رئيس التحرير: طلعت علوي

الاقتصاد العالمي في اسبوع: الدولار الأميركي يسود في عالم يفتقر إلى اليقين

الأحد | 14/12/2014 - 11:36 صباحاً
الاقتصاد العالمي في اسبوع: الدولار الأميركي يسود في عالم يفتقر إلى اليقين

الولايات المتحدة الاميركية
الدولار الأميركي يسود في عالم يفتقر إلى اليقين 

الآن، وقد انتهى تطبيق برنامج التيسير الكمي في الولايات المتحدة، أدخل مجلس الاحتياطي الفدرالي العالم إلى حقبة جديدة من عدم اليقين، وها هم  المعنيون بالأسواق يحاولون للتكهن بما سيفعله مجلس الاحتياطي الفدرالي  خلال سنة 2015.  في هذه اللحظة، لا  يزال الدولار الأميركي هو  الحصان الأوفر حظا والذي يمكن المراهنة عليه بينما لا يزال أداء السلع والعملات الأخرى دون مستواه المعهود.

صحيح أن اللجنة الاتحادية للسوق المفتوحة ناقشت في اجتماعاتها الأخيرة سبل إعادة السياسة النقدية  وما بات يملكه مجلس الاحتياطي الفدرالي الآن من سندات إلى الأوضاع والمستويات الطبيعية، بيد أن إجراء تلك النقاشات ينطوي على دلائل ضمنية على أن العودة للأوضاع الطبيعية ستبدأ قريبا. ومع ذلك، سنشهد في بداية سنة 2015 أولى الخطوات الرئيسية التي من المرجح أن يحاول مجلس الاحتياطي الفدرالي اتخاذها لسحب السيولة من النظام  المالي بدون أن يلجأ لرفع سعر الفائدة.

باختصار، سيبقى معدل التضخم العالمي متدنيا، وبعد ارتفاع بلغ 13%، من المرجح أن يتباطأ صعود مؤشر الدولار نتيجة لقيام المستثمرين بجني الأرباح قبل نهاية السنة بانتظار  انقضاء شهر ديسمبر  وما سيلقيه شهر يناير من ضوء تتضح معه صورة الأسواق المالية.

على صعيد أسعار العملات، حافظت العملة الأميركية على موقعها القوي مع استمرار  التكهنات برفع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة في وقت أقرب مما هو متوقع خلال سنة 2015، بينما ظل تقلب أسعار العملات هو السمة الأبرز للسوق التي شهدت هبوط  الين إلى 121.85 للدولار قبل أن تقفل العملة اليابانية عند مستوى 119.0 .

من جهة أخرى، استعاد اليورو  في نهاية الأسبوع قليلا من خسائره السابقة بعد أن انخفض يوم الإثنين إلى 1.2247،  والحال كان كذلك بالنسبة للجنية الاسترليني الذي حقق مكاسب جيدة نسبيا في أواخر الأسبوع حيث تمّت آخر تداولاته مساء الجمعة بسعر 1.5700 بعد أن شهد تداولات بسعر 1.5582 مقابل العملة الأميركية في أوائل الأسبوع.

وفي أسواق السلع، استعادت المعادن الثمينة بعض خسائرها السابقة واستقر الذهب الأصفر فوق مستوى الـ 1200 دولار، بينما  واصل الذهب الأسود  الهبوط ليقفل بسعر 59 دولار للبرميل في نهاية الأسبوع.


ارتفاع الإنفاق الاستهلاكي  لكن أسعار المساكن الجديدة آخذة في الارتفاع 

باستثناء السيارات ووقود السيارات ومواد البناء والخدمات الغذائية، ارتفعت مبيعات التجزئة بنسبة 0.6% في شهر نوفمبر بعد ارتفاع بلغ 0.5% في أكتوبر، ومقارنة بتوقعات المحللين بارتفاع مبيعات التجزئة بنسبة 0.4%.  ويدل هذا الأداء على تسارع نمو مبيعات التجزئة خلال الربع الأخير من السنة بعد فترة تباطؤ خلال الفترة من يوليو إلى سبتمبر. من الواضح أن مبيعات التجزئة كانت جيدة وأن أسعار الواردات لم تنخفض بالقدر الذي كان متوقعا حيث بلغ نسبة تراجعها 2.3% مقارنة بنسبة التراجع التي كان متوقعا لها أن تبلغ 2.5% . وتجدر الإشارة إلى أن مبيعات التجزئة لم تكن مفاجئة للمستثمرين لأن شهر ديسمبر هو شهر أكبر تخفيضات الأسعار وذروة موسم التسوّق بمناسبة أعياد الميلاد ورأس السنة.

