البترول التي ستولى عليها، والأطباء الذين يستغلهم في علاج جرحاه ومصابيه في حروبه التي يقوم بها، وغيرهم من الشباب الذين يستخدمهم التنظيم.

قوة العمل

قال البنك الدولي - في تقرير صدر ديسمبر الجاري- أن الحد الأدنى لخسائر دول شرق البحر المتوسط من الدخل بسبب اتساع نفوذ تنظيم "داعش" في العراق واستمرار الأزمة السورية بلغ 35 مليار دولار حتى منتصف عام 2014.

أضاف التقرير أن هناك انخفاضا في حجم قوة العمل ومهاراتها بسبب الوفيات وخروج اللاجئين من البلاد، وتدمير البنية التحتية وارتفاع تكلفة ممارسة أنشطة الأعمال في مناطق الصراع.

وتحملت بلدان أخرى بالمنطقة خسائر في متوسط نصيب الفرد من الدخل لكنها لم تشهد تراجعا في إجمالي الناتج المحلي بسبب التأثيرات المباشرة للحرب. إذ أسفر تدفق اللاجئين على لبنان والأردن وتركيا عن تعزيز الاستهلاك والاستثمار وزيادة المعروض من العمالة ومن ثم حجم اقتصاد هذه البلدان المستقبلة للاجئين.

يقول هاني أبو الفتوح رئيس شركة الراية للاستشارات والتدريب أنه على الرغم من تمتع منطقة الشرق الأوسط باحتياطيات هائلة من البترول والغاز الطبيعي الذي جعلها مصدرا حيويا للاستقرار الاقتصادي العالمي.إلا أنها من أعلى معدلات البطالة في العالم.

"السبب الرئيسي للبطالة بين الخريجين، إما عدم ارتباط المهارات التي اكتسبوها خلال مراحل التعليم باحتياجات سوق العمل، أو المحسوبية التي لا تزال تهيمن على اقتصاديات المنطقة، أو عدم وجود القدرة سوق العمل على استيعاب القوى العاملة المتعلمة والماهرة على نحو متزايد". كما يشير أبو الفتوح.

حرب سوريا وداعش أضرت بمستويات المعيشة بدول المنطقة، حيث انخفض متوسط نصيب الفرد من الدخل 11 في المائة في لبنان و1.5 في المائة في تركيا ومصر والأردن، مقارنة بالمستويات التي كان يمكن تحقيقها لو لم تنشب الحرب. كما يشير تقرير البنك الدولي.

"سوق العمل في منطقة الشرق الأوسط والدول العربية يعاني من اختلالات هيكلية، فمستوي الخريجين لا يتناسب مع احتياجات سوق العمل، مما يخلق حالة من عدم التوازن بين سوق العمل والتعليم" وفق ما قاله الدكتور عبد المطلب عبد المجيد أستاذ الاقتصاد ومدير مركز البحوث بأكاديمية السادات، مشيرا إلى أن العامل في الوطن العربي يحتاج إلى التدريب واكتساب مهارات اللغة والحاسب الآلي، بالإضافة إلى التنمية البشرية التي تنمي لديه الدافعية للعمل والتعامل مع متطلبات سوق العمل.

تجنيد العاطلين

رئيس الوزراء الأردني الأسبق العين سمير الرفاعي حذر من قيام تنظيم "داعش" باستقطاب الشباب الأردني، عبر استغلال احتياجاته. وأكد الرفاعي، في تصريحات صحفية سابقة ، أن "داعش" لن يشكل أي تهديد للأردن، إن تمت معالجة نقاط الضعف التي قد يؤتى منها الشباب، وعلى رأسها"البطالة".

رأي الرفاعي يتفق مع ما كشف عنه بحث ميداني أجراه "مرصد الشمال للدراسات والأبحاث وحقوق الإنسان" بالمغرب، من أن المغاربة الملتحقين بصفوف الجماعات المسلحة في سوريا والعراق ينتمي أغلبهم لفئات اجتماعية هشة، وطبقة اجتماعية متدنية بأحياء شعبية، تعاني البطالة، والإقصاء والتهميش الاجتماعي .

أضاف هاني أبو الفتوح " أن الفشل في توظيف الشباب هو من المخاطر التي تهدد المستقبل في الشرق الأوسط ولا ينحصر الخطر في انخفاض النمو الاقتصادي في الوقت الحالي، بل قد يؤدي إلى اندفاع الشباب إلى التطرف والانضمام إلى التنظيمات التكفيرية".

خلص بحث مرصد الشمال للدراسات والأبحاث أيضاً إلى أنه من بين العوامل غير المباشرة في هجرة المقاتلين من شمال المغرب هو التهميش الذي عرفته منطقة الشمال من طرف السلطات المركزية، وعدم استفادة أبنائه مما تعرفه المنطقة من برامج للتنمية.

