راية - سامح أبو دية
في ظل زحمة القضايا السياسية التي تسيطر على المشهد اليومي في قطاع غزة، ظهرت مشكلة قديمة- جديدة "النفايات الصلبة" التي تفاقمت لتصبح أزمة تضخمت في ظل تداعيات الحرب والحصار المفروض على غزة منذ سنوات، مخلفة نتائج كارثية في البيئة.
وكيل وزارة الحكم المحلي بغزة زهدي الغريز أكد أن المشكلة حجمها كبير بالنظر لخطرها على البيئة في ظل عدم قدرة البلديات على معالجة الازمة التي تحتاج امكانيات كبيرة، مشيرا الى أن البلديات وحدها غير قادرة على تنفيذ هذا العمل وحدها.
وكيل وزارة الحكم المحلي أضاف في حديث لـ "راية" أن مشكلة النفايات الصلبة بحاجة الى عمل ضخم وتمويل كبير يصل الى 100 مليون دولار أمريكي لضمان التعامل السليم مع النفايات الصلبة المتوالدة يوميا في قطاع غزة.
ودعا الغريز المؤسسات المانحة للتعجيل في الايفاء بما وعدت من تنفيذ لمكب نفايات في مدينتي رفح وغزة، من أجل انقاذ ما يمكن انقاذه في موضوع النفايات الصلبة في قطاع غزة.
وأوضح الغريز أن بلديات قطاع غزة تتعامل يوميا مع 2000 طن من النفايات الصلبة المتنوعة، منها الخطير ومنها العادي وكلاهما يؤثر سلبا على البيئة، ولابد من التعامل معها بطريقة صحيحة، وهذا يشكل تحد كبير للبلديات في ظل انعدام الامكانيات اللازمة للتخلص منها، مؤكدا أن ألات النقل مهترئة ويصل عمر أحدث ألية لنقل النفايات الى 17 عاما، بالإضافة لعدم سماح الاحتلال بإدخال معدات واليات أحدث وعدم توفر قطع صيانة القديم منها.
من جهته قال عاطف جابر مدير دائرة النفايات الصلبة والخطرة في سلطة جودة البيئة أن الكميات الهائلة المنتجة من النفايات الصلبة في قطاع غزة تشكل صداع للوزارات المعنية كالبيئة والصحة والحكم المحلي العاجزة، داعيا للاستفادة من النفايات الصلبة في ظل أزمة أراضي في قطاع غزة.
وأوضح جابر لـ "راية" ان القطاع ينتج حوالي 2 مليون كيلو جرام من النفايات يوميا، منها العضوية المنزلية ونفايات الهدم والبناء الناتجة عن الحروب إضافة للنفايات الزراعية والطبية، وتحتاج الى امكانيات كبيرة من سيارات نقل لا تقل عن 250 شاحنة وعمال وتكاليف باهظة لحسن التعامل معها.
وأضاف جابر أن الأزمة تتفاقم وتؤثر سلبا على صحة المياه في قطاع غزة، مشيرا الى أن السوائل والعصارة الناتجة عن عدم معالجة النفايات تزيد من أضرار المياه الجوفية في ظل استمرار الحصار والعجز في الأراضي اللازمة لتوسيع مكبات النفايات الرئيسية.
وفي نفس السياق، طالب جابر بضرورة جمع النفايات الصلبة وتقليلها والاستفادة منها لصالح قطاعات اخرى كما تفعل باقي دول العالم، موضحا أن بعض النفايات يتم جمعها والاستفادة من المواد العضوية الموجودة فيها وتحويلها لسواد ويتم التخلص منه ودفنه.
بدورها أوضحت هالة عثمان مديرة مشاريع البيئة في برنامج الامم المتحدة ( UNDP ) أن النفايات الصلبة في قطاع غزة تعاني من عدة مشاكل منها مشاكل مالية ومنها فنية.
وأكدت عثمان أن برنامج الأمم المتحدة الانمائي ساهم في معالجة النفايات الصلبة بتمويل عدد من المؤسسات الدولية مثل البنك الاسلامي للتنمية واليابانيين سيد، وقام البرنامج بدعم البلديات بالمعدات والوقود اللازم لتشغيل السيارات، مشيرة أن مؤسستها ساهمت في ازالة مليون طن من ركام المنازل والمباني المدمرة الناتجة عن الحروب.
من جهته شدد الصحفي أمجد ياغي على دور الاعلام الفلسطيني في المساعدة على ايجاد حلول للنفايات الصلبة الخطيرة، معربا عن استغرابه من قلة اهتمام وسائل الاعلام المحلية بمشكلة النفايات الصلبة مطالبا بضرورة اطلاع الرأي العام على ازمة النفايات الصلبة وخطرها على البيئة في من خلال تخصيص مساحات كافية في وسائل الاعلام للموضوع.
من هنا يتضح أن قضية معالجة وإدارة أزمة النفايات الصلبة في قطاع غزة تتطلب جهود مشتركة بين الحكومة و المؤسسات والمواطنين وهذا ما ينادي به الخبراء والمعنيين، عن طريق وضع استراتيجية وأهداف واضحة و محددة المعالم ومن ثم العمل على النهوض بالوضع البيئي في قطاع غزة.