على صعيد آخر، تراجعت طلبات الرهون العقارية لشراء مساكن جديدة في الولايات المتحدة بنسبة 22% خلال شهر سبتمبر مقارنة  بشهر أكتوبر، حيث وجد مشترو المساكن للمرة الأولى صعوبة في الحصول على القروض، ويستدل من آخر البيانات المتوفرة في هذا المجال أن مطوّري العقار باتوا يحققون نجاحا أكبر في بيع المساكن مرتفعة الثمن ويواجهون مصاعب في إتمام الصفقات مع المشترين للمرة الأولى، والملاحظ أن مبيعات المنازل التي تتكون من وحدة سكنية لأسرة واحدة بلغت 401.000 وحدة على أساس سنوي خلال شهر نوفمبر بتراجع بلغ 13% مقارنة بشهر أكتوبر، ويقول المحللون أن من المتوقع أن تكون مبيعات المساكن الجديدة قد بلغت 28,000 وحدة خلال شهر نوفمبر بتراجع بنسبة 22.2% عن المبيعات في شهر أكتوبر والتي بلغت 36.000 وحدة.


أوروبا
البنك المركزي الأوروبي ينتظر ويراقب التطورات
استطاع البنك المركزي الأوروبي حتى الآن إضعاف اليورو مستخدما، وبشكل رئيسي، التدخل بواسطة التصريحات  وتطبيق أسعار فائدة سلبية، فبعد أن فقد حوالي 12% من قيمته منذ شهر مايو  الماضي، وصل اليورو إلى  مستوى 1.2247 مقابل العملة الأميركية خلال الأسبوع الماضي.

وكما قال رئيس البنك المركزي الأوروبي، ماريو دراغي، في عدة تصريحات سابقة،  يرغب البنك في رفع مجموع ميزانيته إلى المستوى الذي كان عليه في سنة 2012، غير أن  "بينوا كور" يقول أن المجلس الحاكم للبنك وافق بالإجماع على النظر في أوائل سنة 2015 في تحديد كيفية وموعد مواجهة مخاطر تراجع معدلات التضخم.

وعلى عكس ما توقعه المحللون، لا ينبغي أن يفسّر الاجتماع الأخير للبنك المركزي الأوروبي في شهر ديسمبر بأنه يدل على أن البنك أخفق في اتخاذ الإجراء المطلوب، فالبنك بصدد استنفاذ جميع الإجراءات التي يمكن اتخاذها من وجهة نظر الاقتصاد السياسي ليثبت بذلك أنه قد استخدم كافة السبل  قبل أن يلجأ لتطبيق برنامج تيسير كمي على أوسع نطاق عندما يحين الوقت المناسب في سنة 2015.

وكرر "بيتر بريت"، أحد مسؤولي البنك المركزي الأوروبي، مقاومة البنك لأي رفع لمعدات العائد حين صرّح هذا الأسبوع أن البنك كان يمكن أن يُقدم على مزيد من التخفيض لأسعار الفائدة  خلال شهر  ديسمبر لو كان هناك مجال كاف يسمح له بالتحرك في هذا الاتجاه.

يبدو في الوقت الحاضر أن البنك المركزي الأوروبي  لا يزال يدرس ادوات التحفيز ويعكف حاليا على تحليل أثر هبوط أسعار النفط على معدلات التضخم في منطقة اليورو خلال الأشهر القادمة.

وفي موازاة ذلك، لا تزال الأسواق تشكك في قدرة البنك المركزي الأوروبي  على توفير التحفيز  الاقتصادي الذي طال انتظاره، إلا أن ثمة احتمالا أكبر لأن يعلن البنك انطلاقة عملية التحفيز الكمي خلال الربع الأول من سنة 2015.  إننا لا نعتقد بأن اليورو سيعزز موقفه في وقت قريب، ومن المرجح أن يفضّل المستثمرون الانتظار حتى نهاية شهر يناير ريثما ينجلي الضباب الذي يلفّ موقف ونوايا الاتحاد الأوروبي.