تصاعد مقلق

تشير إحصائيات البنك الدولي إلى أن معدلات البطالة بين الشباب في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط هي الأعلى في العالم و تصل إلى 27?. وبالنظر إلي معدلات البطالة بين الشباب في المنطقة العربية نجد أنها تصل إلي 19% بالمغرب، وأكثر من 22 في المائة في الجزائر ولبنان و25 في المائة في مصر، وما يقرب من 30 في المائة في الأردن والمملكة العربية السعودية، وحوالي 40 في المائة في الأراضي الفلسطينية المحتلة وأكثر 42 في المائة في تونس. كما يضيف رئيس شركة الراية للاستشارات و التدريب.

الدكتور مجدي عبد الفتاح أستاذ الاقتصاد والخبير المصرفي يرى أن "ثورات الخريف العربي"- على حد تعبيره- ساهمت في زيادة معدلات البطالة ببعض الدول العربية، موضحاً أن هناك الكثير من الشركات والمصانع أوقفت التوسعات، بل واتجهت إلى تخفيض الإنتاج بسبب حالة عدم الاستقرار الأمني والسياسي، وتوقف الاستثمار الأجنبي عن ضخ استثماراته في السوق المحلي، ويزداد الأمر سوءً في الدول التي ما زالت تشهد صراعاً مثل سوريا واليمن وليبيا.

أشار تقرير المركز الدبلوماسي للدراسات الإستراتيجية إلى أن مشكلة البطالة تضاف إلى التحديات التنموية التي تواجه الدول العربية، كون معدلات البطالة فيها الأعلى في العالم، ولأن قوة العمل العربية تنمو بمعدل أسرع مقارنة بأقاليم العالم الأخرى، مما يتطلب إيجاد حلول سريعة وناجعة لمشكلة البطالة في الدول العربية. وهو ما يلقي بظلاله على النشاط الاقتصادي في المنطقة العربية، وتراجعت معه معدلات النمو الاقتصادي للدول العربية إلى 2.6 في المائة في 2013.

أوضح أن من أهم أسباب ظاهرة البطالة في الوطن العربي معدل النمو السكاني المرتفع وعدم مواكبة النظام التعليمي العربي لمتطلبات سوق العمل، وتراجع نسبة نمو الناتج القومي الداخلي الإجمالي ، وتطبيق سياسات الانفتاح الاقتصادي في العديد من الدول العربية ، وما صاحبها من تطبيق لبرامج الخصخصة، ما أدى إلى تسريح أعداد كبيرة من العاملين.

العلاج

هاني أبو الفتوح يقول "هناك وظائف تجد إقبالا بمنطقة الشرق الأوسط تتمثل في البنوك والخدمات المالية، المقاولات والإنشاءات، الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، النفط والغاز، التجزئة الاستهلاكية، الضيافة، الاستشارات بالترتيب التنازلي" .مشيرا إلى أن هناك قطاعات قادرة أكثر على خلق الوظائف وهي بالترتيب: الرعاية الصحية، الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، التجزئة، الضيافة، النفط والغاز، الخدمات اللوجستية، المقاولات والإنشاءات، العقارات، البنوك والخدمات المالية.

أكد مجدي عبد الفتاح أن طرح مشروعات قومية كبرى مثل مشروع قناة السويس الجديدة في مصر وتنمية محور القناة، سيساهم بشكل كبير في امتصاص جزء من البطالة.

أضاف أيضا " الاهتمام بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وإنشاء بنك متخصص في هذا المجال يقوم على فكر جديد، وهو تبني أفكار ومشروعات الشباب، بداية من دراسة الجدوى وعملية التسويق وفتح أسواق جديدة لمنتجاتهم ، كلها عوامل تساهم في معالجة تلك القضية"

طالب عبد الفتاح بتمليك الأراضي الصحراوية للشباب، ومساعدتهم على استصلاحها، وإنشاء مشروعات زراعية بالمشاركة بين الشباب والقطاع الخاص أو الدولة، بما يؤدي إلى الحد من البطالة، إلى جانب مساعدة المصانع المتعثرة في العودة إلى العمل، وانتهاج التدريب التحويلي للخريجين بما يتماشى مع سوق العمل.

على صعيد آخر حذر الدكتور عمر الحسن مدير مركز الخليج للدراسات الإستراتيجية في لندن من مخاطر تزايد العمالة الأجنبية في الدول العربية، وخاصة دول الخليج. مطالبا بضرورة وضع خطة من قبل منظمة العمل العربية بالتعاون مع وزراء القوي العاملة في الدول العربية، تعمل على إحلال العمال العربية محل العمالة الأجنبية.

أشار الحسن إلى أن العمالة العربية تحتاج إلى التأهيل في المجالات الأكثر طلبا للعمالة بالمنطقة، والتي تتمثل في قطاعات النفط والطرق والسياحة، موضحا أن كل العمالة الوافدة للعمل في هذه القطاعات تأتي من دول جنوب شرق آسيا. وطالب بضرورة التنسيق بين الحكومات العربية لإعادة تأهيل العمالة العربية وسد الفجوات التي يتطلبها سوق العمل، بالإضافة إلى الاهتمام بمخرجات التعليم، بحيث تصبح متوافقة مع سوق العمل.

 

 

© Zawya 

التعليـــقات