المركزي السويسري يتبع سياسة الانتظار
ظل البنك الوطني السويسري (البنك المركزي) حتى الآن يقاوم الضغوط التي يتعرض لها لتخفيض أسعار الفائدة لتصبح سلبية، ويدل إحجام البنك عن اتخاذ أي إجراء هذا الأسبوع على أن البنك لن يقدم على تخفيض أسعار الفائدة  إلا إذا اضطرته السوق للقيام بذلك من خلال الضغط على سعر الفرنك مقابل اليورو  ليخترق حاجز الـ 1.200 .

وفي الواقع، يهدف البنك المركزي السويسري لتشجيع الضغوط على سعر الفرنك مقابل اليورو  وذلك بإبقاء أسعار الفائدة عند مستوياتها الحالية، وعلى هذه الخلفية، من المرجح أن يشكل الإطلاق المحتمل لبرنامج التيسير الكمي من قبل البنك المركزي الأوروبي العنصر المحفز للضغط على الحد الأدنى لسعر صرف الفرنك السويسري مقابل  العملة الأوروبية، والنقطة التي ستدفع البنك المركزي السويسري للتحرك.

ومع تفاقم بيئة التضخم من جديد، ومع وجود كميات هائلة من السيولة الفائضة ضمن النظام، سيكون تخفيض أسعار الفائدة لتصبح سلبية هو الأداة الوحيدة الكفيلة بتحييد مخاطر الانكماش الذي يواجه الاقتصاد السويسري.


المملكة المتحدة تجذب التدفقات الرأسمالية الأوروبية خلال سنة 2015
بعد بضعة أسابيع مخيبة للآمل جاءت البيانات الاقتصادية خلالها دون المستويات المتوقعة، ومع تراجع الجنيه الاسترليني إلى مستويات قريبة من 1.55 مقابل العملة الأميركية، يمكن أن تصبح صورة الجنيه أكثر أيجابية إلى حد ما بحلول نهاية السنة.  وإلى جانب ذلك، وعلى افتراض أن البنك المركزي الأوروبي سيطلق حزمة التيسير الكمي في بداية سنة 2015،  سيكون الجنيه مرشحا لاستقطاع التدفقات الرأسمالية الأوروبية نتيجة لسعي المستثمرين لاقتناء الأصول البريطانية بسبب تدني مستويات العائد في دول منطقة اليورو.

بالتزامن مع ذلك، تراجعت، وبشكل كبير،  التوقعات المرتبطة بالسياسة النقدية بعد أن خفّض بنك انجلترا توقعاته بشأن ارتفاع الأجور، وصرّح البنك بأن  توقيت ومدى رفع أسعار الفائدة سوف يعتمدان على سرعة ارتفاع الأجور.

من المستبعد أن تكون تقلبات سعر الجنية في أوائل سنة 2015 حادة بالقدر الذي كانت عليه خلال سنة 2014، لأن تغيرات أسعار العملات سوف تتأثر في الغالب بالأرقام الاقتصادية مع تزايد اعتماد الاقتصاد على الأرقام التي تعكس أداءه، وسوف تكون السياسة النقدية المحلية محور الاهتمام بينما سيركز المستثمرون على بيانات قطاع العقار السكني والتضخم وارتفاع الأجور. 


أسيا وأسواق السلع
بنك الاحتياطي الاسترالي يحتاج لدولار استرالي أرخص
كرر  محافظ بنك الاحتياطي الأسترالي هذا الأسبوع أن العملة الاسترالية لا تزال أقوى مما ينبغي وأوضح أن الدولار يجب أن يكون أقرب من مستوى الـ 0.7500 مقابل الدولار الأميركي، وأضاف أن من المرجح أن يكون قد تراجع إلى مستويات أدنى بعد سنة من الآن، وقلل المحافظ من احتمالات تخفيض أسعار الفائدة  التي استوعبتها الأسواق بالنظر إلى الانخفاض الأخير لأسعار السلع.


الصين تحتاج للمزيد من التحفيز
تباطأ الاقتصاد الصيني خلال شهر نوفمبر بعد أن أدّت إقفالات المصانع وضعف الطلب الاستهلاكي لمزيد من الضغوط على البنك المركزي لزيادة الحوافز خلال الفترة القادمة. وقد ارتفع الإنتاج الصناعي بنسبة 7.2% مقارنة بمستواه قبل سنة مقارنة بمعدل نمو بلغ 7.7% في شهر أكتوبر و 8% في شهر سبتمبر.  وكانت الحكومة الصينية قد أمرت بعض المصانع في بكين والمناطق المجاورة بالإقفال خلال فترة ملتقى التعاون الاقتصادي لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ الذي عقد في أوائل نوفمبر، بهدف تخفيف معدلات التلوّث.

وتجدر الإشارة إلى أن البنك المركزي الصيني كان يسعى، ولا يزال، لتخفيف القيود على السوق وشملت الإجراءات التي اتخذها تخفيض سعر الفائدة المعياري خلال الشهر الماضي على أمل تحفيز  الائتمان الجديد في الصين.
اليابان: التركيز على السياسة هذا الأسبوع
كان العامل  الرئيسي في ارتفاع سعر الدولار مقابل الين  في الفترة الأخيرة هو انتهاج مجلس الاحتياطي الفدرالي لسياسة نقدية أكثر شدّة وانفتاح شهية اليابان لشراء أصول خارجية نتيجة لتدني العائد على السندات الحكومية اليابانية، وقرب حدوث تحوّل في السياسة الاستثمارية لصندوق التقاعد الحكومي وإعادة بناء محتويات صناديق التحوّط بعد أن انخفضت لمستويات متدنية جدا خلال فترة الصيف.

والآن، وبعد أن استطاع رئيس الوزراء  تأجيل تطبيق ضريبة الاستهلاك، من المتوقع أن يطرأ تحسن واضح على مشاعر المستهلكين ومؤسسات الأعمال على حد سواء.

وعلى افتراض أن رئيس الوزراء سيحقق نصرا كبيرا في الانتخابات القادمة، سوف تشهد فترة ما بعد الانتخابات تركيز أكبر على اتخاذ إجراءات ملموسة فيما يتعلق بالإصلاح الهيكلي خلال سنة 2015.

وفيما يتعلق بالتضخم، وعلى الرغم من أن مؤشر الأسعار الاستهلاكية الأساسي من المرجح  أن يبقى متدنيا عند مستوى 1.0% تقريبا لبعض الوقت  بعد أن استقر عند هذا المستوى لبضعة أشهر، يقول بنك اليابان أنه يتوقع أن يصل هذا المؤشر إلى مستوى 2% خلال الربع الأول من سنة  2016، ولكن تحقيق هذا الهدف سوف يواجه تحديات كبيرة، وبالتالي، فإن من المرجح أن يبقى موقف بنك اليابان متفائلا فيما يتعلق بالأسعار لوقت أطول من خلال زيادة الضغط على سعر الين.

التقلبات السريعة التي شهدناها في سعر الين ما بين 115 و 122 ين مقابل الدولار خلال الأسبوع الماضي يدل على أن التبادل بين العملتين يعكس تداولات كبيرة  من قبل المستثمرين وصناديق التحوّط، وليس من قبل مديري الاستثمار الأساسيين.

ومع أننا نتوقع انخفاض سعر الين خلال سنة 2015، مدعوما بالفوارق الكبيرة بين اقتصادي اليابان والولايات المتحدة، لقد أصبحت التوقعات ونحن نقترب من نهاية السنة تأخذ عامل السياسة بشكل متزايد فيما يتعلق بالتوقعات.

وبالنسبة لاحتمالات تحرك سعر التبادل بين العملتين، لا تتوقع الأسواق حدود تغيرات كبيرة من الآن وحتى نهاية شهر يناير، حيث ستظل الأسواق تنتظر اتضاح الصورة للتعرف على هوية الوزراء الجدد والأجندة السياسية للحكومة الجديدة في أوائل سنة .2015

التعليـــقات